hit counter script
شريط الأحداث

باقلامهم - البروفسور جاسم عجاقة

المخاوف من طموحات الصين الفضائية

الخميس ١٥ كانون الأول ٢٠١٣ - 05:35

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

في 14 كانون الأول 2013، حطّ المسبار القمري، شانجه 3، بنجاح على سطح القمر مُبشراً الصين بعهد جديد في غزو القمر. والصين التي لا تخفي نواياها بإرسال محطة دائمة على سطح القمر، تفتح عهداً جديداً من السباق على غزو الفضاء إن لاستخدامات مدنيّة أو عسكريّة.

‌لمحة تاريخية
منذ مطلع خمسينات القرن الماضي ومع إطلاق أول قمر صناعي سوفياتي إلى الفضاء الخارجي وحتى يومنا هذا، لم تتوقف المنافسة بين القوتين العالميتين، الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، لغزو الفضاء. وإذا كانت روسيا فاجأت الولايات المُتحدة بكونها السباقة في الوصول إلى الفضاء، إلا أن الولايات المُتحدة الأميركية أدهشت العالم كله وخصوصاً الروس بضخامة المشاريع التي كانت تنوي القيام بها في الفضاء. وبلغت ذُروة الجنون على عهد الرئيس الأميركي رونالد ريغين مع برنامج حرب النجوم الذي فاق مختلف تصورات المحللين لما يعني غزو الفضاء.
والتاريخ يُخبرنا أنّ الأميركيّين عدلوا عن مشروع حرب النجوم لأسباب اقتصاديّة لما لهذا البرنامج من كلفة خياليّة، واستبدلوها باستراتيجيّات أخرى ومنها التعاون مع الروس. وأثمر هذا التعاون في المحطة الفضائيّة العالميّة (International Space Station) والتي لجمت إلى حدٍّ بعيد غزو الفضاء العسكري. وعلى مدار أكثر من ستين عاماً، شهدت الساحة الفضائيّة قفزة تكنولوجيّة هائلة، أصبحت معها الأرض نطاقاً صغيراً ينتقل الإنسان بين جهاته في دقائق من خلال شاشة عرض معلومات الأقمار الإصطناعية التى تسبح في الفضاء الخارجي وتغطي كافة أنحاء الكرة الأرضية. ولكنّ هذا التطور التكنولوجي طاول عدداً محدوداً من البلدان ولم تكن الصين إحداها.
وللمرة الأولى منذ سبعة وثلاثين عاماً، أي منذ المسبار الروسي لونا 24 العام 1976، حطّ المسبار الصيني شانجه 3 (إله القمر) على سطح القمر في الرابع عشر من هذا الشهر، على سطح من الحمم البازلتيّة القمريّة. ويُرافق هذا المسبار الصيني، روبوت سُمّي يوتو سيقوم بتسجيل مختلف أنواع البيانات العلميّة (مادية وبصرية). وخلال ثلاثة أشهر سيعمد هذا الروبوت إلى تحليل بقعة بمساحة خمسة كيلومترات مربعة مستخدماً سبعة أجهزة علميّة بما في ذلك رادار تحليل، كاميرات، وتلسكوب لمشاهدة الكون الخارجي من سطح القمر. واللافت في هذه العمليّة الناجحة، أي إطلاق المسبار الصيني، أنّها تأتي بعد محاولات عدّة من الصين، الهند واليابان باءت كلّها بالفشل.
ومع شانجه 3، أخذت الصين دور أميركا وروسيا في إستكشاف سطح القمر كما وسجلت نجاحاً مهماً في مسيرتها نحو السكن على سطح القمر في حلول العام 2020. وقد سبق هذه المرحلة إرسال خمسة رجال فضاء (تيكونوت) منذ العام 2003 كما ووضع محطة فضائية صغيرة يمكن السكن فيها في العام 2012. كل هذا ما هو إلا دليل على التقدم التكنولوجي الذي بدأت تُحرزه الصين في مجال تقنيات الفضاء.
مهمة مزدوجة...
قامت الصين بإرسال مسبارين قبل مسبار تشانجه 3، الأول في العام 2007 والثاني في العام 2010. والهدف كان استكشاف مكان الهبوط حيث أراده الصينيون غير مُستكشف من قبل الأميركيين أو الروس. كما وأن 80% من التقنيات المُستخدمة هي تكنولوجيا جديدة بالنسبة الى الصين، لذا كانت المهمة محفوفة بالمخاطر وتوجب التحقق أكثر من مرة.
أما السؤال المطروح فهو عن أهداف هذه المهمة؟ في الواقع، تحتوي هذه المهمة على هدفين أساسيين: الأول جمع المعلومات العلمية واستكشاف المنطقة حيث حطّ المسبار، والثاني تجربة التقنيات الجديدة والتي ستُستخدم بمعظمها في المحطة الفضائية الدائمة على سطح القمر والتي ينوي الصينيون بناءها في العام 2020 حيث ستستقبل هذه المحطة أشخاصاً بشكل دائم.
المخاوف من طموحات الصين...
لا يتوقف الاهتمام الصيني بالفضاء بالبعد التكنولوجيا بل يشمل البعدين الاقتصادي والعسكري. والصين المرشحة لتُصبح أول قوة إقتصادية في العالم في عشرات السنين القادمة، تطمح لتسريع هذا الحدث عبر السيطرة على التقنيات المُتعلقة بالأقمار الإصطناعية التجارية والعسكرية والتي يُقدر مدخولها بـ 125 مليار دولار في حلول عشرينات هذا القرن. ويُساعد الصين في هذا، ظهور الأقمار الإصطناعية الصغيرة منخفضة التكلفة وانخفاض نصيب الولايات المتحدة في سوق الفضاء الدولي من 73% في عام 1995 إلى 23% عام 2005.
ولكن الصين تطمح أيضاً إلى زيادة عدد أقمارها الإصطناعية المدنية والعسكرية في الفضاء وهذا ما سيسمح لها بزيادة قدرتها التجسسية مقابل الأميركيين الذين يملكون نصف الأقمار الاصطناعية الموجودة في الفضاء. كما وأن السيطرة على هذا السوق ستضع الصين في المركز الأول في العالم لمئات السنين.
وهذه الطمحوات الصينية، تُثير الريبة لدى المُجتمع الدولي الذي يخشى أن تكون للصين طموحات عسكرية قد تدفعها إلى عسكرة الفضاء وهي التي تستعين حالياً بروسيا لتحديث جيشها بنسبة هائلة تُثير مخاوف القوى العظمى بما فيهم الروس.
إن التطور الفضائي ساعد الإنسان في حياته اليومية بشكل كبير لم يعد يستطيع معه الإنسان التخلي عن الوسائل التي تستخدم الأقمار الاصطناعية. وإذا كانت الفائدة من هذه الأقمار تترجم في نواحٍ سلمية كثيرة (التجارة، الأبحاث العلمية، الاتصالات، الأرصاد الجوية ورصد الكوارث الطبيعية، الكشف عن الموارد الطبيعية...) إلا أنها تسمح أيضاً بعسكرة الفضاء ونقل المواجهات المُسلحة من الأرض إلى الفضاء.
 

  • شارك الخبر