hit counter script

خاص - جورج غرّة

القوات حيث لم يتوقع الكثيرون

الخميس ١٥ أيار ٢٠١٨ - 06:06

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لم يشأ حلفاء القوات اللبنانية الإعتراف بحجمها وقدرتها ومظلومية تمثيلها، بعضهم كان يعلم وقد يقول اليوم لو كنت أعلم، بعضهم الآخر لم يشأ أن يعلم وتجاهل وراح ينفخ حجمه داعياً القوات للعودة إلى الرحم الذي خرجت منه، وحدهم خصوم القوات كانوا يدركون، من قول الرئيس نبيه بري عن القاعد فوق وعم يتسلى فينا، إلى مخاطبة رئيس الحزب بإسمه سمير سعياً للندية في الأحجام، وصولاً إلى الخصم الأساسي سياسياً وعقائدياً وشعبياً، عنينا حزب الله الذي يخوض مواجهته مع القوات بكل الحذر الواجب من خصم قوي وقادر.
منذ ما قبل العام 2009 شكّلت القوات اللبنانية رأس حربة 14 آذار في الأيام الصعبة في مواجهة حزب الله من حصار السرايا إلى غزوة بيروت دون إغفال دور الحزب التقدمي الإشتراكي الذي يئس من تيار المستقبل وتنازلاته وقرر باكراً الخروج من المأزق والجلوس على ضفة النهر لتبقى القوات الرافعة الأساسية والبوصلة والمنارة لثورة الأرز بعد تمايز البعض وفتح باب التواصل مع حزب الله ما أدى إلى تحييده عن المواجهة الكبرى.
عند المشاكل كان على القوات أن تلعب دور "أم الصبي" وعند المكاسب يتقاسم الآخرون المغانم وفي أحسن الأحوال يكافئونها بتربيتة على الكتف وكلام لطيف لا يغني ولا يسمن وليس من الشراكة بشيء، حتى طفح الكيل بعدما وصلت الأمور إلى الإستسلام وجلد الذات ومحاولات إرضاء حزب الله بأي ثمن، فكان قرار القوات الخروج من هذا الواقع بعملية جراحية بمبضع الحكيم، لإخراج جنين الثورة من رحم الأم المتخاذلة، وبدأت القوات اللبنانية مساراً شكّل صدمة لدى من لم يكن يعلم إلى أين ستصل القوات بعمليتها.
لم يعرفوا الهدف وراقبوا يد الحكيم بدل أن يراقبوا مبضعه، إعتقدوا أنها عملية أحجام، وهذا صحيح في جانب ثانوي منه، ولكن الحقيقة أنها كانت عملية إستئصال ورم كاد أن يقضي على ما تبقى من الصبي وأمه وأبيه.
ملء فراغ بعبدا، المشاركة في الحكومة، تقديم نموذج صالح في ممارسة السلطة، تمرير قانون إنتخاب جديد شكّل الوسيلة الأساسية للعبور إلى وضع سياسي جديد للخروج من الجمود القاتل، وصولاً إلى النتائج الباهرة التي حققتها القوات اللبنانية.
هذه العملية كان يمكن أن تكون ناجحة لطاقم ثورة الأرز لو لم يتله في محاولة الحفاظ على المكاسب الفارغة وطنياً فأضاع فرصة ثمينة ودفع ثمناً باهظاً نتيجة الخطأ في الرؤية، وبدل وضع يده في يد الحكيم راح يغوص في مستنقع ويحاول جرّ القوات إليه التي أفلتت يده بعد فقدان الأمل وتعرضت نتيجة ذلك لمحاولات عزل إنعكست إيجاباً وتعاطفاً شعبياً مع القوات نتيجة الثقة مع جمهور الرابع عشر من آذار.
حققت القوات اللبنانية إنتصاراً مبيناً وغير مفاجئ إلا لمن لا يعير الإهتمام والعين والأذن لقواعده والرأي العام ما أنتج تراكم أصوات من جميع الطوائف لمصلحة مرشحي القوات لينتهي المخاض بولادة طبيعية لمولود سليم ومعافى وبداية جديدة على أسس متجددة قادرة على معالجة رواسب الماضي وأخطائه إذا تعلّمت الأطراف درسها وأحسنت التعامل مع الواقع الجديد، فماذا ستكون عليه الحال لدى أصحاب الشأن؟

  • شارك الخبر