hit counter script

الحدث - مروى غاوي

"المارد والحكيم"... لقاء من دون ورقة سياسيّة ولا حسابات رئاسيّة؟

الإثنين ١٥ تشرين الأول ٢٠١٨ - 06:09

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تأكّد الأمر على لسان مصادرهما "نعم سيلتقي رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع ورئيس تيّار المردة سليمان فرنجية" واللقاء صار وشيكاً جداً ولكن من دون الإعلان عن أيّ وقت لضرورات أمنيّة واعتبارات أخرى كثيرة و"حتى لا يفسد الإعداد له" وفق رواية المصادر .

ففي أيّ لحظة سيلتقي البيك والحكيم، زعيمان لدودان تبادلا الحقد السياسي والتاريخي منذ عام 1978 ولم يلتقيا وجهاً لوجه إلا في جلسات بعبدا. وسيضعان يديهما بيد بعض بعدما تصافحا للمرّة الأولى في لقاء الأقطاب في بكركي عام 2011. ولكن يتمّ التكتم حول تفاصيل وظروف انعقاد اللقاء المنتظر حتى لا تتعطل المساعي إذ سبق أنْ ضُرِبَت مواعيد في سياق ما كان قائماً من اتصالات واجتماعات قبل الانتخابات وطارت زيارة حُدِّدت لسمير جعجع لزغرتا بعد تسريب الفيديو الأوسترالي للنائبة ستريدا جعجع؛ لتتوقف حركة التقارب التي قامت قبل الانتخابات النيابيّة ولتنطلق وبقوّة من جديد بعد محطة السادس من أيار لتصل إلى تثبيت موعد لا يزال حتى اللحظة سريّاً وإنْ كان الأرجح أنّه سيُعقد لدى راعي المصالحات المسيحيّة البطريريك مار بشارة بطرس الراعي في صرح بكركي.
اللقاء يُنهي حقبة سياسية سوداء امتدت أربعين عاماً بين زغرتا وبشرّي، ويمهّد لفتح صفحة مسيحيّة جديدة لكن اللقاء المخصّص للمصالحة أوّلاً لن يتضمّن إعداد ورقة سياسيّة ولا حسابات رئاسيّة، وتؤكد مصادر كل من "القوّات" و"المردة" أنّه ليس موجّهاً ضدّ أيّ طرف بل هو يأتي في إطار المصالحة المسيحية وفي ظل رغبة سابقة ومشتركة لدى الفريقين في توحيد الموقف المسيحي وإنهاء الصفحة الأليمة في الظرف الحالي. أمّا الحديث عن التفاصيل فمتروك لما بعد اللقاء وللتطوّرات السياسية اللاحقة.
لكن الثابت حتى الآن في السياسة أنّ أياً من الرجلين لن يبحث في الأوراق السياسية الاستراتيجية التي لا يمكن لأي طرف التراجع عنها، فسليمان فرنجيّة من محور سياسي معروف ولا يمكن أنْ ينتقل إلى محورٍ معادٍ للنظام السوري، وسمير جعجع لا يمكن أنْ ينضم إلى "قوى 8 آذار" أو أنّ يصبح صديقاً للنظام في سوريا. وبحسب المصادر ليس هناك ورقة سياسيّة راهنة أو معدّة سلفاً على غرار ورقة "تفاهم معراب" كما تنفي المصادر أنْ يكون لهذا اللقاء حسابات رئاسيّة معيّنة أو صلة باستحقاق العام 2022 خصوصاً وأنّ التحضير له بدأ منذ سنوات لكنّه واجه عراقيل مَنَعَت حصوله.
تأكيد "المردة" و"القوّات" أنّ لقاءهما بعيد من الشبهات الرئاسيّة أو التورّط في جبهة ضدّ العهد لا يعني وفق أوساط المراقبين غياب الأسباب والدوافع لتقريب المسافة بين بنشعي ومعراب، فالاثنان يعانيان من إشكالية عدم القدرة على الانسجام والتعاون مع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل. والتباعد بين "المردة" و"القوّات" من جهة و"التيار" من جهة أخرى شجّع أو أعطى حوافز معيّنة لتقارب مسيحي من نوع آخر. فلدى "المردة" شعور وقناعة راسخة بأنّ حليفها السابق في الرابية لا يرغب إلا بتحجيمها وإلغائها مسيحياً وقد بدأ الشعور يتنامى في حساباتها ما دفعها إلى ترك تكتل الرابية بعد تهميشها وتحجيمها في الاستحقاقات وصولاً إلى تفاقم الخلاف في الانتخابات الرئاسيّة الماضية. وقد تأكد لـ"المردة" ألاّ رغبة لدى "التيّار" بطي صفحة انتخابات الرئاسة وإصلاح الوضع بينهما مع استمرار الـ"فيتوات" على توزير "المردة" من قبل الفريق العوني وحيث سيتفاقم الوضع مع اقتراب استحقاق الـ2022 إذ تحتفظ "المردة" في أرشيفها بوعد صادق من "حزب الله" بالرئاسة المقبلة.
في المقابل لا يختلف وضع "القوّات" مع "التيّار" عن معاناة "المردة" مع "التيار" وقد صار ثابتاً في قناعة معراب أنّ "التيّار" يريد إلغاءها حكومياً بعد رفضه الشراكة المسيحيّة معها وبعد أنْ سقطت أوراق التفاهم المسيحي بالحسابات الباسيليّة المستقبليّة.
الدافع غير المباشر و"المستتر" هو الانزعاج الدائم من جبران باسيل، فالطرفان تجمعهما "مصيبة" عدم القدرة على التفاهم والتناغم مع الوزير باسيل والخلاف كان دائماً قائماً بالمواجهة بين رئيس "تيّار المردة" ورئيس "التيّار الوطني الحر" وبين وزراء "القوّات" ووزراء "المردة" من جهة ووزراء "التيّار الوطني" من جهة أخرى، وكان آخر كلام على هذا الصعيد وصف باسيل لوزير الأشغال العامة في حكومة تصريف الأعمال يوسف فنيانوس بـ"الطش في وزارته"، الأمر الذي يبدو غير قابل للمعالجة بين الأحزاب المسيحيّة الثلاثة في ظل الـ"فيتو" العوني على "القوّات" و"المردة".
في هذا السياق كلّه لا يجب إغفال نقطة أساسيّة توجب التقارب بين زغرتا وبشري ليست واردة بالمكتوب والمقروء في عناوين اللقاء، وهي تخفيض أسهم باسيل الرئاسيّة. فالرجل فاض حجمه ولا مكان له في استحقاق 2022 في أجندة معراب وزغرتا فاقتضى ذلك اللقاء وطي صفحة الماضي.
 

  • شارك الخبر