hit counter script

ليبانون فايلز - فن وإعلام فن وإعلام

البرامج الحوارية في رمضان.. يترقبها السعودي وتغيب عن قنوات مصر ولبنان

الإثنين ٢٧ أيار ٢٠١٩ - 07:12

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تزداد حدة التنافس بين البرامج السعودية التي تتسابق على التهام حصة من كعكة شهر رمضان التلفزيونية وجذب الجمهور السعودي، ففي حين يستمتع المشاهد العربي في دول أخرى بمتابعة المسلسلات وبرامج المقالب والأعمال الفكاهية في رمضان، تجد البرامج الجادة شعبية كبيرة في الشارع السعودي، إذ يتسابق الإعلاميون كل يوم على تقديم حلقة أكثر دسامة مما سبقها، وأصبح صراع «الترندات» لافتاً بين هذه البرامج، فكل برنامج يسعى لتحقيق «ترند» تعبيراً عن قوة انتشاره وتفاعل الجمهور معه عبر شبكة «تويتر» و«يوتيوب» والتطبيقات الخاصة بقياسات الرأي.

ومع غزارة برامج هذا العام، فإن معظمها تشترك في كونها برامج حوارية «توك شو» تعتمد على استقطاب الضيوف ومحاورتهم على طريقة (س وج)، في معارك كر وفر بحثاً عن تصريحات لافتة وأراء شيقة تروي عطش المشاهد السعودي الذي صار يجد متعة رمضانية فارقة في متابعة هذه البرامج، على الرغم أن كثيراً منها لا يعتمد على الجدل والصراع بقدر اعتماده على كون الضيف مرجعاً لمعلومات وآراء يلتقطها الجمهور ويحللها بشغف.

من ذلك، برنامج «الليوان» الذي يقدمه الإعلامي السعودي عبد الله المديفر على قناة «روتانا خليجية»، يومياً بعد منتصف الليل، ورغم كون ضيوف البرنامج معظمهم من النخبة وبعضهم ليست لديه جماهيرية كبيرة، فإن البرنامج استطاع الحصول على حصة وافرة من مشاهدات الجمهور السعودي بحسب ما تفصح تطبيقات قياس الرأي، مع كون المديفر يركز على أهمية موضوع الحلقة أكثر من تناول شخصية الضيف كما جرت العادة في البرامج الحوارية التقليدية.

فمن حكايا الصحوة إلى حكايا الإرهاب والتحوّل الفكري مروراً بحكايا الشعر والعقار والتجارة والرياضة والفن والصحة... جميعها موضوعات ثقيلة يطرحها الليوان يومياً في رمضان، على شكل قصة يرويها ضيف الحلقة، ويغطي كافة جوانبها من مرآته الخاصة، الأمر الذي ينعش المشاهد السعودي الراغب بتحليل هذه الآراء، إما إعجاباً بها أو تفنيداً لبعضها.

ويصف المديفر في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» العمل على برنامجه بأنه «مرهق»، مؤكداً أن إعداد حلقات دسمة على مدى 30 يوماً متواصلة ليس بالأمر الهين، وبسؤاله عن آلية العمل ومعايير اختيار الضيوف وتحديد الموضوعات وتعليقه على ردات فعل الجمهور، اكتفى بالقول: «أمتنع عن الرد، فأنا أفضل أن تقيّم الناس البرنامج بدلاً من أن أتحدث أنا عنه».

وفي نفس توقيت عرض (الليوان) يُعرض برنامج (مجموعة إنسان) الذي يقدمه الإعلامي السعودي علي العلياني على قناة «إم بي سي»، وهو أيضاً برنامج حواري ينافس على حظوة الـ«ترند» وينال مشاهدة عالية، إلا أنه يركز على نجوم الفن والرياضة والشعر ومحاورتهم على الطريقة التقليدية اعتماداً على جماهيرية الضيف.

من جانب آخر، تطل البرنامج الحوارية الهادئة لتنال نصيباً من المتابعة خلال شهر رمضان، من ذلك برنامج «من الصفر» على «إم بي سي»، وبرنامج «الراحل» على «روتانا خليجية»، وهما برنامجان يسلطان الضوء على السير الذاتية لشخصيات بارزة، البرنامج الأول يتناول أفراداً معاصرين حققوا بصمات في التجارة والعلم والابتكار، والثاني يركز على توثيق سير الرواد الراحلين.

يرى الإعلامي السعودي محمد الخميسي لـ«الشرق الأوسط» أن برنامجه «الراحل» يركز على المحتوى الهادف والثري، بعيداً عن الإثارة. ويضيف: «مجتمعنا السعودي مليء بالمبدعين والرواد ممن خدموا في مجالات مختلفة، فجاءت فكرة برنامج الراحل كتكريم وطني لهم، فكثير من الرواد رحلوا دون أن يأخذوا حقهم من التكريم... ذهبوا بصمت».

ويتابع: «لا نستطيع اختصار حياة الإنسان بساعة واحدة، لكن هذا أقل الواجب، فحرصنا الأكبر على إعادة حضور الرواد لجيل الشباب الذين ربما لا يعرفون الكثير منهم، ومن هنا نعيد طرح رحلة حياة كل إنسان في قالب سرد توثيقي، عبر شهادات أسرهم والذين زاملوهم أو عاشوا معهم».

وفي تجربة برامجية أخرى، يقدم ويعد الإعلامي السعودي مالك الروقي برنامجه «مالك بالطويلة» على قناة «إم بي سي»، وهو ‏برنامج تثقيفي منوع، يسلط الضوء في 7 دقائق على شخصيات أثرت في البشرية، ويعرض قصصاً ملهمة وفريدة. يقول الروقي: «العالم زاخر بأشخاص أثروا على مستوى عالمي، من المهم نقل تجربتهم للناس حتى يستفيدوا منها، والبرنامج يضم سيراً ذاتية وأحداثاً تاريخية مرت لم يسمع الكثيرون عنها».

وبسؤال الروقي عن الحظوة التي تحصل عليها البرامج المعرفية في رمضان وشغف الجمهور السعودي بمتابعتها خلافاً للمسلسلات والأعمال الفكاهية، يجيب: «المشاهد اليوم لم يعد يتقبل الدراما العربية لأن إنتاجها ضعيف على الأغلب، خصوصاً أن خيارات المشاهد تنوعت ووعي الناس تجاه الدراما اختلف وسقف طموحهم كذلك، لذا التركيز على المحتوى الهادف، وخصوصاً إن كان بقالب مبسط وسهل ومرتبط بشخصيات لافتة، فلا شك أن ذلك يجذب الجمهور ويضيف لهم».

ويتابع الروقي حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «قبل أن نبدأ البرنامج، لم نتوقع ردود الأفعال الكبيرة على مواد ثقيلة ودسمة كالتالي طرحناها، مثلاً مفهوم (الإنثربولوجيا) ربما لا يجد أحد أي جاذبية فيه، ومن الصعب طرحه في رمضان، لكن دورنا هو طرح هذا الموضوع الجاد بقالب بسيط وقصير ومع أمثلة، على شكل (سواليف) ممتعة». مفيداً بأن برنامجه يُمثل حالة تثقيفية خلال 30 حلقة وبمواضيع مختلفة وشيقة.

- الجمهور المصري يبحث عن برامج رمضانية خفيفة

رمضان في مصر، شهراً للدراما والإعلانات بلا منازع، فالدراما لها الأولوية، وهي التي تجذب أكبر قدر من الإعلانات، يليها برامج المقالب والمنوعات، أما برامج «التوك شو» فيكون مصيرها التوقف، أو تغيير مضمونها وشكلها، وحتى اسمها خلال الشهر الفضيل، فالجمهور لا يحتمل جرعات سياسية أو مناقشات جادة، خلال هذه الفترة، وربما يحاول البعض الآخر البقاء ولو تم تقليص مدة عرضه، وتغيير موعدها وذلك حتى لا ينساه الجمهور.

ويحصل مقدمو برامج «التوك شو» على إجازة سنوية طوال شهر رمضان. وتوقف برنامج «المصري أفندي» على قناة «القاهرة والناس» للإعلامي محمد علي خير، لصالح الموسم الثالث من برنامج «شيخ الحارة»، الذي تقدمه بسمة وهبة في رمضان، وهو برنامج حواري يستضيف نجوم الفن والسياسة والرياضة والإعلام، ويركز على كشف أسرارهم.

ووصف الإعلامي محمد علي خير، رمضان بأنه «شهر الدراما». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «جرى العرف أن يكون رمضان مخصصاً للدراما، حيث لا يحظى أي نوع من البرامج الجادة بالترحاب من جانب الجمهور»، مضيفاً: أن «شهر رمضان يناسبه البرامج الخفيفة قصيرة المدة، والتي لا يتعارض بثها مع كثرة المسلسلات والإعلانات، أو برامج المقالب، والحوارات مع النجوم، فكما قلت رمضان شهر للدراما ونجومها».

من جانبه، يرى الدكتور أيمن ندا، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن «غياب برامج (التوك شو) في رمضان يرجع لاعتبارات برامجية»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «برامج (التوك شو) عادة ما تعرض في وقت الذروة، ومع تغير الخريطة البرامجية في رمضان تحتل الدراما أوقات الذروة، لأنها تجذب الكثير من الإعلانات، وبالتالي لا يمكن لأي قناة تلفزيونية أن تضحي بهذه الإعلانات لصالح برامج «توك شو» تناقش قضايا جادة».

ورغم أن العادة تقتضي وقف برامج «التوك شو» في رمضان؛ إلا أن بعض الإعلاميين يفضلون البقاء مع تغيير اسم وطبيعة برامجهم، وهو ما فعله الإعلامي عمرو عبد الحميد على قناة «تن»، حيث بدأ تقديم برنامج جديد في رمضان يحمل اسم «سيرة الحبايب»، بمشاركة الفنانة المغربية جيهان خليل، بدلاً من برنامج «رأي عام»، الذي كان يقدمه على نفس القناة، وتقوم فكرة البرنامج على إجراء حوارات ودية على مائدة سحور مع مجموعة من الفنانين ورموز الرياضة والسياسة والإعلام، تركز على الجوانب الإنسانية والشخصية في حياتهم.

وقال خير إن «البعض يفضل الاحتفاظ باسم البرنامج مع تغيير محتواه، أو تقديم برنامج جديد بمحتوى مختلف، وقد سبق أن فعلت ذلك في قناة (سي بي سي)».

وهو ما فعلته قناة «إكسترا نيوز» الإخبارية، حيث قررت مواصلة إذاعة برنامج «المواجهة» الذي تقدمه الإعلامية ريهام السهلي، مع تغيير مضمونه ليركز على مجموعة من الحوارات الاجتماعية مع عدد من نجوم الفن والسياسة والمجتمع.

وأكد الكاتب الصحافي عبد اللطيف حامد، رئيس تحرير برنامج «المواجهة» على قناة «إكسترا نيوز» لـ«الشرق الأوسط»، أن «الدراما تحتل الجزء الأكبر من الخريطة البرامجية، ويشترط المعلنين إعادة المسلسل 3 مرات، بما لا يسمح بتقديم أي برامج أخرى»، على حد قوله.

على جانب آخر، اختارت بعض القنوات الحفاظ على برامج «التوك شو» الرئيسي بها، كما فعلت القناة الأولى في التلفزيون المصري «ماسبيرو»، حيث أبقت على برنامجي «صباح الخير يا مصر»، صباحاً، و«مصر النهارده» خلال فترة المساء، وقناة «صدى البلد» أبقت على برنامج «على مسؤوليتي» الذي يقدمه الإعلامي أحمد موسى مع تقليص مدة عرض هذه البرامج، حيث لا تزيد عن الساعة.

ويبرر عبد اللطيف حامد ذلك بأن «بعض القنوات تبقي على خريطتها البرامجية كما هي حتى لا ينسى الجمهور البرنامج وطبيعته؛ لكنها تقلص من مدته حتى لا يطغى على البرامج والمسلسلات الخاصة بشهر رمضان».

- برامج الحوارات تغيب عن الشاشة اللبنانية

فيما تنشغل شاشات تلفزة عربية في عرض برامج حوارية فنية تقوم على استضافة فنانين من مختلف البلدان العربية في موسم رمضان، إلا أنه يلاحظ غيابها التام في المقابل عن برمجة المحطات اللبنانية.

وكما يبدو، فإن هذا النوع من البرامج لم يستطع أن يصمد في السنوات الأخيرة أمام منافسة أخرى تشهدها التلفزيونيات المحلية في لبنان والتي تركز فيها على أعمال الدراما. فالشغل الشاغل لأصحاب المحطات في هذا الشهر الفضيل صار ينحسر بشكل أكبر بهذه الأخيرة بعدما لوحظ بأن المشاهد يفضّلها على غيرها. فهو بات يبحث عن الحوارات الموجزة والمختصرة وهي ما توفّرها له وسائل التواصل الاجتماعي. ويصف البعض تراجع تقديم برامج الحوارات الفنية في رمضان للحمل الثقيل الذي تحدثه على أصحاب المحطات بسبب تكلفة إنتاجها الباهظة. فقد درجت العادة أن يتمتع البرنامج الحواري الفني بميزانية ضخمة تغطي تكلفة استضافة الفنانين من ناحية والديكورات اللازمة من ناحية أخرى، ناهيك عن أجر مقدمها ومخرجها وفريق الأعداد.

وفي الوقت نفسه تفتقد الساحة لأسماء إعلاميين برعوا في هذه البرامج بعد أن حصرت باسم الإعلامي نيشان ديرهاروتونيان. فلقد كان من الإعلاميين القلائل الذين أحدثوا الفرق وتركوا علامتهم الفارقة فيها وتحول فيما بعد إلى رمز من رموز هذا الشهر الكريم على الشاشة المحلية.

كما صارت برامجه مثالاً يحتذى، ويحاول كثيرون تقليدها. فلنيشان تاريخ غني وطويل بالبرامج الحوارية الفنية تخولّه أن يتوّج نجمها الحصري على الساحة اللبنانية. وكان له في هذا المجال عدة تجارب ناجحة استقطبت أهم نجوم الغناء والتمثيل في لبنان والعالم العربي كـ«مايسترو» و«العراب» و«أنا والعسل» وغيرها.

حالياً وبعد ابتعاد نيشان ديرهاروتيونيان عن هذه البرامج وانشغاله بأخرى تنبع من مبدأ الإنسانية وقبول الآخر وأحدثها «أنا هيك» على شاشة «الجديد»، تشهد الساحة اللبنانية فراغاً في هذا المجال، لن تجد قريباً من يملأه، خصوصاً أن التوجهات التلفزيونية اليوم اختلفت عن الماضي، وباتت وسائل التواصل الاجتماعي تحددها.

«لقد تبدّلت مفاهيم المضمون الترفيهي التلفزيوني وصار هناك منابر أخرى بديلة لها». يقول نيشان في حديثه لـ«الشرق الأوسط» ويضيف: «هذه المعادلة الجديدة ترتكز على السرعة والاختصار من خلال مقاطع حوارية مجتزأة تخصص لها المحطات فريق عمل مختصاً يعمل على صناعة هذا المحتوى المختصر بالثواني والدقائق.

فالمشاهد صار متطلباً ويرغب في الاطلاع بسرعة على عصارة حوار تلفزيوني دسم بدل متابعته كاملاً وضمن إيقاع بطيء وممل. وباتت المسلسلات الرمضانية تدخل أيضاً في هذه المعادلة. فإن نشاهد مقطعاً من المقابلة التي أجرتها (نور رحمة) مع (شيخ الجبل) في مسلسل (الهيبة - الحصاد) تكفينا لنستنتج فحوى الحلقة وأقوى لقطاتها. وأن نتابع بالتالي مقطعاً من (خمسة ونص) يمسك خلاله رجل الأمن (جاد) بالدكتورة (بيان نجم الدين) بطريقة معبرة، فهي كافية لتعلمنا بأن قصة حب قريبة ستنشأ بين الاثنين».

وبحسب نيشان فإنه اليوم ولو قدّر له تقديم برنامج حواري فني رمضاني لكان اتبع خلاله قواعد أخرى، كاستضافة عدة نجوم في حلقة واحدة من شأنها أن تحمل المشاهد على التنويع وعلى متابعة محتوى غني.

إيمان الخطاف - القاهرة: فتحية الدخاخني - بيروت: فيفيان حداد (الشرق الاوسط)

  • شارك الخبر