hit counter script

مقالات مختارة - منى فهد عبدالرزاق الوهيب |

قولبة ذهنية...!

الأحد ١٥ آب ٢٠١٧ - 08:13

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

في حياتنا أشخاص يميلون إلى الصرامة والعناد، وهم من الأصناف التي تتصف بالصراحة المتناهية والميل إلى فرض أفكار غير متفق عليها، وقدرتهم على ترويض أنفسهم للتعامل مع الآخرين تعدّ محدودة، كما أن قدرتهم على تجزئة الفكرة واتخاذ مواقف من الأفكار المطروحة أيضاً محدودة، هم الأشخاص المقولبون ذهنياً.

السؤال المهم كيف نتعامل مع هؤلاء المقولبون ذهنياً؟ خصوصا إن كانوا من الناس المقربين أو من نخالطهم بشكل يومي، وقبل أن نبحث عن طريقة وأسلوب التعامل، من المهم أن ندرك أن القولبة الذهنية ليست شراً خالصا، بل أحيانا يحدّون من اندفاع المتهورين في مسائل التجديد والتطوير، ويمنحون العمل درجة من الصلابة والمتانة، ويلمّون شتاته، ويبثون القوة في النفوس المترددة، إنهم عنصر أمان وعنصر توازن في الوقت نفسه.

إن التعامل مع المقولبين ذهنياً يحتاج الحكمة واللطف والحذر حتى لا نخسرهم وخصوصا إن كانوا من الأرحام، من السهل أن يزيدوا في درجة عنادهم وتقوقعهم على أنفسهم إذا اتهمناهم بالعناد أو ضيق الأفق، ومن الملائم جداً عند مجادلتهم اتباع طريقة بلورة المزايا والعيوب، كقولنا: ما مزايا قولك؟ ما براهينه، وما مستنداته المنطقيّة؟ وما هي عيوبه؟ وما نقاط ضعف قولك؟ وإتاحة الفرصة ليطلب من الطرف الآخر المخالف له المطالب نفسها، هذا الأسلوب في التعامل مع المقولب ذهنيا يفتح باباً للجدل، ويخفف من لغة التحدي، ويجعله يعتقد أن للحوار إيجابيات، ويعترف بإمكانية وجود درجة من الصحّة والقوة للأقوال المخالفة، وقبل هذا وذاك حتى لا نخسره ويبقى ميزان وصمام الأمان لحياتنا.

مع المهم في تعاملنا مع المقولب ذهنياً أن نحسن الاستماع له، وأن نطلب منه الشيء نفسه، وذلك لأنه لا يملك الحساسية الكافية للتفريق بين ما يشكل رؤية شخصية اجتهادية ظنية، وبين ما هو من قبيل الثابت والقطعي، وضعف هذه الحساسية يشكل جزءاً من البنية المعرفية لكل البيئات التي ينتشر فيها الجهل والفقر المعلوماتي، والاستماع يساعده على التركيز والتفريق، ولهذا من المهم عند التعامل والتحاور مع المقولب ذهنياً أن نثري تقنيات التفريق بين الظني والقطعي، والشخصي والعام في عالم الأفكار والآراء. القولبة الذهنية نتاج تعليم مشوّه وبيئة يغلب عليها الجهل، وهنا لابد من التقدم على هذين الصعيدين، لنساعد على التخفيف من تفاقم هذه المشكلة، ونحافظ على أشخاص مهمين في حياتنا.

 منى فهد عبدالرزاق الوهيب |

 


 

  • شارك الخبر