hit counter script

مقالات مختارة - جوزف الهاشم - الجمهورية

"نائبة" بشرِّي... وجمهورية بعبدا

الجمعة ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٧ - 06:42

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

قرأت خبراً في وسائل الإعلام، وليْتَكُمْ تقرأونه معي فيقول: «عاد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الى بيروت برفقة عقيلته «النائب» ستريدا جعجع بعد جولة خارجية»، في أوستراليا... وخلال هذه الجولة الخارجية في أوستراليا قرأتُ خبراً آخر يقول: «وعَدتْ النائب» ستريدا جعجع...!

وقبل أن نقول بماذا «وعدت النائب»، يتوجّب أن ننتزع وعداً من رئيس المجلس النيابي بتصحيح هذا الخلل الفادح والخطأ الفاضح الذي يقع فيه أهل البرلمان وأهل السياسة وأهل الإعلام، على السواء...

لا يزالون يُصرّون على إطلاق لقَب «النائب» على البرلمانية المؤنَّثة بحجَّة أنَّ لفظة النائبة تعني المصيبة، مع أنهم في هذا يرتكبون ثلاث مصائب معاً:

- مصيبة لغوية بتذكير المؤنت اللفظي...
- مصيبة نوعية بتذكير المؤنث الحقيقي...
- مصيبة دستورية بتشويه اللغة العربية التي يعتبرها الدستور اللغة الوطنية الرسمية.

هناك حالة واحدة تبرّر ارتكاب هذه المصائب عندنا، وهي التشبّه بأهل البصرة حين تدمّرت بالنزاع السياسي، فراحوا يذكِّرون المؤنث ويؤنَّثون المذكَّر دلالةً على الحالة المُخْزية التي بلغتها البلاد من الإنهيار والسوء.

وبالرغم من أن التباساً معنوياً في هذا المجال ينطلي على من يقرأون بيت الشاعر القائل:

وما التأنيثُ لاسمِ الشمسِ عيبٌ ولا التذكيرُ فخرٌ للهلالِ.

فإنّ النائبة ستريدا جعجع، على أنها أخت الرجال يمكن أن تنطبق عليها التسميتان، ولا يستطيع أحدٌ أن ينكر عليها أنها امرأة قوية الشكيمة، صلبة الشخصية، عالية الثقة بالنفس، وإلّا، لما استطاعت أن تحافظ على حزب القوات من التضعضع، وأن تستجمعه بعد تبعثر، في غياب رئيسه على مدى إحدى عشرة سنة في السجن.

أما بعد... فبماذا وعدَتْ النائبة ستريدا جعجع في عشاء رابطة بشري في «ملبورن» أوستراليا؟ فهي تقول: «إني أعدكم بأنه سيكون لنا رئيس جمهورية من بشري مستقبلاً...؟»

ومع أن المعنى في قلب الشاعرة حيال إبن بشري الموعود بالرئاسة، فإنه يُخشى نتيجة التلاعب بقواعد اللغة، أن يؤدي التلاعب بقواعد الجغرافيا الى بروز ثلاثة موعودين بالرئاسة يتنافسون على الإنتساب الى بشري: فهناك من ينتسب الى بشري بحكم الولادة، وهناك من ينتسب الى بشري بالإسم «الجبراني»، وهناك من ينتسب إليها بالإمتداد الجغرافي الزغرتاوي، وبهذا تصبح بشري ميدان صراعٍ «للأجنحة المتكسرة»(1)، فضلاً عمّا تعانيه من ظلم ذوي القربى بين جارة الوادي وجارة الأرز.

ومع أن بشري ليست ممراً إجبارياً للرئاسة كمثل الضاحية الجنوبية، فهل يتحقق حلم صاحبة هذا الوعد على ما يتمناه الشاعر عمر بن أبي ربيعة: «ليتَ هنْداً أنجزَتْنا ما تعِدْ...» فتنتقل «نائب» بشري الى سيدة قصر في بعبدا؟

أو أن كلام الليل على العشاء في أوستراليا يمحوه النهار في لبنان على لسان جارية أمير المؤمنين هارون الرشيد؟

1- «الأجنحة المتكسرة»: من مؤلفات إبن بشري جبران خليل جبران.

جوزف الهاشم - الجمهورية

  • شارك الخبر