hit counter script
شريط الأحداث

باقلامهم - مازن ح. عبّود

قانون انتخابات بمقاس الارض

الثلاثاء ١٥ شباط ٢٠١٧ - 06:05

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لا اريد ان تشكل محبتي للخليقة والجمال والطبيعة حاجزا او مانعا لمحبتي للبشر وزعمائهم وقادتهم وسياسييهم ونظمهم السياسية والاقتصادية، فأصير كالبعض غريبا عن بلدي، فأروح اردد ما أورده دستويوفسكي في رواية الاخوة كارامازوف "كلما عشقت الانسانية اعشق اقل العنصر البشري" وذلك لانه وضع مصلحته المباشرة والقريبة فوق كل شيئ وصنع كل القواعد السياسية من أنظمة ديمقراطية وقواعد اقتصاد السوق كي تثمر في المدى المنظور لتؤمن بقاءه في السلطة على حساب بقاء اولاده ومعيشته والانسانية برمتها والكوكب الذي يستضيفها.

احلم ككثيرين بعالم أكثر امانا. نعم، احلم بعالم يدرك فيه البشر انّ التراب يجدد النفوس ويدمغها. احلم بكوكب يقترب أكثر من فوق. واحلم ببلد تستقيم فيه المحاسبة فلا تعود قلة تستبد بالأرض والعباد. احلم ببلد لا تنصب للحوار فيه طاولة لقلة تمسك بكل مؤسساته ومقوماته وببشره، قلة لا تجتمع ولا تتفق الا على تقاسم الأرض والشعب والنفوذ والمغانم، فان اتفقوا فمصيبة وان اختلفوا فكارثة. قلة تسطر الأوامر للمجالس فيصيغون لها القوانين والمراسيم كي تتلاءم مع الرغبات.

انّ بلدنا بحاجة الى تعزيز المساءلة كي يبقى جميلا ونصير مواطنين. يحتاج بلدنا الى من ينطق أيضا باسم الشجرة والخضرة، وينقل شدو النبع الى المجالس وحفيف الأشجار الى النقاشات الجافة وهدير البحر الى السلطة وصفو الهواء الى المحاكم وطيب المناخ الى المقاعد الوزارية والنيابية.

نعم يحتاج لبنان وتحتاج طبيعة البلد الى نواطير تضمن امنها فلا يعود الطمع يلتهم جبالها من بعد، يحتاج البلد الى حماة ديار من نوع آخر تضمن امن حساسين الغابة وصفو حياة السمك وزرقة السماء واستدامة الغابات وجودة الخضار. نعم وفي خضم البحث عن قانون انتخابي يضمن تمثيل الجميع، أقول باننا بحاجة الى قانون يفسح المجال أيضا امام نواطير الطبيعة وحماتها، ولو اتى ذلك في المدى المتوسط او البعيد. للطبيعة صوت يجب ان يمرر في اروقة صناع القرار، فيتكلم الطير والسمك والحيوان والنبات وكل عناصر الكون بألسنة بعض البشر. ثمة حاجة ان يعاد تصميم قواعد جديدة تضمن بقاء لبنان الجمال والغابات والطبيعة كي لا يصير ذكرى لبلد لم نعرف ان نحافظ عليه جميلا كرجال.

واني اعتقد بأنّ النسبية تضمن تمثيل الجبل والسهل والجدول والغابة والحيوان والهواء والسمك وكل العناصر، فتتناقص سطوة القلة التي تحكم وتملك وتجعل من الدولة لا تملك ولا تحكم. النسبية ان لم يتم تقزيمها او لبننتها سياسيا تضمن وصول الصوت الاخر الى الاروقة، صوت يزلزل ويعرقل ويعيد تصحيح مسار الحكم وضبط بوليميا القلة عبر ادخال مفاهيم الاستدامة الى الحوكمة.

انا وقلة من البشر والشجر والجبال واولاد آوى والطيور والاسماك وكل العناصر نصير اغلبية مع النسبية، ونرفع الصوت في وجه من يلغي ويشوه لبناننا. واني آمل ان يصل من القلة حفنة من لون الارض ورائحة التربة، ومن طعم السماء ومن هدير البحر، فيفرمل اكل الجبال وردم الازرق وتسميم الهواء وتلويث المجاري والينابيع باسم التنمية.

هذا ما اشتهيه واتمناه لأولادي، كحالم يعشق البشرية ويشمئز من اعمال البشر وساستهم وبوليمية قادتهم القاتلة.

  • شارك الخبر