hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - باقلامهم باقلامهم - الدكتور نسيم الخوري

ولادة الجمهورية الرابعة في ملامح النساء

الإثنين ٣ شباط ٢٠٢٠ - 06:18

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يقفز بنا السؤآل إلى رواية "الغريب" لألبير كامو الفيلسوف الجزائري الوجودي، وقد إستهلّه بأنّه غادر منزل أهله في الجزائر نحو الشاطيء للسباحة في البحر، بينما كان المعزّون يحتشدون بكثافة للمشاركة بجنازة أمّه. فكرة غريبة حافلة بالثورة الجذريّة على التقاليد التي فرضتها أهوال الحرب العالمية الثانية، والتي أرست الفلسفة الوجودية L’existencialisme مع الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر، ومختصرها بالفرنسيّة: Je pense donc j’existe، أي "أنا أفكّر اذاً انا موجود". ويعني الوجود هنا تأمين حاجات الإنسان من مأكل ومشرب ونوم وطمأنينة كي يشعر بوجوده وقدرته على التفكير والكتابات ومحاولة تحقيق الذات. جاءت فكرة سارتر من وطأة الحرب العالمية الثانية وتدفّق الأزمات المآزم.
هذا ما يقودني ليفسّر لنا "شراسة" اللبنانيات حيال سماعهن صراخ نساءٍ وأطفالٍ، من جوع وفقر ومرض وخوف وقمع وتعنيف، وموت رضيعٍ بحثاً عن زجاجة حليب، كما هو حاصل منذ ما قبل ثورة 17 تشرين!
وأسأل: هل ذهب ألبير كامو عند فقدان أمه الى البحر، أعني إلى تذكّر تكوينه في رحمها متلذّذاَ بالماء الذي يعزّيه بدلاً من البشر، خصوصاً وأنّ الماء يغمرثلثي الكرة الأرضيّة حيث لم يبق لليابسة سوى الثلث؟ الكرة الأرضية تماماً كما جسد الإنسان الفاني ثلثه عظام والثلثان الباقيان ماء.
لست راغباً للجواب على هذا السؤآل الطويل والمملّ، في إجترار الإجابات الفلسفية والدينية من الهند واليونان والإيمان والأديان وداروين وغيره من العلماء والمفكرين. لأنّ المرأة التي تهزّ رضيعها فوق ركبتيها قادرة أن تهزّ أعظم وطنٍ عندما يئن رضيعٍ من جوع. ولأنّ أبهى النصوص وأحلاها وأكثرها رقّةً وغزلاً كتبها الرجال والشعراء وقالوها في المرأة، وما زالوا. ولأنّ النصوص التي كتبتها النساء في النساء أو النساء في الرجال نادرة حتّى لدى المبدعات منهنّ.
ولأنّني أقود نفسي الى أسطورة حوّاء وآدم بحثاً عن المنطق الداحض للأساطير القائلة بأنّ آدم أخرج حوّاء من ضلعه بدلاً من القول أنّها أخرجته من رحمها. تمتلك الأنثى في لاوعيها توليد الرجال كلّهم، لأنّها تمتلك أسرار الولادة وآلامها والمتغيرات البيولوجية والنفسية التي تجتاح جسدها قبل الزواج وبعده، مقارنةً بالصبي الذي ينمو أفقيّاً من دون المتغيّرات الجسدية الضخمة التي تعصف بجسد البنت، وهو بهذا يتوهّم، نعم يتوهّم بقدرته على إمتلاك النساء كلّهنّ بسلطاته الهائلة التي قد تبدأ بصوته وعضلاته، وسلطاته الشاسعة في الدنيا والأحكام والأنظمة والقوانين والأديان.
مهلاً، إنّ قوّة الرجال قد تبقيهم خاضعين لبصرهم أي لأعينهم. العين مفتاح الجسد الذكوري المشرّع الدائم على المرأة، والمحكوم بغريزة التملّك بالبصر أوّلاً. وأدعم هذه الفكرة بيولوجيّاً وعلميّاً بالقول: يسمع الجنين الأصوات في الأرحام قبل أن تستيقظ حاسة البصر بعد ولادته بأربعين.يوماً. حاسة السمع، إذن، هي الحاسة الأوّلى لللأجنّة ذكوراً وإناثاً، ولها صفات قويّة ومرهفة وتواصلية مع الخارج لا حدود لها، أمّا حاسة البصر الأخيرة الخامسة فهي خاطفة ومشتّتة وخفيفة وسريعة ومملكتها العينان.
وعليه...
"المرأة فعلاً هي أصل الثورة والتغيير، ثمّ القضاء والجيش وأساتذة الجامعات الإختصاصيين والإعلام الحرّ. وهنا ملاحظة أنّ قائد الجيش ميشال عون كان المبادر الأوّل الذي فتح ابواب المؤسسة العسكرية للمرأة اللبنانية، وتبعته المؤسسات الأمنية الأخرى، وكان لا يمكن وفقاً لإنتفاضة 17 تشرين، ألاّ يشغل النساء ثلث مقاعد حكومة حسان دياب.
جاءت ردود الأفعال والتعليقات السلبيّة الكاذبة والإشاعات والفبركات والصور السخيفة والتحقيرية التي هشّمت الوزيرات الست عبر وسائل التواصل الإجتماعي، ومعظمها من النساء، كارثية ومعيبة. وكأنّ شياطين الأرض تسكن أبداً بين المرأة والمرأة.
ماذا لو وصلت إمرأة الى رئاسة لبنان؟
 

  • شارك الخبر