hit counter script

مقالات مختارة - دافيد عيسى

ميشال عون والخطأ السياسي...

الإثنين ١٥ آب ٢٠١٦ - 06:59

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار

نحترم العماد ميشال عون ونقدر سعيه الى تحصيل حقوق المسيحيين واستعادة دورهم ومكانتهم،
لكننا احياناً ايضآ ونقولها بكل حرص واحترام لا نفهم سياساته وتوجهاته ونقف إزاءها حائرين ومستغربين ومشدوهين، خصوصآ عندما يخوض معارك سياسية خاسرة توصله الى طريق مسدود وتسبّب إحباط جديد على الساحة المسيحية.
ميشال عون، لم يكن موفقّاً في فتح معركة قيادة الجيش في هذا الظرف تحديدآ، فهو اختار العنوان الخطأ لمعركته السياسية لأن المشكلة اليوم في لبنان ليست على تعيين قائد جديد للجيش، ومشكلة عون الرئاسية ليست مع جان قهوجي بل مع آخرين وخصوصآ مع الظروف الاقليمية والدولية.
لقد اختار ميشال عون التوقيت الخاطئ لمعركته على موقع قيادة الجيش لسببين:
السبب الأول : ان الجيش يقوم بدور كبير في محاربة الإرهاب في ظل قيادة العماد قهوجي وتحت إشرافه ولا يجب تشتيت جهود الجيش في هذه المرحلة وصرفه عن مهمته الأساسية واستدراجه الى معارك سياسية وهمية لا تعنيه ولا علاقة له بها سواء كانت معارك حكومية او رئاسية.
والسبب الثاني : ان تعيين قائد جديد للجيش يتم تلقائياً وبشكل طبيعي بعد انتخاب رئيس الجمهورية الذي له رأي وكلمة في هذا التعيين بصفته القائد الأعلى للقوات المسلّحة.
من هنا اسأل العماد عون وهو زعيم مسيحي كبير كيف يقبل ان يتم تعينات على هذا المستوى الحساس في ظل غياب رئيس الجمهورية «المسيحي الاول في الدولة»؟ وما هي اهمية هذا الرئيس في التركيبة السياسية اللبنانية عندما تسير الامور بشكل طبيعي في البلاد في وجوده وغيابه؟
ان افضل ما يمكننا فعله اليوم بدل إضاعة الوقت والجهد في مماحكات ومعارك سياسية وانتخابات نيابية وتعينات لا طائل منها ولا توصل الى نتيجة، امر واحد وحيد هو انتخاب رئيس للجمهورية وتحيّن الظروف الملائمة للإفراج عن الإستحقاق الرئاسي الذي هو في الواقع اسير خلافات وانقسامات داخلية نتيجة ارتباط بعض القوى السياسية الداخلية مع قوى اقليمية معنية في الصراع المذهبي الخطير التي تعيشه المنطقة العربية.
اقول للعماد عون بكل حرص واحترام ... انت في عزّ معركتك الرئاسية احوج ما تكون اليه هو مد يدك للجميع واقامة تفاهمات مع كل القوى السياسية، وانت في غنى عن زيادة خصومك وخوض معارك خاسرة لا طائل منها، فكيف اذا كان الأمر يتعلق بالجيش الذي ينحاز اليه اللبنانيون ويتعاطفون معه ويمحضونه ثقتهم وتأييدهم ويرفضون الإنخراط في اي معركة سياسية ضده.
ولأن فتح المعركة ضد التمديد لقائد الجيش هو قرار خاطئ، فكل ما يُبنى على هذه المسألة سيكون خاسراً، بما في ذلك مقاطعة الحكومة وجلساتها، والتلويح بالتصعيد والنزول الى الشارع.
فكل هذه الخطوات ليس لها ما يبرّرها، والحركة الإعتراضية ضد الحكومة لن تجد صدى وتجاوباً لأنها اولآ من آجل مصلحة خاصة وشخصية وثانيآ كونها طرقت الباب الغلط واغفلت قضايا ومسائل كثيرة ومنها على سبيل المثال لا الحصر موضوع النفايات التي عادة الى التراكم في الشوارع بسبب المعالجة الفاشلة لهذا الموضوع وبسبب محاولة تقاسم المغانم في هذا الملف بين العديد من اركان الدولة اضافة الى موضوع الفساد المستشري في مؤسسات وادارات الدولة وسرقة المال العام على «عينك يا تاجر» وعدم الاهتمام في امور الناس اليومية والحياتية والصحية والاجتماعية والتي يجب ان تكون اولوية في عمل هذه الحكومة.
نحن على يقين ان التمديد للعماد جان قهوجي حاصل وفي حكم المنتهي وان لا احد ولا شيء يمكن ان يغيّر في هذه «الحتمية والضرورة» اولآ بسبب عدم قبول وزير الدفاع سمير مقبل المعروف بوطنيته بالفراغ في قيادة الجيش، وثانيآ بسبب الفراغ في موقع الرئاسة ، وثالثآ بسبب استحالة اتفاق كل اعضاء الحكومة على تعيين قائد جديد للجيش، ورابعآ كون الرأي العام له ملء الثقة بالجيش وقيادته بعد الانجازات التي حققها على مستوى مكافحة الارهاب وتوقيف شبكات ارهابية خطيرة تريد الشر لهذا الوطن .
لهذه الاسباب مجتمعة اقول إن مقاطعة الحكومة وجلساتها، والتلويح بالتصعيد والنزول الى الشارع لن يوصل الى اية نتيجة، وان اي مسّ بالحكومة في هذه المرحلة واي اهتزاز في وضعيتها والإمعان في ضرب تماسكها وما تبقى من عملها وانتاجيتها وهي بالكاد تعمل وبشقّ النفس سيكون قفزة في المجهول وستكون نتائجها كارثية على الداخل اللبناني وهو آمر ممنوع على كل المستويات الدولية والاقليمية والداخلية ولا يمكن القبول به.
منذ سنة تقريبآ وعند التمديد للعماد قهوجي استعمل العماد عون الاسلوب نفسه ولم يأتي بالثمار المطلوبة بسبب الوضع الاقليمي المعقد الذي لم يتغير، فلماذا عدم تغيير المقاربة والاسلوب خصوصآ ان الافرقاء السياسيين جميعآ يتعايشون مع ازمة اكبر منهم جميعآ في ظل هذا الصراع الاقليمي والمذهبي كون الجميع يعرف ان البديل عن ذلك هو الانفجار والاقتتال الداخلي والحرب.
لكن اذا كنا ندعو العماد ميشال عون الى عدم الوقوع في الحسابات الخاطئة واستخدام سلاح التهديد والتصعيد السياسي، فأن على شركائنا في الوطن الفصل بين معركة العماد عون السياسية والرئاسية وبين الوضع المسيحي العام وما يختزنه من شكوى وحال تذمّر واستياء لمجرد انهم يرون ان المعاملة السياسية غير العادلة مستمرة معهم وان سياسة صيف وشتاء على سطح واحد ما زالت سارية المفعول.
يحق للمسيحيين ان يكونوا شركاء فعليين في الحكم والدولة، والترجمة العملية لذلك تكون في جعل رئاسة الجمهورية اولوية مطلقة وتجميد وتأجيل كل الملفات والأستحقاقات بما في ذلك الإنتخابات النيابية والتعينات الحساسة الى ما بعد انتخاب الرئيس.
لقد شبعنا مغامرات ومعارك خاسرة ولنكن ولو لمرة واحدة على قدر المسؤولية وعلى قدر اماني هذا الشعب المسكين الذي كفر بالسياسة واهلها بسبب وضع مصالحهم الخاصة والشخصية فوق مصلحة الوطن والمواطن، ومن له اذنان سامعتان فليسمع.
 

  • شارك الخبر