hit counter script

مجتمع مدني وثقافة

ندوة عن كتاب نار فوق روابي الجبل لشريف فياض

الخميس ١٥ أيار ٢٠١٦ - 12:36

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أقميت ندوة في قصر الأونيسكو، لمناسبة حفل توقيع كتاب المقدم شريف فياض "نار فوق روابي الجبل"، برعاية النائب وليد جنبلاط وحضوره، والنائبين مروان حمادة وأيوب حميد والمقدم فياض رغم مرضه وحشد من الشخصيات واصدقاء الكاتب.

النشيد الوطني، فكلمة صالح حديفة، قال فيها: "نحن جيل ولدنا من رحم الحرب، ولكن نحن لم نصنع تلك الحرب، ولكن للاسف ايضا لا نزال أسرى تداعياتها". وامتدح المقدم فياض بالقول: "بذل عمره للوطن والعروبة وتحمل مع رفيقه وليد جنبلاط المشقات".

ثم تحدث المدير السابق لتعاونية موظفي الدولة أنور ضور، فاستذكر "حرب الجبل التي حرقت الزرع والفرع"، فوجد المقدم فياض نفسه في خضمها"، معددا لمراحل عن تاريخ فياض "منذ انتسابه الى الحزب التقدمي الإشتراكي في عهد الزعيم الراحل كمال جنبلاط".

وقال: "ان كتاب فياض يمثل مصدرا ومرجعا لأنه يشكل وصفا حيا لحرب كان في قلبها"، واصفا "الكتاب بمثابة مرجع لكتابة التاريخ لاحقا".

وشدد على أهمية هذا الكتاب، مشيرا الى ما ذكره فياض فيه من ان "كلفة أي تسوية تبقى أقل من كلفة الحرب الباهظة من قتلى وجرحى ومعوقين، وأيضا في عبثية الحرب ومن أجل لبنان أفضل، وهكذا فعل الآخرون، وكانت النتيجة مزيدا من الطائفية، وفشل للدولة، وفساد مستشر وأوضاع أمنية ممسوكة لا متماسكة، وهجرة للشباب، إضافة الى اشارة فياض الى انها حرب الآخرين على أرضنا رغم العوامل الداخلية المسببة ايضا لها".

وسأل: "أما حان الزمن كي نتحالف ضد الأجنبي بدل أن نقاتل بعضنا بعضا"، ناقلا عن كتاب فياض تشديده على أهمية العيش المشترك على قاعدة الإعتدال، لأن متاريس الطوائف قاتلة، معتبرا "ان التفجير الداخلي فجره الصاعق الفلسطيني، ثم تداعيات الدخول السوري، فالمؤامرة خبيثة".

ثم تحدث الرئيس الأسبق لحزب "الكتائب" المحامي كريم بقرادوني، فأشار الى علاقات الود بينه وبين المقدم فياض منذ سنوات الحرب، إضافة الى ان الكتاب يشكل فرصة نقد ذاتي لكل منا.
وأبدى إعجابه بالكتاب، مستغربا "أن يكون فياض قد أفرد أكثر من 300 صفحة للخصومة، وانه يرغب في إنعاش الذاكرة في حرب الجبل، والمقدم فياض هو الأكثر اهلية للكتابة عن تلك الحرب التي واكبها كلها".
ورأى "ان شريف فياض شخصية حزبية وسياسية"، لافتا الى "إشادة فياض بمقاتلي الحزب التقدمي وصمود الدروز في تلك الفترة".

وأضاف: "ان الحزب التقدمي توحد خلف زعامة جنبلاط في حين ان المسيحيين انقسموا، وقد عارض كميل شمعون يومها صعود القوات اللبنانية الى الجبل، في حين ان عون قبع ساكتا، ناهيك عن الظروف الإقليمية والدولية بحيث كان الأميركي على أهبة الإستعداد للانسحاب والسوفياتي عائدا الى الساحة الدولية مما أدى الى ربح الحزب التقدمي الحرب".

وطرح تساؤلا: هل ان مقاتلي القوات والكتائب مجرمون بلا شفقة أم ان منطق الحرب لا يرحم؟ ويفسح في المجال أمام الثارات رغم تعليمات القيادات المسيحية بعكس ذلك؟ وهل ان مقاتلي الحزب التقدمي لم يدمروا كنائس ويقتلوا أبرياء؟ مخاطبا فياض بالقول: "يا ليت كل مقاتليك تعاملوا كما تعاملت أنت مع إحدى العائلات المسيحية التي اختبأت في إحدى مغاور رشميا وعملت أنت على حمايتهم وهم الآن موجودون".

أضاف: "لقد أعجبت بصراحتك، عندما قلت انك لست محايدا، وسؤالي لك ألا تعتقد ان الذين قاتلتهم وقاتلوك بأنهم مثلك ليسوا حياديين وانهم أصحاب قضية؟ أو ليست الحرية تستحق القتال ضد تفشي الميليشيات وسلاحه والتوطين، وان الوجود المسيحي الحر حق كما لدى الآخرين؟".

ثم سأل: "ألم يحن الوقت لنقتنع جميعا ان ما يبرر وجود لبنان ليس الجغرافيا وإنما وحدته الإسلامية - المسيحية والحكم المشترك؟".

وخلص بالدعوة "الى عدم الإعتماد على الخارج، وان كل الحروب مدمرة وليس هناك حروب نظيفة وحروب وسخة، بل كلها وسخ وأوسخها الحروب الأهلية"، منبها الى "ان العيش المشترك الإسلامي - المسيحي في خطر دائم وعلى الجميع حمايته، كما ان الحقوق داخل الوطن الواحد لا يتم بإلغاء الآخر، كما ان الوحدة مهما كانت صعبة فإنها تصنع الربح، وأخيرا ان لجبل لبنان خصوصية، وهو كما القلب وإذا ما اهتز القلب اهتز الجسد، وإذا سقط العيش المشترك في الجبل سقط في كل لبنان".

وختم داعيا "كل الأطراف الذين شاركوا في الحرب وأنا منهم أن ننسى تلك الحرب وأن نجرؤ على نقد ذاتي لأسباب تلك الحرب، لأن كما قلت يا مقدم فياض ان كلفة اي تسوية مهما كانت تبقى أفضل من أي حرب بما فيها للطرف المنتصر".

ثم تحدث النائب حميد فاستذكر مرحلة الثمانينيات من الحرب الأهلية أثناء العمل مع المقدم فياض للعمل على التهدئة هنا وهناك، وقال: "كانت فيها المحطات مؤلمة ومبهرة، فيها انتصارات وانكسارات، وآثارها تحفر عميقا في الوجدان".

وتحدث عن ولادة لبنان والذي عايش الحروب لاحقا، وعن عدوان إسرائيل عليه وأطماعها به، ومرور العديد من جيوش العالم فيه، فهذا الوطن الذي بات نهائيا لجميع أبنائه بقي يشهد كل فترة اهتزازات، تعقبها مرحلة من التعافي".

وسأل: كيف يستمر هذا البلد؟ وقال: "الإجابة تطول وتتعدد التفسيرات وقد لا تلتقي أبدا هذه التفسيرات".

وعن الكتاب قال: "يحوي الكثير، وللمرحلة التي سبقت وسادت في فترة الحرب وما تداخل فيها من عناصر محلية وإقليمية ودولية"، مادحا صفات المقدم فياض "الضابط المتمرس والعروبي الملتزم قضية فلسطين، والإنسان المنتمي الى جبل أشم".

وأشاد باستناد الكتاب الى وثائق ولقاءات مع رفاق درب ومن مخزون ذاكرته، وتضمن عرضا لمجريات احداث الجبل وخاصة بعد اجتياح اسرائيلي للبنان العام 1982، ثم انسحابه من الجبل وتمهيده الأجواء للاحتراق، واستقدامه الغرباء لارتكاب المجازر لاخضاع الجبل، والإصرار على الإرتباط الخارجي. وقال: "انها اسرائيل عدوة لبنان ونقيضه"، لافتا الى إجبارها على الرحيل من لبنان بفعل المقاومة".

كما تحدث عن بيروت وحكايةالسادس من شباط 1984 "رغم ما شابها من تفلت وانحراف، لكن كل منصف يدرك اهميتها لأنها فتحت طريق المقاومة الى الجنوب وباتجاه سوريا".

كما تطرق الى دور اللجنة الأمنية خلال الحرب التي كان حميد وفياض أحد أعضائها، والمهام التي قامت بها من تهدئة، كما انها تحولت الى خلية تآلف وتضامن أدت الى نجاح عملها رغم بقاء المواقف السياسية كل على موقفه".

ورأى "ان لبنان كان دائما بلد التسويات"، مشيرا الى "واقعه الحالي العاجز عن انتخاب رئيس وإنتاج قانون انتخابي وروائح الفساد، وتعاظم الإرهاب التكفيري المحيط بنا، إضافة الى خطر اسرائيل الدائم، وهذا ما يدعو الى مزيد من تحاور وتلاق اللبنانيين".

اما المسؤول السابق في الحزب الشيوعي اللبناني كريم مروة فركز على قراءة الكتاب على النقد والنقد الذاتي، معترفا بعدم قدرته على ممارسة النقد للكتب لأن لهذه المهمة أربابها.

وأضاف: "اعترف اننا كلنا في لبنان شاركنا في الحرب، وأخص مسؤوليتنا في الحركة الوطنية ولا سيما الحزب التقدمي الإشتراكي والحزب الشيوعي"، معتبرا "اننا كلبنانيين ما زلنا نتخبط في الصراع، وفي محاولات الإستقواء بالخارج". وانتقد سنوات الحرب التي "لم نستطع وقفها، الى ان أتت قوى الخارج لإيقافها".

وكانت الكلمة الأخيرة للمقدم فياض فقال: "لقد كتبت من الموقع الذي كنت أشغله في تلك المرحلة ومن الزاوية التي شاهدت فيها الأحداث وأنا أعلم انني لا أملك الحقيقة كلها، فغيري نظر من زاوية أخرى وله تحليل آخر"، معتبرا "ان التعدد في النظر الى تلك الأحداث والتباين في تحليل وقائعها ونتائجها يكمل الصورة ويوضحها ويقود الى الإقتراب من الحقيقة أكثر وأكثر".

وقال: "التزمت الكتابة عن الحدث بحد ذاته، ولم أتناول بالتفصيل أدوار الأشخاص الفاعلين فيه والذين قدموا تضحيات جلى وقاموا ببطولات على ضفتي خطوط النار. ليس في ذلك انتقاص من دورهم وتضحياتهم بل التزام بالموضوعية وبالمنهج الذي جعلني أغلب الصدق على الصداقة".

وأضاف: "لقد رافق الحرب اللبنانية مظالم ومآس ودمار على امتداد مساحة الوطن وليس في الجبل وحده، وهذا أمر طبيعي في كافة الحروب ولا سيما الأهلية منها، فتضرر النسيج الإجتماعي وتغلب العنف وذهنية الثأر على نهج العيش المشترك وعلى حرمة الجيرة، فتصدعت ركائز الوحدة الوطنية ووقع لبنان فريسة السياسات الإقليمية ومصالح اللاعبين الكبار على أرض الوطن الصغير، ولازلنا حتى اليوم ننوء تحت ثقل تلك السياسات والمصالح ويتعثر نهوض مؤسساتنا الدستورية والإدارية".

وختم: "انني على قناعة ان احدا لم ينتصر في تلك الحرب وان الثمن الذي دفعه لبنان كان غاليا جدا، وما تحليل وقائع الأحداث إلا من أجل أخذ العبرة والإستفادة من دروس المآسي من اجل إعادة الإعتبار لفكرة المواطنة التي تتعدى المذهبية والمناطقية وتقود الى بناء الدولة المدنية التي تستظل جميع المواطنين وتضمن لهم الحرية والعدالة والمساواة".
 

  • شارك الخبر