hit counter script

مقالات مختارة - سمير منصور

التكليف في شهره التاسع... والمراوحة مستمّرة

الأربعاء ١٥ كانون الأول ٢٠١٣ - 06:28

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

"النهار"

فور إعلان نتائج الانتخابات النيابية الماضية عام 2009، أكد النائب تمام سلام أنه ينتمي إلى فريق المستقلين، فجاءه عتب من قريبين من الرئيس سعد الحريري واستغراب لعدم قوله انه ينتمي إلى كتلة "المستقبل" النيابية، وقد كان متحالفاً معها ومرشحا على لائحتها في بيروت. يومذاك لم يكن سلام يقصد التنصل من تحالفاته، بل أراد التأكيد انه كان ولا يزال وسيبقى حريصاً على استقلاليته سواء في التحالفات والتكتلات أو خارجها، محافظاً على مواقفه مع حرصه التزام المنطق الديموقراطي في احترام القرارات التي تمليها تلك التحالفات. وقد حرص سلام فعلاً على الحفاظ على خصوصية رسمها لنفسه في أدائه السياسي والنيابي، فكان ترشيحه منذ البداية لرئاسة الحكومة ومن ثم تسميته رئيساً مكلفاً تشكيلها، بالاجماع وبالأكثرية الساحقة من أصوات النواب، انطلاقاً من هذا الواقع وتلك الخصوصية، ولا سيما من التكتلات النيابية في قوى 8 آذار.

ومنذ تكليفه قبل ثمانية أشهر ودخول هذا التكليف شهره التاسع، يكرر سلام التأكيد أنه، منذ تلك اللحظة (التكليف) من الطبيعي انه أصبح خارج الاصطفافات السياسية وأنه على مسافة واحدة من الجميع، وهذا من بديهيات ما يفرضه موقعه رئيساً مكلفاً ومن ثم رئيساً للحكومة اللبنانية، لا حكومة 8 آذار ولا حكومة 14 منه.
وانطلاقاً من هذا الواقع ايضاً، يعزّ على سلام أنه، بين حين وآخر، وكلما اقتضى أمر الحسابات السياسية، يصوّب البعض عليه سياسياً، بالقول إنه "طرف" وينتمي الى فريق 14 آذار، وقد قالها الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله أكثر من مرة، وكذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري وقد احتسبا الوزراء الذين يمكن أن يسميهم سلام على فريق 14 آذار، وكذلك فعل رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون ودائماً مع "كل التقدير والاحترام للرئيس المكلف" في اعتراف ضمني بتلك الخصوصية، بل بتلك الاستقلالية!
ومع دخول تكليفه الشهر التاسع، يبدو أن قدر تمام سلام تسجيل الرقم القياسي رئيساً مكلفاً، وهو يتلقى الصدمة تلو الأخرى منذ اليوم الأول للتكليف، بالشروط والعراقيل المتبادلة. وبالارتدادات المحلية لتطورات إقليمية دراماتيكية بلغت ذروتها في تصاعد الحرب الطاحنة التي تدور رحاها في سوريا وبمشاركة فريق حزبي لبناني أساسي طرفاً فيها، هو "حزب الله" الذي أعلن أمينه العام "رسمياً" دخول تلك الحرب، في "عزّ" الاتصالات الجارية سعياً الى توافق على تشكيل الحكومة... وقد شكل هذا التدخل عنصراً أساسياً ومركزياً للسجال بين طرفي الاصطفاف السياسي لينتهي إلى تجاوز قوى 14 آذار "شرط" عدم مشاركته مع "حزب الله" في حكومة واحدة "قبل انسحابه من سوريا واعلان وقف تورطه في الحرب الدائرة هناك إلى جانب النظام" ليبدأ الخلاف حول الثلث الضامن أو ا لمعطل، وعلى صيغة 9+9+6 بعد "الثلاث ثمانيات" وهلم جراً لينتهي الأمر بهبوط "تسريبة" قبل يومين على وسائل الاعلام مفادها أن ثمة اتجاهاً نحو "تعويم" حكومة تصريف الأعمال وأن رئيسها نجيب ميقاتي بات لا يمانع في عقد جلسة لمجلس الوزراء لمعالجة بعض القضايا الملحة. وهذه التسريبة التي بدت تهويلاً على الرئيس المكلف احبطت في مهدها، نتيجة تزامنها مع سجال غير مسبوق وعالي النبرة في الاتهامات بين "مخالفات" من جهة، و"كذب" من جهة أخرى، بين وزيرين في حكومة تصريف الأعمال (غازي العريضي ومحمد الصفدي)، كل ذلك بالاضافة إلى الموقف الحاسم لرئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي رأى أن لا مبرر لمثل هذه الخطوة وأن القضايا الملحة ليست أقل من أعلان حالة الطوارئ مثلاً، وأن الرئيس ميقاتي لم يفاتحه في موضوع عقد جلسة لمجلس الوزراء. وهذا "التهويل" لم يهز الرئيس المكلف، الذي قال لمتصلين به إن ثمانية أشهر من التهويل والضغط لم تهزه، وانه بالتالي يعرف حجم التسريبة ومصدرها...
لا يتصور سلام إمكان إنجاز استحقاق رئاسي في موعده، في ظل عجز القوى السياسية عن التوافق حول تشكيل الحكومة، رافضاً الحديث عن "الفراغ" وكأنه بات أمراً حتمياً، وملاحظاً انه كلما اقترب الاستحقاق الرئاسي، أصبح الضغط أكبر نحو تشكل الحكومة، وهو يدعو إلى احترام هذا الاستحقاق ويلفت إلى أن ليس ثمة ما يحول دون اجتماع مجلس النواب وانتخاب رئيس للجمهورية ويدعو القوى السياسية إلى خطوة جرئية وتسهيل تشكل الحكومة "التي استبشرنا خيراً بأمكان ولادتها قبل شهر ونصف (بدء الحديث عن تقارب سعودي – إيراني) وقبل أسبوع بعد الاتفاق النووي الايراني – الاميركي (دول 1+5) أو ما عرف بالاتفاق الايراني – الأميركي، فإذ بنا نسمع خطاباً تصعيدياً" (اتهام السيد نصر الله السعودية بدعم استهداف السفارة الايرانية بالتفجير).
ومن يعرقل تشكيل الحكومة؟ يقول سلام: "مواقف القوى السياسية الناجمة عن ارتدادات التوتر الاقليمي".
وحول اتهام المملكة العربية السعودية بمنع تشكيل الحكومة يجزم سلام بأن "أي مسؤول سعودي أو أي حليف للسعودية في لبنان، لم يفاتحني يوماً في أي أمر يعرقل تشكيل الحكومة، ولست على كل حال من النوع الذي يسمح لنفسه باقحام أي طرف خارجي، عربي أو اقليمي أو دولي في شأن حكومي لبناني".
 

  • شارك الخبر