hit counter script

القضاء اللبناني يحرّر الشمبانزي تشارلي

الأربعاء ١٥ نيسان ٢٠١٤ - 06:57

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

بعد تسع سنوات على احتجازه بطريقة غير شرعية في حديقة حيوانات Animal City في منطقة نهر الكلب، صدر حكمان قضائيان يقضيان بمصادرة شمبانزي ضحية الاتجار غير المشروع بالحيوانات وتسليمه إلى جمعية Animals Lebanon التي سترحّله الى محمية طبيعية في البرازيل

ظهر يوم السبت، فوجئ زوار حديقة «Animal City» في منطقة نهر الكلب بفرقة من فصيلة أنطلياس في قوى الأمن الداخلي تقتحم المكان برفقة متطوعين من جمعية Animals Lebanon ومحامي الجمعية مازن رسامني ورئيسة قلم محكمة الأمور المستعجلة في المتن نجاح الهاشم.

توجه الجميع على الفور الى القفص الذي يحتفظ فيه بقرد الشمبانزي المعروف باسم «تشارلي»، حيث أبلغت الهاشم مديرة الحديقة بقرار صادر عن قاضي الأمور المستعجلة في المتن أنطوان نعمة يقضي بنقل القرد تشارلي الى عهد الجمعية Animals Lebanon وتعيينها حارساً قضائياً عليه وتكليفها الاهتمام به وحمايته ومتابعته الى حين ترحيله الى مكان مناسب له.
حاولت إدارة الحديقة أن تؤجل تنفيذ الحكم الى حين الاعتراض عليه، لكن محاولتها باءت بالفشل، إذ تبين أن قرار العجلة يستند بدوره الى ظاهر الحكم الصادر عن القاضية المنفردة الجزائية في كسروان دينا دعبول يثبت أنه جرى تهريب تشارلي إلى لبنان، وأن حديقة الحيوانات قامت باحتجازه بصورة غير قانونية. كما ألزمت القاضية حديقة الحيوانات بتسليم تشارلي. وأفادت الطبيبة البيطرية التي تولّت تخدير ونقل تشارلي، روزا جريجا، بأنه كان صغير الحجم نسبة إلى سنه، وأن ساقه اليمنى باد عليها ضمور في العضلات، وهو لا يستطيع التمدد بشكل كامل، مضيفة إن أصابع قدميه منثنية ومحدودة الحركة. إلى ذلك، أفاد التقرير بأن «هذه الحالة ربما تكون قد دامت لسنوات متعددة، ولا شك في أنها تسببت بالكثير من الألم والانزعاج الدائمين».
لماذا لجأت Animals Lebanon الى قضاء العجلة طالما أن هناك قراراً صادراً عن القضاء الجزائي بتسليم «تشارلي»؟ تؤكد رئيسة الجمعية لانا الخليل أن اللجوء الى قضاء العجلة كان إجراءً احترازياً لأن التجارب السابقة بمصادرة الشمبانزي باءت بالفشل، إذ إن إدارة الحديقة سارعت الى إخفاء القرد والادعاء بأنه لم يعد لديها.
المدير التنفيذي للجمعية جايسون مير وهو خبير متخصص بالقردة قال لـ«الأخبار»: «قصتي مع تشارلي بدأت عام 2005، عندما تلقيت طلباً يفيد بأن جمعيات لبنانية اشتكت من دخول قرود شمبانزي إلى لبنان بطريقة غير شرعية». وأضاف: «استحصلت سريعاً على إذن من مشروع «الحفاظ على حياة القردة العليا» التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. وصلت إلى لبنان مطلع عام 2005 وقدّمت شكوى عاجلة إلى وزارة الزراعة، طلبت فيها مصادرة قرود الشمبانزي وتعهدت بترحيلها إلى موئلها الأصلي». ولدى مراجعة «الأخبار» سجلات وزارة الزراعة، تبين أن مصلحة مراقبة التصدير والاستيراد والحجر الصحي كانت قد رفعت مذكرة إلى محافظ جبل لبنان بتاريخ 17/1/2005 طلبت منه فيها مؤازرة قوى الأمن الداخلي لفريق من الوزارة لمصادرة قرد شمبانزي يسمّى «تشارلي» يملكه طوني الأسمر وموجود في حديقة عامة في نهر الكلب. ويقول مير إنه ذهب إلى المكان بمرافقة قوى الأمن الداخلي، «فجأةً اختفى الشمبانزي من الحديقة. وتعزّزت لديّ هواجس بأن هناك من أبلغ أننا سنقوم بعملية المصادرة، بعدها قررت أن أخوض المعركة في القضاء»، يقول مير. وبالعودة إلى محاضر التحقيق، التي جرت بناءً على إخبار تقدم به مير إلى النيابة العامة التمييزية، تبيّن أن المباحث الجنائية المركزية حققت مع مالك حديقة Animals Lebanon طوني الأسمر، الذي أقر بوجود «تشارلي» في الحديقة التي يملكها، وبأنه لا يزال على قيد الحياة. ويستدلّ من التحقيق الذي أُجري بتاريخ 4/3/2006 أن الأسمر اشترى «تشارلي» من تاجر حيوانات يدعى نجيب أبو رجيلي. وبعد الاستماع إلى إفادة أبو رجيلي، ادّعى أنه اشترى «تشارلي» من مواطن سعودي يدعى عدنان ولم يذكر اسم عائلته. وفي وقت لاحق، تقدم المدير العام لوزارة الزراعة بإخبار ثانٍ، وبناءً على هذا الإخبار طلب النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا «التوسع في التحقيق على ضوء المعطيات الواردة».
سيعيش تشارلي
أسابيع أو أشهراً إضافية في لبنان إلى حين بتّ النزاع القضائي
ويستدل من التحقيق الذي أُجري بتاريخ 12/7/2006 أن الأسمر ادعى أحقيّة ملكيته لـ«تشارلي» رغم اعترافه بأنه اشتراه بدون أي أوراق تثبت دخوله الشرعي إلى لبنان. ورفض الأسمر طلب مصادرة «تشارلي». بدورها، اتخذت القاضية جوسلين ثابت في عام 2006 قراراً بتعيين الأسمر حارساً قضائياً على الشمبانزي». وطلبت القاضية من الجمعية أن تنازع أمام المحكمة لتثبت حقها بملكية القرد قبل اتخاذ قرار نهائي».
عبثاً، حاولت الجمعية في فترات متلاحقة إقناع الإدارات الرسمية بأن النزاع على ملكية القرد تشارلي ليس لها أساس قانوني، وأن هذا النوع من الحيوانات موضوع على لائحة الحيوانات التي لا يجوز اقتناؤها إذا لم تولد داخل الحجز (سيرك، حديقة حيوانات، مركز بحوث علمية... إلخ)
يؤكد مير أن تشارلي أخذ من البرية، وقد شاهد على الأرجح عملية إطلاق النار على والدته وقتلها، وتمكن بعدها من البقاء على قيد الحياة خلال تهريبه من أفريقيا إلى لبنان، وهو لم ير أي حيوان شمبانزي آخر منذ تسع سنوات». بدورها، أكدت الخليل أن توقيع لبنان على الاتفاقية الدولية للاتجار بالحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض (سايتس)، والحوار المستمر مع وزارة الزراعة قد ساعد على إعادة النظر في موضوع مصادرة الحيوانات المهددة بالانقراض التي دخلت لبنان عن طريق التهريب، ونجحنا في مصادرة وترحيل العديد منها، لكن حالة تشارلي كانت تحتاج للعودة الى القضاء لضمان تسليمه إلينا.
وبالعودة الى القرار الصادر عن القاضية دعبول، يتبين في القانون أن القرد تشارلي دخل الى لبنان بطريقة غير شرعية، وخلصت الى أن مالك القرد طوني الأسمر والتاجر الذي باعه نجيب أبو رجيلي يترتب عليهما مسؤولية جزائية تقضي بإدانتهما سنداً للمادة 770 من قانون العقوبات، فضلاً عن إدانة الشركة المالكة لحديقة الحيوانات. وأضاف القرار الصادر عن دعبول «في ما يتعلق بالمطالب المدنية العائدة لجمعية Animals Lebanon بصفتها متضررة من الجرم الجزائي المرتكب من المدعى عليهم كونها جمعية تساهم في الحفاظ على الحيوانات المهددة بالانقراض، والتي هي جزء لا يعوض من النظم الطبيعية للأرض والتي يجب حمايتها من أجل الجيل والأجيال القادمة، نظراً لقيمتها البيئية المستدامة والعملية والثقافية والحضارية وللحؤول دون الاتجار المفرط بها، في ظل ضرورة المحافظة على المكونات المختلفة للتنوع البيولوجي، وتأمين المستوى المناسب لحماية الصحة الحيوانية من خطر انتشار الأوبئة المرتبطة بها، فيقتضي إجابة تلك المطالب وبالتالي إلزام حديقة الحيوانات بتسليمها القرد الشمبانزي. وقضت المحكمة بتغريم كل من الأسمر وأبو رجيلي بمبلغ 600 ألف ليرة لبنانية وبإلزام كل منها بالتضامن بأداء تعويض الى الجمعية قدرته المحكمة بمبلغ خمسة ملايين ليرة لبنانية.
ومن المتوقع أن يطعن المدعى عليهم بقرار القاضية دعبول، وإلى حين بت الدعوى سيعيش تشارلي أسابيع أو أشهراً إضافية تحت رعاية الجمعية في لبنان، قبل أن ينقل إلى محمية طبيعية في البرازيل حيث يمكنه الحصول على رعاية الخبراء والعيش مع غيره من حيوانات الشمبانزي في حظيرة طبيعية.

بسام القنطار - الاخبار

  • شارك الخبر