hit counter script
شريط الأحداث

باقلامهم - مازن ح. عبّود

حديقة فريدريك الكبير

الثلاثاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٨ - 06:13

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

في حديقة قصر سان سوسي في بوتسدام في المانيا، وضعت بقايا الإمبراطور فريدريك العظيم في 17 آب من العام1991. وبذلك تحققت وصية الإمبراطور البروسي العظيم الذي ابى ان يدفن الا في زاوية من زوايا في تلك الحديقة مع كلابه.

ما يؤشر الى قبر الإمبراطور هو مجسم ثمرة البطاطس التي استقدمها الى بلاده كي تسهم في رفع مستوى معيشة مزارعي تلك الأراضي الباردة والفقيرة.
لا اعلم ما المغذى من وصية الإمبراطور بخصوص دفنه، والتي صاغها في سن مبكرة. وقد أورد فيها اين وكيف ومع من سيدفن.
أتكون الوصية الإمبراطورية انعكاسا لقرف ما من الناس وبالتحديد من عائلته؟
أيكون اعادة اعتبار الى الكلاب الوفية. التي وضعها في مقام مواز لمقامه وسائر أفراد العائلة المالكة؟
ام انّ ذلك وجه من وجوه غرابة وجنون إمبراطور صنع النصر لإمبراطورتيه، ورفعها الى مناص الإمبراطوريات الكبرى في أوروبا؟
انه الإمبراطور الذي اتخذه هتلر مثالا اعلى له ورمزا لحكمه. انه الشخصية البروسية البارزة التي نجحت بالقيام بإصلاحات كبرى في الدولة والجيش. والتي عرفت بانتصاراتها الجمة وحبها للفلسفة والفنون والثقافة. قررت ان تستلقي في نومتها الأبدية الى جانب كلابها العشرة. امام هذا المنظر تسأل ما هذه السوداوية والعبثية من خلال عدسة ثقافة تلك الايام؟
هل يكون قد اكتشف حقيقة ما آلت اليه نفسه وقرر ان يعاقبها، ام انه أراد ان يبلغ الناس بوجعه؟
الأكيد بانّ الإمبراطور وثق بكلابه. واحبهم أكثر بكثير من الكثير من البشر. فكان ان جعلهم في مرتبة مساوية لمرتبته.
لا اريد ان اقرأ في ذلك صورة تؤشر الى عريه بوجه الخصوص وعري غالبية من هم في السلطة بوجه العموم، وفي الكثير من الاحيان. فالقصور والحدائق والانتصارات لم تنفعه كثيرا على ما اعتقد. بل جعلته يشعر بالوحدة والملل وفقدان الثقة بكل من هم حوله.
قد يشعر الملك بالوحدة وذلك بالرغم من انه قد يكون محاطا بجيش من الخدم والمستشارين. يجد نفسه غريبا في وسط كل من يتملقون له، ويظهرون له كل عبادة ومحبة. فهو في عمق نفسه يدرك بأنهم يكذبون وبانّ تملقهم يضجره. لكنه يتعوّد على ذلك ولا يعود يستطيع ان يخرج منهم. ونهاية يخرج منهم ويجعل من نفسه مساويا لكلابه ام يجعل كلابه تتساوى معه بالكرامة.
موجع شعور هذا القائد الذي شغل أوروبا في القرن الثامن عشر. موجع ما أوصى به.
في بوتسدام القيت التحية على الإمبراطور فريدريك ولوّحت من بعيد لقرية KGB . وتذكّرت مؤتمر بوتسدام
بعيد الحرب العالمية الثانية. على بوابة تلك المدينة وقفت واعدت النظر الى عالم لم تهجره أطياف الحروب التي تعود فتستيقظ في كل مرة من تربة الاطماع والالغاء والخوف.
 

  • شارك الخبر