hit counter script

ليبانون فايلز - مقالات مختارة مقالات مختارة - دوللي بشعلاني - الديار

هل تستطيع اسرائيل فتح عدّة جبهات في وقت واحد؟!

الخميس ١٣ أيار ٢٠٢١ - 07:56

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تستمرّ المواجهات العسكرية بين «حماس» و «الجهاد الإسلامي»، والعدو الإسرائيلي في قطاع غزّة إثر أحداث القدس التي حصلت منذ نحو أسبوعين، في أخطر تصعيد شهدته الأراضي الفلسطينية المحتلّة منذ سنوات، يتجه الى التفاقم أكثر فأكثر. وإذ يُراقب لبنان والدول العربية والعالم ما يحصل، يخشى البعض من امتداد هذه المواجهات الى الجبهة الجنوبية اللبنانية أو الى جبهات عربية أخرى، وخصوصاً أنّ «الإسرائيلي» يسعى الى استكمال الإستيطان في الداخل الفلسطيني المحتلّ، والإستيلاء بالتالي على أجزاء من أراضي دول المنطقة لا سيما مزارع شبعا وتلال كفرشوبا في لبنان، وهضبة الجولان في سوريا وأغوار الأردن في الأردن لخلق خريطة «إسرائيل الكبرى» التي نصّت عليها «صفقة القرن». فهل من أسس فعلية لهذا التخوّف، وما الذي يتوقّعه لبنان من العدو الإسرائيلي بالتزامن مع ما يجري في غزّة؟!

أوساط ديبلوماسية مطّلعة رأت أنّ فتح العدو الإسرائيلي مواجهة داخلية مع المقاومة الفلسطينية لها أهداف محدّدة تحضّر لها منذ فترة، وهي تُواصل تهديد الفلسطينيين أينما كانوا داخل الأراضي الفلسطينية المحتلّة كونها ماضية في مسألة رسم الخارطة الجديدة التي أقرّتها «صفقة القرن»، رغم أنّ هذه الأخيرة قد جُمّدت مع مغادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب البيت الأبيض وانتقال مقاليد السلطة الى الرئيس جو بايدن. ويرى العدو أنّه لا يُمكنه تنفيذ ما يطمح إليه من دون مواصلة الإستيطان والسيطرة على أراضي الفلسطينيين من دون وجه حقّ، وهذا الأمر لن تلجمه إدارة بايدن ولن تتحرّك لوقفه، على ما يبدو، وإن كانت لا تؤيّد «صفقة القرن»، وتميل الى حلّ الدولتين.

وتساءلت الاوساط عمّا إذا كان باستطاعة «الإسرائيلي» اليوم فتح عدّة جبهات في وقتٍ واحد، وسط انهماك دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة والدول الأوروبية بمشاكلها الداخلية، لا سيما في ظلّ تفشّي وباء «كورونا» وعدم التوصّل الى السيطرة عليه بشكل نهائي. فصحيح أنّ أميركا تؤيّد حليفتها في المنطقة وتدعمها، ولكن أولويات إدارة بايدن اليوم مختلفة عن إدارة ترامب، فهو يخوض معركة سياسية مع الصين وروسيا، ويريد العودة الى الإتفاق النووي مع إيران. ولهذا لن يؤيّد بايدن في هذا الوقت بالذات خطوة الوقوف الى جانب «الإسرائيلي» لافتعال حرب جديدة مع حزب الله أو فتح جبهات عديدة مع المقاومة العربية في الدول الأخرى.

كذلك فإنّ قدرة العدو الإسرائيلي على الردع اليوم مع اختلال موازين القوى في المنطقة، لم تعد كما كانت عليه في السابق. فقد قصفت «كتائب القسّام» مدينة حولون قرب تلّ أبيب وضواحيها بـ 130 صاروخاً ثقيلاً واستهدفت مطار بن غوريون مباشرة ما أدّى الى وقف الملاحة الجويّة، وذلك ردّاً على استهداف «الطيران الإسرائيلي» المباني السكنية في قطاع غزّة، وهي أكبر عملية قصف تشنّها المقاومة الفلسطينية على تلّ أبيب، فيما فشلت منظومة «القبّة الحديدية» في اعتراض عدد كبير من الصواريخ التي اُطلقت من غزّة. وهذا إن دلّ على شيء فعلى أنّ المعادلة قد تغيّرت،على حدّ قول الاوساط، وكذلك قواعد اللعبة، وعلى أنّ «الإسرائيلي» لم يعد قادراً على استهداف محور المقاومة في المنطقة كونه قد ثبّت قوّته وقدرته، فضلاً عن دخول قطاع غزّة على الجبهة وعلى المعادلة بعد أن كان يُحاول حصره واستبعاده على مدى السنوات الماضية.

وأكّدت الاوساط، أنّ العدو الإسرائيلي اليوم في وضع حرج جدّاً، وهو مأزوم سياسياً، ولا يُمكن بالتالي معرفة الخطوة التالية التي سيتخذها، ما يجعل الأمور مفتوحة على احتمالات عديدة، سيما أنّه لا يُمكن الوثوق بما يعلنه هذا العدو، لأنّه قد يُفاجىء الجميع ويفعل عكس ما هو متوقّع، بسبب تطرّفه وتعنّته الأعمى. ولكن يُمكن القول انّه بعد التحذير الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله له بأنّه لن يتسامح ويتساهل مع أي خطوة خاطئة وأي تجاوز وأي حركة عدوانية تجاه لبنان خلال مرحلة المناورة التي بدأها الأحد وتستمر لأسابيع، وتُحاكي حرباً، وأنّه ستكون مغامرة من قبل العدو أي محاولة للمسّ بقواعد الإشتباك أو اللجوء الى أي إستهداف أمني وعسكري، فإنّ العدو الإسرائيلي يحسب لهذا الكلام ألف حساب. ولن يتجرّأ بالتالي على تحويل هذه المناورة التي أسماها «عربات النار» الى حرب شاملة على جميع الجبهات من الشمال الى الجنوب في ظلّ التحديات التي يُواجهها في الداخل، والجبهة المفتوحة مع المقاومة الفلسطينية.

من هنا، استبعدت الاوساط، أن يُغامر «الإسرائيلي» بفتح جبهة عند الحدود الجنوبية مع حزب الله، وإن كان يتحيّن الفرصة منذ الحرب الأخيرة معه في تمّوز- آب 2006 لكي يردّ على الفشل الذي مُني به، كونه لا يستطيع شنّ المعارك على عدة جبهات أوّلاً، وكونه أكثر من سواه يريد تهدئة الوضع الأمني في المنطقة الحدودية مع لبنان... فشركة «إنرجين» ستُرسل باخرتها من سنغافورة في حزيران المقبل للعمل في حقل «كاريش» وشفط الغاز والنفط منه، وإن عُلّقت المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية مرّة جديدة بسبب عدم قدرة العدو على الإستيلاء على آلاف الكيلومترات في المنطقة الإقتصادية الخالصة التابعة للبنان. ولهذا فإنّ فتح جبهة مع لبنان سيكون أشبه ب «إنتحار» له كون هذه الأخيرة ستُثني «إنرجين» عن المجيء الى المتوسط وبدء عملها، على ما هو مقرّر.

ورأت الأوساط نفسها أنّه على مجلس الأمن الدولي والجامعة العربية التحرّك سريعاً لتبريد الأزمة الحاصلة، وعدم الإكتفاء ببيانات الإدانة، بل السعي الى عقد إجتماعات طارئة لمجلس الأمن، كما لمجلس الجامعة لوقف ما يحصل ولعدم تمدّد الأزمة الى جبهات أخرى مثل الجبهة اللبنانية، أو السورية أو الأردنية وسواها... في الوقت نفسه، لا ينقص لبنان الى جانب أزماته المتفاقمة توتير الوضع الأمني فيه، واهتزاز الإستقرار الذي يُعتبر الضمانة الوحيدة الباقية والتي تؤكّد عليها كلّ الدول الداعمة له. علماً بأنّ حزب الله يأخذ كلّ التدابير والإحتياطات من أي خطوة غير متوقّعة قد يقوم بها «الإسرائيلي» عند حدود لبنان الجنوبية. كذلك فإنّ الجيش اللبناني في حال جهوزية تامّة، وهو منتشر في المنطقة، ويُراقب كلّ ما يجري تحسّباً لأي إعتداء إسرائيلي قد تتعرّض له السيادة اللبنانية.

وبرأي الاوساط، إنّ ما يحصل في فلسطين اليوم قد يكون له تداعيات على دول المنطقة، في حال استمرّ ولم يقم مجلس الأمن الدولي بوضع حدّ له فوراً. فشعوب المنطقة تتعاطف مع الشعب الفلسطيني رغم ما تُعانيه من انقسامات داخلية، ورغم قيام بعض هذه الدول بالتطبيع مع «إسرائيل»، وتتوق بغالبيتها الى فرض واقع جديد وتغيير قواعد اللعبة. ولعلّ الفرصة الإستثنائية التي طالما انتظرها الشعب الفلسطيني هي سانحة أمامه اليوم لتغيير ما فرضه الكيان المغتصب عليه منذ العام 1948.

  • شارك الخبر