hit counter script

مقالات مختارة - شارل جبور

10 نتائج للضربة العسكرية

الأربعاء ١٥ آب ٢٠١٣ - 08:22

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

كل المؤشرات تؤكد أنّ الضربة العسكرية للنظام السوري حُسمت وأنّ الباقي يتصل بحجمها والتوقيت. والنتائج التي ستترتب على هذه الضربة تكمن في الآتي:

أولاً، التدخل يجرّ تدخلاً، وبالتالي يكفي كسر القاعدة لتكرّ السبحة، إذ إنّ العقبة تكمن باستمرار في الخطوة الأولى والضربة الأولى، ومجرد أن يتم تجاوز كل التعقيدات الدولية والعملية والنفسية التي أحاطت بهذه الضربة يعني جعل أيّ ضربة أخرى مسألة بديهية وعادية وطبيعية.

ثانياً، الضربة العسكرية هي سياسية قبل أن تكون عسكرية، إذ إنها ستكسر مبدأ عدم التدخل الخارجي في سوريا لصالح التدخل، وما قبلها سيكون غير ما بعدها، وستشرّع الباب أمام مرحلة سياسية جديدة يبدأ معها العدّ العكسي لسقوط النظام السوري.

ثالثاً، الضربة العسكرية مهما كان حجمها ستولّد دينامية عسكرية وديبلوماسية، وتشكل تطوراً تأسيسياً في الملف السوري.

رابعاً، الضربة العسكرية تعني أنّ التوازن الذي نجحت روسيا في إقامته دولياً بتعطيل أيّ قرار يشرّع التدخل في سوريا، إنكسر لصالح المحور الداعم لهذا التدخل. وفي معزل عما إذا كان تجاوز موسكو ينطوي على صفقة أو فرضته الأحداث المتصلة بالكيماوي، إلّا أنّ النتيجة تبقى واحدة.

خامساً، الضربة العسكرية تؤدي إلى إحراج إيران التي ويلها إن ردت أو لم ترد. فإذا ردت مباشرة أو غير مباشرة، أي بواسطة "حزب الله"، تكون انزلقت إلى مواجهة ليست لمصلحتها في التوقيت (الوضعان المأزومان للنظام السوري و"حزب الله" وانتخاب حسن روحاني) والمضمون (تصوير دفاعها العسكري عن النظام المتهم باستخدام الكيماوي وكأنه دفاع استباقي عن سلاحها النووي)، ما يجعل إسرائيل تستغلّ ضعف النظام والحزب في آن، والتذرّع بالكيماوي، واللحظة الدولية المؤاتية لتسديد ضربتها المنتظَرة لطهران.

وفي حال لم ترد إيران واكتفت بالوعيد والتهويل على طريقة النظام السوري عندما يُستهدف من إسرائيل، فإنها ستعطي إشارة وهن وضعف، وهذه الإشارة ستنعكس إحباطاً وتململاً، وتشجع على ضربات أخرى.

سادساً، الضربة العسكرية تعزّز المحور الإقليمي الداعم للمعارضة السورية الذي نجح أخيراً في إبعاد الإخوان في مصر، وتحقيق تقدم على الأرض في سوريا، وإقامة توازن رعب وللمرة الأولى مع محور الممانعة في لبنان.

سابعاً، الضربة العسكرية تمنح المعارضة السورية جرعة دعم معنوية وعملية. فعلى المستوى المعنوي تعطيها الأمل ببداية مرحلة جديدة تطوى معها صفحة غضّ النظر الدولي الذي دفع الشعب السوري ثمنه من لحمه الحيّ.

وعلى المستوى العملي تزخم الضربة المتوقعة الاندفاعة العسكرية للمعارضة السورية التي رُفع عنها أخيراً حظر التسلّح. وما ينطبق في هذا المجال على طرف لا ينسحب على الطرف الآخر، بمعنى أنّ جرعة المعنويات للمعارضة يقابلها جرعة إحباط للنظام والمحور الذي ينتمي إليه.

ثامناً، الضربة العسكرية تسرّع في الحلّ السياسي، أو ما يعرف بـ"جنيف 2"، هذا الحل الذي كان يعوقه عاملان: الممانعة الروسية والأوضاع الميدانية، وبالتالي كسر الستاتيكو الديبلوماسي والعسكري يسرّع في الذهاب إلى طاولة المفاوضات، خصوصاً إذا كانت الضربة واسعة وقوية.

فالمراوحة داخل سوريا جريمة ترتكب يومياً بحق الشعب السوري، وبالتالي يجب وقف هذا النزف المتواصل من خلال عملية نوعية تعيد خلط الأوراق، وتدفع بالأمور نحو التسوية التي تُخرج النظام من الحكم وتعيد ترتيب البيت السوري على قواعد جديدة.

تاسعاً، الضربة العسكرية تفتح أفق الحل في المنطقة لا الحرب، والتهديد بإشعال المنطقة لا يخرج عن سياق التهويل، لأنّ إيران لن تفتح حرباً عبثية ولن تنتظر سقوط النظام لإبرام تسوية تتصل بدورها الإقليمي بعد فقدانها الورقة السورية، ما قد يحرّك الملف اللبناني باتجاه الحلّ بالتزامن مع الحل الفلسطيني-الإسرائيلي.

فمحور الممانعة لن يتجرّأ على استهداف إسرائيل وتركيا، لأنّ استهدافهما يسرّع في سقوط النظام السوري، وبالتالي أقصى ما يمكن أن يقوم به هو التفجير في لبنان، هذا التفجير الذي أصبح حتى بالنسبة إلى النظام سيفاً ذا حدين، إذ إنّ استخدامه الساحةَ اللبنانية للرد على الضربات العسكرية الغربية سيؤدي إلى تعطيل دور "حزب الله" في سوريا نتيجة استنفاره الإستثنائي في لبنان، فيما النظام سيكون بعد الضربة الغربية بأمس الحاجة لكلّ جندي من الحزب كون المواجهة الميدانية ستستعر سورياً.

عاشراً، الضربة العسكرية ربطاً بالكيماوي تشكل رسالة قوية لإيران بأنّ المجتمع الدولي قادر أن يغضّ النظر عن مجازر وحروب أودت بأكثر من 120 ألف ضحية، ولكنه في غير وارد التهاون بمسألة استخدام أسلحة ممنوعة ومحظورة ولو أودت بعشرات المواطنين، فكيف بالحري بأكثر من 1400 شخص؟ وبالتالي ستُعيد هذه الضربة ترسيم الخطوط الحمر مع إيران وتذكيرها بأنه في حال تجاوزها لن يكون مصيرها أفضل من مصير النظام السوري.

وبناءً على ما تقدم، الضربة حتمية، وحصولها يؤكد أنّ الأمور نضجت سياسياً وديبلوماسياً، وأنّ الدينامية التي ستولدها ستقلب الأمور رأساً على عقب، وأنّ رد محور الممانعة لن يخرج عن السياق التهويلي...

  • شارك الخبر