hit counter script

أخبار محليّة

مؤتمر المواقع الدينية الاثرية والتاريخية في لبنان

الخميس ١٥ كانون الأول ٢٠١٢ - 14:40

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 

نعقد المؤتمر الوطني الأول عن "المواقع الدينية الأثرية والتاريخية في لبنان بين مسؤولية الدولة وواجب الأوقاف"، بدعوة من بطريرك أنطاكية والاسكندرية وسائر المشرق وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام في المركز العالمي لحوار الحضارات - لقاء، في مقره الرئيسي في الربوة - قاعة الاحتفالات الكبرى، برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ممثلا بوزير الثقافة غابي ليون.
 
حضر المؤتمر اضافة الى ممثل الرئيس سليمان الوزير ليون، النائب ميشال موسى ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، الرئيس أمين الجميل، البطريرك لحام، البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان ممثلا نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن.
 
كما حضر الرئيس حسين الحسيني، رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون، وزراء: الداخلية والبلديات مروان شربل، الاتصالات نقولا صحناوي، الخارجية عدنان منصور والبيئة ناظم الخوري، السفير البابوي غبريال كاتشا، النواب: مروان فارس، آغوب بقرادونيان، نبيل نقولا وسليم سلهب، العقيد الركن علاء الدين ناجي ممثلا قائد الجيش العماد جان قهوجي، رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي جان فهد، انطوان ابو خاطر ممثلا رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي روجيه نسناس، المدير العام لوزارة الصناعة داني جدعون، مدير عام التجهيز المالي والكهربائي ناجي اندراوس، مطران السريان الارثوذكس في جبل لبنان المطران جورج صليبا، وحشد من المطارنة ورجال الدين والرهبانيات والشخصيات الفكرية والفنية والاجتماعية والتربوية والاعلامية.
 
بدأ الاحتفال بالنشيد الوطني عزفته موسيقى قوى الامن الداخلي بقيادة المقدم زياد مراد بعده نشيد المؤتمر ثم الوقوف دقيقة صمت لغياب المغفور له البطريرك أغناطيوس الرابع هزيم الذي كان من المقرر أن يلقي كلمة في المؤتمر.
 
ثم القى مدير العلاقات العامة والإعلام في المركز العالمي لحوار الحضارات - لقاء، الأرشمندريت شربل الحكيم كلمة رحب فيها "بأهل الإيمان والمحبة وأصحاب المواقف الوطنية الجامعة الذين لبوا الدعوة". وتوقف عند "غياب رجل كبير خسره لبنان ألا وهو البطريرك أغناطيوس الرابع هزيم سيد الكلمة التوحيدية"، وقدم بالصوت والصورة بعضا من مواقفه وفاء لذكراه. 
 
وأكد الأب الحكيم أن "انعقاد هذا المؤتمر هو تحد لنا جميعا يتطلب منا وضع خطة عمل لرفع التعدي عن المواقع الدينية والأثرية التي لها علاقة بماضينا وحاضرنا لأنها مجد لبنان الحقيقي ووجهه الحضاري".
 
وبعد كلمة عريف الاحتفال الإعلامي وليد عبود مرحبا بالحضور، عرض فيلم موثق عن المواقع والأماكن الأثرية الدينية في لبنان.
 
وتحدث وزير البيئة، مستهلا كلمته بأبيات للشاعر سعيد عقل التي تحكي "قصة مجد تحت كل حبة تراب من لبنان"، ونوه بما قام به رئيس مجلس النواب نبيه بري "بحمله ملف قانا الجليل إلى الفاتيكان في عهد البابا يوحنا بولس الثاني ومطالبته حماية هذا الصرح الديني، التي نالت إجماع اللبنانيين على مختلف دياناتهم وأثبتوا أنهم عائلة واحدة وأن أرضهم وخصوصا الجنوب تفاخر بأن تكون أرضا مقدسة وطأتها قدما السيد المسيح واجترح فيها أولى أعاجيبه". 
 
وأكد الخوري "ان الاهمال المتراكم أدى إلى إلحاق الضرر والأذى بمعظم المواقع الأثرية الدينية"، وقال: "ليس بعيدا عن بلدة قانا يوجد في مغدوشة مقام ديني هام ألا وهو مزار "مغارة سيدة المنطرة" وقد سميت كذلك لأن السيدة العذراء انتظرت فيها عودة السيد المسيح الذي كان يقوم بجولة مع تلاميذه في ضواحي صيدا وصور. وإن هذا المزار يشكو ويعاني من الإهمال والتهميش وإن العديد من المواقع والمزارات الدينية والتراثية الأخرى ليست بحال أحسن". 
 
ولفت الى "توجه خاص من قبل الهيئات الرسمية والأهلية والدينية لتنشيط السياحة الدينية والبيئية التي أضحت اليوم رافدا يعتمد عليه في دعم الاقتصاد الوطني"، مثنيا على "الجهود المبذولة من قبل المركز البطريركي العالمي لحوار الحضارات، من أجل إعداد وتنظيم هذا المؤتمر الوطني الهام، لبحث ودراسة موضوع المراكز والمواقع الدينية التاريخية المهملة والمهمشة وللتأكيد على دور لبنان الوطن النموذج في رسالته الإنسانية وغناه وتنوعه الديني والحضاري".
 
من جهته، أشار وزير الداخلية شربل إلى أن "مبادرة البطريرك لحام للتطرق إلى هذا الموضوع جديرة بالتقدير كونها ترسخ تعلق اللبنانيين بالقيم والمثل التي تحمي الشراكة بين نسيج مجتمعه"، وقال: "هذه الآثار شاهدة على عظمة تراثنا اللبناني الذي لا يضاهيه بهذا التمايز التاريخي والثقافي أي بلد في العالم".
 
 
اما وزير الاتصالات فلفت في كلمته الى أن "عدد زائري سيدة لبنان في حريصا يصل إلى مليون ومئتي ألف زائر سنويا، وسبعائة ألف يحجون إلى أضرحة القديس شربل في عنايا ورفقا في جربتا ونعمة الله الحرديني في كفيفان". وتطرق إلى "قانا الجليل في الجنوب ومفاخرة اللبنانيين أن السيد المسيح صنع أولى معجزاته في قانا الجليل وفي أجرانها الخمرية المقدسة".
 
 
وزير الإعلام وليد الداعوق الذي أرسل كلمته من الصين، أكد أن "بيروت ام الشرائع ولؤلوة البحر الابيض المتوسط، يزخر وسطها بمعالم دينية اثرية، لها رمزيتها وتراثها، وهو يشكل ملتقى اللبنانيين من جميع الطوائف والمذاهب. ويضم عشر كنائس تمثل كافة الطوائف المسيحية، وستة جوامع، وكنيسا يهوديا"، معتبرا "انها الرمزية الرائعة لتعايش الاديان والحضارات، وفيها سحر تاريخي، ويسكنها سر من اسرار الصيغة اللبنانية الفريدة، التي اصبحت مثلا يحتذى ومثالا للعيش المشترك ونموذجا حضاريا للعالم اجمع".
 
وأعلن "اننا في وزارة الأعلام، وبالتعاون مع الوزارات المعنية، سنعمل للحفاظ على قوة وحضور هذه المواقع الدينية والعبادية في حياة اللبنانيين، وربطهم بتاريخهم ضمن خطة عمل ومشهد إعلامي متنوع المضامين من خلال وثائقيات تعتمد النص والصورة، وتقدم المعلومة التوثيقية. هذا هو دور الاعلام من خلال الاضاءة على هذه المعالم وضرورة الحفاظ عليها بأمانة ومنع العبث بها، وتشجيع مبادرات القطاع الخاص لتتلاقى مع جهود القطاع العام، في ورشة تشاركية وتكاملية بين المجتمع المدني والادارات الحكومية المعنية، والاعلام العام جزء اساسي في التوعية وتعميم ثقافة الحفاظ على التراث ونشره، بالتعاون مع الاعلام الخاص الحريص على هذه المعالم حرصه على قيمه ومبادئه ورسالته".
 
كلمات رؤساء الطوائف بدأها شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ حسن ذكر فيها المقامات الخاصة بالموحدين الدروز في لبنان والتي تعتبر من المزارات الأقدم لهم في لبنان، وتختزن حافظة في ذاكرتهم، والتي تحرك في النفوس المبادرة إلى أعمال الخير لما لها من تأثير في نفوسهم. ونوه بالمزيج الذي أذهل العالم بفراداته موصيا الجميع بالمحافظة على هذه الفرادة.
 
 
ونوه المفتي قبلان ممثلا نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بدعوة البطريرك لحام لهذا "اللقاء الجامع الذي يجسد مفهوم العيش المشترك ذات الأبعاد الوطنية والدينية"، معتبرا أن "الاهتمام بالمواقع الأثرية الدينية والتاريخية عمل عبادي"، محملا "الرؤساء الروحيين مسؤولية الاهتمام بها لتجعل من لبنان واجهة للسياحة الدينية التي تعمق الصلة بين الإنسان وخالقه".
 
 
كلمة مفتي الجمهورية أوجزت "دور الآثار لناحية الهوية اللبنانية والحقائق التاريخية للعلاقة الإسلامية المسيحية في الشرق تستوجب إعادة قراءة التاريخ لأخذ العبر وتمتين أوامر العيش المشترك"، وقال: "لبنان الغني بتراثه وآثاره وحضارته الروحية الإنسانية، أضفى على مهارات اللبناني عبر العصور، تفوقا تراثيا حضاريا، وأعطى لبنان تميزا خاصا بين أقرانه في المنطقة العربية كلها". 
 
أضاف: "لقد جاءت دعوتكم الكريمة لهذا المؤتمر، بمثابة صرخة مدوية في أرجاء الوطن، أن هيا بنا دولة وأوقافا، لعمل ما ينبغي للحفاظ على الآثار الدينية الروحية مواقع ودور عبادة، وترميمها وتأهيلها، انطلاقا من تسليط الضوء على أهميتها التاريخية والوطنية أولا، ثم بتحفيز المقومات الخلقية والثقافية والمادية الضامنة لديمومة ثروة لا تنضب، ولا يجوز التساهل ولا الإهمال أو التفريط بها ثانيا". 
 
 
ودعا المفتي قباني الدولة الى "التعاون المشترك بينها وبين مؤسساتنا الوقفية"، مؤكدا انها "السياسة الحقيقية الأصيلة، التي يقوم فيها الحاكم والحكومة على رعاية الشعب وتراثه وثقافته وحضارته، وحاضره ومستقبله، وتوفير كل الأسباب العلمية والتقنية والمادية اللازمة لحياته وتطوره". وشكر البطريرك لحام على دعوته إلى "عقد هذا المؤتمر التاريخي المميز فكرة وإعدادا وتنفيذا ورعاية". 
 
 
وتناول الكاردينال الراعي في كلمته "الدلالات التاريخية للاديرة والكنائس والمغاور الدينية المسيحية، ودورها السياسي وأثرها الاجتماعي والثقافي والسياسي في لبنان"، مشيرا الى "ظاهرة إنتشار الأديرة والكنائس والمغاور الدينية المسيحية في كل رقعة جغرافية في لبنان، وهذا التناغم بين المسيحية وطبيعة لبنان التي كان لها دور رئيسي في مسيرة المسيحية فيه، حيث الزهد والنسك ميزاته، والدور العمراني والاجتماعي والثقافي والسياسي التي لعبته هذه الأديرة علت من شأن الإنسان".
 
واشار الى العبرة من "تعرض المسيحية على مر التاريخ في الشرق، حتى في لبنان، للاضطهادات والمضايقات، لذلك تحصنت في جبال لبنان المنيعة الوعرة. كانت المغاور ملاجئ حصينة لها، بل قلاع مقاومة بوجه المعتدين ومحميات طبيعية للحفاظ على الإيمان والدفاع عن قيم السيادة على الذات والحرية والكرامة".
 
كما لفت الى العبرة من اتخاذ الأرض اللبنانية التي يبذل الغالي والنفيس للدفاع عنها والتي تحتضن رفاة أعداد غفيرة من الشهداء معان أكثر من مادية وانتاجية واقتصادية. يتعلق المسيحيون بأرضهم التي باتت تمثل هويتهم وجذورهم وتحمل تراثهم، فكانت الأديار ولا تزال محاور حياتية متعددة الوظائف تتحلق حولها الجماعات المؤمنة، تغذيها بالدعوات والشركاء وتتغدى منها بالروحانية والمثالية ومقتضيات البشرى السارة والتوجيهات الانسانية العامة والخاصة"، مشيرا الى خمسة ادوار لهذه الاديار: الروحي والعمراني والاجتماعي والثقافي والسياسي.
 
وختم مؤكدا ضرورة "إقرار برامج غنية للسياحة الدينية في لبنان، فمن كان لديه تاريخ حي كهذا التاريخ، كيف لا يستخدمه لبناء الأجيال الطالعة وتثقيفها؟". 
 
 
واختتمت الكلمات الروحية بكلمة لصاحب الدعوة البطريرك لحام الذي رحب بالحاضرين. وتغنى "بروح التآخي والعيش المشترك الذي نعيشه في الشارع ومكان العمل والمكتب والوزارة والمدرسة"، معتبرا أنها "خلاصة خبرتنا الروحية في أماكن عبادتنا"، آملا "أن تتطور السياحة الدينية لتؤلف لحمة روحية إيمانية تجمع المواطنين من مختلف الطوائف وبين الطوائف"، معتبرا أنها "مسؤولية مشتركة بين الدولة والكنيسة والجامع". وطالب بأن تكون "أكثر من مجرد سياحة لتتحول إلى حج جامع إلى الإسلام والمسيحية حيث الاهتداء والتلاقي"، مؤكدا "قدسية السياحة الدينية"، ومستذكرا زيارة الإمام المغيب موسى الصدر لدير المخلص ولكنيسته وإلقاء محاضرة فيها.
 
وختم صاحب الدعوة متوجها إلى المشاركين بالمؤتمر موصيا أن تكون إحدى قراراته التحضير لزيارة لمعلم مسيحي وآخر إسلامي ومشددا على متابعة المقررات التي ستصدر على المستويين الوطني والكنسي.
 
وألقى وزير الثقافة كلمة راعي المؤتمر الرئيس سليمان أكد فيها أهمية انعقاد هذا المؤتمر "في لحظة مفصلية من تاريخ منطقتنا التي تشهد تحولات بعضها غير محسوم النتائج". 
 
 
وبارك الرئيس سليمان للبطريرك لحام دعوته إلى هذا المؤتمر الذي "أراده مساحة لحوار الحضارات في زمن أريد له أن يكون حلبة للصدام في ما بينهم"، مشيرا الى ان "انعقاد هذا المؤتمر يأتي تنفيذا للإرشاد الرسولي من أجل الشرق الأوسط الذي أوصى به قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان"، لافتا الى "ان لبنان في أصله واحة من التراكم الحضاري الذي يرجع إلى آلاف السنين".
 
وقال: "قد يكون انعقاد هذه الندوة اليوم، عن "المواقع الدينية والاثرية والتاريخية في لبنان بين مسؤولية الدولة وواجب الاوقاف، وفي لحظة مفصلية من تاريخ منطقتنا التي تشهد تحولات، بعضها غير محسوم النتائج، قد يكون انعقاد هذه الندوة من الاهمية بمكان، ليس لاعادة رسم جغرافيا المواقع والمعالم الدينية فحسب، بل لاعادة تظهير جوانب هامة من تاريخنا، لجهة التأكيد على تنوع مجتمعنا وتعايش الثقافات وتناغمها فيه عبر الاجيال، من زمن الفينقيين حتى يومنا".
 
وختم: "اذ نعرب لكم، بحكم مسؤوليتنا، عن استعدادنا للتعاون الى اقصى الحدود مع الجهات المختصة كافة، الرسمية وغير الرسمية، بالقول والفعل، في كل ما من شأنه ان يسهم في احياء تراثنا الثقافي، نتمنى لهذه الندوة حول "المواقع الدينية" النجاح في ما تهدف اليه، آملين ان تصل في نهاية المطاف الى وضع تصور بل رؤية شاملة وواضحة لما يمكن ان نقوم به معا في هذا المجال".
 
ثم أقيمت على شرف المدعوين الرسميين مأدبة غداء في قاعة الاستقبالات في الربوة.
 
وبعد الظهر، يعقد المؤتمر جلساته الأربع التي أعدت مع وزارة الثقافة. يترأس الجلسة الأولى عميد كلية العمارة والتصميم في سيدة اللويزة الدكتور جان بيار الأسمر بعنوان "مقومات السياحة الدينية في لبنان"، الجلسة الثانية تترأستها عميدة كلية الآداب والعلوم الإنسانية - الجامعة اللبنانية الدكتورة وفاء بري، بعنوان "الآثار والأماكن الدينية"، الجلسة الثالثة يرأسها عميد كلية العلوم السياحية - الجامعة الإسلامية، الدكتور نيكولا كابريال، بعنوان "الآثار الإسلامية بين الدين والعلمنة". اما الجلسة الرابعة فيترأسها الأستاذ في العلوم الاقتصادية البروفسور الدكتور عبده يبرودي بعنوان "الترميم بين حاجة الأوقاف ومعايير الحفاظ على التراث"، على ان تصدر توصيات المؤتمر يوم غد الجمعة. 
  • شارك الخبر