hit counter script

- داني حداد

الوطن متصدّع... وآن ماري شاهدة على ذلك

الأربعاء ١٥ كانون الثاني ٢٠١٢ - 07:27

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لم تكن آن ماري عبد الكريم قد نامت بعد. أنهت دروسها وفروضها المنزليّة واستعدّت ليوم دراسيّ جديد في مدرستها زهرة الإحسان في الأشرفيّة.
كانت تجلس ربما أمام شاشة التلفزيون، أو ربما كانت تستمع لنصائح جدّتها، أو ربما كانت تلهو مع شقيقتها التوأم أو مع شقيقها. كان صوتها ربما يملأ المنزل، وكذلك ضحكتها البريئة. كانت تحلم بالاختصاص الجامعي الذي ستدرسه. تتكدّس أحلامها المشتركة مع شقيقتها، نصفها الآخر، كما تتكدّس الصور التي تجمع الصبيّتين اللتين كانتا تتشاركان الأسرار والأفكار، ولحظات الفرح والحزن.
شاء القدر، والقدر كلمة قد تصبح مرادفة في لبنان للفقر أو الإهمال أو الفوضى، أن تُفَضّ تلك "الشراكة" بينهما. نامت آن ماري باكراً جدّاً في ذلك المساء. اختارت، على غير عادة، ألا تنتظر شقيقتها لتخلدا معاً في نومٍ تسبقه أحاديث ووشوشات. أغمضت عينيها عنوةً في ذلك المساء والتحفت بركامٍ من إهمالٍ وغبار كلام...
كم هي قاسية تلك الصبيّة في نومها المفاجئ. بماذا حلمت يا ترى في تلك الليلة؟ بشقيقتها التي ستنام بعدها وحيدةً، بلا وشوشات على وسادةٍ واحدة، أم بأمّها المنهارة كما ذلك المبنى، أم بوالدها الذي يحبس في عينيه ألف دمعة وفي قلبه ألف غصّة، أم بجدّتها التي لا بدّ قالت "يا ريتني أنا ولا إنتِ يا ستّي"...
بعد أسبوع أو شهر أو سنة أو عقدٍ من الزمن، سيدخل اسم آن ماري عبد الكريم، كما جميع ضحايا ذلك المبنى في الأشرفيّة، عالم النسيان. سيصبحون صوراً في "براويز" سوداء. تماماً كما ضحايا الطائرة الأثيوبيّة، والانفجارات المتنقّلة و"الحروب" اللبنانيّة في زمنَي السلم والحرب...
إنّه وطنٌ يبيح قتل الأبرياء، ويكرّس القتلة حكّاماً وزعماء وأصحاب مناصب عالية و... محصّنة.
وطنٌ أساساته متصدّعة... جدّاً. إسألوا آن ماري.
 

  • شارك الخبر