hit counter script

مجتمع مدني وثقافة

مؤتمر "الاعلام ناشر الحضارات" ناقش مستقبل الخريجين في ظل الأزمة الاقتصادية

الثلاثاء ١٥ آذار ٢٠١٧ - 12:17

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

بدأت أعمال اليوم الثاني من المؤتمر الدولي ل "الوكالة الوطنية للاعلام" "الاعلام ناشر الحضارات وهمزة وصل للحوار"، أدارت الجلسة الخامسة الاعلامية ألين فرح، وتحدث فيها كل من: عميد كلية الاعلام في الجامعة اللبنانية جورج صدقة، مدير كلية الاعلام في الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا جورج فرحة، مدير وأستاذ الدراسات الاعلامية في الجامعة الأميركية نبيل دجاني، ونسيم خوري أستاذ مشرف في المعهد العالي للدكتوراه.

والقى صدقة مداخلة استهلها بطرح عدد من الاسئلة تتعلق بحاجة السوق، وعدد الخريجين وأين يعمل الخريجون؟".

وقال: "هناك حوالى 20 كلية اعلام ونصف من يدخل سوق العمل هم من خارج هذه الكليات، فأي اختصاص تقليدي ليس فيه فائض؟ انها مشكلة ظرفية عرضية تنال كل القطاعات"، لافتا الى أن سوق العمل مرتبط بالوضع الاقتصادي العام، حجم سوق الاعلانية، المستوى الاعلامي والدور الذي يلعبه، والواقع النقابي والتنظيمي وقانون الاعلام والوضع الاقليمي العام".

وعرض للحلول التي "أوجدتها كلية الاعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية التي تحتفل هذه السنة بذكرى مرور 50 عاما على تأسيسها، اذ أنشأت "ماستر" بالاعلام الرقمي ما يعني أننا نتجه اكثر نحو الاعلام التخصصي، بالاضافة الى ماستر في الاقتصاد والتنمية، وفي الصحة والبيئة، وتعمل على تطوير المهارات الرقمية واللغوية".

وتحدث عن "حلول للخريجين منها ايجاد ميادين عمل متعددة، وخلق المدينة الاعلامية".

وتحدث فرحا عن "مستقبل خريجي كليات الاعلام في الازمة الاقتصادية" فقال: "لا أقول جديدا، اذا كشفت عن واقع اعلامي متدهور في لبنان، مهنيا واخلاقيا. فلبنان الذي أطلق النهضة الفكرية في العالم العربي، وأسس رواده في الصحافة زمن التنوير، وأسسوا كبريات الصحف والفضائيات في الدول العربية والخليجية، هذا اللبنان يغرق اليوم في ظلمة إعلامية مخيفة. بعد الازمة المالية التي اجتاحت العالم سنة 2008، وأصابت وسائل الاعلام في العالم كله ومن ضمنه لبنان، لهذا ربما يكون السبب اقتصاديا. وربما أيضا يكمن السبب في توقف الاستثمارالخارجي في الاعلام اللبناني بسبب ظروفنا الداخلية المضطربة، فتراجع التطور والتحديث، وضاق سوق الاعلان، وقلت فرص العمل، وأغلقت بعض المؤسسات الاعلامية، وربما أيضا وأيضا يعود السبب الى الفترة الانتقالية التي نشهدها بين اعلام تقليدي واعلام رقمي، وربما وربما، لكن الأكيد أن الاعلام في لبنان ليس بخير. لهذا كان لا بد من مدخل سريع لوضع هذا اللقاء معكم في إطاره، ليكون مفيدا وبناء".

أضاف: "الحقيقة أن الحاجة لمزيد من فرص العمل في لبنان تزداد يوميا، ولكن كما يعلم الجميع تبقى السوق اللبنانية عاجزة عن توفير الفرص الكافية لخريجي الجامعات، مما يدفع بعضهم وخصوصا خريجي كليات الاعلام في لبنان، إما إلى القبول بأية وظيفة، أو حزم الأمتعة والهجرة إلى بلد آخر، أو الوقوع في شرك البطالة".

وتابع: "هنا لا بد من الاشارة الى الأمور الاتية:

أولا: فرص العمل ضمن الاختصاص: هناك عدد كبير من المتخرجين اللبنانيين ومن ذوي إختصاص الاعلام ممن يئسوا من إيجاد فرصة عمل ضمن اختصاصهم، وقد إنتهى بهم الأمر للعمل في المطاعم أو المقاهي أو متاجر الألبسة. هؤلاء الشباب إضطروا لمزاولة أي عمل لكسب لقمة العيش، في حين عدد آخر لا بأس به اختار الهجرة لأي بلد يقدم لهم إمكانية العيش الكريم وفرص عمل لائقة. ومع تزايد عدد النازحين في السنوات الأخيرة، والذين يقبلون بأجور زهيدة مقابل أعمال كثيرة، أصبح الكثير من الشباب والشابات اللبنانيين الذين يبدأون العمل في المقهى أو المطعم على أساس عملا مؤقتا، يقضون سنوات وسنوات كثيرة في المقهى أو أي مكان آخر شبيه، بسبب عدم إيجاد فرصة عمل أفضل. المستغرب اليوم، وبسبب الضيقة المعيشية، هناك العديد من المتخرجين من ذوي الاختصاصات المتنوعة وبخاصة الاعلام يقدمون على مزاولة اي مهنة، لتأمين لقمة العيش، ولو كان العمل بعيدا جدا عن طموحاتهم.

ثانيا: هجرة حاملي الشهادات: إن أزمة الهجرة أساسها الفائض من الخريجين من كليات الاعلام حيث اصبح عددهم ما يقارب العشرين أو أكثر ومع تزايد معدل البطالة سنة بعد سنة في لبنان، وحيث أن خريجي الجامعات في جميع الاختصاصات يشكلون ما يزيد عن 35% من مجموع العاطلين عن العمل في لبنان. لهذا نرى ارتفاعا كبيرا في معدلات الهجرة عند الخريجين. البيانات المتوافرة حول خصائص المهاجرين في السنوات الأخيرة تشير إلى أن حوالى 40 % منهم هم من حملة الشهادات الجامعية. وترتفع هذه النسبة الى 46 في المئة عند المهاجرين الشباب، علما أن حوالى 83 في المئة من المهاجرين الجامعيين هم من المهندسين وخريجي العلوم الطبيعية والعلوم البحتة والمعلوماتية وإدارة الاعمال والعلوم الاعلامية.

ثالثا: التنسيق بين سوق العمل والجامعات: هنا لا بد من الاشارة الى الغياب الفادح في التنسيق بين الوزارات والجامعات وسوق العمل، وهذا يكاد يطيح بمستقبل الشباب اللبناني، فواحد فقط من أصل 5 متخرجين من جميع الاختصاصات ومنهم طلاب الاعلام مثلا، يجد فرصة عمل في لبنان. المعروف ان النسبة الأكبر من الطلاب والطالبات اللبنانيين يتوجهون اليوم إلى اختصاصات الإدارة، والحقوق والآداب، والتي تعاني من فائض حقيقي في العرض، فيما سوق العمل اليوم بأمس الحاجة إلى مهنيين. بعد الحرب الأهلية تحول لبنان إلى الاقتصاد الريعي الذي يعتمد على العقارات والأوراق المالية والأسهم وغيرها، الأمر الذي لا يخلق فرص عمل كثيرة، مقابل إهمال القطاعات الإنتاجية التي تفتح المجال لآلاف من الشبيبة لتحقيق طموحاتهم والعمل في اختصاصاتهم، وهنا لا بد من الاشارة الى ضرورة اعتماد سياسة للتكامل بين التعليم وسوق العمل".

رابعا: تحديث البرامج والتوجيه المهني: ترفد الجامعات في لبنان سوق العمل بمئات الخريجين سنويا، تحظى قلة منهم بوظيفة أو مهنة تتناسب مع إختصاصهم الجامعي. فسوق العمل غير قادرة على امتصاص الكم الهائل من الخريجين بسبب عدم تكافؤ علومهم ومهاراتهم مع حاجاته، وهو أمر يعود إلى عوامل عدة من بينها النقص في التوجيه المهني في المدارس، وفي التدريب العملي في مؤسسات التعليم العالي، بالإضافة الى النقص في الإختصاصات الجامعية التي تحاكي حاجات ميدان العمل".

وسأل "من هو خريج كليات الاعلام؟ هل هو الصحافي؟ أي الكاتب أو المحرر أو رئيس تحرير؟ أم أن خريج كليات الاعلام يمكن أن يكون مصورا فوتوغرافيا، أو مصورا سينمائيا، أم مصمم زخرفة Graphic Designer، أم مهندس صوت، أم مولف Video & Sound Editor، أم مصمم خشبة مسرحStage Designer؟

وقال: "كلمة كلية الاعلام كلمة فضفاضة وكبيرة. كلية الاعلام ليست كلية اختصاص صحافة وحدها انما هناك العديد من الاختصاصات التى يمكن أن تتضمنها كليات الاعلام وبهذا التوزيع تصبح عملية ايجاد فرص العمل ممكنة وفي جميع المؤسسات وليست محصورة في مجال واحد. وهنا لا بد من الاضاءة على موضوع اختيار الاختصاص أو المهنة حيث أن الكثير من الطلاب ولعدم وجود برامج لتوجيه يقومون باختيار الاختصاص دون معرفة مسبقة أو أن هناك أشخاصا من محيطه حققوا تقدما وهو يريد أن يكون على شاكلتهم. ونحن هنا نؤكد في هذا الإطار، أن الفرد لا ينبغي أن ينقاد وراء الآخرين أو أن يدخل مهنة لمجرد التقليد والمحاكاة، فما يصح لشخص قد لا يفيد شخصا آخر. لذلك نشدد على أهمية التوجيه المهني بدءا من مرحلة التعليم الثانوي، حيث تتم مساعدة الطلاب في اختيار الإختصاص الجامعي بما ينسجم مع قدراتهم وتطلعاتهم واستعداداتهم الذهنية والفكرية من جهة، وما يوافق حاجات سوق العمل من جهة أخرى. وتساعد هذه العملية في حال تطبيقها في مختلف المدارس على الحد من التوجه إلى الإختصاصات التي لا تتوافق مع حاجات سوق العمل".

أضاف: "الأمر الآخر هو عملية تحديث البرامج في كليات الاعلام كي تتماشى وسوق العمل. علينا جميعا ككليات اعلام في لبنان أن نتنبه الى هذا الموضوع وأن نقوم بالتنسيق مع متطلبات سوق العمل أو ميدان العمل كما يحلو لسعادة المدير العام لوزارة الاعلام الدكتور فلحة أن يسميه. لا بد من اضافات كثيرة يجب العمل عليها في برامج كليات الاعلام، وخصوصا بعد أن أصبح العالم الرقمي هو الأقوى والحاضر في كل المجالات. من هنا يجب اعداد برامج متطورة تتماشى مع متطلبات الأسواق داخلية كانت أم خارجية. وهنا نسأل عن دور ومسؤولية وزارة التربية والتعليم العالي في المراقبة أو المحاسبة ما قبل، وما بعد منح التراخيص لمؤسسات التعليم العالي في لبنان. اننا نشدد على هذا الموضوع كي تستوي الأمور بشكل صحيح ولا يعود المتخرج عائقا على مجتمعه وعلى محيطه".

وتابع: "خامسا: الحلول واختيار إختصاصات جديدة: هناك حلول عدة للأزمة المطروحة، من بينها الحد من الإلتحاق بالإختصاصات التقليدية التي يفاقم الإقبال الشديد عليها مشكلة البطالة، حيث هناك فائض من الطلاب المتخرجين في مجالات الاعلام والطب والمحاماة والهندسة. كذلك من الضروري أن تواكب مؤسسات التعليم العالي المستجدات في أسواق العمل المحلية والخارجية، وأن تسعى إلى الإستجابة لحاجاتها عبر استحداث إختصاصات جديدة من شأنها خلق فرص عمل متجددة للشباب اللبناني، وتحفيز طاقاتهم باتجاه مهن تحاكي العصر والتطورات التكنولوجية والفكرية. ويلاحظ في هذا المجال أن بعض الجامعات قد باشرت بالفعل في السنوات الأخيرة، في ادراج العديد من الإختصاصات الجديدة، لا سيما المتعلق منها بمجالات علوم التواصل والاعلام. الحقيقة، هناك اختصاصات ذات مستقبل واعد من ناحية التوظيف في لبنان، حيث تشير الطلبات التي تسجل من قبل الشركات الموظفة إلى الحاجة الماسة لموظفين ذوي انفتاح على مجالات جديدة، ولا يكون تعليمهم قائما على التلقين فقط، إنما على التجارب ومحاكاة العمل اليومي من خلال الدراسة الجامعية".

وحث "مؤسسات التعليم العالي على اعتماد برامج تعليمية تجمع ما بين الإعداد العلمي للطالب والتدريب العملي من خلال ممارسته نشاطا مهنيا يتعلق بموضوع اختصاصه. ويلاحظ أن بعض الجامعات قد باشر برنامج الإعداد بالمناوبة الذي يقضي بأن يرتبط الطلاب وهم على مقاعد الدراسة بعقود عمل في مؤسسات انتاجية، بحيث تتوزع فترة إعدادهم العالي بين الدراسة في الجامعة والممارسة المهنية في مؤسسة الانتاج".

وقال: "لا يجب أن تغيب روح الأمل عن المتخريجين الإعلاميين، فالصبر مفتاح الفرج والطموح شمس النجاحات الإنسانية. فلا بد من إشراقة فجر جديد مليء بالتفوق والإنجازات بما يتناسب مع تقدم العمل الإعلامي والاختصاصات الأخرى في هذا البلد الصغير بمساحته، والكبير بسمعته وبصمته وإنجازاته. كفانا تهجيرا لشبابنا الى الخارج، اننا نتطلع الى خطة انقاذ شاملة وعميقة وجذرية في الاعلام اللبناني على جميع المستويات".

وجدد الدعوة "من هذا المنبر بالذات الى:

- أن نلتزم جميعا بإعداد خريجين متميزين فى مجالات الاعلام المختلفة وتأهيلهم تأهيلا علميا ومهنيا وتكنولوجيا متطورا يلبي احتياجات سوق العمل ومتطلبات المنافسة محليا وعالميا، مع رفع مستوى التزامهم بالمسؤولية الاجتماعية والمهنية والاخلاقية تجاه الوطن وقضايا المجتمع، بالاضافة الى اجراء البحوث العلمية المرتبطة بأولويات المجتمع وقضاياه ومشكلاته الأساسية.

- الإرتقاء بمستوى مهنة الإعلام من خلال تحفيز طلاب كليات الإعلام على الإبداع كل في مجال تخصصه. وتقوية الروابط بين الممارسين لمهنة الاعلام والاكاديميين بما يساعد على تقديم أجيال من الشباب المبدعين فى المجالات التى يحتاجها سوق العمل. فلا بأس ، اذا أسسنا "المدينة الإعلامية" التي تجذب الاستثمارات وتؤمن فرص العمل لشبابنا، في بلدهم القائم على المبادرة الفردية التي تحتاج أكثر ما تحتاجه الى الامن والاستقرار والشفافية.

- إتاحة الفرصة لشباب الإعلاميين لتقديم أفكارهم ومواهبهم من خلال عرض إنتاجهم وإبداعاتهم على الخبراء والزملاء وإشراك الطالب في سوق العمل وخوضه للتجربة التطبيقية.

- تدعيم وتقوية الروابط والصلات العلمية والإنسانية بين طلاب الكليات والمؤسسات الإعلامية حكومية كانت أم خاصة.

- تدريب الطلاب المبدعين على ممارسة دورهم الحقيقي فى تطوير المجتمع ومناقشة مشكلاته.

- إتاحة الفرصة لخلق روح تنافسية شريفة فى مجالات الإبداع المختلفة بين كليات الاعلام في لبنان، بما يحفز الطلاب في هذه الكليات على تقديم أفضل ما لديهم، مما يدعم فكرة تقديم أجيال من الطلاب المبدعين في المجالات التى يحتاجها سوق العمل.

- نأسف لأن لا أحد يطبق قانون العمل في لبنان، كل المهن انتهكت ودخلت عليها العمالة الأجنبية.

- المطلوب اليوم اعادة توجيه الناس الى الاختصاصات المطلوبة. المعروف أن نسبة البطالة في صفوف الخريجين الجامعيين في لبنان قد بلغت 13 %، ونسبة الهجرة من المستوى الجامعي بلغت 40 % من أصل 50 % من المهاجرين الشباب في العقد الأخير، حيث أن لبنان شهد زيادة في عدد الجامعات وصل الى 45 جامعة ومعهد وهو رقم يتجاوز كل المقاييس بالنسبة إلى البلدان، فالاختصاصات نفسها تتكرر دون اعتماد برامج جديدة في سياق تخطيط استراتيجي لتقييم الحاجة الى وظائف معينة". 

بدوره، قال دجاني:"بدأت أزمة إيجاد فرص عمل لخريجي كليات الاعلام قبل الأزمة الاقتصادية في لبنان وان كانت هذه الأزمة زادتها حدة. الأزمة بدأت بالنمو العشوائي للقطاع الاعلامي في لبنان، العام منه والخاص وكذلك بالانطلاق العشوائي لمعاهد التدريس الاعلامي بمناهج لا ينطلق اغلبها من الحاجات الوطنية بقدر ما ينبع من غايات افرادية خاصة او سياسية".

أضاف: "سأركز في مداخلتي هنا على دور معاهد تدريس الاعلام في سد العامل البشري اللازم لقطاع الاعلام في لبنان والى تهيئة فرص عمل لخريجي هذه المعاهد. وهي مبنية على خبرة تناهز نصف قرن في مجال تدريس الاعلام في لبنان. يذكرني العدد المتزايد لمعاهد تدريس الاعلام في لبنان بواقعة عشتها في محيطي اللبناني المفضل، رأس بيروتن في الستينات من القرن الماضي عندما أقدم أحدهم على افتتاح محل ناحج لبيع الفروج المشوي في شارع الحمرا فكان ان تم افتتاح عشرات من محلات بيع الفروج المشوي في رأس بيروت في زمن قياسي مما أدى الى اضطرار أغلبها للاغلاق بعد فترة لزيادة العرض عن طلب السوق.
تخريج اجيال من اعلامي لبنان يتم في جو يفتقد الى الرؤية الواضحة لاحتياجات لبنان في هذا المجال والى التخطيط السليم لمواجهة تحديات الثورة الاعلامية التي تغزو لبنان ومحيطه والعالم".

وأشار الى ان "التقدير الصحيح لحاجات لبنان من العاملين في قطاعات الاعلام المختلفة لا بد أن يتم من قبل المؤسسات الحكومية والهيئات الوطنية بناء على اهداف الدولة وواقعها وليس من قبل المؤسسات الحكومية والهيئات الوطنيةبناء على اهداف الدولة وواقعها وليس من قبل المؤسسات الخاصة وبصورة خاصة الهيئات الأجنبية التي انزلت علينا بالباراشوت مناهج ليست مبنية على معرفة احتياجات السوق الاعلامية الوطنية وتنطلق من واقع غريب عن واقعنا وهي، في غالبتيتها العظمى مناهج اساسها الاتصال الإخباري فتشدد على التدريس المهني وبالتالي لا تعطي الأهمية الكافية للجانب التواصلي في العمل الاعلامي الذي يعتمد على دراسة النظريات الاعلامية التي هي اساسية في تطوير وسائل الاعلام واستعمالها في بناء المجتمع وتنميته وربطها بالواقع الثقافي والحضاري والمحلي والوطني".

ولفت الى ان الواقع الاعلامي في لبنان يشير الى ان توسيع مجال ايجاد فرص عمل جديدة لخريجينا يحتاج الى تنويع الاختصاصات الاعلامية في معاهد تدريس الاعلام، والى التوقف عن اعتبار مهمة معهد الاعلام هي كمهمة مصنع كوكاكولا الذي لا بد ان ينتج زجاجات متساوية المحتوى والمضمون".

وقال: "في لبنان اليوم ما يقارب 20 برنامجا جامعيا يخرج سنويا مئات المتخصصين في مجال الاعلام، ممن انهوا مناهج دراسية متشابهة ولها معايير متساوية انطلقت في غالبيتها من مفاهيم ثقافات دول غريبة عن واقعنا وتفتخر برامج تدريس الاعلام بأن مناهجها ومعاييرها قد خضعت لتقييم وتم اعتمادها من هيئات اكاديمية اجنبية".

وأضاف: "ان واقع القطاع الاعلامي في لبنان وتنافر وسائله يشير بوضوح الى ضرورة هندسة القطاع الاعلامي بحيث تتوجه برامج تدريس الاعلام الى التكامل في مناهجها فيتم تخريج عاملين اعلاميين في المجالات الاعلامية المختلفة لا سيما في المجالات المهمشة والتي يحتاجها لبنان كمادة الاعلام التنموي والتخطيط والسياسات الاعلامية ووسائل التواصل المباشرة وغيرها".

ورأى ان "انجاز هذه الهندسة الاعلامية يتطلب القيام بجردة لوسائل الاعلام في لبنان، وتحديد الحاجات التواصلية للقطاعات اللبنانية المختلفة ويتطلب كذلك جمع معلومات اساسية عن الاحتياجات التي تسدها وسائل الاعلام والاحتياجات التي لا تسدها وتحديد موارد الوسائل ومصادر هذه الموارد. ويتطلب ايضا الادراك بأن التنمية الاجتماعية الصحيحة تقوم على اساس خطط يضعها علماء اجتماعيون ينفذها مهنيون أي الادراك ان حاجة القطاع اللبناني لمهندسين اعلاميين هي اساسية لا بد من تلبيتها".

ولفت إلى أن "استمرار تركيز الاعلام اللبنانية على تخريج من يبرع في العمل المهني في الصحيفة او الراديو او التلفزيون او الوسائل الاجتماعية الحديثة، لا يؤدي الي ان يسد الحاجات الاعلامية التنموية الاساسية في لبنان ولا يساعد على فتح مجال السوق الاعلامية لخريجي هذه الجامعات. هذا التركيز ينتج مهنيين متمرسين في مجال الاتصال او الاخبار ولكنه يهمل او لا يعطي الاولوية لتخريج خبراء في عملية التواصل وخطط مبنية على اسس وطنية تتماهى مع حضارتنا وقيمنا".

وتابع:"الحاجة الماسة في برامج الاعلام اللبنانية اذا هي الى تدريس القنوات الاعلامية كمؤسسات اجتماعية والى التركيز بشكل اكثر واقعية على دور هذه القنوات في عملية التنشئة والتغيير الاجتماعي".

وقال:"الثورة التقنية العالمية في مجال الاعلام خلقت مجالات كثيرة ولكنها في الوقت ذاته اغلقت مجالات كثيرة اخرى. الثورة التقنية سرعت الاتصال، لكنها ابطأت عملية التواصل الذي اساسه الاتصال الشخصي المباشر".

واضاف:" ارجو الا يفهم كلامي هنا انني اعترض على تدريس مناهج وسائل الاتصال التقليدية والاجتماعية الحديثة مثل فيسبوك وتويتر. هذه الوسائل لعبت بالتأكيد دورا هاما في نقل المعلومات السريعة عن احداث ما يسمى بالربيع العربي عن طريق نشر الدعوات للتغيير ودعم الاحتجاجات والمظاهرات. ما ارمي اليه هو التذكير باننا ايضا بحاجة الى مناهج تدرس مادة التفاعل وجها لوجه. لقد اثبت التفاعل المباشر عن طريق التجمعات الجماهيرية في الميادين والمظاهرات وتجمعات المساجد ايام الجمعة انه من الاسباب الاساسية في انتاج قوة وحركة التغيير الاجتماعي والسياسي. وسائل الاعلام الاجتماعية لعبت دور انباء الجماهير وتعبئتها، فضلا عن تعزيز المواقف القائمة. غير أن وسائل التواصل المباشر وجها لوجه هي التي لعبت الدور الاهم في عملية التغيير. وليس من قبيل الصدفة ان ذروة المظاهرات في مصر وتونس وسوريا في بدء تحركها العنفي كانت تحدث ايام الجمعة، مباشرة بعد الصلاة في المساجد، بعد التجمعات او اللقاءات الجماهيرية في حرم الجامعات وأن اهم وسائل تجنيد ارهابي "داعش" كان اللقاءات في الجوامع وصبحيات النساء، حيث يتم التفاعل المباشر".

أضاف: "ان معاهد الاعلام اللبنانية ساهمت في بناء القطاع الخاص على حساب احتياجات القطاع العام. فكانت النتيجة ان اصيبت السوق الاعلامية في لبنان بتخمة في المهنيين وفي العاملين في مجال العلاقات العامة والاعلام. ولا بد لي هنا ان استشهد بعضو الخاصة التي شكلتها اليونسكو لدراسة مشاكل الاعلام بوغدان اوسولنيك الذي قال في تقرير وضعته اللجنة "لقد ثبت بوضوح وجود صلة وثيقة بين الاعلام وبين الاعمال التجارية من حيث ان الاعلام اضحى جزءا من النشاط العادي للشركات الكبرى، التي تهدف الى تحقيق الربح من دون مراعاة للمعايير الثقافية والجمالية والتربوية وغيرها من القيم وهي ابعد ما تكون عن مراعاة الاحتياجات الخاصة للبلدان التي تدخلها تلك الانشطة".

وختم: "ان تطوير القطاع الاعلامي تطويرا عصريا في لبنان يتطلب رؤية واقعية لاحتياجات لبنان التنموية والاجتماعية والى اعادة تقييم مناهج الاعلام في معاهدنا وهذا يفسح في المجال العمل المنتج لخريجي معاهد الاعلام".

وكانت مداخلة لخوري بعنوان "ما مستقبل خريجي كليات الإعلام في ظل الأزمة الإقتصادية؟ قال فيها: "إذا كان الوزير ملحم رياشي خريج كلية الإعلام في الفنار، قد إستطاع بالتعاون مع النائب إبراهيم كنعان ردم الفجوات والأودية السحيقة التي كانت تفصل ما بين العونيين والقوات، فلا تسألوني عن مستقبل الخريجين من كلية الإعلام؟ وأكثر، عندما سأله عادل كرم بظرافته المحببة والمألوفة إن كان بالإمكان أن يفتح بابا للحوار مع حزب الله، أجاب بأن الأمر معقول. وأعادني جوابه عشرٍ سنين الى الوراء، عندما أكد لي مسؤول قواتي بأن الجدار بين القوات وحزب الله ينخر بإبرة رفيعة حبة رمل بعد حبة.
صدقوني. يومها لم أصدق ما سمعت وحتى الآن لا أصدق مدى الفرحة في التفاهم المسيحي المسيحي".

أضاف: "قد يكون البوح بما يقال في الأحاديث المغلقة غير مستحب عندما يصبح المتحدث رئيسا، لكنني سأجازف بأن أقص عليكم باعتذار وإحترام عما سألني عنه العماد ميشال عون في ال 2006 إذ التقاني في الرابية: لماذا كلية الإعلام والتوثيق هي للقوات بينما كلية العلوم التي لا تبعد عنها أمتار هي لنا أي للعونيين؟ ربما الغالب فيها هم القواتيون أجبت، لكن العونيين على قلتهم العددية لهم حضور النمور في الكلية. أعرف قال. لكن لماذا يلتحقون بمعظمهم بالقوات عن طريق الكلية؟ قلت له: إن طالبات وطلاب كلية الإعلام والتوثيق هم مسيحيون يأتون من مختلف القرى في المحافظات، معظمهم من الإناث لا يخضعون بسهولة للعمل الحزبي مثل الذكور. هم يصلون الى الكلية وفقا لامتحانات دخول سنوية في مختلف الإختصاصات، نقبل العدد المطلوب من الناجحين منهم. ولأن الكلية كانت تفتقر وما زالت الى التقنيات والوسائل التدريبية الحديثة، سرعان ما كان هؤلاء الطلاب يجدون أنفسهم في محطة ال L.B.C التي فتحت أبوابها لهم يتلقون تدريبهم المهني ويتعرفون على المتخرجين الذين سبقوهم. كانت تلك المحطة لا تغريهم وحسب، بل تجعلهم يفتنون فيها، وكان من أبسط الأمور أن يحملوا بطاقات حزبية. هل بقي أحد لم يفتن بهذه المحطة في المنطقة؟ ما العمل قال؟ أجبت: إذا شئتم يوما بتأسيس محطة تلفزيونية لكم، أقترح بأن تفتحوا أبوابها لطلاب الكلية من مختلف الأحزاب والتيارات والإنتماءات وحتى القواتيين منهم يكون لهم أفضلية، وهناك يتم العمل عليهم".

وتابع:"كان يصعب علي التعليم والسير على حد السيف بين قواتي وعوني تقاتلا حتى الخراب. وأعترف بهذه المناسبة أنني جازفت بكسر قرار تفريع الجامعة اللبنانية، عندما فتحت أبواب كلية الإعلام والتوثيق في الفنار للدكاترة من غير المسيحيين، ووقعت عقودا بالساعة ثم بالتفرغ لثمانية من الأساتذة المسلمين شيعة وسنة ودرزي واحد لم أتمكن من التعاقد معه لعدم قبوله من مرجعيته كما قيل لي على لسان رئيس الجامعة آنذاك. كانت مجازفتي جواب إداري جريء على سؤآل طرحه الرئيس حسين الحسيني في غداء رسمي في منزله على خمسين شخصية كنت بينهم: إذا إستمرت خطوط التماس على حالها فسيقسم لبنان. فلنفكر معا في الخلاص. وكان 13 تشرين هو الجواب القاسي الذي أدخل الحكيم الى السجن وعون الى المنفى".

وأضاف: "وصلنا الى مرحلة صار العراك اليومي بالأيدي والمشاجرات المملة تنشب بين الطلاب ولو لأسباب سخيفة جدا مثل توزيع الكرات المختلفة الألوان فوق شجرة عيد الميلاد. وكانت مختلف أجهزة الأمن تسهر على كلية الإعلام ومشاكلها أكثر مما تسهر على مؤسسات أخرى. كانت كلية الإعلام في الفنار الرائدة في الحضور والأخبار. في 17 تشرين الثاني 2006 نشرت نصا في الصحف بعنوان: "دعوة الحكيم والجنرال والسيد والشيخ الى العشاء"، وأعدت نشره في كتابي : "تفجير الحب"، خاتما إياه: ليس إلا الحوار: ليتكم تدخلون كل بيت. وفي 19 حزيران 2012، نشرت نصا آخر في الصحف بعنوان: مقال فوق طاولة الحوار في بعبدا. وكنت من المشجعين للحوار والتفاهمات، الى درجة الإستعداء من الأطراف المتشنجة".

وقال: "ما مستقبل خريجي كليات الإعلام في ظل الأزمة الإقتصادية؟ كان بودي في الإجابة على السؤال المطروح، أن أحيل هذا السؤآل إليك السيدة لور سليمان مديرة الوكالة الوطنية، فراعي مؤتمركم ووزيركم ملحم رياشي اليوم هو خريج كلية الإعلام والتوثيق، الفرع الثاني. هذا الشاب القروي الرسولي النازل من الثلج في صنين يحرق خديه نحو تلة الفنار، كان الطالب الوحيد خلال ثلاثة عقود الذي قدم إلي كراسا عنوانه "صاحبة الجلالة". غالبا ما يقدم الأساتذة كتبا لطلابهم. مفارقة جعلتني أحفظ هذا الرجل. إنقروا على غوغل وإقرأوا معنى الجلالة في الكلمة والحوار. قلت هذا القروي المندهش لأنه أطلق صرخة التواصل بصمت تجعله في رحلة تحت التراب، حيث أعلن إتحاد النهايات المستحيلة وخرج تلميذا/وزيرا من ورشة خفية في الأدغال وحقول الوعر البكر والدم الذي أبى أن يدركه اليباس في الجروح العتيقة بين المسيحيين التي بقيت حمراء حتى غار المصلوب منها وتمتم: أغفر لهم يا أبت لأنهم لا يدرون ما يفعلون. مهما قيل فيه من نقد الغيارى والحساد والشك والتبخيس أضعه في مجال الإعلام والسيوف المسلولة والتوك شو الذي فرقع الدنيا ب: قال عنك كذا شو بتقول عنو. صرح عنك وتناولك بكذا شو بترد عليه؟ تحول الكثير من الإعلاميين في لحظة الى أبواق نافخين في النار المشتعلة والأحقاد، وكأن الصحافة كان يجب أن تبقى صحافة في لبنان أو شاشات وإذاعات في لبنان من ناحية الإسم لا من ناحية الرسالة والمضمون والمسؤولية".

أضاف: "لقد أسرتني الأكاديمية، كما لاحظتم، وحصر تفكيري وحبري، في الفرع الثاني لكلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية ، ليس لأنها حصيلة عمر قضيت ثلاثة عقود من التعليم الجامعي فيها الى مئات المحاضرات والأبحاث وخمسة وعشرين مؤلفا، ولا لأنني منحتها، وقد كنت مديرها، رحلة في عيد الحب أي 14 شباط نحو القلب المفتوح بعد حفل تخرج ، بل لأنها دمغت وتدمغ هوية لبنان الجديد لتجعله فعلا دولة إعلامية. ولسبب آخر هو أنني قصرت ربما في الإلمام بالكليات اللبنانية الإعلامية الخاصة إلا فقط عندما إستعانت بي جامعة البلمند عبر مسؤول قسمها الإعلامي فساعدته متطوعا بوضع مقترحات المناهج لهذا القسم. وما يصح هنا يصح ربما على الجميع إن إنضموا الى ورشتنا".

وقال: "ما مستقبل خريجي كليات الإعلام في ظل الأزمة الإقتصادية؟ تجنبا للاحراج، ولأن السؤال أقوى من الجواب نتلطى به كما كنا نقول لكم في الجامعة، سأهرب بدوري من الجواب نحو سؤال فرعي أكثر خطورة وقلقا: ما المستقبل إذا أقفلت كلية الإعلام؟ لا أعرف، ولا جواب يخيفني أو يهزمني. ولن تهتز الدنيا. ولكن ما مستقبل لبنان كله في ظل الأزمة الإقتصادية التي تقرع الأبواب وتجعلنا نتقلب جميعا في أسرتنا ويتقلبون هم في عروشهم؟. أحاول بهذا السؤآل الثاني، أن أخفف حدة الأدرينالين أو القلق في أوضاع الشباب والشابات الواقفات أمام المرايا الطامحات الى كلية الإعلام ومن ثم الشاشات ووسائل الإعلام التي أراها وتجاوزت السياسات أحيانا كثيرة في لبنان، خصوصا بعد ما صار هناك نوع من التزاوج المصطنع بين النجومية والتنجيم في مقاربة الملفات الملتهبة. لكنني أسارع الى الإجابة بثقة تطمئن الخائفين، وفي زمنٍ تندثر فيه الصحافة الورقية، أن الخليوي المقيم بين أيديكم وتحت وسائدكم بمعنى التواصل بالصوت والصورة صار حاجة بعدما كان الإتصال مسألة رغبة وإرادة. إنه حاجة خامسة مساوية للمأكل والمشرب والنوم والجنس لا يمكن العيش من دونها مع أن الرهبان والمتصوفين والمبدعين قد لا تصل لديهم الأدوات الإتصالية الى هذا المستوى".

أضاف:"لكي أغوص أكثر، أطرح جوابا للتأمل والتفكير وهو في طريق التحقق بأن لبنان كان ربما دولة صحافة وإعلام أي Média State وهو قابل أكثر من غيره في المحيط لأن يتحول الى دولة تواصل أي Communication State. لبنان هذه البقعة لقية إقليمية ودولية ونقطة تعايش نادرة ومختبر ثقافات يجب العمل عليها كما يكرر الرئيس الصديق حسين الحسيني، ولا خوف عندها من المستقبل. سأعدكم لا بورقة عابرة كما اليوم، بل بكتاب وفير لطالما نسيته أو أهملته، وهو حافل بالأسرار والجهود والعذابات والنجاحات، قد يكون عنوانه المقترح الآن: "كلية الإعلام أو إمبراطورية الجرح اللذيذ"، لأن عنوان المؤتمر يحرك في النفس تاريخا قاسيا وجميلا فيه من ملامح المصلوبين كثيرا. سيكون الكتاب نوعا من ال Catharsis أي تطهير النفس أو التفريج عن ماض جميل كان يجب أن يندثر ويموت، لكنه أقوى من الموت".

وأضاف: "كلمة أخيرة، يوصي عنوان المؤتمر: "الإعلام ناشر الحضارات وهمزة وصل للحوار" أو يوحي للعقول البشرية بأن تصحو للاعلام الذي أسميته "سلطة السلطات" في مؤلفي: "الإعلام العربي وإنهيار السلطات". قد يتحول الإعلام الفالت اليوم، وكلنا كتابا وصحافيين ومصورين نحبو في الفضاء، الى محرك خطير من الطاقة الكهربائية الإجتماعية والدولية والحضارية إن لم تحسن البشرية مسكه وملاطفته لحفظ وفهم وإحترام مدى التواصلية والرسولية التي تتطلع إليها الحضارات. أعني الكامنة في الإنسان. لماذا؟
لأن الحضارة أرقت آرنولد توينبي وغيره ولم تتم الإحاطة بها لأنها قتلت أو طمست الطاقة التواصلية التي يختزنها البشر من طفولتهم، وهي أي الحضارة تبقى ذليلة وشرسة سواء ولدت أو أدمنت وأورثت المذابح والصراعات والخرائب على حد تنبؤآت المفكر صموئيل هنتغتون الى حدود تهديم الشرق وتثبيت أحادية السلطة الأميركية، أو تقاربت وتحاورت وتفاعلت على مستوى شعوب الأرض كما فكر الفرنسي روجيه غارودي الذي هشم نظريته في ثناياها عندما لم يبشر بالسلم بين هذه الشعوب بل بزوال الغرب".

وختم: "بين حوار الحضارات وصدام الحضارات تبرز "الطاقة التواصلية وفنون الإعلام"، وهو عنوان مؤلف نظري وضعته لطلاب الإعلام، يضع التواصل في علوم الإعلام مقام الفسلفة التي بقيت أم العلوم منذ اليونان بفضل المحاورات بين أعمدة أثينا. ولأن لبنان كان الفتق الضخم في جسد العرب المثخن اليوم بمآسيه وجراحه، يطلع الإيحاء ويخرج الدواء من لبنان من بين أيدي الإعلاميات والإعلاميين بإنتظار نشرها في المدينة الكونية المتوحشة التي علمناكم إياها تردادا بكونها القرية الكونية. ماذا بقي لنا من هذه القرية الكونية حيال هذا التوحش الطائفي والديني الكبير الذي ينهش الدول والشعوب من حولنا غير الإلحاح على الحوار والتواصل بين اللبنانيين، ومع دول العالم كله، والخروج النهائي من هذا الإنشداد والتمزق في لبنان بين من يريده مملكة عربية لبنانية أو الجمهورية الإسلامية في لبنان؟".  

  • شارك الخبر