hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - مقالات مختارة مقالات مختارة - محمد بركات - اساس ميديا

هادي مطر وحسن شعبان: مَن البطل.. ومَن العميل؟

الأربعاء ١٧ آب ٢٠٢٢ - 06:30

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

هما شابّان في مقتبل العمر. شابّان لبنانيّان. شابّان جنوبيّان. شابّان من قضاء بنت جبيل. هادي من يارون، وحسن من بيت ياحون. يفصل بين القريتين ربع ساعة فقط.

ولد حسن في لبنان. عاش حياة عاديّة. عمل مصوّراً في رويترز و"دايلي ستار"، والآن في وكالة بلومبيرغ. يقول أصدقاؤه إنّه كان مناصراً للمقاومة مثل كثيرين من أبناء جيله، لكنّه ليس مناصراً لحزب الله. وبات له، مثل كثيرين من الشباب الشيعيّ الجنوبيّ، موقف بعد تدخّل الحزب في الحرب السورية وفي حروب عربية أخرى.

يعيش حسن في بيت ياحون. مثل كلّ اللبنانيين، يعاني من انقطاع المياه وغياب التيّار الكهربائي، والأزمة المالية والمعيشية التي يعاني منها كلّ اللبنانيين.
أمّا هادي فوُلِد في الولايات المتحدة الأميركية، حيث درس وتخرّج. ربّته والدته، في حين تركه والده وعاد إلى يارون ليعيش فيها. حضنته أميركا، حيث هناك مياه وكهرباء وتعليم واستشفاء. كبر هادي وصار عمره 20 عاماً. قرّر أن يزور والده في يارون عام 2018. أمضى شهراً في لبنان، وعاد إلى أميركا "متعصّباً دينياً" ومزعوجاً من والدته، وراح يعاتبها لأنّها لم تدرّسه تعاليم الإسلام. وهي قالت لـ"دايلي مايل" إنّها مسلمة غير متديّنة. وتقول إنّه تغيّر بعد تلك الرحلة، وبات انطوائيّاً وينام نهاراً ويسهر في الليل.

حسن ابن بيئته. حين عطش أهل قريته وتظاهروا، أخذ الكاميرا وفعل ما عليه أن يفعله: صوّرهم، ونشر الفيديو. كان ذلك خلال أيّام عاشوراء قبل أسبوعين. خلال التظاهرة الصغيرة، التي حاول مناصرو حزب الله تفريق المشاركين فيها، من النساء والأطفال والرجال، قالت عجوز تلبس الحجاب باللون الأسود: "نحن دحرنا إسرائيل، سماحة السيد قال ازرعوا لتأكلوا، نريد مياهاً لنزرع ونأكل". وقالت أخرى أكثر شباباً، تلبس الثوب الشيعي الشرعي، الأسود أيضاً: "نريد كلّ حقوقنا. انتخبناهم ليوفّروا لنا كلّ شيء، وإذا لم يكونوا قادرين فليستقيلوا ويتنحّوا وننتخب غيرهم، نحن الرعيان نعرف الحقّ والدين أكثر منهم، ثورة عاشوراء ثورة على الظلم، هيهات منّا الذلّة على الظلم، يا عيب الشوم".

جُنّ جنون الحزبيّين في البلدة. ضربوا حسن يومها. هدّدوه بالقتل. وضعوا رصاصة على شبّاك سيّارته بعد أيّام. وأمس الأوّل كتبوا ورقة وغرزوها في قلب دولاب سيارته: "فلّ من الضيعة يا عميل يا كلب". وأمس غادر حسن القرية، بعد معاندة. تركها ونزل إلى بيروت "ريثما تهدأ الأمور".

هادي قرّر أن يقتل سلمان رشدي "تقرّباً من الله"، كما قال المدافعون عنه على مواقع التواصل الاجتماعي. من بين المدافعين أبواق حزبية. من بينهم أستاذ الفلسفة في الجامعة اللبنانية خنجر حميّة. ومن بينهم الزميل في جريدة "النهار" رضوان عقيل. ومن بينهم ناشطون اعتبروا أنّ سلمان رشدي يستحقّ القتل وفق الفتوى التي أصدرها الإمام الخميني، مفجّر الثورة الإيرانية في 1979.

وسلمان رشدي هو كاتب بريطاني، هنديّ الأصل، عمره 75 عاماً، كان يشارك في ندوة في نيويورك حين قرّر هادي مطر أن يطعنه في رقبته ويمزّق وجهه، ويقطع أعصاب يده، ويفقأ عينه، ويتلف كبده، بسكّين مشحوذ بفتوى الخميني، ليحقّق "فتوى الخميني" الصادرة في 1988.

طلب حزب الله من جيشه الإلكتروني ومن أبواقه تطويب هادي بطلاً. في حين كان حزبيّوه يقولون إنّ حسن "عميل" و"كلب". حسن الذي نقل صورة أهل قريته، الذين تربّى بينهم، وهم يصرخون من العطش، في الأيام العاشورائية. وهادي الذي لا يعرف ماذا يعني أن تنقطع الكهرباء والمياه لسنوات، وأن يجوع ولا يجد لقمة. فهو وُلِد وعاش في أميركا.

هادي لبناني عشرينيّ، شيعيّ المذهب، أميركيّ الجنسية، قرّر أن يقتل رجلاً هنديّاً بريطانيّاً، في أميركا، لتحقيق فتوى رجل دين إيراني توفّي قبل 33 عاماً.

وحسن لبناني ثلاثينيّ، شيعي المذهب، جنوبيّ الهوى، قرّر أن ينقل عذابات أهل قريته، بتصوير فيديو لا غير، وهو "مع المقاومة ضدّ إسرائيل". ويعيش على الحدود، في بلدته التي نفاه الحزبيّون منها أمس الأوّل.

أيُّ جنوبٍ هذا؟ وأيُّ بلاد هذه؟ وأيُّ جُنونٍ هذا؟

إملأوا الفراغ بالاسم المناسب: مَن هو البطل؟ ومَن هو المعادي لبيئته وللعالم كلّه؟

  • شارك الخبر