تُشبه السياسية اللبنانية جبل الجليد الذي يطفو على سطح البحر، فالظاهر للعيان هو بنسبة ١٠٪‏ ويغوص ٩٠٪‏ منه في الأعماق محتجباً عن الرؤية، وتكمُن المشاكل السطحية والمزيفة لهذه السياسة في القسم النافر من الجبل، في حين تعيش الخلافات العميقة والحقيقية في الجزء المخفي منه.
منذ تكوين هذا الوطن وحتى يومنا الحاضر، مارس حكّامنا سياسة السباحة على وجه المياه ولم يحاولوا يوماً الغوص في اعماقها، والأسباب ليست قلة شجاعة او نقص في المعرفة، بل حماية لحكمهم ومصالحهم.
أنتجت الانتفاضة الأخيرة بتاريخ ١٧تشرين الاول تسونامي شعبي وانقسم سياسيوا البلاد بين من حاول ركوب موجاتها ومن عاود مزاولة رياضته المفضلة والعوم على ظاهرها، وكأن شيئاً لم يحصل.
أذابت الموجات العاتية كامل جبل الجليد، وأصبح المستور مكشوفاً، والمجهول معلوماً، والكذب حقيقة، ففشلت الفئة الاولى من اهل السلطة في ركوب أمواج الانتفاضة وارتداء زي المواطن الصالح، وعجزت الفئة الثانية عن تكوين جبل جليد آخر بوجه المنتفضين لاخفاء حقيقة وحجم المشكلة اللبنانية.
راكبوا الموجة من اهل السلطة لم يبرعوا في تنكرهم بلباس أهل الانتفاضة، لم يغيروا من مظهرهم سوى كلامهم، فالوجوه هي نفسها، والأساليب متماثلة، والأدوات متطابقة، فأنكشفوا حتى على براعم الثورة.
سباحوا السطح لم تسعفهم الأحوال الجوية، فالشمس الساطعة والحرارة المرتفعة أذابت كل طبقة جليد حاولت تكوينها هذه الفئة.
لا تتكلموا عن حكومة تكنوقراط يا جماعة الفئة الاولى من السلطة، فكلامكم حق يراد به باطل، هدفكم الاستئثار بموارد هذا الوطن. وبُعد نظركم يصب على نفطه وغازه فقط. لا تطالبوا يا اهل الفئة الثانية بحكومة تكنو- سياسية، فمُرادكم ما يزال يُعالج مشاكل الجزء العائم من الأزمة
املنا أن نسمع خبراً عاجلاً على شاشة التلفزة يُعلن تأليف حكومة من بشر يُغطي البياض ضميرهم وقلبهم واياديهم، يملأ رأسهم وعقلهم العلم والمعرفة، يَفيض الخير من سلوكهم وأعمالهم.
يا أهل المقاومة. آن الاوان لتطبيق المعادلة الذهبية": "شعب،جيش،مقاومة" في الداخل اللبناني. تفاعلكم مع اهل الانتفاضة قولاً وفعلاً هو الدرع الأقوى والاخلص والمستدام لكم. تكاتُفْ اللبنانيين من مختلف الطوائف معكم هو سلاحكم الامضى في وجه العدو الصهيوني، جيشكم عقيدته ثابتة لا تتزعزع، والسلاح وجهته ابداً صوب الجنوب.
يا اهل العهد. أوقفوا نغمة تقصيركم، "يلزمنا المزيد من الوقت، لا نملك صلاحيات كافية، خوفنا على السلم الأهلي، خشيتنا من الانهيار الاقتصادي". تَبنيكُم عملياً مطالب المنتفضين سيمنحكم الوقت، ويزودكم بالصلاحيات، ويقيكم شر الحرب الاهلية، ويدير عجلة الاقتصاد.
يا أهل الانتفاضة الحقيقيين. إرذلوا المأجورين منكم، أبعِدوا الشتَّامين من بينكم، أقصوا قاطعي الطرقات من حولكم، ستصبح إنتفاضتكم أنصع بياضاً، ستتضاعف اعدادكم، وستصِل كلمتكم أبعد وأقوى.
إن لم يكن الشريف آمناً ولم يكن محترماً ولم يكن حراً، فلا عِشنا ولا عاش الوطن.