hit counter script

ليبانون فايلز - مقالات مختارة مقالات مختارة - فرديناندو جوليانو - الشرق الاوسط

الاتحاد الأوروبي على حافة تغيير تاريخي

الإثنين ١ حزيران ٢٠٢٠ - 07:36

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

عادة ما يكون «الاتحاد الأوروبي» مخيباً للآمال عند محاولة إيجاد تصور مشترك لأزمة اقتصادية. ومع ذلك، فإن خطاب رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لين، أمام البرلمان الأوروبي، الأربعاء الماضي، حول صندوق التعافي من الجائحة، يستحق أن يسجل في كتب التاريخ.
حددت رئيسة المفوضية برنامج إنقاذ بقيمة 750 مليار يورو (825 مليار دولار) لمساعدة الاتحاد الأوروبي على التكيف مع تداعيات فيروس «كورونا»، لكن لا يزال يتعين على حكومات الاتحاد الأوروبي الموافقة على الخطة، ومن المحتمل أن يلقى المقترح معارضة من قبل بعض الدول الشمالية، خاصة هولندا والنمسا. لكن إذا جاءت الصفقة النهائية قريبة الشبه من اقتراح فون دير لين، فسوف يمثل ذلك تحولاً جذرياً لأوروبا.
وتخطط المفوضية لاقتراض هذا المبلغ الضخم من الأسواق المالية، لتقوم بتوزيعه على الدول الأعضاء خلال الفترة من 2021 - 2024، حيث ستحصل الدول الأكثر تضرراً من الناحية الاقتصادية على الحصة الأكبر. ولأن الصندوق عبارة عن مجموع لأجزاء متفرقة، فسوف يجري جمع نحو 560 مليار يورو، مقابل ما يطلق عليه «مرفق التعافي والمرونة» الجديد الذي سيذهب مباشرة إلى الحكومات.
وستكون هناك أيضاً خطة بقيمة 31 مليار يورو لدعم الشركات المتعسرة التي تحتاج إلى مساعدة حكومية مؤقتة، و9.4 مليار يورو للاستعداد للأزمات الصحية المستقبلية.
وستكون إيطاليا وإسبانيا أكبر المستفيدين، بينما ستحصل ألمانيا على القليل نسبياً. وسيدفع الاتحاد الأوروبي للمستثمرين من خلال ميزانيته الخاصة لفترة طويلة تصل إلى أربعة عقود.
وسيكسر الصندوق عدداً من المحظورات في الاتحاد الأوروبي. أولاً، سيرفع بشكل كبير المبلغ الذي يمكن للمفوضية اقتراضه من الأسواق المالية. لكن هذه ليست «سندات اليورو» بالمعنى التقليدي للكلمة، حيث ستظل الدول الأعضاء مضطرة لسداد مساهماتها الفردية لميزانية الاتحاد الأوروبي، ليتم حسابها من خلال الحجم النسبي لمنتجها المحلي الإجمالي. ومن المتوقع أن يحدث ذلك «مرة واحدة» إلى حين التخلص من الوباء. ومع ذلك، سيكون لهذه الخطة فائدة كبيرة جداً، حال اختارت منطقة اليورو الاستفادة من التضامن المالي للاتحاد الأوروبي الذي تشتد الحاجة إليه في وقتنا الحالي.
التغيير الكبير الثاني هو أن ثلثي الأموال ستقدم على هيئة منح، وهو الجانب الأكثر إثارة للجدل في الخطة، وهو ما يُخشى أن يتعرض للتقليص خلال المفاوضات المقبلة بين الدول الأعضاء. وستكون هناك قيود أيضاً، حيث سيتعين على الحكومات تقديم برامج الإصلاح لتلقي الدعم. وسيحتاج الإنفاق الإضافي إلى الامتثال للأولويات على مستوى الاتحاد الأوروبي، مثل الاستثمارات التكنولوجية ومعالجة تغير المناخ، لكن تقديم المنح السخي سيكون تغييراً جوهرياً لآلية الاستقرار الأوروبية، ولصندوق الإنقاذ في منطقة اليورو الذي يقدم القروض فقط.
المحظور الأخير هو خرق قوانين الضرائب على مستوى الاتحاد الأوروبي، إذ تركز المفوضية على إنشاء مصادر دخل جديدة، الأمر الذي يمكن أن يساعد في رد الأموال للمستثمرين، بما في ذلك الضرائب البيئية والضرائب على الشركات متعددة الجنسيات. وهذا هو الجزء الأكثر غموضاً من الخطة، لكنه قد يكون أهمها. وسوف يكون ذلك بمثابة البذرة لخزينة الاتحاد الأوروبي التي يمكن أن توجه المال للمكان المناسب.
وستواجه فون دير لين أوقاتاً عصيبة في إقناع ما يسمى «المقاتلين الأربعة»، وهم السويد والدنمارك والنمسا وهولندا، لأنهم يفضلون القروض، حيث يخشون أن تنفق هذه الأموال بالطريق الخطأ.
وكما جرت العادة، تستفيد دول أوروبا الشرقية من الجزء الأكبر من صندوق الاتحاد الأوروبي، لكن مستوى إصابتها المعقول نسبياً من الوباء سيمنعها من تلقى كثير من هذا الدعم الجديد. وسيكون من المثير للاهتمام معرفة الطريقة التي يعتمدون بها على الصندوق. وسيحتاج الاقتراح إلى دعم بالإجماع، وهي مهمة صعبة في حد ذاتها.
على الأقل، يمكن لرئيس المفوضية الاعتماد على فرنسا وألمانيا، أكبر الوحوش في الاتحاد الأوروبي، الذين أبرموا الاتفاق الخارق الذي مهد الطريق لاقتراح فون دير لين.
ومن الواضح أن إسبانيا وإيطاليا ودولاً جنوبية أخرى ستحظى بالأفضلية لأنها ستحصل على غالبية الأموال.
وللمرة الأولى، قد تحدث مواءمة بين نجوم السياسة الكبار. وحال حدث ذلك، سيتذكر العالم عام 2020 في أوروبا بصفته أكثر من مجرد عام تفشي الوباء.

  • شارك الخبر