عقدت نتاليا كانيم، المدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA)، مؤتمراً صحافياً في مقرّ اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (ESCWA) في بيروت، تحدّثت خلاله عن الوضع الإنساني في ضوء الأزمات التي تمرّ بها المنطقة وأثرها على السكان بشكل عام وعلى النساء والفتيات بشكل خاص، وتطرّقت ايضاً إلى جولتها المرتقبة على بعض المسؤولين في لبنان.
واعتبرت كانيم ان "قوّة الاختيار تترجم على أرض الواقع عندما يُدرك أفراد المجتمع الهدف من وراء عملنا ومهمّتنا". وأعربت عن سعادتها لتواجدها في بيروت بالتزامن مع ذكرى برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، الذي عقد في القاهرة عام 1994، والهادف الى تمكين النساء من اتخاذ القرارات السليمة في شأن صحّتهنّ الجنسيّة والإنجابيّة، باعتبارها قضيّة أساسيّة من قضايا حقوق الإنسان.
وقالت: "مع مرور نحو 24 عاماً على البرنامج، يسعى صندوق الأمم المتحدة للسكان مع شركائه في المنطقة، الى المطالبة بضمان حصول الأفراد، خصوصاً النساء، على كافة الوسائل التي تُساعدهم على امتلاك الخيار الحرّ واتخاذ القرارت المسؤولة في شأن عدد أولادهم وتوقيت انجابهم"، مضيفةً ان "حقوق المرأة وصحّتها الجسديّة والجنسيّة أمور مهمّة من أجل النمو الاقتصادي والازدهار في هذه المنطقة".
وأكّدت ان "امتلاك قوّة الاختيار يُمكنه ان يُغيّر العالم"، موضحةً ان "هدف صندوق الأمم المتحدة للسكان هو تأمين السلام والازدهار الذين يتحقّقان عبر احترام الفتيات والنساء وتوفير الخدمات المطلوبة لهنّ، حتّى في القرى النائية".
وتابعت كانيم: "وَضَعَ صندوق الأمم المتحدة للسكان أولويّات مهمّة لعام 2030، وهو يستند الى أرقام علميّة حول عدد السكّان، ما يُمكّننا من مراقبة عملنا وجهودنا للوصول الى النتيجة المتوقّعة لخطة التنمية المستدامة".
وأوضحت أن "أولويّاتنا تشمل تعزيز التواصل والشراكات من أجل حصول الجميع على الخدمات وتلبية الاحتياجات بالكامل وتعزيز الابتكار، خصوصاً في أنشطتنا الإنسانية المتزايدة، والعمل مع الحكومات وغيرهم من الشركاء في المنطقة".

وأردفت: "الزواج المبكر ممكن أن يُهدّد حياة الفتيات، لذلك نعمل مع الحكومات وشركائنا في المنطقة لتوسيع إطار الخيارات أمامهنّ، فمن خلال تمكينهنّ من اتخاذ قراراتهنّ الخاصة في شأن توقيت حملهنّ والفترة الفاصلة بين الولادات، نفتح لهنّ نافذة نحو أمنهنّ الاقتصادي واستقلالهنّ، ونفتح بذلك ايضاً طريقاً نحو مجتمعات أكثر توازناً، وفق التصوّر الموضوع في أهداف التنمية المستدامة".
ولفتت كانيم الى ان "أرقام حالات موت النساء عند الولادة تحسّنت عالميّاً، ورغم ذلك تموت 830 امرأة يوميّاً وهي تضع مولودها... ولأسباب يُمكن تفاديها بسهولة"، مشيرةً من ناحية أخرى، الى ان "مستوى الخصوبة يستمرّ في الانخفاض عالميّاً، لكن الملفت في المنطقة العربيّة ان مستوى الخصوبة عاد ليرتفع بعض الشيء في الآونة الأخيرة".
وقالت: "نجاحنا ليس مرتبطاً بالوصول الى مستوى خصوبة مثالي، بل من خلال تحقيق رفاهيّة النساء والفتيات وتمتّعهنّ بحقوقهنّ وبالخيارات التي يُمكنهنّ اتخاذها بكلّ حرّية".
وتطرّقت الى العنف الأسري، خصوصاً العنف الذي يستهدف النساء والفتيات، معتبرةً انه يجب احترام جميع النساء في منازلهنّ. وأضافت: "هناك ايضاً العنف في المجتمع، لاسيّما في فترة الصراعات والأزمات، ونحن ندعم الحكومات لتمكينها من القيام بدورها في الميادين كافة". وكشفت انها زارت "مأوى" للنساء في لبنان، واصفةً ايّاه بأنّه أحد أهم "الملاجئ الاجتماعيّة" التي رأتها في العالم.
وردّاً على سؤال حول ما الذي ستبحثه مع المسؤولين اللبنانيين، أجابت كانيم: "أريد ان أفهم بشكل أوضح من خلال لقائي المسؤولين في لبنان، أولويّات هذا البلد، فنحن هنا لدعم السياسات الحكومية الرامية الى تحقيق التنمية المستدامة، وهذا هو السبب الرئيسي لوجودي هنا".
وتابعت: "نُقدّر جدّاً للبنان استقباله عدداً كبيراً من اللاجئين السوريين وغيرهم، وسنشكر الحكومة اللبنانية على هذا الأمر". وشكرت أيضاً كافة الحكومات في المنطقة التي استقبلت ملايين اللاجئين الذين هربوا من المعارك في بلادهم، وأمّنت لهم المأوى.
بدوره، كشف لؤي شبانة، مدير صندوق الأمم المتحدة للسكان في المنطقة العربية، ان جولتهم المرتقبة على بعض المسؤولين في لبنان، ستشمل رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، موضحاً ان لديهم مكتب في لبنان مختصّ بمساعدة اللاجئين، وبرنامج المساعدة يشمل دعم المجتمعات المضيفة واللاجئين على حد سواء، وذلك بالتنسيق مع الوزارات المعنيّة.
من جهتها، أشارت أسمى قرداحي، مسؤولة مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان في لبنان، الى انه "تم وضع استراتيجيّة وطنيّة حول تنظيم الاسرة بالتعاون مع وزارة الصحة العامة، وسيتم إطلاقها في شهر كانون الاول برعاية وزارة الصحة اللبنانيّة".