hit counter script

كلمة العماد ميشال عون في العشاء السنوي لهيئة المتن في التيار الوطني الحر

السبت ١٥ أيلول ٢٠١٢ - 12:38

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أقامت هيئة المتن في التيار الوطني الحر عشاءها السنوي في مجمّع الرمال، بحضور دولة الرئيس العماد ميشال عون الذي ألقى كلمة تتطرق فيها الى الوضع الاقليمي والوضع الداخلي، وطمأن الى أن الأمور مضبوطة داخلياً لأن ميزان القوى السياسي يفرض الهدوء ولأن من يريد الفوضى غير قادر على افتعالها. ونصح الذين ينتظرون التغيير في سوريا ويرحبون بحكم الإخوان أن يراجعوا شرعة الاخوان التي تقول "إن الديمقراطية هي ضد الشريعة"، وسألهم إذا كان هذا هو المجتمع الذي يحلمون بالعيش فيه حيث لا وجود لحرية المعتقد ولا حق الاختلاف ولا حرية اختيار الحياة الاجتماعية.
العماد عون الذي لفت الى أن القلق في لبنان متأت من الانفلات الأمني أكثر مما هو متأت من أحداث المنطقة، سأل عن دور القوى الأمنية وعن الإهمال في الممارسة، مشيراً الى التّخريب الموجود داخل المؤسسات والأجهزة في كل القطاعات والى العرقلة المتعمدة لمحاولات إصلاحها.
وفي سياق آخر أعلن عن رفضه أن يكون اللبنانيون خدماً للغرب ولقضاياه، يبيعهم ويشتريهم ساعة يشاء لما فيه مصلحة اسرائيل وتوطين الفلسطينيين.

وفي ما يلي النصّ الكامل لكلمة العماد عون:
أنا سعيدٌ جدّاً أن ألتقيكم في هذه السّهرة. نحن نعيش اليوم أياماً صعبة، ولكن على الرَّغم من ذلك، سوف نتخطّاها بهدوءنا وعملنا الدؤوب. المطلوب أن لا يكون لديكم قلقٌ مفرط يعطّل المبادرة لديكم ويخيفكم.
لا تخافوا من تطوّر الأحداث بشكلٍ سلبي في الدّاخل اللبناني، فالأمور مضبوطةٌ مهما حصل. هناك ميزان قوى سياسي هو الأقوى وهو الذي يفرض هذا الهدوء.
كثيرون في لبنان يريدون أن تحصَل فوضى، ولكنّهم يعجزون عن تحقيقها، ومن لديهم القدرة على نشر الفوضى لا يريدون ذلك. من هنا، نحن ننعم اليوم بالهدوء والإستقرار، ولكن في خِضَم هذه الأحداث المتسارعة في المنطقة وفي بعض المناطق اللبنانيّة، تكثُر الخطابات السياسيّة والأفكار المتكرّرة، بشكلٍ فوضوي بدون تفكير مرتّب أو تماسك بالأفكار، وتولد الفوضى وتعيق المجتمع عن تكوين فكرة صحيحة عن الأشياء التي نعيشها.
بعض السياسيين يأخذون مواقف "نكاية" أو بشكلٍ كيدي، بدون أن يعرفوا ما سيكلّفهم خيارهم في المستقبل القريب. تشهد المنطقة اليوم تغيُّراتٍ ومشاكل، ونسمعُ الكثيرين يطلبون التغيير في سوريّا ويقولون إنه سيعيد التوازن إلى لبنان. ولكن، إذا تمّ تغيير صورة النظام في سوريّا كما يفكّرون ويقولون، فذلك يعني القضاء عليهم وعلينا وعلى لبنان بدون أن نعلم أو نقدِّر ذلك، لأنّ الأنظمة الآتية، ستعود بنا أربعة عشَرَ قرناً إلى الوراء.
إذا أردنا أن ندعم أي حركةٍ تغييريّة، فيجب أن نعرف الى أين ستوصلنا، ونتوقّع أن تكون الأوضاع أفضل بعد التغيير، والأمور أصلح ومطمئنة أكثر، ولكن إذا نظرنا حول البحر الأبيض المتوسط، ماذا سنرى؟! سنرى تونس، هل هي النموذج؟! سنرى ليبيا، هل هي المَثلُ الأعلى؟! سنرى مصر، هل هذا هو النّظام الذي نبحث عنه؟! سنرى اليمن، البحرين، سوريا، والبلدان التي لا حقوق للإنسان فيها، ونظامها آتٍ من غياهب التاريخ!.. انتبهوا لكلِّ موقفٍ سياسي يُتّخذ في لبنان.
منهم من يقول "فليحكم الإخوان"، ولكن، هل يعرفون ما هي شرعة الإخوان؟! هل يعرفون أنّ الديموقراطيّة بالنسبة لهم هي ضدّ الشريعة؟! وإذا غابت الديموقرطيّة، أين تُصبح حريّة المُعتقد وحريّة اختيار طريقة الحياة؟!.. إنّها أنظمةٌ لا تعترف أنّ للإنسان الحق في اختيار مُعتَقَده، والإختلاف عن الآخر، فحتّى طريقة الحياة التي سنعيشها سنصبحُ ملزَمين فيها بقانون، فلا يعود للمواطن الحق في أن يأكل أو يشرب أو حتّى أن يلبس كما يريد.. هذا هو النظام المثالي التي تدافع عنه أوروبا وأميركا اللتان تعتبران أنفسهما البلاد الأم لحقوق الإنسان؟!
لا أعتقد أنّ هذا هو الأمر الذي نريده، نحن نريد حرّيتنا، ونريد اختيار طريقة حياتنا. ونحن لسنا أداة بيد أيِّ دولةٍ أجنبيّة.
أنا اختبرت المجتمع الدولي بنفسي، وأشهدُ أمامكم، الأميركيون يعتبرون لبنان "غلطةً فرنسيّة" " French mistake"، والفرنسيون يقولون عنا "Vous êtes une quantité negligeable"، أي كميّة ما بتحرز". فكيف سنستطيع التعاطي معهم؟! أبداً لن نكونَ خدماً عندهم ولقضاياهم، يستعملوننا أو يبيعوننا ساعة يشاؤون. ففي أيّ مشكلةٍ بيننا وبين اسرائيل، التي تطمع بأرضنا وخصوصاً بمياهنا، ستقف أوروبا وأميركا إلى جانب اسرائيل، والإثنتان ستكونان مع توطين الفلسطينيين في لبنان.
أرضنا لم تعد تتّسع.. لدينا 400 مواطن في كل كلم2. في أميركا لا يتخطّى ال 30 مواطن في الكلم2. يريدون توطين ما نسبته 15% من مجموع شعبنا عندنا. أي ما يوازي توطين 45 مليون في أميركا، وفي فرنسا 9 ملايين، فليأخذوا إذاً النصف مليون الموجودين عندنا، إذا كانوا يفتّشون عن حلٍّ عادلٍ للقضية الفلسطينيّة.
يتحدثون عن وطن للفلسطينيين، فأين هو؟! لمَ لا يقرّونه كما أقرّوا تقسيم فلسطين لدولتَين؟ فَليضعوا حدوداً للوطن ويعطوه للفلسطينيين.. إنّما الخداع الدَّولي الكاذب ترك القضية حتى الآن 64 عاماً، وسيبقيها 64 عاماً آخرى بدون حل، نكون نحن قد انحلّينا وبقي الآخرون.
هذا هو الوضع الدَّولي لدينا والّذي يُتَرجَم في سوريا بمحاولة تغيير النّظام حتى يتمكنوا من فرض الحل الذي يريدونه، عبر تفكيك الجبهة الّتي تقاومه، بالإضافة إلى مصالح حيوية دَولية تتعلّق بالغاز وتتعلّق بالنّفط وتتعلّق بالصّين وبروسيا وبأوروبا وبأميركا، وصارت هذه الحرب حرب الكبار في منطقتنا، وعلينا نحن أن نعرف وضعنا ونقوم بمهمّتنا اللازمة حتى نستمر نحن وتنتهي اللّعبة وينتهي اللاعبون.
إذاً، المطلوب منّا أن نحافظ على هدوئنا وعلى وحدتنا الوطنية وأن نظلّ مطمئنين للسّياسة الّتي نقوم بها والّتي لم تكلّف أيّ مواطنٍ لبناني ضربة كف، وخصوصاً المسيحيين، على جميع الأراضي اللّبنانية. وهذا نتيجة السّياسة الحكيمة وليس نتيجة الدّعوة إلى العنف والحرب.
من يدعو للخراب هو المخرّب وهو العاجز، من يدعو للحرب هو العاجز عن صنع السّلام. إشعال الحرب سهلٌ جدّاً أما بناء السّلام فهذا هو الصّعب. عملنا نحن أن نبني السّلام وألا ندهور لبنان في المتاهات، وخصوصاً تدمير الدّاخل اللّبناني الّذي يحوي قضايا كثيرة تتطلّب عملاً وتتطلّب تحسيناً.
منذ 22 عاماً حتى اليوم، هناك تراكمات تخريب للبلد في كل القطاعات، وإصلاحها يتطلّب وقتاً. قد نهدّم بناءً بالقليل من الدّيناميت خلال لحظة، ولكن تشييد البناء يتطلّب سنوات. إنتبهوا، فالإصلاح أصعب بكثير من تخريب الإقتصاد، من تخريب الأمن، من تخريب الدّفاع، من تخريب أيّ بناء اقتصادي أو سياسي سليم. لذا يجب علينا أن نصبر لأنّ كلّ ما سيُبنى يتطلّب وقتاً معيناً، ويجب أن تكونوا أنتم شركاء في البناء من خلال المواقف الإيجابية.
كلّنا نعرف أنّ الإعلام مضلّل لأنّه ينقل الأخبار السّياسية للسّياسيين المضلّلين. نحن اليوم أمام واقع مديونية كبيرة لم يُعرَف كيف صُرِفَت. وقريباً سينشر كتاب اسمه "الكتاب الأسود"، لأنّه يدلّ على السّرقات والمال المهدور الّذي بلغ تقريباً ال35 مليار دولار غير المبرّرة لا بفواتير ولا بكيفية الصرف، ولا على أيّ مشروع صُرِفَت. لبنان مسروق، وليس مكسوراً. مؤسّساته مهدّمة. إذا تطلّعنا اليوم إلى قوى الأمن، ما هي فعاليتها الخاصّة بها؟ وكيف تُقاد؟ منذ العام 2006 ليس هناك مجلس قيادة يرعى تعيين الضّباط وتعيينهم في مراكزهم. صلاحياته اختصرت برجل واحد، بمدير قوى الأمن الذي يتصرّف بالمؤسّسة الّتي فيها عشرات الألوف كما يشاء. لا وجود لدولة تسأله ماذا يفعل، ولا وجود لمجلس قيادة يسأله ماذا يفعل، والأمن "سايب".
القلق الأكبر في لبنان غير متأت من الحوادث الخارجية بل ممن يسرقون المصارف، وممّن يسلبون المواطنين على الطّرقات، متأتٍ من انفلات الطّرقات حيث كل يوم هناك حوادث عدّة. أين هي قوى الأمن وماذا تفعل؟ من مسؤول عنها؟ إسألوا وزير الدّاخلية عن الإهمال في الممارسة.. لمَ يتصرّفون بطريقة إزدواجيّة ويعرقلون المشاريع التي تترتّب مسؤوليّتها على الحكومة؟ التّخريب بات موجوداً داخل الأجهزة التي من من واجبها ضبط الأمن والحفاظ على البلد. يخرّبون الكهرباء ويمنعون إصلاحها، ويمنعون إنشاء السدود تاركين النّاس عطاشى فيما أرضنا هي الخزّان الأوّل للمياه في الشّرق الأوسط..!! قد تعطش يوماً جميع شعوب الشّرق الأوسط، ولكن لا يمكن أن يعطش شعب لبنان. أمن المعقول ألاّ يتساءل أحد عن كلّ هذه الأمور وكلّ مشاكل المياه والكهرباء. على مدى إثنين وعشرين عاماً بقيت منسية، ثمّ تظهر فجأة مع الإعلام الموجّه؟! من منّا لا يعلم أنّه تمّ وضع خطّة للكهرباء منذ شهر حزيران في العام 2010 وأقرّها هؤلاء الّذين ينتقدون الآن، في شهر تمّوز من العام نفسه؟؟ من أوقفها في شهر آب من العام 2010؟ هؤلاء الذّين يصرخون اليوم محمّلين المسؤوليّة للوزارة الحاليّة هم من منع الإعتمادات منذ العام 2010 ولغاية العام 2012..!! هذا هو الكذب بحدّ ذاته..!!! يجب أن تستفيقوا وتعلموا أنّ مشكلة الكهرباء ليست بجديدة، ووزير الطّاقة لطالما حذّركم وحذّر الحكومة منذ العام 2010، مشيراً إلى أنّنا نقترب من الكارثة إن لم نبدأ بتنفيذ مشاريع الكهرباء. أخّروا خطّة الكهرباء لأكثر من عامين، وصحيح أن الكهرباء ستبدأ بالتحسّن، ولكن يجب أن تتنبّهوا لمن يتآمر عليكم وعلى راحتكم وعلى الوسائل الحياتيّة التي تسهّل حياتكم.
"وجعلنا من الماء كلّ شيء حيّ"... المياه هي ضرورة لحياتنا اليوميّة، والكهرباء أيضاً، إذ تسهّل لنا طريقة حياتنا اليوميّة، وكذلك الأمر بالنّسبة للطّرقات التي تسهّل لنا المواصلات. كلّ شيء بات مهملاً منذ عشرات السنين والمسؤولون عن هذا الاهمال يستحقّون أن يأتي اليوم الذي يُطردون فيه من الحكم، بينما الحكم البديل يتحمّل كلّ تراكمات الإهمال والإهتراء في السلطة والإدارة.
نحن بحاجة اليوم إلى ثورة أخلاقيّة لنعيد إلى الحكم وأهله القيم الأخلاقيّة التي من خلالها نستطيع أن نصلح المجتمع.
أريدكم أن تتنبّهوا أيضاً للمال السياسي، فالنّائب هو المحامي الذي يدافع عن مصالح ناخبيه؛ هو من يدافع عنهم ويراقب الحكم الذي يطبّق القوانين كي لا يقع الظّلم على أحد، ولكي يتمّ توزيع الإنماء بطريقة عادلة بين المواطنين. فهل سمعتم يوماً أن محامياً يدفع المال لمن يريد أن يوكّله للدّفاع عنه..!!! النّائب الذي يدفع لكم المال لكي تعطوه الوكالة هو الذي يسرقكم..!!! هل فكّرتم بذلك؟؟!!
أتمنّى عليكم جميعاً أن تتنبّهوا لهذه الأمور التي تحصل والتّي تؤمّن الإستمرار للفاسدين في السّلطة. يجب أن تمنعوا وصولهم إلى السّلطة في إنتخابات العام 2013، وأرجو أن نتوصّل وإيّاكم لأن نقوم بوثبة إيجابيّة في ممارسة الحكم في لبنان وفي إصلاح المؤسّسات.
يطول الحديث عن المشاكل التي تعترضنا بسبب الإهمال المتراكم، ولكن سأتوقّف عند هذا الحدّ متمنيّاً لكم سهرةّ سعيدة.
عشتم وعاش لبنان. 

  • شارك الخبر