hit counter script

ليبانون فايلز - مقالات مختارة مقالات مختارة - ناصر زيدان - الانباء الكويتية

القضاء اللبناني يواجه محنة غير مسبوقة

الخميس ٢ كانون الأول ٢٠٢١ - 06:18

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يواجه القضاء في لبنان أزمة غير مسبوقة، تكاد تكون الأخطر في تاريخ الجمهورية، ويتناول السياسيون ما يجري في المحاكم في العلن، برغم أن القانون يمنع التعرض لأعمالها، وهي سرية في غالبية مراحلها، لاسيما التحقيقات الأولية التي تتعلق بالملفات الجنائية، لأن الكشف عن هذه التحقيقات له تبعات كبيرة، وفيه محاولة للضغط على القضاة، ويؤدي الى التشكيك بالأحكام.

القضاة في لبنان مستقلون وفق ما تنص عليه المادة 20 من الدستور، وهم يصدرون الأحكام باسم الشعب اللبناني بموجب القوانين المرعية الإجراء، وبعض الصلاحية المعطاة للسلطة التنفيذية ولوزير العدل على القضاء، لا تعدو كونها مهام إدارية تكميلية، لاسيما منها إقرار التشكيلات القضائية التي يقترحها مجلس القضاء الأعلى، لكن رئيس الجمهورية استخدم هذه الصلاحية لتعطيل التشكيلات بغير وجه حق، وابقاها في ادراج القصر منذ أكثر من ثلاث سنوات، برغم أنها حصلت على تأكيد موافقة المجلس الأعلى مرتين، مما جعلها غير قابلة لأي تعديل. وهدف توقيف صدور التشكيلات كان من دون شك لوضع محسوبين في أماكن حساسة للاستفادة منهم في تمرير صفقات سياسية او غير سياسية.

ما نشهده اليوم من هجمة شرسة على هذا القضاء بمناسبة التحقيقات التي تجري حول انفجار مرفأ بيروت، هو استكمال لخطوات التعطيل السابقة، ولم يشهد أن حصل مثله في أي مرحلة سابقة، حتى أيام الحرب الأهلية، حيث راعت المحاكمات التي جرت بخلفية سياسية، ومنها على سبيل المثال ملف انفجار كنيسة سيد النجاة التي اتهم فيها د. سمير جعجع من دون دليل، القواعد الشكلية، كما أن «العضومية القضائية» التي اعتمدتها قوات الوصاية السورية في السابق، ركزت على توليف التهم للمعارضين من دون التعرض لأشخاص القضاة الذين كانوا يرفضون الوصاية ولا ينصاعون لتعليمات النظام الأمني.

ومن المؤكد أن تدمير القضاء في لبنان سيكون بمنزلة تدمير للدولة بالكامل، خصوصا بعد الانهيار الذي حصل في البلاد على المستويات المالية والاقتصادية والصحية والسياسية. ورغم التجارب المريرة التي حصلت في السنوات الخمس الماضية مع القاضية غادة عون وغيرها، بقي القضاء ضمانة لإحقاق الحق، ولم يتحول الى أداة بيد السلطة السياسية، وتعامل مع الأحداث التي جرت في السنتين المنصرمتين بواقعية، برغم تحامل بعضهم على المعارضين في ملفات جنائية او مالية او سياسية. وصمد المجلس العدلي في وجه الضغوطات، وأبدى تماسكا واضحا، وصدرت بيانات عن نادي القضاة تحاكي الوقائع المطروحة بمعايير قانونية مجردة.

اتهام أمين عام حزب الله للقضاء بالتعامل بخلفية سياسية مع ملف جريمة تفجير المرفأ، يعتبر تهديدا واضحا للقضاة، ولاسيما منهم المحقق العدلي طارق البيطار الذي خلف سلفه فادي صوان الذي تعرض لذات الاتهامات التي يتعرض لها البيطار اليوم. وبعض المعلومات تتحدث عن تهديد جسدي ايضا تعرض له نقيب المحامين السابق ملحم خلف، وقد انكفأ بالفعل عن اثارة قضية المرفأ، وأعلن عن اضراب غير مبرر للمحامين استمر ما يقارب 5 أشهر، رغم كون النقابة وكيلة عن أهالي الضحايا وعن المتضررين من الانفجار.

لم تكتف الجهات المتضررة من كشف حقيقة ما جرى في المرفأ بالتهديد فقط، بل ان ضحايا وقعوا في هذا السياق لعلاقتهم بالملف، ومنهم العقيد جوزيف سكاف والعقيد منير أبورجيلي والمصور جو بجاني والناشط لقمان سليم. ذلك كله يخفي أهمية الملف بالنسبة للجهة المتهمة، ويشير بوضوح الى هذه الجهة، وكيف أنها حصلت على معلومات عن التحقيقات مازالت سرية، رغم أن المحقق العدلي لم يستدع أيا من مسؤوليها بعد.

كلام كثير يمكن أن يقال عن الملف، لكن الواضح أن القضاء اللبناني يواجه محنة غير مسبوقة، والضغوطات عليه ستزداد، ودائما كانت خلف القضايا السياسية الكبرى في لبنان ملفات جنائية كبرى، ومنها تفجيرات واغتيالات.

  • شارك الخبر