hit counter script

- بروفسور غريتا صعب - الجمهورية

إنجاز الـ Brexit قد يكون أصعب مما يعتقد البعض

الخميس ١٥ حزيران ٢٠١٧ - 07:01

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تتفاوت الاراء حول الـ Brexit وخروج المملكة المتحدة من اوروبا. وتبدو الاحتمالات غير واضحة حول هذا الموضوع. وقد يكون التصادم اقرب الامور الى الواجهة سيما اذا ما فشلت المملكة المتحدة والاتحاد الاوروبي في التوصّل الى اتفاق عن طريق التفاوض.
هناك اسباب قوية تدعو الى الاعتقاد بأن الطريق الى الطلاق بين بريطانيا والاتحاد الاوروبي قد لا تكون سهلة وفق ما يعتقده البعض. وقد تكون هناك اسباب كثيرة أقلها اجرائية وسياسية.

على المستوى الاجرائي، المشكلة تكمن في كون المفاوضات اكثر تعقيدا من انجازها في الوقت المحدد وعلى الفريقين اعادة ترتيب علاقات سياسية واقتصادية تمّت على مدى اكثر من ٤٠ عاما. الا ان الجانبين لديهم حوالي السنتين فقط لتحقيق ذلك واعطاء المملكة اشعارا بأنها تعتزم المغادرة.

حسب بعض كبار المحنكين في السياسة البريطانية، من شبه المستحيل انجاز المهمة سيما وان الفريقين لا يملكان القدرة الادارية لذلك. كذلك وحسب Sir Ivan Rogers ان الامر قد يستغرق عقدًا من الزمن لكي تتمكن المملكة من التفاوض على اتفاقيات تجارية جديدة مع الاتحاد الاوروبي.

ويمكن ان تجري الامور بسرعة اذا ما سلمنا جدلًا بأن هناك حسن نيات بين الطرفين. لكن وعلى ما يبدو، هناك الكثير من الغليان على جانبي القناة وقد تطول عملية التفاوض اكثر من الوقت المسموح لها.

والاهم من ذلك الالتزامات المالية التي على ما يبدو وحسب تقديرات بروكسل تصل الى ٥٠-٦٠ مليار يورو، وهذا حتماً سيثير سخطا في المملكة المتحدة معتبرة ذلك انها محاولة ابتزاز، مع العلم ان هذه الارقام وعلى ما يبدو واقعية والمفوضية الاوروبية والتي تدير هذه المفاوضات يمكنها حسبما يتداول تبرير ذلك.

يبدو ان الواقع هو ان المتشددين وعلى رأسهم تيريزا ماي وحزب المحافظين ومعهم الاعلام البريطاني يرفضون بشكل قاطع المطالب المالية لبروكسل، ونتيجة لذلك من المرجّح ان يعود التحكيم الى محكمة العدل الدولية في لاهاي الامر الذي سوف يستغرق سنوات قبل التوصل الى قرار، ويعني مواجهة فعلية بين المملكة والاتحاد الاوروبي .

ويرجّح ان الامور اذا ما وصلت الى هذا الحد يصبح معها من المستحيل تحقيق اي تقدم في المفاوضات وسوف تؤجج الغضب ضد الاتحاد الاوروبي في بريطانيا مما يعني التصادم لا محال.

الجميع على الارجح يعتقد ان الـ Brexit هو شأن بسيط بين بروكسل ولندن انما وعلى عكس ذلك الامر بغاية التعقيد وسوف يفتح على بريطانيا اكثر من ٧٥٠ نقطة تفاوض حسب اخر احصاءات الـ Financial Times ولا توجد طرق مختصرة وأي نقطة تفاوض بعد العام ٢٠١٩ لا تتطلب فقط موافقة الاتحاد الاوروبي والمملكة المتحدة انما موافقة كل دولة ثالثة شريكة في هذا الاتفاق، ويتطلب اجتماعات ورحلات ومفاوضات مع الكثير من القيود القانونية والعملية وغيرها.

يقول اللورد Hannay السفير البريطاني السابق في الاتحاد الاوروبي، «اننا نتحدث عن عدد هائل من الافعال المتشعبة والتي نعتمد عليها اليوم». وفي تحليل لقاعدة البيانات في الاتحاد الاوروبي توجد ٧٥٩ اتفاقية ثنائية منفصلة قد تكون ذات اهمية لبريطانيا، وتشمل التجارة في السلع النووية والجمارك وصيد الاسماك والنقل ومسائل تنظيمية مثل مكافحة الاحتكار او الخدمات المالية.

اضف الى ذلك ان هناك العديد من الاتفاقيات الثنائية البريطانية خارج اطار الاتحاد الاوروبي التي قد تحتاج ايضًا الى تنقيح كونها تشير الى قانون الاتحاد الاوروبي.

لذلك من الصحيح القول ان جميع الاتفاقيات يجب اعادة تقييمها مما يخلق معضلة قانونية كبيرة- وعلى سبيل المثال لا الحصريوجد ٤٩ اتفاقية مع سويسرا وحدها، وهنالك ٤٤ اتفاقية مع الولايات المتحدة و ٣٨ مع النروج، ولكن بعض البلدان لا تدرك الآثار المترتبة على الـ Brexit وما تعنيه لها ولشركائها الاوروبيين وغيرهم.

سياسيًا، وعلى ما يبدو، ان الانتخابات المبكرة التي حصلت في بريطانيا وانتخابات فرنسا البارحة تعطي فكرة واضحة عن الـ Brexit وكيفية التعاطي معها مستقبليًا سيما وان تيريزا ماي دعت لاجراء انتخابات مبكرة من اجل تعزيز الاغلبية النيابية واعطائها المزيد من السلطة وحرية التفاوض في خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي. لكن يبدو ان النتائج قد تجعل المحادثات مع بروكسل اكثر تعقيدًا.

وحسب Guntram Wolff قد يكون من المستحيل التوصل الى حل توفيقي بسبب الضغوط السياسية المحلية في المملكة المتحدة، وقد أصبح عدم الاتفاق احد السيناريوهات الاكثر ترجيحًا، سيما وان المفاوضات تحتاج الى زعيم قوي وهذا ما خسرته تيريزا ماي في الانتخابات الاخيرة والتي يبدو ان النتائج سوف يكون لها تأثير كبير على الـ Brexit، خصوصا ان الاتحاد الاوروبي لن يغير موقفه من المفاوضات. وجاءت الانتخابات البرلمانية الفرنسية التي اعطت ماكرون وحزب الوسط اكثرية مطلقة.

وبعد لقائه ماي في باريس نقل ماكرون الى رئيسة الوزراء البريطانية ان الباب ما زال مفتوحًا لاعادة التفكير في علاقة بريطانيا مع الاتحاد الاوروبي .

ولا بد من التذكير ان الـ Brexit سيعطي المانيا وفرنسا فرصة للمضي قدمًا في تعميق التكامل بين الاقتصادين و توثيق التعاون في مجالي الدفاع والسياسة الخارجية لذلك قد تكون تكلفة الـ Brexit وقياسها واضحًا على المدى الطويل لا سيما الحد من الاستثمار والكفاءة وفقدان بريطانيا لسوق المال وكله ينبع من فقدان امكانية الوصول الى السوق الاوروبية المشتركة بما يعني حالة من الركود وفترة غير كافية لاعادة وضعية اقتصادية كانت مريحة لبريطانيا في الـ ٤٠ سنة الماضية.

بروفسور غريتا صعب - الجمهورية

  • شارك الخبر