hit counter script

الحدث - مروى غاوي

عن جنبلاط "بي الكل" في معركة الجبل

الأربعاء ١٥ كانون الثاني ٢٠١٨ - 06:07

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

اي سر يخفيه النائب وليد جنبلاط في هدوئه الجديد وحركته الناعمة تجاه الجميع وكأن معركة الجبل لا تعنيه، واين هو جنبلاط الذي كان "يبرق ويرعد" في الاستحقاقات الانتخابية واعدا ومهدداً الجميع بعاصفة مزلزلة اذا ما اقترب احدهم من امارته الانتخابية، وماذا حل بجنبلاط واي نعمة هبطت عليه ليستوعب الجميع خصوم وحلفاء الامس، ومع من سيتحالف في الجبل طالما هو على وئام مع الجميع، هل يتسع المركب الجنبلاطي لكل هؤلاء الركاب "الطامعين" بمقاعد وخصوصاً من المسيحيين؟

في مركب واحد يريد وليد جنبلاط ان يبحر تيمور في قلب العاصفة الانتخابية بدون ان يلحق به اضرار، على يمينه يجلس الوزير جبران باسيل ليساعده في تصويب الاتجاه وعلى يساره الدكتور سمير جعجع الحليف للزعيم الدرزي مهما عصفت قوة الطبيعة والمتغيرات منذ مصالحة الجبل، فالزعيم الدرزي يدور حول نفسه اكثر من دورة هذه الايام محاولاً الجمع بين الكل تقريباً في دائرتي الشوف وعاليه في محاولة لتقريب المسافات بين القوى والاحزاب المسيحية مما يجنب الجبل معركة انتخابية قاسية، وحيث تعمل الماكينة الحزبية الاشتراكية على محاولة تضييق رقعة التنافس الانتخابي وتقسيم "الجبنة" الانتخابية على كل الافرقاء، وحيث علم ان جنبلاط قدم اكثر من عرض للتيار الوطني الحر وللقوات في هذا السياق على تقاسم المقاعد المسيحية .
فوليد بيك بانتقال الزعامة الى تيمور بات بعد خلافات قديمة في السياسة والانتخابات على مسافة قريبة ووئام غير مسبوق ولا تفسير له مع التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل في سابقة غير مألوفة في تاريخهما السياسي، وجنبلاط هو الصديق والحليف الطبيعي لرموز قواتية ونواب القوات في الجبل كالنائب جورج عدوان في حين ان العلاقة واضحة مع النائب فادي الهبر الذي كان مرشح 14 آذار في الانتخابات الماضية بالتحالف مع الاشتراكي ضد التيار الوطني الحر.
فجنبلاط اليوم غير جنبلاط بالامس، من يتذكر بعض تفاصيل انتخابات 2009 يدرك مدى بطش الزعيم الدرزي في حينه وانه كان الحاكم الأول في الجبل يقرر ما يريد ويخوض ابناء بني معروف الى المعركة رغم ان المسيحيين يتفوقون عليه بالعدد، والكل يتذكر كيف صيغت القوانين في كل الانتخابات والمراحل اللبنانية على قياس جنبلاط وامارته الشوفية، وصولاً الى بعبدا وحيث قاتل التيار الوطني الحر لاختراق الدائرة الجنبلاطية بدون جدوى، فجنبلاط كان يسمي النواب المسيحيين في الجبل، وكان تحالف 14 آذار وجنبلاط يقطعون الطريق على مسيحيي الجبل العونيين، اما وقد تغير اليوم ما تغير في قانون النسبية الجديد فان جنبلاط لم يعد يشبه نفسه انتخابياً ولم يعد المتحكم بمسار العملية الانتخابية في الجبل
التيار الوطني الحر خاض معارك انتخابية قاسية في وجه الاشتراكي، قبل ان ينجز الاخير تموضعه السياسي الجديد وتتحكم به لعبة نسيان الماضي والاحتكام الى المستقبل، هذا الموضوع يحرص عليه جنبلاط اليوم ويمارس سياسة العفو عما مضى في علاقته بميشال عون، القرار متخذ منذ الانتخابات الرئاسية ولا رجوع عنه والعلاقة افضل من قبل مع العهد.
جنبلاط حسبها جيداً انتخابياً، وضعية التيار اليوم تختلف عن السابق هو يتكل على صخرة بعبدا الرئاسية وصار رقماً مؤثراً في المؤسسات وادارات الدولة، من هنا ارتأى جنبلاط ان فتح صفحة جديدة والتقارب من التيار الوطني الحر افضل من مخاصمته وطالما ان ربح العونيين صافي في الانتخابات بفعل قانون النسبي، وبالتالي فان خطة جنبلاط اقتضت بتغيير الستاتيكو الانتخابي طالما ان الصوت التفضيلي هو الذي يقرر في الانتخابات فاقتضى التصويب فبل انتقال الزعامة الى تيمور.
اليوم يرسل جنبلاط اشارات التلاقي وعبارات الود الى الاحزاب والقوى المسيحية، يغازل الجميع ويرغب في التحالف مع "كل" المسيحيين في الجبل، وبحسب اوساط مطلعة فان جنبلاط يعمل منذ فترة على تقريب المستحيلات في الجبل لخلق لائحة ائتلافية تضم التيار الوطني الحر والقوات والكتائب لكن مثل هذا الائتلاف لا يزال يلاقي عراقيل ومطبات مطالب الزعامات المسيحية نظراً لتعدد مرشحي الاحزاب المسيحية الثلاثة وعلى المقاعد نفسها احياناً.
النوايا الجنبلاطية "الطيبة" قد لا تتحقق الا بمعجزة، فمساعيه للائحة جامعة تصطدم برغبة الاحزاب بخوض المعركة وحدها فالتيار الوطني الحر يتحين الفرصة الرابحة اليوم ولديه مرشحيه الثابتين في بعبدا النواب الثلاثة، وفي الشوف ماريو عون وناجي البستاني عن المقعد الماروني وغسان عطالله عن المقعد الكاثوليكي، وفي عاليه الوزير سيزار ابي خليل عن المقعد الماروني وايلي حنا عن المقعد الارثوذكسي فيما القوات رشحت أنيس نصار في عاليه وتتمسك بالنائب جورج عدوان في الشوف وفيما تريد الاحرار مقعد كميل دوري شمعون وتتطلع الكتائب الى الابقاء على ترشيح نائبها فادي الهبر في عاليه.
اما اذا وقع ما ليس في الحسبان فالجبل سيكون امام معركة، فالتيار الوطني الحر يعتبر ان القانون النسبي قادر على ايفائه حقه الانتخابي وتأمين فوز لم يكن يحصل في الانتخابات الماضية فالظروف المحيطة بالمعركة اليوم تختلف عن ظروف انتخابات 2009 بعدما اصبح شريكاً وحليفا اولياً لتيار المستقبل، ومن جهة القوات فالواضح ان القوات تسير عبر الخطوط مع جنبلاط ولا ترغب القوات بالدخول في معركة مباشرة مع وليد جنبلاط ومع ذلك تتطلع الى الحصول على نائبين مسيحيين.
حسابات السلم مع جنبلاط تختلف عن حسابات المعركة، فالتيار الوطني الحر يعتبر الوقت اليوم يسمح بتحقيق حلمه التاريخي في الحصول على مقاعد مسيحية بمعركة او بغيرها في جبل وليد جنبلاط، والقوات تريد تثبيت تحالفها مع الزعيم الدرزي، فيما وضعية الكتائب تبدو متأرجحة خصوصاً ان الكتائب تخوض معاركها في كل المناطق بشعار المعارضة.
جنبلاط "الذكي"حسبها جيداً، هو يعرف ان ثمة قراراً بسحب البساط من تحته "وفك رهن"المقاعد المسيحية جار من قبل القوات والتيار والكتائب، بانتظار ان يلعبها البيك صولد لنجله تيمور فيؤمن له تموضعاً وتحالفات غير قابلة للاختراق.
 

  • شارك الخبر