hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - مقالات مختارة مقالات مختارة

بيروت عاصمة الإعلام العربي... بالمُداورة فقط

الإثنين ٥ حزيران ٢٠٢٣ - 10:00

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أُقيمت في بيروت الأسبوع الماضي احتفاليّة إطلاق "بيروت عاصمة للإعلام العربي 2023" في حفل ينقُصه التنظيم، كما اللياقة في التقديم والاداء، حتّى بلغ الأمر بالزميل سامي كليب الذي نُقدِّر ونحترم، أن خَرَج عن أصول تقديم احتفالات مُماثلة، فروّج للمُرشّح سليمان فرنجية، ولوزير الإعلام زياد المكاري، ولبرنامجه المُتلفز "الرئيس" عبر "الجديد". وحبّذا لو حرّك ذاكرته قليلاً ليُقارِن بين حفلات رسميّة على هذا المستوى تُقام في دول العالم، وبين مجريات حفل فوضويّ يُشبه #لبنان الحالي، ويعكس صورة إعلامه.

سأل أحدهم عبر "تويتر": وما الذي جعل بيروت تستحق ان تكون عاصمة الإعلام العربي للسنة 2023؟ أجبته: "إنّها المُداورة"، لأنّ المناسبات تُعتمد مداورة بين عواصم الدول المكوّنة للجامعة العربيّة. ولأنّ الدول الشريكة في الجامعة اتّخذت القرار في العام 2021، أي بعد أشهر قليلة على انفجار مرفأ بيروت، إذ أرادت أن تتضامن مع لبنان الجريح، فقرَّرت التّعجيل في إعلانه عاصمة للإعلام وعاصمة للشباب، لكن العام 2022 كان محجوزاً، فاتّسعت الروزنامة للنشاط المُفترض في 2023.

وبعيداً من الحفل وسوء تنظيمه، فإنّ اعتماد بيروت عاصمة الإعلام العربي يستحقّ التوقّف لقراءة واقعيّة، من دون جلد الذات، وللسؤال عمّا يُمكن أن تستفيد العاصمة وإعلامها من المناسبة.

يتّفق الجميع أوّلاً على أن الحالة الإعلاميّة في لبنان قد بلغت ما يقرب من الحضيض. ولا يتعلّق الأمر بحريّة الإعلام أو بالنقص في حريّة التعبير. ثمّة فائض في الحريّة بلغ حدّ الفوضى. وقد يمتعض كثيرون من هذا الوصف، خصوصاً تلك المُنظّمات والجمعيّات (NGOS) المُموَّلة من صناديق غربيّة، للتركيز على السلبيّات وإصدار التقارير الملغومة عن أوضاع الحريّات في لبنان.
ماذا في أوضاع المؤسّسات الإعلاميّة؟ يسودها الإفلاس المالي، وقبله المهني، واكثرها الاخلاقي. المؤسّسات الإعلاميّة اللبنانيّة تُكابِد من أجل الاستمرار في حدّه الأدنى.

صُحُف لبنان التي كانت صُحُف العالم العربي، انكفأت إلى شوارع بيروت، وتقلّص عدد صفحاتها، وعدد نُسَخِها، وتوزيعها، لا إعلانات تُغذّيها، ولا قُرّاء يتزايدون من أجل ضمان عيشها.

التلفزيونات التي تصدّرت المشهد العربي زمناً، أصابتها ويلات البلد، في مقابل تنامي عدد التلفزيونات المُتخصِّصة، والمُقتدرة ماليّاً، والمدعومة رسميّاً، في مُعظم الدول العربيّة، وصارت تلك المحطّات قِبْلة الإعلاميّين اللبنانيّين في مدن اعلامية عالمية المستوى.

الإذاعات مثلها مثل محطّات تلفزيونيّة، تنتظر الترياق، يأتيها من نافذة حزب، أو بوابة مُتموِّل، غالباً ما يكون مُشبوهاً.

أمّا المواقع الالكترونيّة فحدِّث ولا حرج، ومعها المِنصّات التي تنمو كالفطر، لا يُمكن إحصاؤها، أو حتّى تقييمها، والانتشار الواسع للبعض منها لا يُعتبر نجاحاً بمقاييس علميّة مهنيّة. فالناس يهوون الشائعات، وهذه المواقع يقوم مُعظمها على الفضائح، بهدف ابتزاز المُتموّلين.

وعندما تُطالب نقابة أو جهة بضرورة تسجيل المواقع في وزارة الإعلام، وتسجيل العاملين فيها في الضمان الاجتماعي، وتوقيع عقود رسميّة معهم لتحفظ حقوقهم، تعلو أصوات تلك الجمعيّات التي تدّعي أنّ ثمّة من يُقيِّد حريّة الإعلام.

المؤسّسات الإعلاميّة الخاصّة بالدولة "تعيش من قلّة الموت" كما يُقال شعبيّاً، ولا دور ولا خريطة عمل ولا رؤية استراتيجيّة لها، وكلّ وزير يُحاول أن يُبَلْور رؤيةً ما تذهب معه إلى غير رجعة.

كل من عمل في مجلّة مدرسيّة، أو نشرة أخويّة، أو مِنصّة مجهولة الهويّة، صار يَدّعي أنّه صحافيٌّ وإعلامي، ولا قُدرة للنقابات القائمة، والتي طواها الزمن، على إعادة تنظيم الأمور.

هذا هو الواقع الاليم، الذي يجعل من بيروت عاصمة للاعلام العربي مجرد شعار.

غسان حجار- النهار

  • شارك الخبر