hit counter script

أخبار محليّة

الراعي: ليحرك الله ضمائر المسؤولين في الدول كي يحدوا من نشر السلاح

الأحد ١٥ كانون الأول ٢٠١٢ - 12:10

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

رأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في كابيلا القيامة في الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي، عاونه الأساقفة سمير مظلوم، بولس الصياح، منير خير الله ولفيف من الكهنة، وخدمته جوقة "فرق السيدة".

حضر القداس النائب نعمة الله أبي نصر على رأس وفد من جامعة آل ضو، السفيرة الاميركية في لبنان مورا كونيللي، القنصل العام في السفارة ساره بلمان، سفيرة المنظمة العالمية لحوار الاديان والحضارات في العالم الدكتورة سلوى غدار يونس، أعضاء مجلس كاريتاس لبنان الجدد مع رئيس الرابطة الخوري سيمون فضول، أعضاء فرق السيدة،العديد من الفاعليات السياسية والنقابية والاجتماعية والانسانية.

بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان:"ميلاد يسوع المسيح، ابن داود، ابن ابراهيم"، تحدث فيها عن معاني الأسرة والعائلة ودورهما في الحياة البشرية، ومما جاء فيها:" في الأحد السابق للميلاد، تذكر الكنيسة سلسلة نسب يسوع إلى العائلة البشرية، وهي ترمز إلى مسيرة الأجيال التي هيأت مجيء المسيح المخلص والفادي، ابن الله الذي تأنس في ملء الزمن، وسكن بيننا إنساناً مثلنا، ليسير بنا إلى الله ويصيرنا أبناءه وبناته المولودين بالإيمان. نقطة وصول السلسلة إلى يسوع المسيح تعني أن تاريخاً جديداً وإنساناً جديداً يبدأ معه، ويتحقق فيه وعد الله لابراهيم ولداود، وينتقل من جيل إلى جيل بواسطة الأسرة التي هي محط تجليات عمل الله. إذا واصلنا كتابة هذه السلسلة، لوجدنا ذواتنا حلقات فيها. هذه هي قيمة العائلة وأهمية راعويتها، وقيمة مولود فيها، ما يقتضي حماية كل كائن بشري منذ تكوينه في حشا أمه حتى نهاية حياته الطبيعية".

أضاف:"يسعدنا أن نرحب بكم جميعاً ونحييكم، وقد أتيتم من مختلف المناطق، وبنوع خاص فرق السيدة ومجلس - كاريتاس لبنان وأركان السفارة الأميركية. نحيي أولاً فرق السيدة بلبنان، الحاضرة معنا. وهي حركة مسيحية عالمية تعنى بتعزيز روحانية الأزواج من أجل إسعادهم في حياتهم الزوجية والعائلية وعيش تعليم الإنجيل والقيم المسيحية بصورة أفضل. تشدد الحركة على روح التعاون بين الأزواج، وعلى رسالتهم بأن يكونوا خميرة صالحة في المجتمع والكنيسة، وعلى دعوتهم للسير في طريق القداسة بنعمة سر الزواج المقدس.
تعيش فرق السيدة هذا الالتزام وفقاً للشرعة الخاصة بهم المعروفة بالعهد. تُسمى "فرق" لأن كل فرقة تتألف من سبعة أزواج يرافقهم كاهن مرشد، فيلتزم الزوجان بالإصغاء الدائم إلى كلمة الله، والصلاة معاً، والحوار الزوجي الوجداني تحت نظر الرب مرة كل شهر، وكشف حساب سنوي عن حياتهما الزوجية والعائلية خلال رياضة روحية يقيمانها كزوجين. والكل تحت شعار: حياة مشاركة بالصلاة والتعاون الأخوي الصادق".

وتابع:" إننا نبارك هذه الحركة ومثيلاتها من الحركات والمنظمات المعنية بروحانية الزواج والعائلة. فهي تلبي حاجة ماسة في عالم اليوم الذي تسوده الروح الاستهلاكية والمتعة والمادية والعلمانية السلبية. أما مستقبل المجتمع والكنيسة فمرتبط بالعائلة، التي هي من تأسيس إلهي. فاجتماعياً، هي الخلية الحية والمدرسة الطبيعية الأولى للتربية على القيم الأخلاقية والانسانية والاجتماعية. ومسيحياً، العائلة كنيسة بيتية تنقل الإيمان وتعلم الصلاة، وتسهر على القيم الروحية. ولذلك تشدد الكنيسة في الإرشاد الرسولي "الكنيسة في الشرق الأوسط، شركة وشهادة"، الذي سلمنا إياه قداسة البابا بندكتوس السادس عشر أثناء زيارته إلى لبنان، على تعزيز راعوية الزواج والعائلة، وعلى إنشاء مراكز تحضير للزواج في كل أبرشية وفقاً للبرنامج المطروح رسمياً وإنشاء مراكز إصغاء لمواكبة الأزواج في حل المعضلات والنزاعات التي يتعرضون لها".

وقال:" بانتماء يسوع ابن الله إلى العائلة البشرية، فقد قدسها وأعطاها قيمة ودوراً في التاريخ البشري وفي تحقيق تاريخ الخلاص، وأدرجها في عمق عهد الله مع شعبه والجنس البشري. ولقد كان هو نفسه بحاجة كإنسان أن يتربى في عائلة، كما يقول عنه الإنجيل، "وينمو بالقامة والحكمة والنعمة أمام الله والناس"(لو2: 51).

أضاف:" نرحب ثانيا بأعضاء مجلس كاريتاس – لبنان الجدد الذين انتخبهم مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في دورته السنوية في أوائل هذا الشهر، وقد حضروا مع رئيس الرابطة الخوري سيمون فضول الذي جدد له المجلس لولاية ثانية. إنهم يقسمون اليمين في هذه الزيارة، بأن يقوموا بخدمة المحبة، عبر رابطة كاريتاس - لبنان كجهاز للكنيسة في الخدمة الاجتماعية والانمائية والراعوية. إننا نغتنم هذه المناسبة لنعرب عن تقديرنا لما تقوم به كاريتاس من نشاطات ومشاريع ومساعدات في خدمة المحبة الاجتماعية. ونشدد على دعم المحسنين لها، وتقديم التبرعات، وبنوع خاص في حملتها السنوية. إن كاريتاس - لبنان ومثيلاتها من المنظمات الإنسانية والاجتماعية تتيح الفرصة للجميع أن يعيشوا من خلالها دعوة المسيح لنا لخدمته عبر الجائع والعطشان والمريض والشريد والغريب والسجين الذين تماهى معهم وقال: "كلما تفعلونه لإخوتي هؤلاء الصغار، فلي فعلتموه"(متى25: 40).

وتابع:" نرحب ثالثا بأركان السفارة الأميركية في لبنان، سفيرة الولايات المتحدة السيدة (Maura Connelly) والسيدة ساره Bellman القنصل العام، وبعض العاملين فيها. إننا نذكر بالصلاة في هذه الذبيحة المقدسة ضحايا المجزرة التي أصابت وجدان أميركا في الصميم، وأثارت المشاعر الإنسانية في العالم كله. وقد حدثت في مدرسة Sandy Hook الابتدائية بمدينة Newton الأميركية، في منتصف هذا الشهر، حيث ارتكب شاب بعمر عشرين سنة جريمة قتل حصدت عشرين طفلاً وطفلة تتراوح أعمارهم بين ست وسبع سنوات، وست معلمات، ثم قتل نفسه وكان قبل الجريمة قد قتل أمه. إننا نقدم هذه الذبيحة الإلهية لراحة نفوسهم، ونعزي السفارة الأميركية، ومن خلالها السلطات والشعب الاميركي وأهالي الضحايا البريئة. يذكرنا قتل هؤلاء الاطفال، في زمن الميلاد، مقتل أطفال بيت لحم. فندعو أهلهم لأن يستمدوا عزاءهم من الطفل الإلهي الذي يقيم أحباءهم لمجد السماء، كملائكة جدد، يسبحون الله ويشفعون بأهلهم، وبالبشرية المتألمة التي تقع ضحية العنف والحروب وتفشي السلاح".

وقال:" لا يحق أن تمر هذه المجزرة كحدث عابر، له تأثيره الآني فقط، بل ينبغي على المسؤولين في العالم وفي كل دولة أن يضعوا حداً للغة السلاح والعنف والحرب، ولارتكاب جرائم الاعتداء على الحياة البشرية بالقتل والبتر والتشريد التي هي كلها ضد الله، سيد الحياة والموت وحده، وضد الإنسانية. فلا يوجد أي مبرر لهذه الاعتداءات، من أي جهة أتت. فوصية الله واضحة وغير مشروطة: "لا تقتل". وأضاف عليها المسيح الرب كل اعتداء على كرامة الشخص البشري، معتبراً إياها مثل جريمة قتل. إننا نصلي، إذ نضم ذبيحة الأطفال ومعلماتهم إلى ذبيحة يسوع المسيح لفداء العالم، لكي يحرك الله، بصوت دمائهم الصارخ إليه، ضمائر المسؤولين في الدول لكي يحدوا من نشر السلاح، ويضبطوه، ويبذلوا كل جهد من أجل حل النزاعات بالطرق السياسية والديبلوماسية، بعيداً عن العنف والحرب، ولكي يكفوا عن مساندة الإرهابيين والرديكاليين والأصوليين".

وتابع:" بالعودة إلى إنجيل اليوم، يقول قداسة البابا بندكتوس في كتابه الأخير "طفولة يسوع"، أن سلسلة نسب يسوع تجيب على السؤال الأساسي الذي طرحه بيلاطس على يسوع: "من أين أنت؟"(يو19: 9). وهو سؤال يُطرَح من الناس كلَ يوم حول شخص يسوع، حول أصله. ويُضاف إليه سؤال يسوع للتلاميذ في قيصرية فيلبس: "مَن يقول الناس إني أنا؟ وأنتم مَن تقولون إني أنا؟"(مر8: 27).

وقال:" لائحة الأسماء ترتكز على اسمين أساسيين: إبراهيم وداود. مع أبراهيم بدأ تاريخ الوعد، بعدما تبددت البشرية في أعقاب بلبلة برج بابل. وأصبح إبراهيم يدل إلى ذاك الذي يجب أن يأتي. خروج إبراهيم من أرضه ومسيرته الإيمانية إنما هي خروج من الحاضر وسير نحو المستقبل، الذي هو يسوع المسيح. هكذا حياتنا على وجه الأرض بحث دائم عن وجه المسيح الذي من خلاله ينكشف لنا وجه الله، ووجه الإنسان. عن مسيرة إبراهيم الإيمانية، نقرأ في الرسالة إلى العبرانيين: "بالإيمان أطاع إبراهيم، لما دعاه الله، فخرج وهو لا يدري إلى أين يذهب... أقام في خيام... لأنه كان ينتظر المدينة ذات الأساسات الثابتة، التي صانعها ومبدعها هو الله"(عب 11: 8-10). هذه المدينة الثابتة هي ملكوت الله الذي بدايته الكنيسة، سر شركة الاتحاد بالله، وشركة الوحدة بين جميع الناس.
الوعد لإبراهيم أن "به ستتبارك جميع قبائل الأرض"(تك18: 18) تحقق بيسوع المسيح. فالتاريخ الذي ابتدأ مع إبراهيم كان موجها كله إلى المسيح، الذي بعد قيامته من الموت، أرسل تلاميذه "ليتلمذوا جميع الأمم"(متى28: 19). نسب يسوع يدل على شمولية رسالته الخلاصية".

أضاف:"أما داود فهو الملك الذي كان له الوعد بمملكة أبدية: "عرشك يثبت إلى الأبد"(2صم7: 16). على أساس هذا الوعد كانت هيكلية نسب يسوع بأقسامها الثلاثة وأجيالها الأربعة عشر. بحيث تنطلق من حركة إنحدارية من إبراهيم وداود، فمن سليمان حتى النفي الى بابل، ثم تنطلق من جديد حتى يسوع الذي يبلغ فيه الوعد تمامه. فهو الملك الذي يثبت ملكه إلى الأبد، والذي هو مختلف تماما عما كان ينتظر".

وختم:" تشكل الأقسام الثلاثة هيكلية لاهوتية – رمزية، تعني أن مع يسوع بلغ ملء الزمن وبدأت الساعة الحاسمة للتاريخ الكوني: فهو آدم الجديد الآتي من الله، وهو ابن الله وابن الإنسان الذي تبدأ معه البشرية من جديد. فكما هو انتسب إلى العائلة البشرية، ينبغي على كل إنسان أن ينتسب إلى الحياة الإلهية بيسوع المسيح وفعل الروح القدس.
فيما نحن ملتزمون بتطبيق الإرشاد الرسولي: "الكنيسة في الشرق الأوسط، شركة وشهادة"، فإنا نعمل على بناء العائلة الوطنية والبشرية في الوحدة والتضامن والسلام، لا سيما في لبنان وبلدان الشرق الأوسط، حيث المسيح ابن الله انتمى إلى عائلة البشر، لكي يُشرك البشر في حياة الله الثالوثية في هذه الدنيا وفي الآخرة. له المجد مع الآب والروح القدس إلى الأبد، آمين".  

  • شارك الخبر