hit counter script

مقالات مختارة - موناليزا فريحة

هولاند العاشق... وفرنسا المريضة

الأربعاء ١٥ كانون الثاني ٢٠١٤ - 06:42

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

النهار

يبدو العالم مهتما بالعلاقة المفترضة للرئيس فرنسوا هولاند بالممثلة جولي غاييه أكثر من الفرنسيين أنفسهم. لاتزال لمكانة الرئيس رهبة في بلاد الغت الملكية منذ زمن. أكثر ما يخشاه الفرنسيون ان تتحول قصة هولاند مَهزلة. رئيس خمسيني يذهب على متن دراجة صغيرة "سكوتر" خلف حارسه الى موعد مع ممثلة فاتنة. يحتفظ بخوذته الى حين دخوله المبنى الذي يضم شقة اللقاءات السرية التي تردد أن صاحبها يرتبط بعصابات كورسيكا. الباباراتزي يفضح أمر الرئيس "المقنع" بخوذته، بعدما صورّ حذاءه الذي غالبا ما يظهر في الصور الرسمية. وبعد ليلة بعيداً من رفيقته فاليري تريرفيلر، يرسل حارسه لاحضار كرواسان للفطور!
ليس هولاند الرئيس الفرنسي الاول الحريص على متعته الشخصية: من فاليري جيسكار ديستان وأميرته (نسبة الى كتابه الرئيس والاميرة) الى ساركوزي وكارلا بروني مروراً بفرنسوا ميتران وابنته السرية وجاك شيراك ومغامراته الكثيرة، لطالما كانت للرؤساء الفرنسيين حياة خاصة يكفلها لهم الدستور الفرنسي. وإذا كان أولئك، في ما عدا ساركوزي، نجحوا في ابقاء مغامراتهم بعيدة من الاضواء، فان هولاند أخطأ عندما اعتقد أنه لا يزال قادراً على الافلات في مغامراته وحياته الموازية في زمن الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والهواتف النقالة.
في اي حال، لا تكمن مشكلة الفرنسيين مع رئيسهم في حياته الخاصة. فشعبية هولاند حالياً في مستويات دنيا قياسية. قبل انفضاح علاقته العاطفية، كانت قضية الممثل الفرنسي الساخر ديودونيه الشغل الشاغل لوسائل الاعلام. حول هولاند مع وزير الداخلية "القبضاي"مانويل فالس مهرجا بدأ مناهضا للعنصرية وانتقل الى معاداة السامية، بطلاً، بعدما انتزعا من القضاء قراراً بمنع مسرحيته "الجدار"، الأمر الذي أثار ضجة واسعة حول حرية التعبير العزيزة على قلوب الفرنسيين واثار اتهامات بـ"محاكم تفتيش" في فرنسا.
وقبل ديودونيه وبعد جولي غاييه، عانى الفرنسيون ولا يزالون الضغوط الضريبية ومعدل البطالة وعمليات اعادة الهيكلة، حتى بات 74 في المئة منهم لا يوافقون على اداء رئيسهم، وهي نسبة قياسية لم يسجلها اي رئيس في الجمهورية الخامسة. وفي المهمات الخارجية، ليس أداء القائد الاعلى للقوات الفرنسية أحسن حالا، من مالي الى أفريقيا الوسطى، وقبلهما حماسته المفرطة لضرب سوريا.
يعتمد مصير رئاسة هولاند على الاقتصاد، أكثر منه على علاقاته الخاصة. أمس، وعد بارساء تجدد سياسي، ربما على خطى معلمه ميتران فيكون اشتراكياً أقل وديموقراطياً اجتماعياً أكثر. فهل يجنح نحو اقتصاد السوق؟ باختصار، هل ينجح في التحرر من لقبه الجديد رئيس "الرجل المريض لاوروبا"؟.
وضع هولاند نفسه تحت المجهر. أراد التأثير على الناخبين فخاض حملته تحت شعار أنه يريد أن يكون رئيساً عادياً، ليقطع مع سلفه ساركوزي "المتوهج". ربما اكتشف الفرنسيون بعد سنة ونصف سنة من ولايته أنه رئيس كغيره، لكنه أقل وقاراً، وربما كان فعلاً رئيساً عادياً.

  • شارك الخبر