hit counter script

- جهاد الملاح

الأزمة السوريّة وجمهور "8 آذار"

الجمعة ١٥ تشرين الثاني ٢٠١١ - 09:02

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

قدّمت مواقع التواصل الاجتماعي المتنامية فسحة كبرى للشباب العربي المكبوت، استنجد بها لعلّها تمنحه طعم الحرية في قول الرأي وإيصاله إلى الأصدقاء وربما إلى الرأي العام، خصوصاً عبر "فايس بوك" و"تويتر"، اللذين عوّضا بعضاً من الديمقراطية الغائبة عن أرض العرب، كما سمحا للبنانيين بتجربة الحرية الحقيقية في التفاعل الاجتماعي، بعيداً عن ديمقراطية نظامهم الزائفة شكلا ًومضموناً.
وتكثر تعليقات اللبنانيين على الصفحات الإلكترونية، أو تخفّ، بحسب الأحداث ومدى ارتباطها بواقع بلدهم، فيما يُكثف كل فريق سياسي، بين "8 آذار" و"14 آذار"، تواجده الإلكتروني عندما تبرز إلى الواجهة قضية ترتبط به.
وعلى هذه القاعدة، ومع بداية سقوط نظام معمر القذافي المجرم، شهدت صفحات التواصل الاجتماعي نشاطاً لافتاً من قبل جمهور "8 آذار"، وبشكل خاص أنصار "حركة أمل"، الذين يكنّون للقذافي عداوة لا تختلف عن عداوتهم تجاه إسرائيل.
لكن مع بداية الأزمة السورية منذ أشهر، ومع أن قوى "8 آذار" تؤيد بشكل عام بقاء نظام الرئيس بشار الأسد، لم يبد جمهور هذه القوى زخماً كبيراً على الصفحات الإلكترونية يماثل تفاعله إزاء قضية ليبيا.
ومن ضمن تعليقات شباب "8 آذار" بشأن الأحداث في سورية، اقتصرت تلك التي تعلن تأييداً مطلقاً للنظام السوري وترفض فكرة وجود تظاهرات معارضة، على عدد قليل من الأشخاص، فيما مال البعض الآخر إلى المزج بين عدم معارضته المتظاهرين في سورية وتأكيده على أن الرئيس الأسد وعد بالإصلاح وسيقوم به.
وفجأة، وقبل أن تُكمل جامعة الدول العربية إعلان بيانها الذي نصّ على تعليق مشاركة سورية في اجتماعات الجامعة، ودعا إلى سحب السفراء العرب من دمشق، انتفض عدد من شباب "8 آذار" على الصفحات الإلكترونية بتعليقات منددة بالقرار العربي.
فما أسباب هذا التحرك الإلكتروني المفاجئ؟ فهل كان جمهور "8 آذار" ينتظر الحلّ السوري الداخلي ثم رأى أن النظام أصبح في خطر بعد الخطوات العربية، أم فقط لأنه يميل إلى النظام السوري أكثر من ميله إلى الأنظمة العربية الأخرى؟
أو هل استفزته خطوات الجامعة على اعتبار أن معظم الأنظمة العربية ممتلئة بمآثر الفساد والحكم السيئ ولا يحق لها الحديث عن الديمقراطية، وأن الشعوب العربية مشكلتها واحدة، منها من يواجه الرصاص الحي ومنها من يواجه رصاصاً لا يسيل الدماء لكن يمنع الحرية ويحتقر الإنسان ويدق أسافين في نعوش الأجيال المقبلة؟
قد تتعدد الأسباب وتتداخل عناصرها السياسية والاجتماعية والطائفية، وربما السيكولوجية. لكن المعادلة الأسرع التي ينطق بها أي طفل في "8 آذار"، هي أن كل من يدعم المقاومة ضد إسرائيل، قولاً أو فعلاً، يلقى دعماً من جمهور "8 آذار"، وهو ذاته يلقى تعاطفاً عندما يواجه تهديداً.
وعلى هذا المنوال، أصبح لـ"التيار الوطني الحر" الذي أكد ضرورة مقاومة إسرائيل، مكانة كبيرة عند جمهور "8 آذار". كما شكر هذا الجمهور كثيراً في السنوات الماضية النظام القطري، إلى درجة أصبح بعض "14 آذار" لا يطيقه. ثم وضع صور رجب طيب أردوغان على صفحاته الإلكترونية عندما تصدى لإسرائيل خلال حرب غزة وبعد أحداث "مافي مرمرة"، وقد يرفع أعلام جيبوتي على شرفات منازله إذا أطلقت موقفاً قوياً ضد الانتهاكات الإسرائيلية.
وبالتالي، إذا اختارت المعارضة السورية، وعلى الرغم من أن أولوياتها الحالية مختلفة، أن تطلق مواقف واضحة تفيد بأن مقاومة مشاريع إسرائيل هي من المبادئ الثابتة، عندها قد يرتبك جمهور "8 آذار" على صفحات التواصل الاجتماعي، وتتشتت مواقفه.
 

  • شارك الخبر