hit counter script
شريط الأحداث

باقلامهم - القسيس د. ادكار طرابلسي

الوحش يحكم العالم

الجمعة ١٥ حزيران ٢٠١٣ - 09:54

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ما الذي يحدث في عالمنا اليوم؟ يرى، من يقرأ المشهد السياسي العام والتحولات السريعة في هذه المرحلة، أن عالمنا يتجه إلى ظهور "الوحش" الساعي إلى حكم العالم. من هو هذا الوحش؟ أهو رجل أم نظام سياسي يتمكّن من طرح نفسه حاكمًا مطلقًا للعالم فيتحكّم بناسه وباقتصاده؟ يُجيب الكتاب المقدّس بأنّ الوحش سيكون رئيسًا ينحني أمامه حكّام العالم ويُسلّمون إليه رأيهم وقدرتهم وسلطانهم (رؤيا 17: 13). يكشف البحث في هذه النبوة عن أمور عجيبة تسبق ظهور الوحش يتداخل فيها الديني مع عالم السياسة والاقتصاد والدول والنزاعات.
ويشكّل تنازل هؤلاء القادة عن رئاستهم خروجًا طوعيًّا عن مبدأ سيادة الدولة الوطنيّة الذي رسم خارطة العالم المعاصر. وسبق لأيديولوجيّات عدّة أن ولّدت تجمعات سياسيّة كبرى منها الولايات المتحدة الأميركيّة والاتحاد السوفياتي السابق والاتحاد الأوروبي وحاليًّا تجمّع دول البريكس. فإلى أين ستصلّ هذه المحاولات؟ هل تقود "البازل" (Puzzle) العالمي إلى ظهور ملك الشمال وملوك الشرق والجنوب الذين حكت عنهم النبوة؟ هذا ما ستُخبرنا به الأيام المقبلة.
نسأل: أين سيحكم الوحش؟ تُشير النبوّة إلى أن مضماره المباشر هو ما بين أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فـالنصُّ الرؤيوي يُلمح بوضوح إلى "روما" المبنيّة على سبعة جبال. ويُظهر ما حصل في العقود الأخيرة أنّ القوّة في الغرب تميل إلى وضع كلّ قدراتها في يدي رجل واحد. والسيناريو الحالي يقول أن أوروبا تسير خلف البيت الأبيض. فهل يقبع الوحش في البيت الأبيض أو في أوروبا؟ يزول الفرق بينهما إن عرفنا أن أميركا هي ابنة أوروبا. وما تجربة هتلر في القارة القديمة سوى محاولة لفرض زعامة رجل واحد على الجميع. وما الحروب الأخيرة التي قادها زعماء البيت الأبيض في يوغوسلافيا وافغانستان والعراق وغيرها من البلدان إلاّ خروجًا على بروتوكولات السياسة الدوليّة التي تحترم سيادة الدول، وتظهيرًا لقيادة فرد يتسلّط على العالم.
يقول النص النبويّ أن هؤلاء الملوك سيُخضِعون حكمهم طوعًا لقيادة الوحش. وسيقفون وراءه. ونسأل ما هو الدافع من وراء تنازل هؤلاء عن سيادتهم ليملك عليهم شخص واحد؟ تتبلور أمامنا ظروف قاسية ستقود هؤلاء نحو الاذعان لهذا القائد العالميّ. ولن تسمح بعد الآن الانهيارات الاقتصادية والضائقات الماليّة في الكثير من دول أوروبا وخارجها باستمرارها دولاً مستقلّة بالمعنى الكامل للكلمة. فتحكّم الكارتيلات وأصحاب الرساميل الأسطوريّة في مسار الدول وتأثيرهم على اللعبة الديمقراطيّة وإفسادها سيلعب دورًا حاسمًا في اختيار حكّام يعجزون عن حكم شعوبهم بمنطق الدولة السيّدة. أمّا رداءة عدد غير قليل من السياسيّين والحكّام المنتخبين في البلدان الديمقراطيّة العريقة فتُساويهم بزعماء العالم الثالث الفاسدين وتضعهم في موقع العاجز عن اتخاذ مواقف مستقلّة تجاه القوّة العالميّة القائدة. الخوف من الارهاب العالمي يقود العالم الغربي إلى التكتّل لمواجهته. وباسم محاربة الارهاب زالت الحدود بين الدول، وصارت الحكومات الوطنيّة مُجرّد مجالس بلديّة ضخمة تهتمّ بشؤون مواطنيها الحياتيّة والصحيّة والتربويّة، فيما سُلّم الملفّ الأمني إلى قيادة موحّدة تُمسك بزمامه بدقّة.
العالم اليوم مهيّأ ليقبل قيادة الوحش. و"الوحش" في النص الرؤيويّ شخص جبّار يحكم العالم ويصنع عجائب اقتصاديّة وسياسيّة عظيمة ويقوده في مواجهات مع مَن لا يخضع له (رؤيا 13 و17). والقصّة لا تنتهي هنا. فالوحش لن يقدر على إخضاع ملك الشمال ولا ملوك الشرق والجنوب. وتحتدم المواجهة على مسرح النبوّة في محيط المدينة المقدسة. ما سيكشفه المستقبل يبدو مثيرًا للغاية.
 

  • شارك الخبر