hit counter script

مقالات مختارة - مرلين وهبه

أين المطرانان؟ وأين الوجود المسيحي الحرّ في «جنيف»؟

الأربعاء ١٥ نيسان ٢٠١٤ - 06:43

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

بعد استغلال المسيحيين في النزاع السوري والمزايدة في الدفاع عنهم، غابت هواجس هذه الأقلية الفاعلة ومعها ممثليها عن «جنيف -2»، وغابت ملفات أساسية عن طاولة المفاوضات، أهمّها قضية خطف المطرانين يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي، ليتساءل المراقبون عن الجهة القادرة على اختطافهما والاحتفاظ برجلين مسنّين منذ اكثر من عشرة اشهر وسط كمّ من الغموض والتكتم؟ وهل يعقل ان تكون مجرد عصابات او قطاع طرق؟ بالتأكيد لا. لأنّ التدقيق في الملف يُظهر أن الجهة الخاطفة ليست بأقلّ من دولة، في وقت كشف المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لـ«الجمهورية» عن وصول مسؤول أمني ديبلوماسي رفيع المستوى اليوم الى بيروت للبحث في هذا الملف، لافتاً إلى أنّ «معلومات دولتي قطر وتركيا تفيدان حتّى الساعة أنهما على قيد الحياة، أما الحراك الفعلي الحالي فهو لروسيا».

تساءلت اوساط ديبلوماسية ناشطة عن سبب تغييب ملف المطرانين المختطفين عن مفاوضات جنيف ـ 2 في الوقت الذي برز وبقوّة ملف راهبات معلولا في المحادثات الجانبية والعلنية في الاجتماعين الاول والثاني من المؤتمر، كذلك برز ايضاً ملف الاب باولو دالوليو.

وقد تابعت شخصية ديبلوماسية بارزة أعمال مؤتمر جنيف ـ 2 من الداخل، إذ حضرت الى هناك خصّيصاً لتحريك ملف المطرانين وإدراج قضيّتهما على طاولة المفاوضات، وهذه الشخصية تنتمي الى "مجموعة أصدقاء مار غريغوريس" القريبة من المطران ابراهيم، وهي ناشطة في اميركا وانكلترا والعالم العربي ولم تتوقف عن الإضاءة على ملف المطرانين المختطفين منذ بدايتها، وهي تضمّ اساتذة جامعات في اميركا وانكلترا والمانيا وشخصيات ديبلوماسية نافذة من اصول عربية واجنبية.

بان والإبراهيمي

وقد دعت هذه المجموعة الابراهيمي الى مؤتمر "ليخنشتاين" في أميركا وحَضّته على متابعة ملف المطرانين، فوعدها في محادثات جانبية بأنه لن يدع ملف المطرانين وسيعمل عليه شخصياً، وقال حرفياً: "لقد تألمت من قلبي لما حدث في قرية معلولا، وتألمت أكثر بعد اختطاف المطرانين ولم اكن ادري انّ هناك مسيحيين حقيقيين في المشرق العربي الّا بعد ان رأيت حماستكم وإصراركم على النضال في سبيل حريتهم".

وقد تفاجأ الابراهيمي بعدد أصدقاء المطرانين، كذلك تفاجأ بالاصدقاء المشتركين بينه وبينهما، إذ إنّ من ضمن هذه الشخصيات بعض الأصدقاء القريبين منه ومن المطران ابراهيم، وقد اختلى بهم طويلا ليزوّدوه بكلّ التفاصيل عن قضيتهما.

ذهب الابراهيمي الى جنيف وهو مُشبع بملف المطرانين، على حد قول "مجموعة أصدقاء مار غريغوريوس"، إلّا انه تفاجأ كمندوب المجموعة هناك عن تغييب هذه القضية في المفاوضات. غير انّ المندوب نجح في تمرير رسالة لـ بان يسأله فيه عن سبب عدم تطرّق مؤتمر جنيف ـ 2 الى قضية المطرانين المختطفين، عارضاً احدى محاضر الجلسات

قائلاً: "في الاجتماع الاول سُئل نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد عن مصير المطرانين فتجَنّب الاجابة، ولكن عند الالحاح أجاب: "لا نعرف".

بدوره، تكلّم وزير الخارجية وليد المعلم في بداية المفاوضات، فذكر فقط قضية راهبات معلولا ولم يأت على ذكر المطرانين. أما رئيس الائتلاف السوري أحمد الجربا فقد ذكر الاب اليسوعي المختطف بابولو دالوليو وأشاد به مُعلناً انه فور تحرير دالوليو من الأسر سيعيّنونه وزير خارجية في الحكومة المقبلة!!!

3 مواقف محيّرة لميشال كيلو!

امّا المحيّر فيبقى شهادة المعارض ميشال كيلو الذي اعلن بعد شهر من اختطاف المطرانين أنّ القوات الجوية السورية هي المسؤولة، وحين كُشف أمرها سلّمتهما الى جهة مقرّبة منها. لكنّ كيلو التزم الصمت خلال مؤتمر "جنيف 2" عند سؤاله عن المطرانين، قبل أن يتهم أمس الأول، خلال مقابلته مع مراسلة "الجمهورية" من جنيف، ابو عمر الكويتي الايراني الذي يقود كتيبة شيشانية تضمّ 200 شخص، بخطف المطرانين ليسَلّما بعدها الى النظام!!

مسعى كبوجي

اللافت والمعيب كان غياب ممثلي المرجعيات المسيحية لمحادثات "جنيف 2"، وهذا الغياب لاحظه المندوبون والديبلوماسيون والمراقبون والمسؤولون الامنيون اللبنانيون. وقال المطران إيلاريون كبوجي الذي حضر الجلسة الافتتاحية للمؤتمر لـ"الجمهورية"، انه لم يمَثّل في حضوره لا المعارضة ولا النظام، بل ذهب كأب روحي للمباركة "لأنّ الاب يبني ويبارك، وإن لم يبن الرب البيت فعبثاً يتعب البنّاؤون".

وعن ملف المطرانين أعلن كبوجي انه في صدد مسعى قريب "قد يساهم في الوصول الى شيء ملموس في هذه القضية". ولم يشأ كشف أيّ تفاصيل عن هذا المسعى.

الخوري

بدوره، تساءل المطران متى الخوري عن سبب تغييب قضية المطرانين عن مفاوضات جنيف 2، كاشفاً اننا سَنترَيّث الى جولة المفاوضات المقبلة "فإذا استمر المتفاوضون في تغييب هذه القضية سنتحرك".

وعن معرفته بوجود أيّ دليل مادي أو تسجيل صوتي للمطرانين، قال الخوري: "اذا فرضنا انّ هذا التسجيل حقيقي وقد حصل منذ عشرة اشهر فهو لا يكفي، لأنه قد يكون أصابهما مكروه منذ عشرة اشهر حتى اليوم، ولذلك نطالب بدليل حسّي آنيّ". وأشار الى "أن لا جديد لدينا حتى الساعة، وقد وضعنا هذا الملف أمانة في عنق اللواء ابراهيم عباس الذي يتواصل معنا دائماً".

تحرّك العائلة

واتصلت "الجمهورية" بعائلة المطران إبراهيم في الولايات المتحدة التي طمأنت أنّ "جهات أمنية لبنانية اكدت لها أنّ المطرانين على قيد الحياة حتى الساعة، وهما موجودان في ريف حلب، لكنها لم تكشف عن وجود شريط مصوّر او دليل حسّي يؤكّد كلامها".

وذكرت العائلة أنها اجتمعت في نيويورك مع المندوب السوري في الامم المتحدة الدكتور بشار الجعفري، وكذلك اجتمعت مع عدد كبير من الأعضاء النافذين في مجلس الشيوخ الاميركي الذين وعدوا بمتابعة الملف.

وتساءلت بعض الأوساط المسيحية عن سبب عدم مشاركة البطريرك غريغوريوس الثالث لحام في محادثات جنيف ـ 2 كونه متابعاً سياسياً، وقد زار مجلس العموم البريطاني ولاحق القضايا المسيحية الشائكة في فلسطين والعراق.

بدورهم، ناشد أصدقاء المطران ابراهيم المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي اجتمع ببطريرك السريان الارثوذكس زكا عيواص في حضور مطارنة الطائفة، وبحث معه في مستجدات قضية المطرانين وسُبل العمل على فك أسرهما. وتساءلوا عن الدليل الحسي الذي ارتكز عليه اللواء ابراهيم عندما قال إنّ المطرانين على قيد الحياة.

اللواء ابراهيم: «الأمن عِلمٌ»

وعن تمسّكه بعبارته الشهيرة "نحن لا نفاوض على جثث انما على أحياء"، وعمّا اذا كان ما يزال يفاوض على هذا الاساس ام ان هذه المفاوضات توقفت في الآونة الأخيرة لعلمه انه لم يعد يفاوض على أحياء؟ كشف اللواء ابراهيم لـ"الجمهورية" إنه حتى ليلة رأس السنة فقد أمضاها متابعاً قضية المطرانين. وعما إذا كانت هناك جهات لبنانية أخرى تتابع الملف؟ أجاب: "لا اعلم، ولا اعتقد ان احداً غيرنا يتابع هذا الملف". وكشف أنّ "الجهات الفاعلة الحقيقية حالياً هي روسيا".

وعن الدور القطري، أوضح ابراهيم "أنّ لقطر علاقاتها مع المعارضة ونحن لنا علاقة مع النظام وقد اتفقنا على توحيد جهودنا، هم مع المعارضة ونحن مع النظام لجَمع المعلومات ومن ثم التحرّك، علماً انّ قطر أبدت استعدادها لدفع تكاليف الحلّ مهما بلغت، ولم تُحدد سقفاً، الّا أنّ العقدة تكمن في أنّ الخاطفين لم يطلبوا حتى الساعة فِدية او يعلنوا عن مطالبهم".

وأضاف: "أما بالنسبة الى المعلومات التي توافرت للنّظام، فهي متضاربة"، لافتاً إلى "أنّ زياراتي المتتالية الى دمشق كانت إثر تبلّغنا ببروز خيط في الملف تابعه النظام واعلمنا به، قبل أن نتابعه معاً بدقة، إلّا أنّنا ولسوء الحظ فقدنا هذا الخيط بعد برهة من الزمن".

غير أنّ ابراهيم عاد وأكّد أنّه وعلى رغم المعلومات المتضاربة عن مصير المطرانين، فهي ما زالت تفيد بأنهما ما زالا على قيد الحياة، مشيراً إلى أنّه وحتى الساعة لم ترده أي معلومة حسّية تفيد بأنهما مفصولان عن بعضهما أو أنهما قتلا"، مشدداً على أنّ "الامن عِلمٌ، وإن لم نعلم فمن أين نأتي بالحقيقة، خلافاً لقضية راهبات معلولا التي تضمّ أدلّة حسية ومفاوضين، ما يبشّر بأنها تأخذ المنحى نفسه لقضية مخطوفي اعزاز، أي انها ستفضي الى نهاية مرضية"، كاشفاً "انّ اثنتين من الراهبات المختطفات لبنانيّات وواحدة عراقية".

الوساطة التركية

وتحدث اللواء ابراهيم عن آخر معلومة وصلته من الوسطاء الأتراك والقطريين، والتي أفادت أنّ المطرانين على قيد الحياة، الّا انها أخبار قائمة على معلوماتهم وليست حسيّة وفي متناول يدنا، وهذا هو الغريب في الامر.

ولفت الى أنّ الغموض الذي يلفّ قضية اختطاف المطرانين محيّر، مؤكداً أنه "يتواصل باستمرار مع الاخضر الابراهيمي الذي يتابع الموضوع بجدية". وكشف ابراهيم عن وصول مسؤول أمني ديبلوماسي رفيع المستوى اليوم الى بيروت للبحث في آخر تطورات هذا الملف.

ونفى ابراهيم عرض الخمسة ملايين دولار الذي يتداول به لإطلاق المطرانين، مشيراً إلى أنه يتابع هذا الملف إقليمياً ودولياً ومحلياً، آملين الوصول الى نتيجة على رغم عدم وجود الادلة الحسية، الّا أنّ المعلومات مشجّعة.

مبادرات تصعيدية

أصدقاء المطرانين في الخارج يلوّحون بمبادرات فردية قد يلجأون اليها اذا لم يجدوا أي نتيجة قريبة، وهم على حدّ قولهم قريبون من المعارضة ومن النظام على حد سواء. كذلك اعلن الناشطون أنّهم في طور إعداد كتاب رسمي لإرساله الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يطالبونه فيه بإدراج ملف المطرانين على جدول أعمال المفاوضات، مُستغربين التخَلّي المسيحي المعارض والرضوخ الصارخ والمُعيب لعدم تمثيلهم في مفاوضات "جنيف 2".

وتساءلوا: "لماذا لم يبادر البطريرك غريغوريوس الثالث لحام، وهو الرائد الاوّل في الحراك السياسي لملء هذا الفراغ المسيحي، وهو الذي كان المناضل الاول في قضايا مسيحيّي الشرق من فلسطين الى العراق؟"، كاشفين أنّ اختطاف المطرانين في نظرهم، وبعد التدقيق، "ليس ابتزازاً دينياً بل هو ابتزاز سياسي بامتياز"، مرجّحين أنهما "مسجونان عند طرف معيّن لصالح دولة معينة، لاستعمالهما كورقة مهمة في المفاوضات الكبيرة"... وللقضية تتمة.
 

  • شارك الخبر