hit counter script

ليبانون فايلز - مقالات مختارة مقالات مختارة - أبو زهير - اساس ميديا

مش مهمّ أسماء الوزرا!

الإثنين ٣١ أيار ٢٠٢١ - 06:40

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أصابني الأرق ليلة السبت، ولم أستطع النوم بسبب انقطاع التيار الكهربائي وانطفاء المكيّف في الغرفة، فخرجت "على اللسّ" حتى لا أوقظ أمّ زهير فتبدأ بالـ"تبِربُس" (كلمة بيروتية وتعني التمتمة بكلمات غير مفهومة، قوامها مصطلحات من الزنّار وبالنازل)، وذهبت إلى الصالون حيث جلست أنتظر عودة التيار الكهربائي.

انتظرت التيار ولم يأتِ، فكل التيّارات في البلد ما عاد "عليها رباط"، تذهب وتأتي وتتراجع وتتردّد... هي تيارات كاذبة بكل ألوانها وأشكالها.

انتظرت وانتظرت حتى أصابني الملل، فتردّدت، وسألت نفسي ماذا أفعل؟ هل أذهب إلى محطة البنزين لأملأ خزّان الوقود بكرةً قبل الازدحام والوقوف في عين الشمس؟ أم أنتظر أذان الفجر وأصلّي ركعتين قيام الليل لوجه الله تعالى؟

استقرّ الرأي أخيراً على الانتظار، وتصفُّح الأخبار بواسطة هاتفي "الحذق" حتى أعرف ماذا يدور في البلاد إلى حين موعد صلاة الفجر. وبينما كنت أقلّب الصفحات الإلكترونية، قرأت خبراً عن أنّ رئيس النظام السوري فاز بولاية جديدة بنسبة 95.1%، فكبّرت بعد أن تشششششششششش بدني.

ثمّ قرأت في أحد المواقع خبراً يفيد بأنّ أجواء تشكيل الحكومة عادت تميل نحو الإيجابية، فقلت: تبارك الله ذو الجلال والإكرام.

قرأت أيضاً أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون (بيّ الكلّ) قد تقدّم بتشكيلتين وزاريّتين مختلفتين إلى البطريرك بشارة الراعي، ليقوم الأخير بتبخيرهما ومباركتهما بالماء المصلاية، ثمّ عرضهما بعد قدّاس يوم الأحد على الرئيس المكلّف سعد الحريري، حتى يختار هو بدوره واحدة، فأصابني الضياع وظننت لوهلة أنّ الرئيس عون هو رئيس الحكومة، أو أنّ الشيخ سعد (الغالي ابن الغالي) مجرّد لاعب كلمات متقاطعة، أو شاهد زور عليه أن يبصم على ما يرتئيه الرئيس.

محّصت التشكيلتين اللتين عُرضت صورهما في الموقع، حتى أطّلع على أسماء الوزراء لعلّي أتعرّف على اسم منهم، فلم أجد أسماء على الإطلاق. لم أقرأ سوى توزيعات طائفية مرفقة بأسماء أحزاب على شكل (سنّي/ المستقبل) أو (شيعي/ حزب الله)... فأدركت أنّ أسماء الوزراء غير ضرورية. هو أمرٌ ثانويّ يمكن تأجيله حتى الصورة التذكارية على درج بعبدا.

رميت الهاتف جانباً، وأمسكت المصحف الشريف، وقلت في سرّي "سأجري استخارة حتى أعرف إن كانت هذه الألاعيب ستفضي إلى تشكيل حكومة في نهاية المطاف أم لا؟ وهل يقبل الرئيس المكلّف بتلك المهزلة؟".

استعذت من الشيطان، وفتحت المصحف فوقعت عيناي على الآية رقم 196 من سورة آل عمران: "لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا". فقلت" لا... سأجرّب مرّة جديدة يا صبي، لعلّك أخطأت أو تسرّعت في القراءة".

سمّيت بالرحمن مجدّداً، وفتحت التنزيل، وقرأت: "فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ" (مريم 37).

أقفلت الكتاب، وفتحته مجدّداً، ثمّ قرأت: "انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ" (الأنعام 24).

عاودت الكرّة مرّة رابعة، فأقفلته، وفتحته، وقرأت: "فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ" (الانشقاق 24).

عرفت أنّ الطريق مسدود، وأن لا حكومة في الأفق، وأنّها ليست إلا بهلوانيّات واهية لن تفضي إلى مكان، فتركت المصحف الشريف، وقمت لأتوضّأ بالماء، فكانت مقطوعة هي الأخرى.

تيمّمت وصلّيت ركعتين تقرّباً للمولى، ودعوت الله ربّي أن يهديني إلى صراطه المستقيم، وأن يلهمني ويلهم الشعب اللبناني بكل أطيافه ومذاهبه، وبمؤمنيه وملحديه، الصبر والسلوان على هؤلاء الحكّام.

وخصصت نفسي أخيراً بالدعاء والتضرّع، علّها تكون ساعة استجابة، فقلت "اللّهمّ هبني من لدُنك ثقة ما بعدها ثقة. ثقة كتلك التي ألهمتها للرئيس المكلّف، فبات يظنّ أنّه سيتمكّن من إخراج "الزير من البير" خلال ما تبقّى من وقتٍ لهذا العهد القوي... ولهذا يتمسّك بتكليفه".

تركت سجادة الصلاة وخلدت إلى فراشي مجدّداً، فانخمدت وحلمت أنّني هاجرت إلى بلاد الواق واق، وتركت أمّ زهير في جهنّم ميشال عون وجِنان سعد الحريري.

  • شارك الخبر