hit counter script

مجتمع مدني وثقافة

ندوة عن الكتاب المقدس في المركز الكاثوليكي

الخميس ١٥ تشرين الأول ٢٠١٣ - 14:48

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 نظمت اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام ندوة، ظهر اليوم في المركز الكاثوليكي للاعلام، بعنوان "الكتاب المقدس في صلب الإيمان"، شارك فيها متروبوليت بيروت وجبيل وتوابعهما للروم الملكيين الكاثوليك المطران كيرلس سليم بسترس، الأب أنطوان عوكر الأنطوني، والأب سمير بشارة اليسوعي، ومدير المركز الكاثوليكي للاعلام الخوري عبده أبو كسم وحضرها أمين عام جمعية الكتاب المقدس الدكتور مايك بسوس، وعدد من أعضاء الجمعية والمهتمين والاعلاميين.

ورحب الخوري ابو كسم بالحضور باسم رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران بولس مطر وقال: "في الندوة السابقة تكلمت على دور العائلة تجاه أولادها وتربيتهم على القراءة والتأمل في فصول الإنجيل "كلمة الله"، واليوم سوف اسلط الضوء على دور المدرسة والجامعة تجاه الطلاب بغية تشجيعهم وحثهم على قراءة الكتاب المقدس".

وتساءل: "هل نحن حقا في مدارسنا وجامعاتنا المسيحية نعطي الكتاب المقدس الإهتمام الكافي؟ هل نبدأ نهارنا بتلاوة آية أو قراءة إنجيل اليوم في بداية النهار المدرسي أو الجامعي؟ هل نشجع شبابنا على التكلم بلغة الإنجيل؟ في أحاديثهم ولقاءاتهم، بدل الكلام في السياسة وما يتبعها؟ هل ننشر ملصقات تحمل عبارات من الكتاب المقدس بشكل اسبوعي على لوحات الحائط أو في الممرات، أو على ابواب غرف الدراسة؟ هل نخصص ولو حصة واحدة في الشهر، نعلم فيها شبابنا وشاباتنا كيفية مناقشة وتفسير الكتاب المقدس؟"

وقال: "أكتفي بهذا القدر من التساؤلات لأجعل منها خطة عمل للمدارس والجامعات المسيحية، راجيا ان تبقى كلمة الله المحبة عنوان حياتنا".

ثم كانت مداخلة للمطران بسترس جاء فيها: "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان لدى الله، وكان الكلمة الله... والكلمة صار جسدا وسكن بيننا" (يو 1:1، 14). إن تاريخ علاقة الله بالإنسان تبدأ منذ الأزل في شخص الكلمة الذي على صورته خلق الله الإنسان، والذي منذ الأزل كان معدا ليتجسد في ملء الأزمنة، ويحقق كإنسان الصورة الإلهية التي لا يستطيع الإنسان أن يحققها بقواه الذاتية. لذلك فإن تجسد الكلمة كان في تصميم الله منذ الأزل".

وتابع: "إلى هذا التجسد الأول، تجسد الكلمة في إنسان، أضيف تجسد ثان، هو تجسد الكلمة في كتاب. لذلك كل تبشير لا بد له من أن ينطلق من هذين التجسدين، تجسد كلمة الله في شخص يسوع المسيح ابن الله، وتجسد كلمة الله في الكتاب المقدس: في العهد القديم بشكل رموز وبشكل تهيئة، وفي العهد الجديد بشكل حقيقي وبطريقة كاملة".

أضاف: "هذه البشارة ستبقى إذا إلى انقضاء الدهر، ولكن لا بد لها من أن تنسجم مع كل العصور، وتجيب عن تطلعات كل الثقافات وتساؤلات كل الأجيال. هذا ما دعاه الطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني "الأنجلة الجديدة". هذه الأنجلة الجديدة تراعي ظروف الحياة المتنوعة، غير أنها تستند دوما إلى الكتاب المقدس، إلى كلمة الله، إلى شخص يسوع المسيح".

ورأى المطران بسترس أن "العالم في تحرك دائم، وقد شهد عالمنا المعاصر تغييرات جذرية في مختلف الميادين. فلا يجوز أن تبقى الكنائس المسيحية منغلقة على ذاتها ضمن حدود جماعاتها ومؤسساتها، بل عليها أن تجابه كل المستجدات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، وتملأها من روح الله، وذلك انطلاقا من المبادئ الأساسية الثابتة والراسخة التي يتضمنها الكتاب المقدس".

وقال: "على الأنجلة الجديدة أن تتكلم وتشهد للإيمان المسيحي، وترد على ما يحمله العالم المعاصر من إلحاد أوعلمانية يهدفان إلى إزالة مسألة الله من حياة الإنسان. نقرأ في الإرشاد الرسولي "الكنيسة في الشرق الأوسط": "التأمل في سر الكنيسة كشركة وشهادة، في ضوء الكتاب المقدس، "كتاب العهد" العظيم بين الله وشعبه، يقود باتجاه معرفة الله، "نور السبيل" الذي "لا يدع رجلك تزل". فليتمكن المؤمنون، ورثة هذا العهد، من البحث الدائم عن الحقيقة في كل الكتاب المقدس الذي أوحى به الله".

أضاف: "الأنجلة الجديدة" تعني متابعة الجهد لرؤية المسيحيين متحدين ليظهروا للعالم القوة النبوية وقوة التغيير التي تتضمنها رسالة الإنجيل، فالعدالة والسلام وعيش الشعوب معا، وحماية الخليقة هي مفاهيم وسمت بطابعها الخاص المسيرة المسكونية في العقود الأخيرة. وهذه المفاهيم لا تأخذ ملء معناها إلا على ضوء كلمة المحبة التي نطق بها الله في شخص ابنه يسوع المسيح".

وتابع: "تكمن رسالة الكنيسة في التبشير بالإنجيل، الذي هو "قدرة الله لخلاص كل مؤمن" (روم 16:1). وهذا الإنجيل ليس مجموعة عقائد، إنما هو شخص يسوع المسيح نفسه بصفة كونه كلمة الله النهائية التي تجسدت. ويجب أن يضيء نور المسيح كل مرافق البشرية: العائلة، المدرسة، الثقافة، العمل، الحياة الفردية والحياة الاجتماعية".

ورأى أن "الأنجلة الجديدة لا تعني التبشير بإنجيل جديد. "فيسوع المسيح هو هو أمس واليوم وإلى الدهور" (عب 8:13). الأنجلة الجديدة تعني إعطاء جواب مناسب لعلامات الأزمنة عن احتياجات الناس والشعوب في العالم المعاصر. وهي تهدف إلى تعزيز ثقافة متأصلة بالعمق في الإنجيل: وهذا يعني اكتشاف الإنسان الجديد الذي فينا بفضل الروح القدس الذي وهبنا إياه الآب من خلال ابنه وكلمته يسوع المسيح".

وختم بالقول: "الأنجلة الجديدة هي مشاركة العالم شوقه إلى الخلاص، وإعطاء حجة للإيمان الذي فينا بمنحه كلمة الرجاء، بحسب قول بطرس الرسول: "قدسوا الرب في قلوبكم، وكونوا على استعداد دائم لتجيبوا كل من يسألكم حجة على الرجاء الذي فيكم" (1 بط 15:3). وبحسب هذا الرجاء، فإن هدف الأنجلة الجديدة الأخير هو إتمام "سر مشيئة الله، فمهما تعددت طرق التبشير، ومهما تنوعت وسائل الأنجلة الجديدة، لا بد من أن تؤدي كلها إلى الاتحاد بيسوع المسيح الذي هو كلمة الله النهائية للبشر....".

ثم كانت كلمة الأب بشارة اليسوعي عن "تحديات الكتاب المقدس في زمننا المعاصر" تساءل فيها: "كيف نستطيع اليوم، من خلال قراءتنا الكتاب المقدس، أن نعبر عن معرفتنا لله في لغة هذا العصر وثقافته؟ وهل ممكن أن ينمو في حياة المؤمنين فهم واضح للحقائق الإيمانية؟ علما أنه يصعب على مجتمعنا قبول حقائق الإيمان من دون التعمق العقلي فيها. وهل يستطيع الكتاب المقدس أمام متطلبات هذا العصر أن يمنح الإنسان معرفة كاملة؟ وهل نستطيع أن نكرس الموضوعية في قراءتنا الكتاب المقدس، وكلامنا لا يخلو قهرا من المحدودية والنقص والتخيل؟".

وتابع: "في خضم العصور التي رافقت نشأة الكتاب المقدس وثقافاته والأساليب الأدبية، وطرق الكلام ... هل يمكننا أن نقرأ اليوم الكتاب المقدس قراءة تتفق والروح الذي أوحى به ؟

وأشار الى ان "التفكير الديني لا يخلو من الخطر في إدراك الحقائق الإيمانية، فالتباين في وجهات النظر، واستخدام تعابير غير وافية، يؤديان إلى سوء تفاهم أو تفاسير خاطئة، فهل من حدود للحرية في البحث والتحليل الكتابي؟"

وقال: "كيف نستطيع أن نشجع اللجوء إلى شتى الفنون والعلوم الإنسانية والمعطيات العلمية والثقافية، دون أن تتعارض هذه مع التعليم الإلهي الموحى به للكنيسة؟ وكيف يستطيع الكتاب المقدس اليوم أن يعرف الإنسان على أن الله محبة في مجتمع يكرس تعسف السلطة والعبودية المادية؟"

ورأى "ان الكتاب المقدس رسالة حول معنى الوجود، والحياة والألم والموت، هو رسالة حب، وتحرير الانسان من قيود الخطيئة، والتحدي الأساسي الذي يدعونا إليه هو عيش الاختبار الشخصي مع كلمة الله؛ فلا نستطيع أن نفهم الكتاب المقدس إلا من باب هذا الاختبار - بالروح والجسد، وهو يفرض على المؤمن اليوم ثلاث أولويات أن يعيش: العمق، الإبداع وحياة في الروح".

وقال: "في العمق، نسأل في عالم يصبح أكثر فأكثر سطحيا، وفي مجتمع يكرس "عولمة السطحية"، ما هي الأجوبة الحقيقية والمتماسكة التي يمكن أن يعطيها الكتاب المقدس بالنسبة إلى مسائل خطيرة، كالعائلة والأخلاقيات والحوار المسكوني والتطرف الديني، إلخ...؟

وفي الإبداع، رأى أن " نظام العصر لا يقود - وهذا واضح - إلى الإبداع. لذلك هناك مزيد من العنف"، مشيرا الى انه قرأ مؤخرا أن الذين ليس لديهم تخيل هم أكثر استعدادا لاستعمال العنف لأنهم لا يرون إمكانية أخرى. وما يبقى غير القبضة والقوة كي يفرضوا ذواتهم. من هنا تأتي ضرورة الإبداع، فكيف نستطيع أن نستلهم من الكتاب المقدس فن الإبداع في مجالات العمل الاجتماعي والتربوي والراعوي،..."

وعن حياة في الروح، قال: "ليس علينا - أظن اليوم - أن نقول حياة روحية لأنها ليست قطاعا من حياتنا، كل حياتنا هي حياة في الروح، و"أن نرى الله في كل شيء" (مار اغناطيوس دو لويولا) و"ما من شيء دنيوي للذي يعرف أن ينظر" (الأب تيار دو شاردن اليسوعي)..."

وتابع: "يستطيع الكتاب المقدس أن يساعدنا على التفوق في جميع أعمالنا، أن ننظر إلى أفق بعيدة لا إلى أفق ضيقة، على إخراج كل ما في داخلنا، على أن نحلم أحلاما كبيرة وأن نغير العالم".

وختم بالقول: "اليوم في جامعة الغريغوريانا بروما، دشن اليسوعيون مادة جديدة باللاهوت عنوانها: "cyber theology" أو "اللاهوت الافتراضي" أو "السيبراني": لماذا؟... لأن الإنترنت وثقافة ال"نت وورك" يطرحان تحديات جديدة في طريقة نقل البشارة بلغة مطابقة مع عصرنا... أصبح عالم الإنترنت يؤثر على طريقة التفكير والتعليم والتواصل والعيش، ويجب علينا معالجة مسألة فهم الإيمان إنطلاقا من عالم الشبكة الإلكترونية ومنطق ال"نت وورك"، وهذا ما يفترض على لغة الأنجلة الجديدة أن تبحث فيه...".

وتحدث الأب أنطوان عوكر عن "الكتاب المقدس بين العقائد الإيمانية والصلاة" فقال:
"يدخل الموضوع في إطار واسع هو دور الكتاب المقدس في حياة المؤمن على مختلف المستويات وسوف أحصر الموضوع بين خطين كبيرين: الأسس العقائدية وطرق الصلاة".

أضاف: "في مرحلة أولى تبين أن الكتاب المقدس هو جزء من تقليد كنسي، وهو في الوقت عينه كلمة الله وكلمة كتاب ملهمين".

وتحدث عن المجامع المسكونية وتحديد العقائد، فقال: "الكتاب المقدس أساس في تحديد العقائد الإيمانية ودحض الهرطقات، ولآباء الكنيسة دور أساسي أيضا في تحديد العقائد، وخصوصا الآباء المدافعون عن صحة الإيمان".

واكد ان "الكتاب المقدس صلاة أيضا، والعودة إلى الجذور تظهر استعمال الكتاب المقدس في الليتورجيات (القديمة والحديثة) (القراءات والأناشيد)".

وفي الختام قال: يجدر بنا أن نتوقف عند موضوعات أخرى ومنها كيفية استعمال الكتاب المقدس في: الأخلاقيات، والعمل الرعائي والوعظ، وفي الحوار المسكوني..."  

  • شارك الخبر