hit counter script

ليبانون فايلز - مقالات مختارة مقالات مختارة - باميلا كشكوريان السمراني - الديار

ماذا تعني "الحصانة النيابية"... وهل تحوّلت الى عنوان لمعركة سياسية جديدة؟

الجمعة ٣ أيلول ٢٠٢١ - 07:22

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في زمن تتميّز به فئة من الشّعب اللّبناني عن غيرها بما يُسمّى الحصانة، وذلك تبعاً لنوعية العمل والإختصاص، يتوجّب في بعض الأحيان رفع الحصانة عن الأفراد نظراً لقضايا مُهمّة ومُلحّة يراها القانون وحديث السّاعة في الآونة الأخيرة قضية رفع الحصانة عن الرؤساء والنّواب خاصّة بعد إنفجار بيروت في 4 آب 2020.
ما هي الحصانة النيابية إذاً؟ هي مجموع الأحكام الدستورية التي تؤمن للنواب نظاماً قانونياً يختلف عن النظام القانوني العادي الذي يطبّق على عامة الناس في ما خص علاقاتهم، بهدف الحفاظ على حريتهم واستقلاليتهم.

الهدف من إعطاء النائب هذه الحصانة هو تأمين الضمانات اللازمة لحمايته في أداء مهمته التمثيلية بكل حرية واستقلال. وهي تبدو للوهلة الأولى، متعارضة مع مبدأ المساواة أمام القانون، ولكن سرعان ما يتضح أن الهدف منها هو حماية الأمة من خلال حماية ممثلها في ممارسة مهامه التي كفلها له الدستور. فهي تُعطى له من أجل إعطاءه الحرية والإستقلالية في التعبير عن آرائه وأفكاره وممارسة مهامه النيابية، فقد نصت المادتان 39 و40 من الدستور اللبناني على الحصانة النيابية. وحدّدت المادة 39 على أنه «لا يجوز إقامة دعوى جزائية على أي عضو من أعضاء المجلس بسبب الآراء والأفكار التي يبديها مدة نيابته». كما نصت المادة 40 على أنه «لا تجوز في أثناء دور الإنعقاد إتخاذ إجراءات جزائية في حق أي عضو من أعضاء المجلس، أو إلقاء القبض عليه إذا اقترف جرماً جزائياً، إلا بإذن المجلس ما خلا حالة التلبّس بالجريمة (الجرم المشهود)». كما وتنقسم الحصانة النيابية فيمكن التمييز بين نوعين من الحصانة النيابية: الحصانة الشاملة أو اللامسؤولية النيابية، والحرمة الشخصية.

موضوع رفع الحصانة بعد انفجار 4 آب، بين أخذ وردّ وتكتلات نيابية موافقة في العلن وأخرى توافق أمام الإعلام فيما تلعب دور التخريب في الخفاء.

آلان عون: مطلب مُحقّ
النائب ألان عون جزم ل «الدّيار» ضرورة التصويت على رفع الحصانة النيابية دائماً لأنّها تتعارض مع تطبيق القانون في معظم الأحيان «رأي التكتّل واضح وجزم في هذا الموضوع، رفع الحصانة حقّ من أجل المحاسبة والملاحقة القانونية لطالما دعونا الى تطبيقه.»

القانون يُفنّد البنود
قانونياً، قال رئيس منظمة «جوستيسيا للإنماء وحقوق الإنسان» الدكتور بول مرقس لـ «الديار»أن «صلاحية المجلس النيابي بالتحقيق البرلماني وبالاتهام وصولا الى الاحالة الى المجلس الاعلى المذكور لا تحجب، وإن حصلت، صلاحية القضاء الجزائي العادي بحسب اجتهادات بمحكمة التمييز في لبنان عام 2000 حيث تبقى للمحقق العدلي صلاحية متابعة اجراءاته ولو وضع المجلس النيابي يده على القضية على اعتبار أن القضاء الجزائي ممثلا هنا بالمجلس العدلي والمحقق العدلي، ينظر في الجرائم الجزائية وهي هنا جريمة تفجير المرفأ، بينما ينظر المجلس الاعلى بمدى إخلال الوزراء المعنيين بواجباتهم الحكومية خلافاً لما قد يعتقده البعض من أن وضع المجلس النيابي يده على الملف من شأنه تعطيل صلاحية المحقق العدلي».

وعن الحصانات وعن منحها ورفعها اشار الى مرقس: «إن الحصانات هي إستثناء على القاعدة الدستورية العامة التي تنصّ في المادة 7 أنّ كل اللبنانيين سواء لدى القانون، فهي نوع من الحماية القانونية التي يكفلها القانون والدستور لفئة معينة تعمل في الشأن العام، وذلك لحمايتها من الضغوط والترهيب والاضطهاد بسبب أقوالها أو أفعالها التي تصدر عنها أثناء قيامها بمهامها. كلّ هذا يؤكد أنّ الحصانات لا ينبغي أن تكون درعاً سياسياً يحتمي وراءها صاحبها ويتم إستغلالها للتهرّب من العدالة ومواجهة المسؤوليات».

وعن الحصانة النيابية قال:»قد كفل الدستور اللبناني في المادتين 39 و40 منه حصانة للنائب من أي دعوى جزائية قد تقام ضدّه “بسبب الآراء والأفكار” التي يبديها خلال نيابته. وباستثناء حالة الجرم المشهود لا يجوز أثناء دور الإنعقاد إتخاذ إجراءات جزائية بحق أي نائب عضو من أعضاء المجلس أو إلقاء القبض عليه إذا اقترف “جرماً جزائياً إلاّ بإذن من المجلس النيابي”، وهذا ما كان يُعتمد في فرنسا قبل التعديل الدستوري لعام 1996 الذي أزال حصانة النوّاب في ما يخص الملاحقة. فعندما يباشر المجلس النيابي البحث في طلب رفع الحصانة يجب استمرار المناقشة حتى البت نهائياً بالموضوع، أي في الخلاصة إن رفع الحصانة النيابية عن أحد نوّاب البرلمان قد تتطلب في الأحوال العادية عملية طويلة من المناقشات والبحث داخل مجلس النواب للتوصل إلى قرار إما برفع الحصانة أو برفض القرار بهذا الشأن. إلا أنني لا أرى أن ذلك يجب ان يكون حاصلاً في جرائم كبيرة كمجزرة المرفأ طالما هو واضح ان الاستدعاءات، ليست من قبيل الضغط على بعض النواب بسبب عملهم النيابي، وهذا هو السبب من وراء الحصانة، بل بسبب مسؤولياتهم الوزارية السابقة. وهذا يدعونا لإعادة التفكير في إعادة صياغة هذه الحصانات على نحو تسقط فيها حكماً تجاه جرائم مماثلة».

أمّا بالنسبة لملف المرفأ وطلب رفع الحصانات عن المدراء والنواب وغيرهم من المتهمين يوضح مرقس: «إذا بدأنا على سبيل المثال بالمدير العام للأمن العام،فهو موظف برتبة مدير ويخضع لقانون الموظفين رقم 112/ 59 والمرجع المختص به هو وزير الداخلية، وبحسب المادة 61 فقرة رابعة من قانون الموظفين فإذا رفض المرجع المختص المحدد قانوناً طلب النيابة العامة بإعطاء الإذن بالملاحقة، جاز للمحقق العدلي، في مهلة خمسة عشر يوماً من تبلغه قرار الرفض، عرض الأمر على النائب العام لدى محكمة التمييز الذي يبتّ به، بقرار معلل يبلغ الى المعنيين، ضمن مهلة مماثلة، ويعتبر انقضاء هذه المهلة دون البت بالموافقة، موافقة ضمنية. إلّا أن ذلك يؤثر على مسار التحقيق إذ لا يمكن أن يتم استجوابه دون هذا الإذن، ما لم يقرر المدير المثول دون إذن، وهذا يعود اليه بخلاف أصحاب الحصانة الذين لا يعود إليهم التنازل عنها كالنواب.فإن لدى هيئة المجلس مدة 15 يوماً لاتخاذ القرار منذ لحظة وصول الطلب القانوني»، مضيفاً: «أن قرار هيئة المجلس من حيث الشكل دستوري».

اضاف :»لبنان الذي يبدأ ملاحقة المتورطين في انفجار مرفأ بيروت،تعتبر أي حصانة غير مبرّرة في جريمة كمجزرة المرفأ، إلّا أنه رغم ذلك، وفق النصوص الراهنة، لا يجوز للمعنيين ادعاء رفع الحصانة عن أنفسهم بل يعود ذلك أصولاً للمراجع النيابية والنقابية، والإذن بالملاحقة مفعول حصري لا يسري إلّا بعد رفع الحصانة، و يعتبر الإذن بالملاحقة مفعول حصريّ، ولا يسري إلّا على الفعل المعيّن في طلب رفع الحصانة، ويُتّخذ قرار رفع الحصانة بالأكثرية النسبيةفإذا لوحق النائب بالجرم المشهود، أو خارج دورة الانعقاد، أو قبل انتخابه نائباً، تستمرّ الملاحقة، وللهيئة المشتركة وللمجلس، عند درس ومناقشة طلب رفع الحصانة، تقدير جدّية الملاحقة».

ويضيف مرقس: «إنّ المادّة 189 من قانون العقوبات التي استند إليها المحقق العدلي، تنصّ على أنّ الجريمة تُعدّ مقصودة وإن تجاوزت النتيجة الجرمية الناشئة عن الفعل أو عدم الفعل قصد الفاعل، إذا كان قد توقع حصولها فقبل بالمخاطرة.فالقصد الاحتمالي» الذي استند إليه القاضي، يعدّ عنصر الجريمة المعنوي، أي إذا كانت هناك جريمة مقصودة وحصلت نتيجة ثانية غير متوقعة ولكن كان يجب توقعها وبإمكان توقعها أو توقعها الفاعل، ومع ذلك قام بالمخاطرة، ومثال على ذلك، أنّ شخصاً يطلق النار على آخر بقصد إصابته من دون قتله، ولكن خرجت الرصاصة وأودت بشخص آخر بناءً على القصد الاحتمالي أي المفترض وجوده، فيعاقب عليها كجريمة مقصودة».

أمام رفع الحصانة أو الإبقاء عليها، حقيقة واحدة تتمثّل بشلّ سير التحقيق وتأخير الكشف عن الملابسات الحثّية والدقيقة لعملية المرفأ، إنّما العبرة تبقى في التنفيذ، على أمل تبيان الحقيقة وردّ الإعتبار المعنوي لأهالي الضّحايا.

  • شارك الخبر