hit counter script

باقلامهم - المحامي لوسيان عون

لاآت تتحوّل الى خيبات أمل .. فهل يعتكف الرئيس ؟

الثلاثاء ١٥ أيار ٢٠١٧ - 06:08

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لا للفراغ... لا للتمديد... لا للستين... شعار "اصلاحي" جديد أطلقه رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون مؤخراً حسم به كل ما قيل عن احتمالات وفرضيات واجتهادات تدور في فلك المناخ الانتخابي الذي يسيطر على المشهد اللبناني، ليعطي جرعة من الامل في استعادة بعض ما فقدته الرئاسة الاولى من جراء اقرار التعديل الدستوري في الطائف وانتزاع جزء من صلاحية رئيس الجمهورية لمصلحة مجلس الوزراء .
لكن القول شيء والفعل شيء آخر، بعدما باتت صلاحيات الرئيس محدودة، فلا هو قادر على السير من جديد بقانون الستين بعدما أعلن دفنه وتلاوة صلاة الغائب عليه، ولا هو قادر على منع الفراغ الذي استولدته الازمات السياسية والمماحكات المختلفة والتجاذبات بين مختلف أطياف القوى السياسية، فالتهمته المهل الدستورية، ولم يعد بوسع وزارة الداخلية، ولو تم السير اليوم بالستين والمباشرة بتطبيقه تعيين موعد انتخابات قريب نظراً لاستحالة ذلك ولعدم جهوزية الادارة لمواكبة الاستحقاق لوجستياً. كما لا هو قادر على اقناع من تعهد أمامهم بعدم القبول بالتمديد على توقيع قانونه، ناهيك عن أن حليفه الاول "حزب الله" لا ينفك يعلن متى توفرت له الفرصة أن أي اخلال بأي من تعهداته الثلاث تعني فشل العهد في السير بالاصلاحات المرجوة وتغيير النمط القائم، خاصة وأن ستة اشهر ونيف قد مضت على انطلاقة العهد الجديد دون أن يلمس اللبنانيون أي خطوة الى الامام بل انحرافات نحو الهاوية ان على المستوى المالي أم الاقتصادي أم السياسي .
من السهل بمكان اطلاق الوعود، ورفع لاآت متعددة، بل كل اللبنانيين يطمحون الى استقرار عمل المؤسسات والتغيير والاصلاح ومنع الفراغ الذي عانوا الامرّين منه سيما في السنوات الاخيرة، والى الازدهار والعمران والبحبوحة ومكافحة الفساد ووقف الهدر والشفافية، لكن بين القول والفعل مسافات ضوئية في لبنان، وقد كلّ اللبنانيون من الوعود الطنانة والرنانة، وهم يطمحون الى رجالات دولة يفعلون بصمت، ويكافحون بحزم، ويقطعون دابر الفساد بيد حديدية، ولم يعد مسموحاً بعد اليوم الاعتياد على تكرار ظاهرة "قم لاجلس مكانك" كما لم يعد جائزة بسط الموائد مع الفاسدين ونحر الخراف واياهم، وتقاسم المغانم معهم، وطمس السرقات ولفلفتها بذريعة أننا مجبرين على تقبل الفاسد، ولا حياة من دونه، ولا يمكننا الوصول الى ما نبتغي بمعزل عنه، على النحو الذي قامت عليه التسويات التي أحرقت المراحل واسرت حرية القرار وأجهضت فرص التغيير والاصلاح المبتغى والمطلوب .
من هنا يقف لبنان اليوم أمام مفترق طرق مصيري بنيوي دستوري، حيث مصير الوطن على المحك، فاما بناء دولة علمانية عصرية بعيداً عن المحاصصات الطائفية والمذهبية، وفصل الدين عن السياسة، واما تسليم زمام الامور للاقطاع والتجار وأمراء المناطق والطوائف، وليتم تقسيمه الى دوائر عشائرية وعائلية وجزراً أمنية تأخذ بعين الاعتبار مراكز النفوذ ومكامن القوة والسلاح وهو أبشع من ظاهرة التقسيم والتفتيت، ما يشبه ما حدث ايام الحرب الاهلية البغيضة حيث كان حكم أمراء الحرب وقبضايات الزواريب والاحياء، حينها اضمحلت الدولة بأجهزتها ودوائرها ومرافقها الحيوية وقامت مكانها محميات عسكرية بحكم ذاتي .
من لاآت قاطعة الى الرضوخ والاذعان لمشيئة الانقلابيين الجدد ظاهرة لا تبشر بالغير وهي تأكل من رصيد العهد ومن هيبة رئاسة الجمهورية، ما يعدّ أكبر نكسة لها في مطلع العهد الجديد، ليقول من كسر الطوق الثلاثي وأسقطه أن القرار الفيصل لا يعود لا لرئاسة الجمهورية ولا للمسيحيين، بل الى حكومة ظل رافقت العهود الغابرة من ايام الرئيس سركيس حتى يومنا هذا، على أن تبقى خرطوشة واحدة بيد رئيس الجمهورية لتزلزل الارض وتضع الجميع أمام مسؤولياتهم: اعتكاف الرئيس... فهل يرضى من زايد بدعمه له أن يضع العصي في دواليب الرئاسة ومسيرة النهوض في لبنان؟
 

  • شارك الخبر