hit counter script

- المحامي لوسيان عون

صيانة الأوطان من صيانة حقوق أفرادها وممتلكاتهم

الأربعاء ١٥ أيلول ٢٠١٢ - 07:54

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ربما هو خبر عادي تداولته وسائل الاعلام العالميّة كافة مفاده أنّ شركة "آبل" الأميركيّة سجلت نصراً قضائيّاً شاملاً على شركة "سامسونغ" الكوريّة الجنوبيّة بعد أن وجدت هيئة محلفين أميركيّة أنّ الاخيرة قامت بنسخ خصائص دقيقة لجهازَي "آي فون" و"آي باد" اللذين يحظيان بشعبية كبيرة، مانحةً بذلك في متن قرارها  الشركة الأميركيّة تعويضاً قيمته 1.05 مليار دولار.

لكنّ الشقّ الذي نودّ لفت الانتباه اليه هو ديناميكيّة المحاكمات في دول العالم المتقدم بحيث جاء هذا الحكم بعد أقلّ من ثلاثة أيام من مداولات هيئة المحلفين.

جاء موضوع الدعوى على خلفيّة "سرقة" براءة الاختراع من قبل شركة "سامسونغ" العالميّة للهواتف الخلويّة من شركة "آبل" الاميركيّة بينما البرنامج المتهم بسرقته لم يمض على انتشاره أساساً ضمن هواتف "آبل" أكثر من سنوات ثلاث.

هذا مفاده أنّ موضوع الدعوى المشكو منه لم يمض على بزوغ فجره أكثر من ثلاث سنوات، وأنّ السرقة المشكو منها غزت الاسواق في الاشهر الماضية، والحكم صدر منذ أيّام في وقت تأتي الدعوى الاضخم بين الدعاوى التي عرفها العالم حديثاً في حين أنّ مقدار التعويض المحكوم به لافت ويعبّر عن ضخامة الحدث، وهو يعني شرائح كبرى من المجتمع العالمي الذي يستخدم هذه الانظمة.

 

انكبّت هيئة المحلّفين على إجراء مداولات استمرّت أقلّ من ثلاثة أيّام قبل إعلان حكمها على سبعة ادعاءات من جانب "آبل" لانتهاك براءات الاختراع وخمسة ادعاءات من جانب "سامسونغ" لانتهاك براءات الاختراع، مشيرةً إلى أنّ الهيئة المؤلفة من تسعة أفراد لم تجد صعوبة تذكر في التوصل إلى أنّ "سامسونغ" قامت بنسخ جهازَي "آي فون" و"آي باد".

وفي طيات الخبر عبر ومعانٍ تهمّ اللبنانيّين، بل تهم الحكام والمسؤولين والاجهزة القضائيّة والامنيّة كافة، وهو نموذج عن ديناميكيّة المحاكم العالميّة في البتّ والفصل بدعاوى مهما بلغ حجمها وحساسيّة موضوعاتها.

وبالمقارنة مع ما يجري عندنا، لا تزال المحاكم في لبنان تغصّ بدعاوى عالقة منذ الستينيّات والسبعينيّات، ينهشها الدهر ويغزوها الغبار ويعتريها الفساد المستشري، فينهش بدوره مصالح الناس وأرزاقهم وأرزاق أبنائهم واحفادهم من بعدهم، فلا ترى أحكاماً منذ سنوات في بعض المحاكم، وتعرقل إشارات الدعاوى والحجوزات عقارات الناس منذ الثلاثينيّات من القرن الماضي، وحتى الدعاوى التي لها طابع سياسي تبقى لتثقل القضاء والقضاة، وليس آخرها دعاوى الاسلاميّين والاصوليّين التي تؤجل لسنوات فسنوات بحجة عدم توفر صالات للمحاكمات وسواها من الملفات العالقة والمؤجلة من عام الى عام.

لفتة صغيرة أردنا توجيهها الى مسؤولينا وحكامنا بعدما غزا الترهل والاهمال والتباطؤ والروتين الدوائر الرسميّة وبات شائعاً أنّ أبسط أنواع الدعاوى العائدة للمواطنين تستغرق سنوات تفصل بين جلساتها كلّ واحدة عن الاخرى أشهراً وأشهراً.

ماذا لو أقيمت دعوى مماثلة لدعوى "آبل" أمام المحاكم اللبنانيّة؟

وهل تحسم قبل أن تتخطّاها التكنولوجيا التي تسابق الصوت والصورة والرياح؟

أين نحن من القضايا التي تعني المواطنين؟

أين نحن من رعاية الدول المتقدّمة لمصالح مواطنيها وشركاتها ومؤسساتها؟

عبرة ولفتة برسم القرّاء المياومين كما برسم الحكام عندنا تاركين للحدث والخبر إعطاء صورة وافية وكافية عن الفوارق بين ما نحن عليه وما يعيشه المواطن في بلدان يبقى همّها الأوحد السهر على مصالحهم وأرزاقهم وممتلكاتهم واستيفاء أيّ حقوق مهدورة تخصّهم.

  • شارك الخبر