hit counter script

ليبانون فايلز - مقالات مختارة مقالات مختارة - مجد بو مجاهد - النهار

أوجه الشبه والاختلاف بين انتخابات لبنان والعراق

الثلاثاء ٩ تشرين الثاني ٢٠٢١ - 11:42

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

حتى وإن كانت لا تختلف مشهديّة التحدّيات السياسية على الصّعيدين اللبنانيّ والعراقيّ بما يشمل مسار القوى التغييرية المنبثقة من انتفاضتين متشابهتين في التوقيت والمضمون، إلّا أنّ صعود قمّة الاستحقاق الانتخابي اللبناني والقدرة على تحقيق نتائج متقدّمة، لا تزال بمثابة مسألة غير قابلة للجزم أو التأكيد لاعتبارات مرتبطة باختلاف الفرز الشعبي المنسحب على فرز الأصوات بين فئات المجتمع اللبناني ومناطقه ودوائره الانتخابية المتنوعة. ولا يلغي ذلك أوجه الشبه البارزة بين انتخابات لبنان والعراق، انطلاقاً من قراءة مراقبين علميين لمكوّنات الاستحقاقين. وهي متمثلة أوّلاً في اعتماد قانون نسبيّ في كلّ من البلدين، وقائمة ثانياً في التعدّدية الطائفية والحزبية المتشابهة عراقيّاً ولبنانيّاً، وكامنة ثالثاً في تدخّل القوى الخارجية نفسها التي تتمتع بنفوذ ظاهر في الساحتين اللبنانية والعراقية، ومبنيّة رابعاً على أساس بروز قوة جديدة ساعية إلى التغيير في ظلّ سيطرة واقع فوضويّ على الأرض في بغداد وبيروت.

وفي المقابل، يبقى العنصر الأساسي الذي يمثّل محلّ اختلاف في تفنيد الفوارق بين الصورتين في رأي المستطلعين، في اضطلاع القوى التغييرية الشيعية بالدور الأبرز في التغيير عراقياً، فيما لا يزال من المبكر التسليم بتغييرات سياسية جذرية يتبناها الناخبون على صعيد الساحة الشيعية اللبنانية، على عكس الساحات المسيحية والسنية والدرزية حيث تبدو أكثر قدرة على تحقيق نتائج مختلفة عن انتخابات 2018، بما في ذلك احتمالية تحقيق خروقات على صعيد الأحزاب السيادية والمجتمع المدني. ويبدو ثقل التحديات أكبر في لبنان وسط همودٍ يرسم بعض المحاذير بالنسبة إلى المتابعين، خلافاً للحماسة العراقية التي نجحت في الوصول إلى انتخابات نيابية مبكرة. وثمة هواجس لا تزال قائمة من تأجيل الانتخابات والتمديد للمجلس النيابي الحالي في لبنان، علماً أن ثمّة تضارباً في الأجواء حول تحضير غالبية الأحزاب التقليدية للاستحقاق، بين من يعبّر عن استعدادات مكتملة وبين من يتساءل عن أسباب التلاشي في التحضيرات. ولا شيء يوحي بأنّ البلاد باتت على مشارف أشهر قليلة من موعد الانتخابات النيابية بالنسبة إلى بعض من الأحزاب التقليديّة التي لم تبادر حتى الآن إلى تعيين كادر العمل أو بداية تفعيل اتصالاتها ولقاءاتها مع الناخبين.

في الموازاة، تتبلور التحضيرات خصوصاً على مقلب المنصات الداعمة لقوى التغيير من دون قدرتها على تحقيق أيّ إنجاز حتى الآن، في ظلّ خلافات داخلية تخبّط بها بعض المنظمين بعد السعي إلى اتحاد منصتي "كلنا إرادة" و"نحو الوطن" ثم انشقاق عضوَين من "نحو الوطن" عن مجلس الإدارة الجديد المنتخب وتفضيلهما العمل بمفردهما نتيجة الاعتراض على تعيين رئيس مجلس الإدارة، فيما دخل ما تبقى من الأعضاء الذين يمثلون "نحو الوطن" في التحالف مع "كلنا إرادة". وإذا كانت هذه التباينات تصعّب المطبات أمام رسم مشهدية لبنانية مشابهة للنتائج العراقية، فإن هناك من يذكّر بنقطة اختلاف كبرى بين كلّ من لبنان والعراق على صعيد الاصطفافات السياسية القويّة والكبرى لبنانياً والتي كانت متمثلة باصطفافيّ 8 و14 آذار قبل تلاشيها، بما يجعل خوض الاستحقاق الانتخابيّ "على القطعة" بالنسبة إلى بعض الأحزاب، التي منها من يغلّب التحالفات على أساس حسابات الربح والخسارة في كلّ دائرة انتخابية. وإذا كانت الأجواء العامّة تشير إلى أنّ التغيير آتٍ بحسب ما تظهر نتائج الاستحقاقات الجامعية والنقابية، إلا أنّ ترجمة كيفية التغيير على صعيد الانتخابات النيابية مسألة تبقى خاضعة للتحالفات التي تقرّر هوية الرابحين والخاسرين.

ماذا عن النتائج المرتقبة في انتخابات 2022؟ وهل من شأنها أن توحي بتغييرات شبيهة برسم الصفحة الجديدة عراقيّاً؟ بحسب استطلاعات الرأي الأوّلية التي أجراها الباحث كمال الفغالي في المناطق المسيحية على وجه الخصوص وأطلع "النهار" عليها، تبيّن بالنسبة للاحصاءات التي قام بها تراجع شعبية "التيار الوطني الحرّ" بنسبة 60% في مقابل حفاظ حزب "القوات اللبنانية" على ما يقارب معدّل الجماهيرية نفسه الذي حصل عليه عام 2018. وتراجعت جماهيرية "حزب الله" في الشارع المسيحي إلى حدود غير مسبوقة مع تسجيله نقطتين فحسب في استطلاعات المناطق المسيحية، بما يشير إلى تغيير جذريّ في الخيارات السياسية لدى المسيحيين. وفي المقابل، لم يقرّر 15% من الناخبين الجهة التي سيقترعون لمصلحتها في الانتخابات المقبلة. إلى ذلك، حافظت بعض الشخصيات المستقلة على وضعها الشعبي الانتخابي نفسه في الدوائر الحاضرة فيها، بما يشمل بطرس حرب وفارس سعيد وفريد الخازن وميشال معوض. وتشير هذه المعطيات الأولية إلى أن القوى السياسية المناطقية التقليدية تحافظ على قوّتها الشعبية المتعارف عليها. وبرز المستجدّ اللافت في حلول النائب المستقيل نعمة افرام أوّلاً في الاستطلاع الذي أجراه الفغالي على صعيد قضاء كسروان. وتبقى النتائج الانتخابية مرتبطة بتركيبة اللوائح والدوائر، بحيث يحتاج بلوغ الحواصل الانتخابية إلى تحالفات استناداً إلى طبيعة القانون الانتخابي. ويرى الفغالي أن تحقيق نتائج متقدمة على صعيد قوى التغيير مسألة مرتبطة بالقدرة على خوض الانتخابات بموجة موحّدة من قبلها، وفهم كيفيّة العمل على تركيب اللوائح في الدوائر الانتخابية المختلفة وعدم الانقسام بين التغييريين.

وفي الخلاصة التي يعبّر عنها المدير التنفيذي في Statistics Lebanon ربيع الهبر عبر "النهار"، يؤكد أن "التغيير آتٍ انتخابياً من قوى وفئات مختلفة عن تلك التي رسمت مسار تغيير في العراق، لكن التغيير آتٍ لا محالة في ظلّ وجه شبه أساسي متمثل بموجة تغييرية في البلدين على صعيد قوى الثورة"، مشيراً إلى "أنني أؤمن أننا سنشهد إجراء انتخابات جديدة من نوعها"، ومشدّداً على أوجه الشبه بين لبنان والعراق لناحية "اعتماد النسبية، وتدخل القوى الخارجية نفسها، واللوحة التعددية على صعيد الناخبين، وصعود قوى جديدة منبثقة من الانتفاضتين العراقية واللبنانية".

  • شارك الخبر