hit counter script

أخبار محليّة

مبادرة بري لانتخابات نيابية مبكرة "نجمة" بداية السنة الثالثة للشغور

الخميس ١٥ أيار ٢٠١٦ - 06:20

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

دخل الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية أمس عامه الثالث، راسماً صورة قاتمة لواقع لبنان ومستقبله، بعدما ظهّر هذا المأزق غير المسبوق في تاريخه الحديث، مكامن خللٍ تكاد ان تكون بنيوية في تركيبته السياسية - الطائفية - المذهبية، التي أرساها اتفاق الطائف (1989)، والتي تعرّضت في ربع القرن الأخير لهزّات عدة، كان أعنفها العام 2005 مع اغتيال الرئيس رفيق الحريري، الذي بدا وكأنه كشف صراعاً داخلياً - اقليمياً يدور على التوازنات في المنطقة واستتباعاً في «بلاد الأرز» التي باتت تقف على حافة «أزمة نظام».

صحيح ان فراغ 2014 الذي بدأت «ولايته» مع انتهاء عهد الرئيس ميشال سليمان لم يكن الأول في تاريخ لبنان ولا في «جمهورية الطائف»، الا انه شكّل الإشارة الأقوى الى ان النظام السياسي الذي وُلد من رحم الحرب الأهلية يستنزف «أهليته» تباعاً، بدليل ان العهود الثلاثة منذ 1989 حكمها تمديدان رئاسيان متتاليان (للرئيسين الياس الهراوي واميل لحود) ثم فراغان رئاسيان متعاقبان، كان الأخير الأخطر بينهما، اذ انه سجّل سابقةَ ان يكون سليمان تسلّم مقاليد الحكم العام 2008 من فراغٍ دام ستة أشهر، ليسلّم بدوره الرئاسة الى الفراغ الذي «يأكل» المؤسسات وانتظامها منذ 24 شهراً.

وحلّت الذكرى الثانية للشغور الرئاسي على وقع محاولاتٍ لتحريك هذا الملف بمبادرات داخلية «حمّالة أوجه وأهداف» تلاقي مساعي خارجية غربية لقفل هذه الثغرة الدستورية الخطيرة، أولاً خشية انهيار البلاد التي تنوء تحت واقعٍ اقتصادي بالغ الدقّة بفعل عامل النزوح السوري، ولا سيما إذا طال التأزم في الإقليم اللاهب، وثانياً تفادي ان يرتبط حلّ أزمة لبنان، الذي بقي بمنأى عن «ملعب النار» في المنطقة، بمسار الحلول فيها، وهو الأمر الذي قد يجعله الحلقة الأضعف في «سلّة الصفقات» وترسيم النفوذ الاقليمي والدولي الذي سيفرزه الصراع المتفجّر بين مراكز الثقل الرئيسية والذي قفز من الخرائط وفوق خطوطها.

ويتخذ الحِراك على خط الملف الرئاسي شكل جهود يكاد ان يختزلها حدّان: الأول مبادرة رئيس البرلمان نبيه بري القائمة في شكل رئيسي على إجراء انتخابات نيابية مبكرة قبل الرئاسية على أساس قانون انتخاب جديد او وفق القانون النافذ حالياً المعروف بـ «قانون الستين»، على ان تتعهّد القوى السياسية مسبقاً بانتخاب رئيس للجمهورية فوراً وفي اول جلسة بعد انتخاب رئيس مجلس النواب وهيئة المكتب. اما الحدّ الثاني فهو انتخاب رئيس لمرحلة انتقالية مدّتها سنتان يُشرِف خلالهما على إعادة تكوين السلطة من خلال الاتفاق على قانون جديد تجري الانتخابات النيابية على أساسه.

وقبل نحو 26 يوماً من الموعد الذي حدده بري لتلقي إجابات على مبادرته في الجولة الجديدة من الحوار الوطني في 21 يونيو، كان لافتاً مسارعة رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الى تأييد الانتخابات المبكّرة، في موازاة مرونة مستجدّة من تيار «المستقبل» (يقوده الرئيس سعد الحريري) حيال هذا الطرح، وعدم ممانعة من «حزب الله».

وفي المقلب المسيحي، شخصت الأنظار على موقف العماد ميشال عون الذي كان سباقاً في عزّ الأزمة الرئاسية الى المطالبة بانتخابات نيابية مبكّرة تمهّد للرئاسية. واذا كان هذا الموقف لم يتبدّل في المبدأ، فان البارز جاء من خلال معاودة «الجنرال» تلميع صورة «قانون اللقاء الارثوذكسي» (انتخاب كل طائفة لنوابها)، في تطوّر تم التعاطي معه على انه في سياق رفع السقف في ما خص القانون الذي سيحكم الانتخابات التشريعية المبكّرة، وسط انطباع بأن عون بات يفضّل الإبقاء على قانون الستين ولا سيما بعد تحالفه مع «القوات اللبنانية» التي رشّحته للرئاسة.

وفي الوقت الذي لم تقل «القوات اللبنانية» كلمتها النهائية بعد حيال مبادرة بري هي التي كان لديها موقف حاسم برفض قانون «الستين» الانتخابي، ترى اوساط سياسية ان موضوع الانتخابات المبكرة دونه عقبات لا يستهان بها ترتبط بصعوبة تأمين توافق داخلي كامل عليه، كما بالشكوك التي تنتاب كثيرين حيال الضمانات المتصلة بأي التزامات يتم إعطاؤها في ما خص إجراء الانتخابات الرئاسية بعد النيابية وعلى نحو فوري وذلك في ضوء تجارب سابقة مع فريق 8 آذار تحديداً كان آخرها الانقلاب على الالتزامات في «اتفاق الدوحة»، علماً ان مخاطر عدم الوفاء بالتعهدات هذه المرة يمكن ان يأخذ البلاد الى الفراغ القاتل، اذ تصبح الحكومة بعد الانتخابات النيابية مستقيلة حكماً ولا امكان لتشكيل بديل منها في ظل غياب رئيس للجمهورية، ما يمكن ان يجرّ لبنان الى «المؤتمر التأسيسي» الذي سبق ان لوّح به «حزب الله».

وفيما تترقّب بيروت وصول وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت اليها غداً مبدئياً لمزيد من استكشاف امكانات إحداث خرق في الملف الرئاسي، واستكمال التحرك الذي بدأه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند من خلال زيارته للبنان منتصف ابريل ثم استقبالاته اللبنانية في باريس، استوقف الدوائر السياسية اللبنانية اللقاء الذي عُقد ليل الثلثاء بين الرئيس بري والحريري وفي دارة الاول وتخللها عشاء، وهو ما عزز الانطباع بانفتاح «المستقبل» على مبادرة رئيس البرلمان الذي برز تلويحه في حديث لصحيفة «النهار» بأنه «كلما انتخبنا رئيساً للجمهورية أبكر ننجو اكثر قبل ان يهبط التقسيم أو الفيديرالية عما حولنا».

اما الإشارة الأبرز حيال الأفق الاقليمي للأزمة اللبنانية فعبّر عنه النائب جنبلاط حين كشف عن ان «الروس ممتعضون من تصرف الإيرانيين وتعاملهم مع ملف رئاسة الجمهورية، وهذا ما أملكه من معلومات عن الخطوط العريضة في هذا الموضوع»، لافتاً الى انه «يوجد مرشحان: سليمان فرنجية وميشال عون وهما من الخط نفسه. وهذا يؤكد وجهة النظر الروسية. والسؤال المطروح لماذا هذا الخط أو المحور السوري - الايراني لا يريد رئيساً؟ وبكل سهولة في امكان روسيا وايران القيام بتسوية لمصلحة عون على فرنجية أو العكس من أجل الإتيان برئيس».


الراي الكويتية

  • شارك الخبر