hit counter script

أجنحة الوطن المتكسّرة

الأربعاء ١٥ أيلول ٢٠٠٩ - 08:11

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع
"إنتصف الليل ونمت رهبة السكون وطلع القمر ناقصاً من وراء صنّين وبان بين النجوم كوجه ميتٍ شاحب غارق في المساند السوداء بين شموعٍ ضئيلة تحيط بنعشه. وظهر لبنان كشيخٍ لوت ظهره الأعوام، وأناخت هيكله الأحزان، وهجر أجفانه الرقاد، فبات يساهر الدجى ويترقّب الفجر كملكٍ مخلوع جالس على رماد عرشه بين خرائب قصره".هل من المبالغة القول إنّ نصّ جبران خليل جبران المختار من رائعة "الأجنحة المتكسّرة" يشبه الى حدٍّ بعيد حالة لبنان اليوم؟ ففي هذه اللحظة بالذات التي تقرأون فيها هذه السطور، ثمّة سياسي، بكامل أناقته، يطلق تصريحاً من على منبر أو شاشة أو وراء مذياعٍ أو هاتف ليهاجم سياسيّاً آخر أو فريقاً سياسيّاً آخر... وثمّة آلاف من الناس، ينتمون الى هذا الحزب أو ذلك التيّار أو ذاك الزعيم، يتناقشون، في هذه اللحظة بالذات، الى درجة الإقتتال والتصادم دفاعاً عن الحزب أو التيّار أو الزعيم أو... الطائفة.وبين السياسيّين، وتصاريحهم المتوهّجة كما الأمواج التي تتخبّط على صخور الشاطىء، والناس الذين يملأون ساعات نهارهم وسهرات لياليهم الصيفيّة الطويلة (في ظلّ التقنين الكهربائي، كي لا ننسى) بالمشاجرات السياسيّة الأشبه بالجدل البيزنطي، يبدو لبنان اليوم أرضاً خصبة، بل "كشيخٍ لوت ظهره الأعوام" كما يقول جبران، لتشتعل الفتنة فيه.هل يجب أن نخاف من ذلك؟ بالتأكيد. ولكن، بعد الخوف، حبّذا لو تهدأ التصاريح قليلاً، وحبّذا لو يهدأ الناس كثيراً، فلبنان يا سادة هو وطن لجميع أبنائه وهو، خصوصاً، لا يمكن أن يحيا من دون أن يكون وطن محبّة وتسامح. حينها فقط يكون لبنان أولاً... وأخيراً!
  • شارك الخبر