hit counter script

ليبانون فايلز - مقالات مختارة مقالات مختارة - د. عامر مشموشي - اللواء

لا حلول جذرية للأزمات في المدى المنظور والموفد الفرنسي متفائل بحذر

الخميس ٥ أيلول ٢٠١٩ - 07:27

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

طلب الرئيس الحريري من كل الإدارات والمؤسّسات التي تُموَّل جزئياً أو كلياًمن الدولة إعداد جداول مفصّلة تتضمن المعلومات عن العاملين لديها من موظفين ومتعاقدين وأجراء..

يستمر الحكم في ضخ جرعات من التفاؤل بإمكانية تخطّيه الأزمة الاقتصادية والمالية التي يتخبّط بها لبنان، مستنداً في ذلك إلى الاجتماع الموسع الذي انعقد مطلع هذا الأسبوع في بعبدا برئاسته ومشاركة رئيسي مجلس النواب والحكومة ورؤساء الأحزاب وقد أكّد في تصريح جديد لرئيس الجمهورية خلال استقباله وفد الليونز أن لبنان سيخرج من الأزمة الاقتصادية الراهنة التي نتجت عن تراكمات امتدت ثلاثين سنة من بين اسبابها الأساسية اعتماد سياسة الاقتصاد الريعي. مشيراً إلى بعض الإجراءات التي ستتخذ لمعالجة الوضع جذرياً في مقدمها الحد من التضخم الوظيفي ومن المساعدات غير المنتجة وسلفات الخزينة غير المبررة، من دون ان يتطرق ولو من باب رفع العتب إلى الهدر الحاصل في كل مؤسسات الدولة وضرورة وقفه أو الحد من ضرره في أسوأ الأحوال ولا إلى الفساد المستشري على نطاق واسع في كل المؤسسات الرسمية ودوائرها، ولا إلى التهرب والتهريب الجمركي الذي يحصل على عينك يا تاجر في المرافق الرسمية وفي المطار الدولي، ولا إلى الأملاك العام المستباحة من قِبل أركان الطبقة الحاكمة والتي يُمكن ان تغطي العجز في الموازنة التي تشكّل المصدر الأساسي لتفاقم الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي يتخبّط بها لبنان على حدّ تعبيره، هذا بالإضافة إلى أمر أساسي تجاهله رئيس الجمهورية في حين انه يُشكّل المدخل الأساسي الى معالجة هذه الأزمات وهو إعادة هيكلة الدولة لتحقيق الإصلاحات المطلوبة لتخطي هذه الأزمات وإعادة تحريك عجلة الاقتصاد وفق متطلبات الوضع، ومطالب المجتمع الدولي والتي ركز عليها الموفد الفرنسي المكلف متابعة مقررات «سيدر» في كل الاجتماعات التي عقدها حتى الآن مع أهل السلطة ومنها أيضاً الإسراع في الخطوات الاصلاحية ومنها بشكل خاص إنشاء وتفعيل الهيئات الناظمة للاتصالات والكهرباء والطيران المدني والتي غابت تماماً عن مناقشات الذين اجتمعوا في القصر الجمهوري كما سترد على أهمية تضمين موازنة لـ2020 إصلاحات فعلية وعلى ضرورة وضع المشاريع بحسب الأولويات والاتفاق على آلية المتابعة المتعلقة بالتنفيذ مما يفهم منه أن الموفد الفرنسي غير مقتنع بورقة العمل أو بخريطة الطريق التي انتهى إليها اجتماع القصر الموسع، وأنه شكك في جدية المجتمعين للدخول في معالجة جذرية للأزمات الراهنة تجعل المجتمع الدولي يقدم على تقديم المساعدات المالية للدولة اللبنانية لكي تتمكن من تجاوز هذه الأزمات والانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج وهناك مصادر اقتصادية متابعة لتحركات الحكم اليوم، ترى بأن ما أدلى به الموفد الفرنسي يُشير بشكل أو بآخر إلى انه غير مقتنع بالردود التي سمعها من المسؤولين الذين التقاهم حتى أمس بأن هناك جدية عندهم لتحقيق الإصلاحات المطلوبة من لبنان لكي يتمكن من الحصول على الهبات والمساعدات التي أقرّت في مؤتمر «سيدر» الذي كلفته حكومته بمتابعة العمل على تنفيذه مع كبار المسؤولين اللبنانيين الذين يقبضون على السلطة منذ أكثر من ثلاثين سنة، وفق ما صرح به أمس رئيس الجمهورية.

وفي خطوة غير متوقعة، وإن أتت تماشياً مع دعوة رئيس الجمهورية طلب رئيس الحكومة في تعميم أصدره أمس من كل الإدارات والمؤسسات العامة والمصالح والصناديق المستقلة والهيئات والمجالس وكل المؤسسات أو المسميات التي تمول جزئياً أو كلياً من الدولة سواء أكانت مشمولة بصلاحيات مجلس الخدمة المدنية أو غير مشمولة بها، وضمن مهلة أقصاها خمسة عشر يوماً من تاريخه، اعداد مستندات وتنظيمها في جداول مفصلة تتضمن المعلومات المتعلقة بالعاملين لديها من موظفين ومتعاقدين واجراء وسائر العاملين بأية صفة كانت وفق نماذج ادرجها في متن التعميم وايداعها مجلس الخدمة المدنية بموجب كتاب موقع من قِبل الوزير المعني بصفته الرئيس التسلسلي لوزارته وبصفته وزير الوصاية تبعاً للصلاحية على ان يرفق بالمستندات المطلوبة بيان تفصيلي بملاك الوزارة النافذ حالياً، وافادة عن المؤسسات العامة والمصالح والصناديق المستقلة والمجالس والهيئات والمؤسسات والمسميات التي تمول كلياً أو جزئياً من الدولة الخاضعة لوصاية الوزارة أو المرتبطة بها وبيان تفصيلي بملاك كل منها النافذ حالياً.

الأوساط المتابعة للإجراءات التي يُمكن ان تتخذها الدولة تنفيذاً لما تضمنته ورقة العمل التي خرج بها اجتماع بعبدا الموسع طرحت الكثير من علامات الاستفهام عن الأسباب التي دعت رئيس الحكومة إلى إصدار هذا التعميم وتساءلت عمّا إذا كان الهدف من هذا التعميم هو الاستغناء عن عدد من الموظفين في القطاع العام بحجة العودة إلى التقيّد بالملاك العام وبحجم الموظفين فيها أو ان الحكومة ومعها العهد يعتقدان بأنها الطريقة الصحيحة للبدء في تحقيق الإصلاح وإعادة هيكلة الدولة ومؤسساتها وفق القواعد العلمية السليمة، حتى إذا كان الأمر كذلك تكون السلطة الحاكمة ارتكبت خطأ جسيماً سيرتد سلباً على الاستقرار العام في البلد لأن المطلوب لتحقيق الإصلاح ليس الاستغناء عن خدمات الموظفين المحدودي الدخل، بل ان الإصلاح الحقيقي يبدأ من رأس الهرم المسؤول الأوّل والأخير عمّا آلت إليه الأوضاع، ولا يبدأ من قاعدة هذا الهرم، وهناك تجارب إصلاحية كثيرة مرّت بها الدول التي سبقت لبنان وثبت لها بالواقع ان الإصلاح الحقيقي لا يبدأ من قاعدة الهرم بل من رأسه، وإذا سأل أي مواطن في هذا البلد يجيب بأن المسؤولين الحقيقيين عن الوضع الصعب التي وصلت إليه البلاد هم الطبقة التي وضعت يدها على الحكم واستخدمته كوسيلة لها لتحقيق مصالحها على حساب المصلحة العامة وكل ما عدا ذلك يدخل من باب إضاعة الوقت أو التمديد للأزمة.

د. عامر مشموشي - اللواء 

  • شارك الخبر