hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - موناليزا فريحة

"هؤلاء المرضى الذين يحكموننا"

الأربعاء ١٥ نيسان ٢٠١٤ - 06:49

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

النهار

بين صورة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يقترع وهو على كرسي متحرك، وصورة الرئيس بشار الاسد يقوم بجولة انتخابية على أنقاض معلولا، أكثر من قاسم مشترك: في كلتا الصورتين كثير من الصلف والتكابر. وفيهما أيضاً تقويض لاحلام الملايين بالديموقراطية وتداول السلطة.

بوتفليقة ليس الرئيس الاول ينصب نفسه ملكاً ويرفض التخلي عن الحكم حتى الرمق الاخير، لكنه حتماً "الرئيس الشبح" الوحيد يعاد انتخابه. فمنذ نيسان 2013، صار الغائب الاكبر عن الساحة السياسية لبلاده. نظم حملة انتخابية "بالواسطة" وجاب خلالها مساعدوه الكبار طول البلاد وعرضها وهم يشيدون بقدراته على ضمان الاستقرار. وما صورته يدلي بصوته جالساً الا دليلاً، لا على الوهن الجسدي لرئيس يستعد لولاية رابعة في بلاد الـ37 مليون نسمة فحسب، وانما أيضا على أن الديموقراطية الموعودة التي أثارتها انتفاضات الميادين لا تزال مجرد أحلام.
وما أكثر الادلة في سوريا على تلك الاحلام الضائعة. ففي خضم نزاع دموي أوقع أكثر من 150 الف قتيل، ومع تقديرات ان أكثر من ثلث سكان سوريا تركوا منازلهم، بينهم 2,6 مليونا لاجىء وأكثر من 6,5 ملايين نازح، يستعد النظام لانتخابات رئاسية في الثالث من حزيران بعدما فصل شروط الترشح على قياس الاسد. وها هو الرجل الذي قامت عليه انتفاضة درعا قبل ان تتحول حرباً ضروساً، ينخرط شخصياً، في حملة انتخابية بين أنقاض المدن والبلدات. من عدرا الى معلولا، يؤاسي اطفالاً هنا ويعاين كنيسة هناك. لا يخشى خسارة أمام منافس محتمل أو معارض مفترض، فمن سيتجرأ على مواجهته أصلاً. ليست اطلالاته الشعبية، الا تحديا للعالم الذي أساء منذ البداية تقدير حجم قدرته على المناورة.
وقبل الاستعراضات الانتخابية، لم يفوت النظام فرصة لتوفير مشاركة شعبية في الانتخابات. فبعدما أمطر المدن والبلدات في شمال سوريا وجنوبها بالبراميل، انتقل كثيرون الى مناطق سيطرة النظام. ومنذ شهرين، ازدادت هذه الظاهرة، ولكن هذه المرة لا خوفاً من البراميل أو ممارسات المسلحين، وإنما هرباً من حملة تجويع. ففي تقرير للامم المتحدة ان ثمة نزوحاً جماعياً للسوريين الى مناطق النظام لاسباب عدة، منها انه بات المصدر الوحيد الموثوق به للمواد الغذائية. ويتواصل النزوح الجماعي من شرق حلب الى النصف الغربي للمدينة، ومن جنوب القنيطرة وجنوب شرقها الى وسطها وشرقها. وفي حماة ينزح كثيرون من الريف الى السلامية ومناطق أخرى.
بين رئيس قرار أن يحكم، وان يكن عاجزاً حتى عن الوقوف، وآخر يرفض الرحيل حتى لو صارت بلاده أطلالا، يبدو أن الطريق لا يزال طويلاً جداً الى الديموقراطية والسلام بعيداً من "هؤلاء المرضى الذين (لا يزالون) يحكموننا"، منذ عددهم للمرة الاولى بيار أكوس وبيار رنتشنيك في كتابهما المشترك.

  • شارك الخبر