hit counter script

مقالات مختارة - نبيه البرجي

فلاديمير (بطرس) الأكبر

الأحد ١٥ كانون الأول ٢٠١٦ - 07:20

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار

الآتي من الصقيع، صقيع الاقبية وصقيع الدنيا، يذهب بحلم بطرس الاكبر الى ذروته. ها ان فلاديمير بوتين يوطد قدميه في المياه الدافئة. ليست رقصة البولشوي، كما تصورت «النيويورك تايمز» في بدايات الرجل، بل رقصة القياصرة.
حتى الفريق خليفة حفتر يذهب اليه في موسكو طلباً للسلاح. لم يسقط القيصر في الاغراء. ليبيا الان مستنقع للقبائل وللاستراتيجيات الضائعة. سوريا هي الاساس، قال ان منها تنبثق قواعد النظام العالمي الجديد. مصر معه في هذا الاتجاه.
يقول لنا ديبلوماسي روسي ان العرب لعبوا قبلياً، وطائفياً، في سوريا. لم يكونوا يلعبون لمصلحة الشعب السوري الذي يريد الديموقراطية حقاً، والعدالة حقاً، لا العودة الى ثقافة القبلية، وانما كانوا يلعبون لمصلحة البلاط العثماني.
ينصحنا الديبلوماسي اياه بأن ننظر بتأن الى المشهد السوري. اين العرب؟ انهم يغدقون المليارات على لا شيء. كل هذا يذهب الى الشيشانيين، والتركمان، والاوزبك، والباكستانيين وغيرهم وغيرهم الذين استجلبتهم الاستخبارات التركية من اصقاع الدنيا ليقاتلوا من اجل مصالحها.
حتى الاردن، المشرع على كل السيناريوات، بدأ يشكو من التداعيات الايديولوجية (والاقتصادية والسياسية) للأزمة السورية على مستقبله.
ويقول الديبلوماسي ان شخصية رجب طيب اردوغان واضحة للعيان. لا يحتاح الامر الى زرقاء اليمامة للدخول الى هذه الشخصية. كما اي سلطان عثماني لا ينظر الى الحكام العرب اكثر من شيوخ قبائل، وفي احسن الاحوال اكثر من ولاة للسلطنة...
بوتين الذي ينسق مع القاهرة حول سوريا، لطالما قال للعرب ان الخطر الايراني ليس موجوداً في سوريا. الدور الايراني لا يمكن ان يكون آنياً ان بفعل التباعد الجغرافي او بفعل التباعد الايديولوجي (ناهيك بالتباعد السيكولوجي).
الخطر التركي هو الاساس. اردوغان اوحى، في بدايات الازمة، انه سيدخل الى الجامع الاموي في دمشق على صهوة حصان السلطان سليم. تذكرون كيف كان يحدد، باصبعه، لبشار الاسد ساعة الرحيل، وكيف كان احد اللبنانيين يصرخ في المهرجانات «ايها السلطان ادخل غازياً او فاتحاً الى دمشق».
الديبلوماسي الروسي يقول «المشكلة ان بعض العرب ما زالوا يضخون المال والسلاح ويظنون ان لهم دورهم في المعمارية الاستراتيجية المحتملة في المنطقة، فيما هم يتمزقون ارباً ارباً في سوريا، والعراق، واليمن الذي تم اختراع الحرب فيه ليكون مطحنة للدم، وللمال، في دنيا العرب.
ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية في الولايات المتحدة، يلاحظ ان الشرق الاوسط (من الآن وصاعداً) بين عشوائية دونالد ترامب وحذاقة فلاديمير بوتين الذي يدرك اين هي نقاط الضعف في شخصية الرئيس التركي بل وفي شخصية الدولة التركية.
كل ما قاله لاردوغان انه يتعهد له بعدم اقامة دولة كردية في سوريا، وتستقطب، حتماً، اكراد تركيا. لا شيئاً آخر، حتى اذا ما كان كلام اردوغان عن اطاحة بشار الاسد، استوضح الكرملين على وجه السرعة، فكانت العودة المرتبكة، والمضحكة عن التصريح.
بوتين الذي يدرك بالتفصيل دور انقرة في صناعة تنظيم الدولة الاسلامية وتفعيله، ورسم خارطة عمله، كما يدرك بالتفصيل دورها في تصنيع «جبهة النصرة» والفصائل الاسلاموية الاخرى، يدرك اكثر المأزق الداخلي لرجب طيب ارودغان.
ماذا لو ساندت موسكو قيام الدولة الكردية في سوريا؟ وماذا لو حركت العلويين، وهم ثلث السكان تقريباً (الاكراد نحو 17 مليوناً). الروس ينصحون بالعقلانية لان تركيا قد تواجه في اي لحظة تصدعاً بنيوياً يمضي بها الى الهاوية.
القيصر كرس نفسه لاعباً اساسياً في المنطقة بكل تضاريسها العقائدية والاثنية والقبلية. ماذا فعل باراك اوباما سوى انه طبق نظرية كارل روف «... وليذهب ذلك الشرق الاوسط الى الجحيم»!
 

  • شارك الخبر