hit counter script
شريط الأحداث

الفدرالية والكونفدرالية في وطن نهائي لجميع أبنائه

الأربعاء ١٥ تموز ٢٠٠٩ - 05:58

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع
(قررت "جامعة كاليفورنيا - إرفاين" استحداث صف خاص تحت اسم "السياسات اللبنانية" في فرع العلوم السياسية في الجامعة، وقد لاقى هذا الصف إقبالاً غير متوقع من إدارة الجامعة) - نقلاً عن جريدة النهار.لمَ لا، وقد أصبح لبنان منبعاً للعجائب السياسية المتمثلة في قدرة ساسته وقادته على الجمع بين المتناقضات في عالم السياسة وإجتراح وسائل حكم لم يُفتِ بها منطقٌ طبيعي أو عِلمٌ  دنيوي من قبل، والتي أهلته بجدارة لأن يكون (نموذجاً) يُدرّس في الجامعات، ربما ليس للإنتفاع، بل من بالغ الدهشة، ولأخذ العبرة والإعتبار.من هذه العجائب على سبيل المثال لا الحصر:أولاً: الجمع بين الديمقراطية والتوافقية، بما لا يمكن مع هذا الجمع قيام دولة قوية وقادرة وعادلة، فالدستور اللبناني (ديمقراطي) بينما نظام الحكم فيه (توافقي)، والتوافق فيه فعلٌ ضامنٌ مبني على نيّة التعطيل، وأساسٌ لنظام (وقف الحال) الذي عاش اللبنانيون جُزءَه الأول قبل إتفاق الدوحة، ويعيشون اليوم الجزء الثاني منه بعد الانتخابات النيابية، ولا يخفى على أحد أن "التوافقية" هي الإسم الحركي لـ "الحرب الباردة" في لبنان.ثانياً: الجمع بين الفدرالية والكونفدرالية، وفي الوقت نفسه الذي يدّعي فيه القيّمون على لبنان أنه وطن نهائي لجميع أبنائه، والدليل عل ذلك:1 - الشعب اللبناني يعيش حالة فدرالية (مقنّعة) بالشعارات الوطنية غير المُقنعة لمكونات البلد الطوائفية والتي لم تتوصّل - حتى اليوم - إلى إتفاق على مفاهيم موحدة لبناء دولة حاضنة للجميع بعدالة - و(مكشوفة) بالممارسات الطائفية التي ينتهجها معظم الزعماء ويتبناها معظم أبناء طوائفهم، مع إن البلد (شبه الدولة) قائم ومستمر في الشكل بفضل ترياق (ميثاق العيش المشترك)، وإن كان خالياً من ثبات الإيمان بمضمونه.2 - الحكومات في لبنان نموذج صارخ للكونفدرالية المقنّعة (من نوع خاص)، إذ أن المشكلة ليست في توزيع المقاعد الوزارية على الطوائف، والذي يتوافق مع الواقع الفدرالي غير المعلن الذي يعيشه اللبنانيون، وإنما هي تكمن في حق (النقض الميثاقي) الذي تتمتع به الطوائف الكبيرة - مع "قدرة" البعض منها أو "تحايل" البعض الآخر غير القادر - على محاولة فرض أو توجيه السياسات الداخلية والخارجية والدفاعية للبلد، بما يحميها وبما يتناسب مع ارتباطاتها الخارجية، بسبب إنعدام الثقة والتعامل فيما بينهم على أساس إفتراض وجود سوء النية المسبق لدى الآخر، الذي قد يهدد ثبات وجودية هذه الطائفة أو تلك، والأهم هو غياب أي معطى وطني صرف - يُجمع عليه أهل الحكم وطالبي السلطة في لبنان - يشابه ما أجمعت عليه قيادات الفئات المتنوعة في واحدة من الدول الفدرالية المعروفة.ثالثاً: الجمع بين ميثاق العيش المشترك وبين الدستور اللبناني كمرجعية أساسية، بينما هما في الواقع (شريكان لدودان) لا يمكن لواحد منهما (منفرداً) أن يضفي شرعية وطنية كاملة على أي عمل أو صيغة إذا ما تعارضت مع مصالح إحدى الطوائف، كالقول بأن الحكومة دستورية ولكنها غير ميثاقية، وبالتالي هي غير شرعية ...!رابعاً: الجمع بين التفسير اللغوي "التلاعبي" لبنود الميثاق ومواد الدستور، وبين الإجتهاد الاستنسابي عند التفسير في حال عجز التلاعب اللغوي عن الإيفاء بالحاجة منه، والتي غالبا ما تصب في غير الصالح الوطني العام.خامساً: الجمع بين الحصص الطوائفية المحلية وبين الحصص الخارجية، في حكومة (وحدة وطنية) واحدة، لبلد سيّد حرّ ومستقل.... وعجائب جمع المتناقضات المُدمّرة للبنان لا تنتهي ... فهذا غيض من فيض.ليس بقليل على السياسات اللبنانية "العجائبية" أن تُدرّس في جامعات العالم، بل من أقل الواجب، على هيئة الأمم المتحدة، - وبالإجماع - إعلان لبنان بلداً عجائبياً، ذو فرادة مطلقة، برتبة العجيبة الثامنة في الدنيا، والأولى في السياسة، بحجة تميّز اللبنانيين "غير الطبيعي"، الذي يرقى عن المستوى البشري ...!... إنّا من البشر وإلى البشر يجب أن نعود.
  • شارك الخبر