hit counter script

أخبار محليّة

جعجع: نحن نقول لبنان أوّلاً بينما هو يقول "أنا أوّلاً... وأخيراً"

الجمعة ١٥ تموز ٢٠١٤ - 19:22

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تحت شعار:"زنزانة الحكيم، ذاكرة الحرية، دشّن حزب القوات اللبنانية مجسّم الزنزانة في معراب في حضور: ممثل الرئيس ميشال سليمان الوزير السابق ناظم الخوري، ممثل الرئيس أمين الجميّل النائب ايلي ماروني، ممثل الرئيس سعد الحريري النائب زياد القادري، ممثل الرئيس فؤاد السنيورة النائب جان أوغاسبيان، الوزراء: أشرف ريفي، رمزي جريج ونبيل دو فريج، نهاد المشنوق ممثلاً بمستشاره الاعلامي جاد الأخوي، والنواب: ستريدا جعجع، جورج عدوان، فادي كرم، انطوان زهرا، جوزف المعلوف، شانت جنجنيان، احمد فتفت، رياض رحال، مروان حمادة، نديم الجميل، هادي حبيش، انطوان سعد، نضال طعمه، عاطف مجدلاني، سيرج طورسركيسيان، فادي الهبر، وأمين وهبه، والوزراء السابقون: منى عفيش، جو سركيس، سليم وردة، محمد رحّال، ويوسف سلامة، والنائب السابق جواد بولس، مدير عام الأمن الداخلي بالوكالة العميد ابراهيم بصبوص ممثلاً بقائد منطقة جبل لبنان في قوى الأمن العميد جهاد الحويك، قائد الدرك العميد الياس سعادة ممثلاً بالمقدم جوني داغر، أمين عام حزب الوطنيين الاحرار الياس بو عاصي، رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض، رئيس حركة التغيير ايلي محفوض، محافظ عكار عماد لبكي، نقيب الصحافة محمد البعلبكي ممثلاً بالسيد جورج طرابلسي، الناشط السياسي ميشال مكتّف، وفاعليات سياسية وديبلوماسية واجتماعية واعلامية ودينية وفنية ورؤساء بلديات ومخاتير.
استُهل الاحتفال، الذي قدمته كلارا رفيق سعادة، بالنشيدين اللبناني والقواتي، بعدها تحدث منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار د. فارس سعيد فقال:" في 26 تموز 2005 توجّهت إلينا قائلاً: " خرجتم من السجن الكبير الذي كنتم قد وضعتم فيه فأخرجتموني معكم بالفعل ذاته من السجن الصغير الذي كنت وضعت فيه"، فعبّرت بكلماتٍ قليلة عن مدى امتنانك للمليون ونصف مليون لبناني لبناني من كلّ الطوائف والمذاهب، مواطنين لبنانيين، خرجوا من منازلهم في يوم 14 آذار 2005، بدون تكليفٍ من أحد، وأخذوا قرارهم بالوحدة والتظاهر السلمي فحقّقوا أول انتصار على أعتى سلطة إستبدادية في المنطقة، هي سلطة الوصاية السورية على لبنان، من دون نقطة دمٍ واحدة وبلا عنف. في ذلك اليوم، ردّينا تحيتك قائلين: دخلتَ السجن زعيماً مسيحياً وخرجت منه زعيماً وطنياً."
واضاف :"أعود بكلماتٍ قليلة إلى الوراء وأتوجّه للسيدة ستريدا جعجع، التي فهمت منذ اللحظة الأولى عندما أطلعتني على اقتراح قانون العفو عن الحكيم، أن قضية القوات اللبنانية المتمثلة رمزياً بسجن الدكتور سمير جعجع لن تصل إلى خواتيمها السعيدة إلاّ إذا نجحنا في نقلها من قضيةِ القوات لجعلها قضية كل اللبنانيين الاستقلاليين، مسيحيين ومسلمين. لقد أطلقنا "لقاء قرنة شهوان"، الذي بدوره مدّ الجسور مع كل اللبنانيين، فقام الوزير وليد جنبلاط بزيارة "يسوع الملك" قبل 15 يوماً من اغتيال الرئيس الحريري، وفي النهاية وبعد ثورة الأرز وانتخابات الـ2005 توصلنا إلى إقرار قانون العفو في المجلس النيابي بإرادة وطنية جامعة."
ورأى "ان الإنجازات الوطنية الكبرى لا تحققها إلاّ وحدة اللبنانيين. فالتحرير من الإحتلال الاسرائيلي حققته وحدة اللبنانيين، والإستقلال عن الوصاية السورية انتزعته وحدة اللبنانيين، والقرار 1701 حققته وحدة اللبنانيين وكذلك إطلاق سمير جعجع حققته وحدة اللبنانيين"، لافتاً الى ان "هذا هو مفتاح الحلول في المجتمعات المتنوعة مثل المجتمع اللبناني، الذي عرف القتل على الهوية وعرف السيارات المفخخة وعرف محاولاتٍ من هنا وهناك من أجل قيام مجتمعاتٍ "صافية"، حتى توصّلت الكنيسة في وصفها حالة الموارنة بالقول "لقد جُرِّحت الكنيسة المارونية في الصميم، فشاهدت أبناءَها يُقتَلون ويَقتُلون ويتقاتلون". وعن خلاصنا بوحدتنا الوطنية قال المجمع البطريركي الماروني عام 2006: "وشكّلت انتفاضة الاستقلال إثر استشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005 لحظة تاريخية فتحت الباب للخلاص الوطني بتوحُّد الشعب اللبناني على نحو غير مسبوق".
وتوجه الى قائد القوات بالقول:" ايها الحكيم الصديق الصدوق، لقد صمدت في وجهِ الإغراءات خارجَ وداخلَ السجن، وما زلت. لقد صمدت في أحلك الظروف في وجه السجّان، عندما عرض عليك مراراً وتكراراً أن تبدّل قناعاتك مقابل حريتك، فرفضت. هذا الصمود جعل منك "الحكيم"، ولم يأتِ موقعك منّةً من أحد إنما هو فعلُ إيمانٍ وشجاعة يُحاكيان صخور جبال لبنان الشامخة. واليوم، نطالبك بإسم هذا الصمود بالتالي:
أولاً - حافظ على موقعك الوطني العابر للطوائف حتى ولو اتى من يقول إن أولويات الجماعة تعلو على مصالح لبنان.
أنت لست من هذه الطينة، لأنك تؤمن بأن الموارنة خُلِقوا من أجل لبنان ولم يُخلق لبنان من أجل الموارنة. ولأنك دفعت الغالي والنفيس من أجل إيقاف الحرب الأهلية في العام 1990، وتزامنت جهودك مع جهود البطريرك صفير من أجل التأكيد على الإلتزام باتفاق الطائف.
ثانياً - أُصمُد أمام من يدّعون حماية المسيحيين في الشرق من خلال تحالفِ الأقليات، لأنهم إنما يخيّرون المسيحيين بين القتال الدائم في وجه المسلمين وبين الهجرة الدائمة. فهؤلاء لم يتعلّموا شيئاً من التاريخ، كما أنهم يغلّبون مصالحهم الشخصية على مصلحة الجماعة.
ثالثاً - ناضل من أجل إخراج كل الشعوب العربية من سجونها، الكبيرة والصغيرة، وليكن هذا المجسّم اليوم مصدراً يَستلهِمُ، منه ومنك، كل معذّب وكل مقهور وكل سجين في سوريا وفلسطين وتونس ومصر والعراق."
واعتبر أنه "لا يمكننا أن نربط صورتنا كمسيحيين مع صورة أنظمة قاتلة بحجة أن التطرف الإسلامي أخطر علينا من الديكتاتورية، علينا ان نرفضَ هذين الخيارين معاً. علينا ان نرفضَ دولة الخلافة، "خلافة داعش وأخواتها" التي جرفت مقابر السنّة قبل أن تحرق صلبان المسيحيين وتهجّرهم من منازلهم، وهي التي هدّدت بهدم الكعبة. وعلينا أن نرفضَ ولاية الفقيه التي لا تتناسب مع ثقافتنا ونظرتنا للحياة وخياراتنا العربية. نحن نناضل من أجل كرامة الإنسان وحرية الإنسان في دولةِ العيش المشترك، ونناضل من أجل الدولة المدنية الديموقراطية الواحدة السيّدة المستقلة."
واذ أكّد ان "الدولة تبقى هي الضامنة الوحيدة للناس، خاصةً للجماعات التي لا تتقن بناء ضمانات رديفة، وعند انهيار الدولة – الضامنة يدفع الناس ثمن هذا الإنهيار"، رأى سعيد "ان ما يجري اليوم في العراق من تشريد وتهجير وتنكيل بالشعب العراقي وبمسيحيي الموصل على وجه الخصوص هو نتيجة انهيار الدولة، وتجدر الإشارة إلى أن المسيحيين العراقيين ليسوا بعشائر وليس لديهم اية ضمانة رديفة عن ضمانة القانون والنظام والدولة. إن ما حدث ويحدث في العراق هو بمثابة إشارة واضحة لنا كي نحافظ على ضمانتنا المتمثّلة باستكمال بناء الدولة والعناية بها، لأن هذا هو الخيار الذي اتخذناه منذ العام 1920، عندما غلبّنا خيار لبنان الكبير على خيار التقوقع والإنعزال. "
ودعا سعيد اللبنانيين الى عدم السماح "لتجّار المناصب النيابية والوزارية والرئاسية بأن يعطّلوا عقول أفرقاءٍ بيننا، إن انتخاب رئيسٍ الجمهورية هو الأولوية المطلقة، ولا انتخابات قبل انتخابِ الرئيس. لا تسمحوا لمأساة الموصل بأن تعطّل عقل فريقٍ من 14 آذار، إن التضامن مع قضية مسيحيي العراق يمر بمزيدٍ من التفاهم مع الإعتدال الإسلامي اللبناني والعربي. ولا تسمحوا لمأساة غزّة بأن تعطّل عقل فريقٍ آخر من 14 آذار، إن التضامن مع قضية فلسطين يمرّ عبر دعم الشرعية الفلسطينية."
وألقت الشاعرة لينا دياب كلمة وجدانية قالت فيها:" مَنْ لَمْ يَتَواجَد فِي الْحَرْبْ، صَعْبٌ أَنْ يَتَواجَدَ وَقْتَ السِّلْمْ، كَلِماتٌ لِحَكِيمٍ قَضَى فِي سِجْنٍ، أَرْبَعَةَ آلافٍ وَمِئَةً وَأَرْبَعَةَ عشَرَ يوْماً... زِنْزانَةٌ أَعادَ إِنْشاءَها كَيْ لا يَنْسى أَبَداً مَسيرةَ النِّضالْ.. سِرْدابٌ يَحْمِلُكَ إلى مَصِيرٍ مُحَتَّمٌ عَلَيْكَ التَّعايُشَ مَعَهُ، وَذَنْبُكَ الْوَحيدُ أَنَّك أَبَيْتَ، الْخُنوعَ لِوِصايَةِ نِظام القتل والاعتقالْ!
تَصِلُ إلَى "البلانكو"، مُكَبَّلَ الْيَدَيْنِ، معصوبَ الْعَيْنَيْن، لتُذاقَ التعذيبَ أطباقَ مِنْ إِخْوَةٍ فِي وَطَنٍ أسير دائرةٍ غاشمةٍ حمقاءَ الزَّنْزانَةُ بَعْدَها. بُقْعَةٌ دامِسةْ صامِتَةٌ خَلَتْ، مِنْ كُلِّ صَوْتٍ إِلَّا، صدى ثائِرٍ حُرٍّ لا يَهابُ، تَحْوي سَريراً لجسدٍ أسيرٍ روحُهُ مُعَلَّقَةٌ بِتُرابِ لُبْنان..وأرز لبنان وَنافِذَةَ تَواصُلٍ وَحِيدْ، مع الزقاق لا مع الضوء يُطِلُّ الآسِرُ مِنْها، كي لا تنسى أَنَّكَ سَجِينْ.. ثُمَّ مَكْتَبَةٌ حَوَت كُتُباً، كاَنَتْ الأَنِيسَةُ الْوَحِيدَةُ لِعَقْلٍ عرف بها أن يستينرْ فَعَمَّقَتْ أَفْكارَهُ وَتَأَمُّلاتِه، لِمُسْتَقْبَلٍ لبناني وشرقيٍّ معافىً منيرْ.
لهُم أَنْتَ كبيرُ الْمُجْرمينْ، جَريمَتُكَ الْوَحيدَةُ أَنَّكَ أَحْبَبْتَ وَطَناً، وَأَبَتْ نَفْسُكَ لِلْعُبوديَّةِ أَنْ تَلِينْ.. مِسْكِينٌ قالوا، أَضاعَ رَبيعَ العُمرِ فِي السَّيْرِ في قَضِيَّةٍ، في عَناوينَ وَهْمِيَّةٍ، لَكِنَّهُمْ نَسَوا أنَّ التَّضْحِيَةَ لاجل من وما نحبّ،في كتاب العظماء أولى العناوينْ.
حَمَلْتَ هُموماً، وَجَسَّدْتَ مَخاوِفَ شَعْبٍ مِنْ كُلِّ طائِفَةٍ وَدِينْ... زِنْزانَةٌ صورةٌ لواقعٍ أَرادوه لَنا، لتفريقنا... لِتَشْتيتِنا، فَنَسَجْتَ مَبادِئَ فِي ظُلْمَةٍ، في غَمْرَةِ الأَحْقاد وَالأَرْزاءْ... مخطىءٌ من ظنَّ أَنَّ زِنْزانَةً حَقيرَةً تخنقُ سجيناً روحُهُ للْحُرِّيَّةِ تَشْتاقْ..
مسلمةٌ أنا للَّه أَشْكو، سِياطَ مُجْرِمينَ، فَأَكادُ أَكْفُرُ! مَعاً، مِنْ كُلِّ الطَّوائِف وَالأَدْيانْ، سَنُضيئُ شُموعاً، سَنَرْفَعُ تَكْبيراتْ، سَنَمْلأُ الْكَوْنَ تراتيلَ وتجويداتْ سَوِيَّاً لَنْ تَموتَ قَضِيَّتُنا، وَلِلْحَقِّ يَوْماً سَوْفَ نَثْأَرُ.. أَوَلَمْ يُدْرِك أَن مَهما بنا جار الزمان وَأَشْبَعَنا أَسى، بالحقِّ سنصدحُ، ونطهّرُ الثرى بِدِماْءِ الأَبْطالْ! دَفَعْنا دِماْءً، بذلنا رجال، شهيداً خلف شهيدٍ سقطْ، يا وَصْمِةَ الْعارِ اسكني بُيوتَهُم، ما عاشَ بيتُ كل مُجْرِمٍ أفّاك رَسَمْنا رَبيعاً عَرَبِيَّاً مُزْهِراً، صَرَخاتُ ثُوَّارِه تَهُزُّ الْكَيانْ. فاعلم يا طاغية مَهْما فَرَضْتَ نَفْسَكَ وَوَطّدْتَ حُكْمَكَ، وَاسْتَنْفَرْتَ عَبِيدَكَ، والتفّيتَ حول فريستِكَ سيكونُ النصرُ دوماً لِلأَحْرارْ. سيكونُ الظفَرُ دوماً للأبطالْ... هَنِيئاً لنا، هنيئاً لكم، هنيئاً لِمَنْ لَهُ حَكيمٌ حُرٌّ يُرْشِدُه، لِدَرْبِ الْحّقِّ، وَطَرِيقِ الاسْتِقْلالْ."
أما رئيس مؤسسة حقوق الانسان د. وائل خير ألقى كلمة بعنوان:"مجسم الظلم والصمت والشموخ"، قال فيها:"قلما تجد رمزاً يجسّد أضداد هذا المجسّم. تطوي هذه اللوحة في ثناياها عار مجموعة وصمت جموع وشموخ شخص.عار اجهزة مخابراتية خططت، وضابطة عدلية حققت، وقاض تحقيق استجوب ونيابة تمييزية اتهمت وقاض محكمة خاصة حكم. باعد الزمن كثيرا بين هذه الحقبة القضائية المخجلة وفترة القضاء اللبناني الذهبي عندما كان ينهر جورج السيوفي واميل تيّان درّاجا يحمل اليهما ما قرر رئيس الجمهورية ويطردانه. لما ذكر اسماء البعض وكتمان سائرهم؟ قرار تعمدته. الهامات يخلّد ذكرها اما الوضعاء فليبقوا حيث هم في لجّة الهوان والنسيان. خطت بعناية. انفجار في كنيسة. من يكترث بعدد الضحايا؟ تسري اشاعات عن من هم وراءها. ثم يوقف سمير جعجع ويحل حزب القوات.يخضع لتحقيق مذلّ ثم يحال على محكمة خاصة – المحاكم الخاصة عنوان الانظمة القمعية- يهدد شهود الدفاع ويختار شاهد الاثبات الرئيسي مسيحيا فلسطينيا. كونه فلسطينيا لن يجد بين المسيحيين من يشد ازره والفلسطينيون ينفضون من حوله لانه مسيحي. يهوّل على المحامين ثم تصدر الاحكام بالاعدام وبالسجن. اما الاعدام فيجعل من سمير جعجع بطلا. فلنسجنه في اوضاع محتم الموت معها. موت لا يكون في السجن اذ هنا ايضا ما يحمل على الشهادة بل يطلق سراحه وهو في حال نزع كي يموت في فراشه كما جرى في حال نور الدين الاتاسي وصلاح جديد."
وتابع :" يضاف الى هذا العار ما هو اشد ادانة للبنان. انه البعد الطبقي لقضية جعجع. في لبنان من هم دون القانون ومن يعلوه. ثمة نخبة سياسية في لبنان لا يسمو القانون الى رفعتها. لها ان تفعل ما تشاء دون حساب ولا محاسبة فان كان لا بد من ابعادها فليكن الاغتيال سبيلا. اما السجن والاهانة فهو قدرالمواطن وليس السادة. سمير جعجع مواطن من عائلة متواضعة من مكان قصي. فليرمى في السجن. ولما كان الظلم بالظلم يذكر،لا أخالني اقوى على مقاومة ان أطرح، وعن منبر القوات اللبنانية بالذات، هذه الحاشية. وصمة ما تزال تلطّخ سجل العدالة في لبنان. انها قضية موقوفي الضنية. ما من مبرر اطلاقا لإبقاء اعداد ضخمة من الموقوفين لسنوات ما تزال تتجدد، دون البت بقضاياهم تجريما او اطلاقا. لنعد الى المجسّم. اضافة الى الظلم هناك الصمت."
واضاف :" من شاء ان يستعيد تاريخ لبنان بحثاً عن بطولات المجتمع اللبناني خير له ان يقفز عن تلك الحقبة. ساد صمت ثقيل مشين طوالها. في لبنان سياق سياسي يعرفه الجميع ولا يصرّح به احد. انه صراع مكونات لبنان التاريخية. يجد كل مكوّن نصرا في ضعف المكوّن الآخر. غير المسيحيين ارتاحوا الى اجتثات راس المكوّن المسيحي عبر المنفى والآن السجن واستبدال قياداته بأخرى طيّعة سهلة الانقياد. اما المجتمع المسيحي فكان منهكا محبطا فلاذ بالصمت. غير ان ضوئين انسابا في ذاك الظلام دون ان يبددانه. أنه صوت البطريرك وصوت مؤسسة حقوق الانسان والحق الانساني (لبنان). اما البطريرك فلأنه تمسّك بما شاء سائر الاحبار ان ينسوا: ما من وصية كررها المسيح اكثر من "لا تخافوا"، مؤسستنا ايضاً رفعت الصوت. مؤسستنا تدرك ان شرع حقوق الانسان افردت حيزا للحقوق القانونية تعدّى سائر الحقوق. من اصل 23 حقا مفصّلا، 7 منها اختصّت بالحقوق القضائية والسبعة، الى غيرها من الحقوق، انتهكت في قضية سمير جعجع."
وقال :" يبقى الشموخ. كان من الممكن انسدال الستار على مشهد الظلم والصمت. لكن ثمة من حوّله الى ظفر. كان ذلك بشموخ سمير جعجع. لم يكن قدرا محتوما ان يدخل تلك العزلة ومهانة السجن. كان مرحبا به في اطار السياسيين الذين انتقلوا الى الضفة الاخرى وغرفوا مع الغارفين. كان له ايضا ان يترك لبنان الى منفى يختاره وينتظر انحسار العاصفة. لكنه اختار ما لم يختره احد. اختار الشموخ. لا تكتمل الصورة ما لم نذكر من شاطر سمير شموخه. اوديسيوس يحتاج الى بنيلوب. ستريدا كانت بنيلوب التى انتظرت عودة اوديسيوس من حرب طروادة الى ايثاكا. كبينيلوب، لم يكن انتظار ستريدا لا سهلا ولا مريحا. تعرضت للاهانة, ضيّق على زوارها وازوّر عنها حتى الاقرباء. لكنها استمرت بكبر وبرفعة تقاوم الانواء حتى انتصرت. اود ان اختم كلمتي بما اري فيه اصدق وصف لما مر به سمير جعجع. ليس في شخصية يوسف ما يطابق او يماثل سمير جعجع. لكن في سيرة ذاك الوجه التوراتي ما يتقاطع مع صاحب المجسّم. تقرأ في سفر التكوين 20:50 قول يوسف لاخوته الذين اساؤا اليه"انتم قصدتم لي شرا. اما الله فقصد به خيرا لكي يفعل كما اليوم. ليحيي شعباً كثيراً."
بدوره، تحدث عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت فقال:" عندما تسلمت بطاقة الدعوة تساءلت لماذا الذكرى التاسعة؟ انها الذكرى العشرين يا حكيم، فعندما سجنت عام 1994 إنقسم اللبنانيون ثلاثة أجزاء: قسمٌ كان ثائراً على ما حدث وقسم هللَ وكان يرى في ذلك نكايات وتصفية حسابات وتمهيداً لقمع الشعب اللبناني، وقسم ثالث وهذا مؤسفٌ ونحن كنا جزءاً منه ونقر أن في بعض أخطاء التاريخ دروساً لنا جميعاً، لم نُدرك أننا ذُبحنا يوم ذُبح الثور الأبيض...".
وأضاف:" لقد اخترعوا الملفات وركبوا القضايا، وعندما عجزوا عن اذلال الناس واخافتهم، طالعونا بملفات التكفير، فكانت قضية الضنيّة التي عشتها، قضيةٌ مركبّة من المخابرات السورية بغطاء من المخابرات اللبنانية، مع العلم أنني اتصلتُ قبل شهر ونصف بالمخابرات السورية واللبنانية لأعلمهم عن تواجد مسلحين في جرود الضنيّة وكان الجوابُ دائماً: لا تخشوا شيئاً، كل شيء تحت السيطرة..."
وأشار الى "أنهم اخترعوا القضايا التكفيرية وما زالوا، ولكننا يومها أدركنا ان هناك نضالاً جديداً قد بدأ، فانطلقت معركة حريات جديدة ولملمة كل اجزاء هذا الوطن من اجل معركةٍ كبيرة لذلك لم نُفاجأ بما حدث في انتخابات العام 2000، ثم ببيان مجلس المطارنة الموارنة الذي عبّر عن نوايا اللبنانيين لتوقهم للسيادة...، ولكنهم ارادوا استمرار التنكيل وحين عجزوا عن اخضاع هذا الشعب لجأووا الى التصفيات والاغتيالات بدءاً بشهدائنا الأحياء وصولاً الى الرئيس رفيق الحريري وشهداء ثورة الأرز، فمنطقهم كان الغاء الآخر، ومنذ ذلك اليوم نعيش في هذه الظاهرة، انظروا اين اصبحنا في هذه المنطقة، فنحن نعيش في مثلث الإرهاب وإغراق البلد والمنطقة بدماء كثيرة، فأحد أضلاعه في غزة واطفالها الجياع والموتى والجرحى في مراكز الأمم المتحدة، غزة الجريحة التي لها منا كل تحية بسبب الارهاب الاسرائيلي الصهيوني، ولكن الغريب ان البعض يدّعي الممانعة والمقاومة ضد هذا الارهاب ولكنه يُفرّق بين طفل فلسطيني يُقتل برصاص اسرائيلي وطفل سوري يُقتل برصاص بعثي..."
وتابع:" جميع هؤلاء الأطفال هم أطفالنا سواء في غزة ام في الموصل الذين يُشنّع بهم في هذه الأيام، أما الضلع الثاني للأسف فهو ان هناك شريكاً لبنانياً يساهم به في سوريا، بينما الضلع الثالث هو الضلع الارهابي في الموصل الذي يسعى الى تدمير مفاهيم الاسلام، اسلام السماح وقبول الآخر واسلام الحديث "لا إكراه في الدين"، اسلام حماية المجتمع والدفاع عن الناس جميعاً، هذا هو الإسلام، أما إسلام الغاء الآخر فهو لا يمتُ الى الإسلام بصلة، اذ ليس هناك من اسلام معتدل واسلام متطرف بل اسلام واحد..."
وقال:" إننا نعيش مرحلة صعبة جداً وأنت يا دكتور جعجع في نضالك أسست لمرحلة جديدة ورحبت بتلك اليد الممدودة من اطراف سياسية أرادت فعلاً أن تؤمن ان لبنان أولاً هو الحلّ، وان الدولة هي الحلّ، والحلّ لا يكون بالفتن وبتبني مصالح ايرانية أو شهوانية لأي دولة أخرى، بل بتبني مصالح الدولة اللبنانية، والحلّ لا يكون بتبني مصالح شخصية وفردية بل بمصالح هذا المجتمع اللبناني كافةً..."
واستطرد:" نحن في قوى 14 آذار نمثل هذه الرسالة التي يجب ان تتوجه لا الى الشعب اللبناني فقط بل الى الشعوب العربية كافة والربيع العربي مع كل مآسيه، اذ نحن في مرحلة ثورة حقيقية في العالم العربي لأن الثورة تعني رفض الأمر الواقع والثورة عليه... ونحن نطرح في قوى 14 آذار المثال الأعلى لكيفية بناء مجتمع متكاتف متضامن يكفلُ العيش الواحد قبل العيش المشترك حتى، ويكفي أننا نناضل من اجل قضية واحدة هي قضية الانسان ولبنان، ورسالتنا موجهة الى كل الدول المحيطة بنا ولاسيما في العراق وسوريا بأن ما قدمناه في 14 آذار من رسالة تعاون وانفتاح وسلام نبني عليها مستقبل هذا البلد هي الوحيدة المولجة بإيجاد الحلول، اذ لا حلول بالقوة والعنف..."
وذكّر فتفت بالموقف الشجاع لرئيس القوات حين قدم اعتذاره امام الجميع في ملعب فؤاد شهاب، اذ لم يسبق لأحد أن اعتذر من أمراء الحرب بل على العكس استلموا الحكم على اعلى المستويات في الدولة وما زالوا يقومون بالممارسات الميليشياوية ذاتها، إنهم يسعون للسيطرة على الدولة بالمنطق نفسه، لكن نحن نرفض منطق السلاح والاستقواء على الآخرين اذ أننا دعاة بناء البلد من أجل أولادنا وشبابنا ومشروعنا مشروع دولة وسلام وسيادة وحرية واستقلال".
بعدها كانت كلمة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، فقال:" حياة بكاملها قضّيتها في هذه الزنزانة الصغيرة. ضحكت، بكيت، قمت، ونمت، وكان عندي برنامج عمل يومي كنت أضع كل جهدي لتنفيذه، تماماً كما أفعل الآن، مع فارق في المواضيع والزمان والمكان... كنت أسهر ليالٍ لوحدي، ولكن في الحقيقة لم أكن لوحدي، كان الناس يعتقدون انني متروك، ولكن بالفعل لم أكن كذلك".
وتابع :" في يوم من الأيام، رأيتُ المحققين في السجن في ذهاب وإياب، منشغلون ومصرّون على تركيب تهمة عليّ، فقدّرت أنّهم ممكن أن يكونوا يتحضّرون ليأخذوني ويعدموني بتهمة ظاهرية وحكم محضّر، فبدأتُ أتحضّر إذا ما قاموا بما كنت أفكر به ما هو آخر شيء سأقوله لهم، فكرت مطوّلاً الى أن استقرّ رأيي عند هذه الجملة: "حافظ الأسد أكبر كذّاب ومجرم في التاريخ، وإنتو اللي هون أكبر جبناء ومصلحجيّة وخوَنة وصعاليك بالتاريخ!" هذه العبارة ألا تصح الآن ولو جزئيّاً؟"
وأضاف:" وفي مرّة من المرّات قضّيت ليلة بكاملها سهراناً، أنا وفراشة صغيرة لا اعرف كيف وصلت الى الزنزانة الموجودة تحت سابع أرض؟ ربما كانت قد حطت على ثياب عسكري ما في الخارج، وحين وصلت الى الداخل انتقلت الى الحائط."
وقال:" وأنا في الزنزانة لبست للمرّة الأولى في حياتي نظارات طبية، كان عمري آنذاك 48 سنة. شعرتُ حينها أنني سوف أشيخ في الزنزانة، كنت أفكرُ دائماً بزوجتي ستريدا، ولكن الهاجس الأكبر لدي كان أنّ يموت والدي وأنا في الزنزانة، الأمر الذي انقذني الله منه، وبقي أبي معنا الى الأمس القريب ومات موتة طبيعية في مكان وزمان طبيعيين."
وأردف :"حين نقلوني من تحت الأرض الى فوق الأرض قبل بضعة أشهر من إطلاق سراحي، حزنتُ جداً، وفي الليلة الأولى فوق الأرض، مع إنّي انتقلتُ الى غرفة أكبر بكثير من الزنزانة وتدخلها أشعة الشمس، لم أتمكن من الأكل على العشاء، كانت أكثر مرّة أشعر فيها أنني معتقل، ليس لأنني اقتربت من الخروج، ولكن لأنني ابتعدت عن نقطة المواجهة الأقسى في حياتي، وكأنني طالب جامعي أُعيدَ الى المرحلة الإبتدائية".
واشار جعجع الى ان "الزنزانة تذكرني دوماً بثورة الأرز، باعتبار أنني سمعتُ عن هذه الثورة للمرة الأولى فيها، ولأنّها كانت إحدى نقاط إرتكاز ثورة الأرز التي أخرجتني منها... الآن باتت الزنزانة الصغيرة وراءنا مجرّد ذكرى للعبرة، ولكن المشكلة في الوقت الراهن هي في الزنزانة الكبيرة التي نعيشها اليوم في لبنان، وفي الحبس الكبير الذي يعاني منه الشرق بأكمله، فهذا الحبس الكبير، كان الشرق أصلاً موجوداً فيه، فما يحدث اليوم هو أن هذا الشرق يحاول ان يخرج منه، ونشهد ما نشهده لأن السجّان بلا قلب، ولا رحمة، ولا شفقة..."
ولفت الى أن "الشرق كان يعيشُ ظروفاً اصطناعية مفروضة عليه بقوة الأنظمة، ولكن اليوم بدأ يكتب تاريخه الحقيقي، إنما للأسف بأغلى ثمن ممكن، وبأسوأ طريقة ممكنة."
وقال :"ان الزنزانة الكبيرة في لبنان، لم نكن نحن أصلاً في داخلها حتّى في عزّ أيّام الحرب، ولكن في السنوات الخمسة والعشرين الأخيرة يحاولون إدخالنا إليها، إنها زنزانة من دون جدران بل مع ضغط كبير، إنها زنزانة فيها شحّ مياه دائم، وشحّ غذاء دائم، وشحّ هواء دائم، هي زنزانة مكهربة دائماً، ولكن من دون ضوء، فحتّى الأمن ليس مؤمناً في داخلها بل فيها تفجيرات، وإنتحاريون، وسلاح وصواريخ..."
وأكّد أن "أسوأ ما في هذه الزنزانة أن "الطاسة ضايعة فيا": الحكومة حكومات، السلطة متواجدة في المكان الذي تريده، وغائبة في الأماكن التي لا تريدها، وأبواب الزنزانة مخلّعة، حدودها سائبة، وليس لها رئيس..."، سائلاً :" لماذا لا رئيس لها؟ الجواب: للحفاظ على حقوق المسيحيين!"
ورأى جعجع :"أن السجّانين يتناوبون على دوامين، الدوام الأول: هواه ليس لبنانياً، تطلّعاته ليست لبنانية، مشاريعه ليس لها علاقة بلبنان إلاّ كزنزانة بالسجن الكبير. أما الدوام الثاني: لا هوى له أو بالأحرى هواؤه يتغيّر مع مصالحه التي تأتي دائماً في مقدمة أولوياته، نحن نقول: لبنان أوّلاً، بينما هو يقول: "أنا أوّلاً... وأخيراً"، وهكذا يقضي الشعب اللبناني وقته في الزنزانة: بين هواء غير لبناني، وبين هواء غير صحّي، ولكن غاب عن بال السجّانين أنّ مرّ علينا إمبراطوريّات كبيرة وسلطنات كثيرة، ودولاً، وولاة، وطغاة، وكلّهم غادروا وبقينا نحن"...
وذكّر جعجع :" مئات المرّات في تاريخنا كسَّرنا الزنزانة وخرجنا منها، وهذه المرّة من جديد، سوف نحطّم الزنزانة ونخرج منها... فكما تحرّرنا من الزنزانة الصغيرة، سوف ننعتق من الزنزانة الكبيرة، فالزنزانة اليوم بالنسبة لنا ذكرى، ولكن غداً سوف تكون لهم عبرة..."
وتخلل الاحتفال قراءات في أدب المعتقل بصوت الإعلاميين بسّام براك ولينا دوغان من لوحات وخواطر وقصائد وكتابات: محمود درويش، ملحم الرياشي، محمد الماغوط وبسّام براك في مرافقة موسيقية مع عازف البيانو جاد مهنا، كما تم عرض فيلم وثائقي بعنوان "ذاكرة الحرية" من إعداد جهاز الاعلام والتواصل في القوات، ليُختتم اللقاء بجولة في أرجاء مجسّم الزنزانة. 

  • شارك الخبر