hit counter script

أخبار محليّة

العلامة فضل الله: لمعالجة القضايا المصيرية بعيدا عن التجاذبات والصراعات

الجمعة ١٥ نيسان ٢٠١٤ - 13:29

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته:

"عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله، فهي خير الزاد في يوم المعاد. ولبلوغ التقوى، علينا أن نتفكر في هذا الحديث الوارد عن رسول الله حين قال: "الأمراض والأوجاع كلها بريد للموت، ورسل للموت، فإذا حان الأجل، أتى ملك الموت بنفسه، وقال: يا أيها العبد، كم خبر بعد خبر؟ وكم رسول بعد رسول؟ وكم بريد بعد بريد؟ أنا الخبر الذي ليس بعدي خبر، وأنا الرسول، أجب ربك طائعا أو مكرها. فإذا قبض روحه، وتصارخوا عليه، قال: على من تصرخون وعلى من تبكون؟ فوالله، ما ظلمت له أجلا، ولا أكلت له رزقا، بل دعاه ربه، فليبك الباكي على نفسه، فإن لي فيكم عودات وعودات حتى لا أبقي منكم أحدا". يقول الله تعالى: "كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام".

واضاف: "أيها المؤمنون، لا يفاجئنا الموت عندما يأتي، فقد نبهنا إلى وجوده كل الذين يموتون بيننا، والضعف الذي نراه في أبداننا، ورزنامة العمر التي تتناقص أوراقها يوما بعد يوم، والمرض الذي يصيبنا. ودعوته إلينا، أن نستعد لنكون جاهزين لما بعده، حيث ينادى بنا: {وقفوهم إنهم مسئولون}.
ومن باب تحمل المسؤولية، نطل على أوضاعنا. والبداية من لبنان، الذي تتحرك فيه الخطة الأمنية في طريقها المرسوم، وهنا، لا بد من تقدير إنجاز الجيش والقوى الأمنية، وتقدير تعاون المواطنين والقوى السياسية معهم.
وفي الوقت الذي نأمل أن تستكمل الخطة مسيرتها، لتصل إلى بقية المناطق اللبنانية، بعد البقاع وطرابلس، اللتين عاشتا توترات في المرحلة السابقة، فإننا نأمل أن تواكب ذلك خطة طوارئ اقتصادية، يرفع فيها الغطاء عن كل الفاسدين والمفسدين المعلومين وغير المعلومين، ممن هم في مواقع المسؤولية أو خارجها، ممن يعتبرون الدولة بقرة حلوبا لهم، وهو الأمر الذي أدى إلى ما وصلنا إليه على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، ولا سيما في الدين العام".

واردف: "إن الجدية التي رأيناها في التعامل مع الفلتان الأمني، ينبغي أن تكون بالمستوى نفسه في التعامل مع الفلتان الاقتصادي، والفساد الإداري، والهدر المالي، فمخاطر الفلتان الاقتصادي والاجتماعي، لا تقل عن مخاطر الفلتان الأمني، بل قد تكون تداعيات الفلتان الاقتصادي والاجتماعي أكبر، وقد يؤدي إلى فلتان أمني، فالجوع كافر، وقد قال الإمام علي(ع): "لو تمثل لي الفقر رجلا لقتلته".
وعلى هذا الأساس، فإننا نعيد التشديد على كل من هم في مواقع المسؤولية، عدم معالجة الواقع المعيشي بالمسكنات والمهدئات، أو بالمعالجات الجزئية، بل من خلال دراسة متكاملة لكل هذا الواقع، حيث تستنفر لأجله جهود الخبراء والعاملين في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، وتلاحظ فيه متطلبات كل فئات المجتمع، وكل القطاعات الإنتاجية، وإن كان للفئات الفقيرة والمسحوقة الأولوية عند تضارب المصالح، حيث الكلمة الفصل ينبغي أن تكون دائما للفقراء والمستضعفين، لا لمن يزدادون ثراء.

وقد كنا نأمل أن تفضي الاجتماعات التي جرت في المجلس النيابي، إلى الخروج بصيغة تؤمن هذا التوازن المطلوب بين متطلبات الواقع الاجتماعي الصعب الذي يصيب الموظفين والمعلمين، ومتطلبات الواقع الاقتصادي وواقع الخزينة، بدل ترحيل السلسلة إلى لجنة لدرسها، والتي نخشى أن تقع فيما وقعت فيه الكثير من اللجان، التي توجد لتمييع المطالب، وترحيلها مجددا إلى مرحلة غير محددة، كما رحلت سابقا، وكما يقال، فإن اللجان مقبرة المشاريع".


وتابع: "إننا نقول لكل من هم في مواقع المسؤولية: إن القضايا المصيرية التي تهدد لقمة عيش المواطن، وتهدد اقتصاد البلد أو خزينته، لا ينبغي أن تعالج على خلفية التجاذبات والصراعات بين المحاور السياسية، وتسجيل النقاط، وتبادل الاتهامات، أو المزايدات السياسية والإعلامية، والاستثمارات الانتخابية، بقدر ما ينبغي أن تراعى فيها مصالح المواطنين ومصلحة الوطن. إن المطلوب في هذه المرحلة، أن تقدم الحقائق كاملة للشعب اللبناني، ونحن نثق بأن هذا الشعب عندما يرى الوضوح والصراحة والجدية، سيكون سندا لنوابه ومسؤوليه، وسيعض على جراحه، إذا اقتضت حقا مصالح البلاد تحمل بعض السلبيات. إننا في هذا البلد، نملك كل مقومات النهوض الاقتصادي، لو توافرت الإدارة السليمة له، ولو أخرجنا اللصوص من الهيكل، وكف السياسيون عن تغطية هذا أو ذاك، بذرائع لا تليق برجالات الدولة، وإلا لماذا ينجح اللبنانيون في الخارج، فيما لا يملكون فرص النجاح في الداخل؟".

وقال فضل الله: "اما في سوريا، فلا يزال هذا البلد يعاني جراء الاستراتيجية الدولية القاضية باستنزافه وتدميره وإسقاط كل مواقع القوة فيه، لكي لا يكون له دوره الفاعل في المنطقة وفي الصراع مع العدو الصهيوني، ونحن نعتبر أنه قد يكون من الطبيعي أن الدول الكبرى، وانطلاقا من مصالحها الخاصة وصراعاتها على النفوذ، تريد أن تبقي هذا البلد أسير حالة الاستنزاف، ولذلك، فإنها لا تستعجل الحلول فيه. ولكن ما ليس طبيعيا، أن تتقاعس الدول العربية والإسلامية عن دورها الفاعل في إخراج هذا البلد العربي والإسلامي من متاهة العنف الدامي المتواصل.

ومن هنا، فإننا في الوقت الذي ندعو السوريين إلى وعي ما يخطط لبلدهم، والمسارعة إلى المصالحات، وصولا إلى المصالحة العامة، مستعيرين من كلام أمير المؤمنين: "لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين، ولم يكن فيها جور إلا علي خاصة"، نشدد على كل من يملكون مواقع التأثير من الدول العربية والإسلامية، التلاقي بعيدا عن الحسابات الضيقة، والعمل لإيجاد الحل في سوريا، وإيقاف نزيف الدم والدمار، فهذه مسؤولية إسلامية وعربية وإنسانية. ونصل إلى البحرين، هذا البلد الذي تستمر معاناة أهله وإنسانه، والذي كنا نأمل من السلطة فيه أن تسير بالحوار الجاد إلى غايته، بعد استعداد قوى المعارضة لذلك، بدلا من القيام بخطوات يخشى من تداعياتها على الصعيد الشعبي، الذي يمكن أن يصل إلى ما يشبه حالة اليأس من إمكانية أن يفضي الحوار القائم إلى نيل حقوقه المشروعة. إننا نعيد التشديد على السلطة في البحرين، أن تعي مسؤولياتها تجاه مواطنيها، وأن تعود إلى لغة الحوار، لكونها السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار لبحرين التنوع والوحدة الوطنية".

اضاف: "وتبقى أعيننا على فلسطين، حيث العدو لا يكتفي بمشاريعه الاستيطانية، وتهويد فلسطين والقدس، بل يستمر بإثارة مشاعر المسلمين، من خلال اقتحاماته للمسجد الأقصى. ومع الأسف، بات هذا الأمر يتكرر من دون مبالاة الشعوب العربية والإسلامية، فضلا عن دولها، فالكل مشغولون بصراعاتهم الطائفية والمذهبية وصراعات الدول، فيما الكيان الصهيوني مستمر بمشاريعه العدوانية. ومن هنا، نقول للشعوب العربية والإسلامية ودولها: كرامتكم من كرامة مقدساتكم، فلا تكونوا كما قال الشاعر: من يهن يسهل الهوان عليه، ما لجرح بميت إيلام".

وختم بالقول: "وأخيرا، لا بد من التوقف عند ظاهرة الرهان على الفرق الرياضية، الذي قد يؤدي إلى خسائر مالية أو أحقاد وضغائن، وصولا إلى المشاحنات التي تهدد حياة الناس. إننا نود هنا أن نوضح للجميع، ولا سيما ونحن على مقربة من كأس العالم، عدم جواز مثل هذا الرهان، وندعوهم إلى عدم تحويل الرياضة إلى مادة للخصام، بل أن تكون كما هي، وسيلة لتعزيز مناخ الروح الرياضية، التي نريدها طابعا للرياضة، وأن تعم كل مجالات الحياة".
 

  • شارك الخبر