hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - مقالات مختارة مقالات مختارة

"لا أحبه وهو لا يريدني".. ذوو إعاقة يُجبرون على الزواج "بمن يشبهونهم"

الإثنين ٤ تشرين الأول ٢٠٢١ - 10:51

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لا يخفى على أحد الظروف الصعبة التي يعيشها ذوو الإعاقة، خاصة في البلدان التي لا توفر لهم أبسط المقومات اللازمة لمساعدتهم في احتياجاتهم الخاصة، لكن الأمر لا يقتصر على ذلك، إذ يُجبر بعضهم على الزواج من أشخاص لم يختاروهم، لأن الأهل يعتقدون أن ذلك أفضل لمستقبلهم.

البعض يتزوجون رغماً عنهم من أشخاص يعانون من حالات مشابهة، وآخرون لا يسمح لهم ذووهم بالارتباط بأشخاص من غير ذوي الإعاقة، قائلين إنهم لن يتحملوهم، ولن يكونوا قادرين على استكمال الحياة معهم بصورة مرضية.

"عائلتي تعتبرني عبئاً عليها"
أحياناً يرى الأهل إعاقة أبنائهم أكثر مما يراها غيرهم، وهذا ما حدث مع نوال بيومي من محافظة الجيزة، وهي تعاني من إعاقة بصرية.

تقول الفتاة الثلاثينية لرصيف22: "أعاني من عيب خلقي في عيني منذ ولادتي. لم أفقد بصري كلية، لكني أحتاج للمساعدة باستمرار. منذ الصغر يراني أهلي أقل من أي فتاة أخرى، حتى في التعليم عندما أثبت لهم أنني متفوقة، كانوا يعتبرون الأمر مجرد صدفة".

التحقت نوال بكلية التجارة، وهناك تعرفت على شاب أحبته وطلب الارتباط بها. "عندما أخبرت أهلي بذلك انقلبت الدنيا، وقال أبي إن زوجي موجود، وعرفت بأنه يخطط لتزويجي من ابن عمتي الذي يعاني من إعاقة في قدمه، قائلاً إنه الأنسب لي، ولن يعايرني بسبب ضعف بصري، وبأن الشاب الذي أحبه لن يتحملني مستقبلاً".

"’انظري لنفسك في المرآة’، جرحني أخي بهذه الكلمة عندما أخبرته أني لست موافقة على الزواج، ومنعني من الذهاب إلى الجامعة، وتمت خطبتي على ابن عمتي بعد ذلك بشهرين. لا أنكر أن زوجي إنسان طيب، لكن لم أقبل أبداً أنهم أجبروني على الزواج منه".

"لا أرى نفسي من ذوي الإعاقة، فنطقي الثقيل جداً هو نتيجة حمى أصابتني في الطفولة"، هكذا قال حسام سنهوري (37 سنة) لرصيف22.

وأضاف حسام المقيم في القليوبية: "كلماتي لا تخرج بشكل منضبط، ولكن لا شيء خاطئاً في عقلي أو قلبي أو جسدي، ورغم ذلك تنظر إليّ عائلتي على أني شخص ناقص، وكذلك أصحاب العمل الذين أتقدم إليهم. منذ عام اختار لي عمي عروسة تعاني من مشكلة ببصرها. خفت ألا توافق فتاة غيرها على الارتباط بي وتمت الخطوبة، ولكني بعد ذلك لم أقتنع فتركتها. لم أستطع أن أظلم نفسي وأظلمها".

أما تيسير (26 سنة)، وهي تعاني من قصر القامة، ترى بأن بعض الأهل يعتبرون أولادهم من ذوي الإعاقة عبئاً كبيراً، ويتعاملون معهم على أنهم اختبار من الله، وتضيف لرصيف22: "أنا الوحيدة قصيرة القامة في العائلة. يتعاملون معي على أني شاذة، ورغم أني تعلمت ونجحت في الحصول على عمل، ولكن أهلي كانوا يضعون خطة أخرى لمستقبلي".

ترغب والدة تيسير بتزويجها من ابن صديقتها الذي يعاني بدوره من إعاقة جسدية، رغم رفض الفتاة. "تقابلت معه وهو إنسان محترم ولكني لا أحبه، وهو أيضاً لا يريدني. لا أظن أن هذا الزواج سيتم"، تضيف الفتاة المقيمة في محافظة البحيرة.

أحلام لم تتحقق
"لم أفكر في الزواج أبداً، ولم أتصور أن هناك شخصاً من الممكن أن يرضى بحالتي، فأنا مصابة بشلل الأطفال ولا أتحرك، وأعتبر نفسي بلا فائدة"، هكذا قالت سميرة صالح، وهو اسم مستعار لفتاة عشرينية من كفر الشيخ، في حديث لرصيف22.

"كنت أشاهد المسلسلات والأفلام الرومانسية، وأشعر بالنقص، وأقول لنفسي بأني لن أعيش أبداً قصة حب، ولن تكون لي حياة جنسية مع رجل أحبه. رضيت بقدري لكن والدي كان له رأي آخر، فعندما عرض عليه صديق له تعرض لبتر في قدمه، أن يتزوج مني وافق، وقال إن هذا الزواج سيكون ونساً لي، وأن الحياة ستكون أسهل لكلينا".

لم تستطع سميرة الاعتراض، رغم أن الرجل أكبر منها بخمسة عشر عاماً، فهي تعتبر نفسها امرأة غير كاملة، ولا تملك حق الاختيار. "ربما لو كنت مستقلة مادياً كنت استطعت أن أختار حياتي بنفسي. في نهاية المطاف ارتبطت به، وأعيش حياة بائسة بلا جنس ولا مشاركة ولا حتى ونس. ليتني استمريت فقط في مشاهدة أفلام السينما".

التقبل مبدأ أساسي
أكدت الخبيرة النفسية الدكتورة زينب نجيب لرصيف22 أن من حق أي إنسان تقرير مصيره واختيار شريك/ة حياته، إلا أن بعض العائلات تعتبر بأن الأشخاص من غير ذوي الإعاقة لن يحتملوا الارتباط بشخص لديه إعاقة ما، وقد يعايروهم مستقبلاً بسبب ذلك. "الأمر وارد طبعاً، لكن في هذه الحالة يمكن أن يحدث الانفصال ببساطة، مثل أي زواج آخر".

استشارية العلاقات الأسرية أضافت: "التقبل مبدأ أساسي للزواج، فلا يجوز أن يجبر الوالدان الفتاة أو الشاب على الزواج من شخص لا ترغب أو يرغب به. الحب يلغي أي نقص قد يعاني منه أحد طرفي العلاقة، وهناك زيجات كثيرة ناجحة كهذه".

بدورها أكدت داليا عاطف، وهي استشارية متخصصة في حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، حق هذه الفئة بتكوين الأسرة والإنجاب، كأي إنسان يريد أن يحظى بحياة مليئة بالحب والمودة والاستقرار. "لا يكتمل هذا إلا من خلال علاقة زوجية تجمع طرفاها عاطفة الحب والقناعة بقدرات كل منهما".

الاستقلال الاقتصادي مهم لذوي الإعاقة، حتى يملكوا حق تقرير مصيرهم، ولا يكونوا تحت رحمة الأهل.

وأضافت الخبيرة في حديثها لرصيف22: "لا القانون ولا التشريع ولا المواثيق الدولية ولا الشرع يقبلون بإجبار أي شخص على أي أمر، ولا نتحدث هنا فقط عن الزواج. كل إنسان يملك حق اتخاذ القرار وتقرير مصيره، وعلى الأهل أن يتجهوا أكثر لتعليم وتأهيل أبنائهم من ذوي الإعاقة، حينها سيكون لديهم قناعة أنهم سينجحون في أي ظرف".

وتشجب المتحدثة نظرة المجتمع لذوي الإعاقة، بأنهم غير منتجين وغير صالحين لتكوين أسرة، وتستكمل بأن الخوف من فشل زواجهم هو نتيجة هذه النظرة. "الزواج من الموضوعات الحرجة والشائكة للأشخاص ذوي الإعاقة من الجنسين، فالرجل يواجه أكثر من مشكلة منها عدم قبول الأسر بارتباط بناتهم به، رغم عدم وجود أية عوائق حقيقية، ويكون هذا الرفض مبنياً على الشكل العام للشخص الذي يستخدم كرسياً متحركاً، أو يتنقل باستخدام عكازين، أو فاقد البصر أو السمع".

"الإعاقة أقوى من الحب"
بالحديث مع بعض أهالي ذوي الإعاقة، كان لهم رأي مرير تجاه الواقع الذي يعيش فيه أبناؤهم، مؤكدين أن الأحلام الوردية التي يصورها المجتمع غير حقيقية على الأغلب.

سيد محمود، وهو رجل ستيني من القاهرة، قال لرصيف22 إن ابنته مريضة توحد، ولن يفكر في تزويجها، ولو فكر بالأمر حتى لا يتركها وحيدة، سيفضل أن يتم الأمر من شاب ذي إعاقة أيضاً، حتى لا يشعر أنه أفضل منها ولا يريد أن يستكمل حياته معها.

تعاني ابنة نعمات نور الدين بدورها من الصمم، وتزوجت شاباً لديه نفس الإعاقة. تقول السيدة المقيمة في البحيرة لرصيف22: "الناس تردد مجرد شعارات، ولا تعرف شيئاً مما نعيشه. لا يمكن أن يحب شخص من غير ذوي الإعاقة فتاة معاقة بصدق، ولو حدث فهذا شيء نادر. لم تكن ابنتي موافقة على الزواج، ولكنها عندما رأت الإساءة التي تعرضت لها صديقتها عندما تزوجت من رجل غير معاق، اقتنعت. أعرف أنها لم تكن تحبه، لكن الحياة بهذا الشكل ستكون أفضل، ولن يعايرها على إعاقتها، ولن يجرحها بأي كلمة لأن حالتهما واحدة. أنجبا طفلة العام الماضي، وأنا متأكدة أنها سعيدة الآن معه".

"لا يوجد شيء اسمه حب، فالتحدي الذي نعيشه أكبر من ذلك، وما حدث مع طه حسين لم يحدث معي"، هكذا تحدث خالد نعيم (41 سنة) لرصيف22 وقال: "فقدت بصري وأنا صغير، لكن الفتيات يرين أني فقدت كل شيء معه. أعمل إماماً وخطيباً، ولي راتب ثابت، وشكلي مقبول أو هكذا يقولون لي، وعندما تقدمت لخطبة فتاة من غير ذوي الإعاقة لم تقبل، رغم أنها عبرت عن إعجابها بي وبتعليمي. واجهت حينها الواقع، فهي ليست مضطرة أن تعيش مع شاب معاق طوال حياتها".

بعد ذلك، ارتبط خالد، وهو من كفر الشيخ، بفتاة تعاني من إعاقة في ساقها، رغم عدم رغبتها بالأمر، لكن أهلها ضغطوا عليها للموافقة، قائلين بأنها لن تجد من تتزوجه بعد ذلك. "نعيش الآن معاً. تتكئ هي على ذراعي وأرى بعينيها، لكن لا وجود للحب بيننا".

دراسات ناقصة
يرى أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية سعيد صادق بأن زواج ذوي الإعاقة ينقصه الكثير من الدراسات، حول المشاكل التي يمكن أن يتعرضوا لها، ويرفض في حديثه لرصيف22 إجبار الأهل أولادهم وبناتهم على الزواج ممن لا يرغبون به، محذراً من أن هذه الأفعال قد ينتج عنها انفجار وتصرفات غير سليمة.

وأشار المتحدث إلى أهمية الاستقلال الاقتصادي لذوي الإعاقة، حتى يملكوا حق تقرير مصيرهم، ولا يكونوا تحت رحمة الأهل الذين يرون أنهم يملكون حق اتخاذ القرار بدلاً عنهم. كما لفت لأهمية توعية ذوي الإعاقة بالعديد من الأمور التي تخص الحياة الجنسية، والتي لا تلقى عادة الاهتمام الكافي، لتكون حياتهم الزوجية سليمة.

هويدا ابو سمك- رصيف22

  • شارك الخبر