hit counter script

أخبار محليّة

قصة الـ1100 ليرة ونادي الغولف اللبناني...

الإثنين ١٥ تشرين الأول ٢٠١٧ - 06:09

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

في الآونة الأخيرة إنشغل الرأي العام في لبنان في قضية الإيجار المنخفض لأراضي نادي الغولف اللبناني، وسُمعت أخبار وشائعات من هنا ومن هناك عن هذا النادي الفريد والعريق في لبنان والشرق حتى، ليتبين ان الحقيقة مغايرة وان النادي الذي تأسس في العام 1923 اي في ايام الانتداب الفرنسي على لبنان هو نادٍ لا يبغى الربح.

هذا النادي الذي ولد منذ قرن من الزمن شكل مساحة ثقافية ورياضية وواجهة لبيروت الحديثة، وهذا النادي لا يزال شاهدا على التاريخ والعراقة وبقي الوحيد حتى اليوم مع قصر الصنوبر من الشواهد على تاريخ لبنان الحديث. ففي حينها سُجّل النادي وتملكّت الهيئة الإدارية أراضٍ مطلّة على تلال من الرمل وأشجار الصنوبر في منطقة بئر حسن، وكان الوالي العثماني ابراهيم باشا، قد سوّر بيروت بها في بدايات القرن التاسع عشر ولاحقاً أصبحت تلك التلال اي "الرمل العالي" وازيلت أشجار الصنوبر عن طريق المطار.
في العام 1963 حصل تحوّلٌ مهم، إذ اتفقت إدارة النادي على استثمار 200 ألف متر مربع، من أراضٍ تخصّ مديريّة الطيران المدني في الأوزاعي، ونقل النادي من طريق المطار القديم إلى الأرض الجديدة. هذا الاتفاق حصل بموجب عقد "مزايدة" رسا على إدارة النادي عام 1963 لمدة 15 سنة. كان ذلك لقاء تثبيت الرمول بالأعشاب والأشجار إضافة الى مبلغ 1100 ليرة لبنانية سنويا واستعمال تلك الأرض لممارسة لعبة الغولف والرياضات الأخرى مثل التنس والألعاب المائية وغيرها. كل ذلك لتثبيت الرمول ومنع إنتقالها بفضل الرياح الى مدارج المطار .
التزم نادي الغولف اللبناني من خلال الإدارات التي تعاقبت عليه بكل حذافير الاتفاق، والأهم أنه ظلّ "جمعية لا تبغى الربح"، فلم يكن يجني الأموال ولا الأرباح من نشاطاته ، بل استثمر كما نصّ العقد الأساسي على الحفاظ على النادي ومعالمه ومبانيه من كل ضرر واذى. وكان الالتزام بالعقود التزام المؤمن بكتاب دينه، وكل سجلّات النادي ونشاطاته تشير فعلاً الى أن وجهة استخدام الأرض والمعلم برمته لم تتغيّر على مدى السنوات. مع العلم أن مصدر التمويل الوحيد للنادي كان الاشتراكات التي جمعها من المنتسبين والعائلات التي يبلغ عددها حوالي 900 الى اليوم.
ومن ناحية الشق القانوني، فإن نادي الغولف اللّبناني هو جمعية رياضية مرخّص لها بموجب العلم والخبر رقم/ 194/، وهي لا تتوخّى الربح وتلتزم بعدم تحقيق أية غاية تجارية عملاً بأحكام المادة الأولى من القرار رقم /486/ الصّادر بتاريخ 13/2/1945 المتعلّق بالجمعيات الرياضية والمادة الأولى من قانون الجمعيات الرياضية الصادر بتاريخ 29/8/1990 والمادة السابعة من المرسوم رقم /899/ الصادر في 12/11/2007.
ومنذ العام 1963، قامت الدّولة اللّبنانية، ممثّلةً بوزارة الأشغال العامة والنقل، بتلزيم النادي زراعة الأراضي الرملية المحيطة بمطار بيروت الدولي بالأعشاب والأشجار وصيانتها لتثبيت الرمال وري هذا العشب بإستمرار والحؤول دون إعاقة أو تعطيل حركة الطيران في المطار الدولي ومدرّجاته، بمقابل ولقاء الترخيص لهذا الأخير باستعمال الأراضي لممارسة رياضة الغولف.
ومنذ ذلك التاريخ، والدولة اللّبنانية تجدّد رضائياً التلزيم المعطى للنادي (عقد الإستثمار الزراعي) وآخرها تمثّل بموافقة مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ 30/6/2010 على تمديد العقد المذكور لمدة سبع سنوات.
وفي إطار إدارته للأراضي كما تقدّم، يتكبّد النادي يومياً مصاريف وأعباء مالية كبيرة، فهو يقوم بإستيراد الأعشاب والأشجار ذات الجودة والنوعية وأدوات الري من الخارج من أجل زراعة الأراضي والمساحات المستأجرة وتثبيت الرمال والقيام بالتحسينات والإصلاحات الدائمة، بالإضافة إلى أتعاب المهندسين الزراعيين ورواتب وأجور الموظفين وغيرها.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن مصدر تمويل النادي الوحيد هو الإشتراكات التي يجمعها من المنتسبين التي يبلغ عددهم حوالي الـتسعماية إلى اليوم، إضافة إلى العائدات الرمزية التي تعود على النادي والتي بالكاد تساهم في تغطية جزء بسيط من التكاليف الإدارية والتي تُصرف وتُخصّص لهذه الأهداف والغايات حصراً.
إضافةً إلى كل ما تقدّم، وعلى الرغم من أن النادي لا يتوخى الربح، فهو يسدّد الضرائب والرسوم لا سيما منها الرسوم البلدية التي تتجاوز قيمتها ثلاثماية مليون ليرة لبنانية سنوياً.
إن نادي الغولف اللبناني يتمتع بتأثير كبير على البيئة ويلعب دوراً في تحسينها كما تحسين مدينة بيروت وضواحيها. وإن النسيج الحضري المحيط بنادي الغولف اللبناني مكوّن من الإسمنت أو الباطون الذي غزا جميع المساحات الخضراء التي كانت موجودة في المدينة. ونادي الغولف حالياً هو المساحة الوحيدة الخضراء المتوافرة في البقعة الجغرافية التي يقع فيها وهو يشكّل رئة المنطقة أو مساحة للتنفس والأوكسجين. لذلك، وباختصار فإن النادي لا يخدم فقط البيئة من خلال توفير جوّ جمالي وصحي ولكنه أيضاً مخصصّ للأنشطة الرياضية وممارسة الألعاب الرياضية التي لها انعكاس كبير على صحّة الانسان والتي يصعب على ابن بيروت أن يجد مكاناً يمارس فيه الرياضات هذه على تنوّعها في مكان واحد: بدءاً من الغولف والتنس والسباحة وملاعب الأطفال وصولاً الى التمتع بمناخ بيئي نظيف وخلّاب في مكان واحد وسط بيروت.
يذكر ان نادي الغولف اللبناني تكبد خسائر جسيمة خلال الحرب وخصوصا خلال الاجتياج الاسرائيلي حيث دمر بشكل كامل واستطاع بفعل النهوض من جديد والعودة أفضل مما كان بفضل تصميم وإرادة أعضاء ورؤساء النادي الذين تعاقبوا على إدارته.
إذا وبناء على ما تقدم، فإن منافع نادي الغولف كثيرة وهو حقق منذ عشرات السنوات صورة مثالية عن لبنان ومنحه الوجه الحضاري وحافظ على الأرض خضراء وعلى جمالية المنطقة، ومنع انتقال الرمول الى مدارج مطار بيروت الدولي، ولم يحقق الأرباح بل تكبد المصاريف، وكل حديث خلاف عن ذلك الأمر هو وهم وإفتراء.


 

  • شارك الخبر