hit counter script

ليبانون فايلز - مقالات مختارة مقالات مختارة - زيزي إسطفان - نداء الوطن

أطبّاء.. نقباء.. وباحثون أخذوا مكان أهل الفن والسياسة

السبت ٦ شباط ٢٠٢١ - 06:45

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في أقسى مباراة تخوضها الإنسانية ضد فيروس قاتل تتجه الأنظار نحو اللاعبين ويصبحون وحدهم نجوم المرحلة. أطباء، نقباء، باحثون، مستشارون ورؤساء لجان طبية هم اليوم أبطال الحلبة بلا منازع، أزاحوا أهل السياسة والفن والتنظير عن الأضواء واحتلوا الشاشات وأثير الإذاعات، وفي المعركة المفتوحة ضد الفيروس لا صوت يعلو فوق أصواتهم وإن تفاوت التصنيف بين نجوم صف أول وكومبارس...

وجوه باتت ضيوفاً يومية على شاشاتنا، ألفناها وصرنا ننتظر إطلالتها لننهل منها أخبار الجائحة ونأمل بعلاجات ناجعة تخرج من أفواهها. لم تعد أية إطلالات أخرى تثير اهتمامنا، فلا أخبار السياسة المجترة تحرك فينا وتراً ولا أخبار أهل الفن بقي لنا جلد عليها. وحدهم أبطال الصحة صاروا رفاق يومياتنا معهم نتذكر ردّية مشجعي فريق الحكمة: "حكمة قبل النوم، حكمة بعد النوم، حكمةع الترويقة وحكمة كل دقيقة...".

أعلى "رايتنغ"

الإعلامي طوني خليفة كان أول من خصص مساحة لـ"كورونا" في برنامجه الأسبوعي، وعبر منبره أطل د. روي نسناس بطلاً قومياً وصوتاً وقوراً واثقاً، إستطاع بصدقيته وإحاطته بموضوع الفيروسات ان يدق جرس الإنذار الأول في لبنان ويجعل الناس يتسمّرون أمام شاشاتهم للإصغاء الى ما يقوله، كما كانوا يفعلون مع "فلاشات" صوت لبنان إبّان الحرب الأهلية. عنه يقول طوني خليفة: "هذا الطبيب الذي لم يكن بحاجة الى شهرة ويتطلب الحصول على موعد منه اشهراً، وضع نفسه في خدمة الناس مع بداية الجائحة ولم يتردد بتكريس وقته لتوعية اللبنانيين وتحذيرهم وإرشادهم. بأسلوبه المباشر الصريح أثّر في الناس وساهم في حثهم على البقاء في بيوتهم واعتماد وسائل الحماية، حتى صارت إطلالته الإعلامية خط الدفاع الحقيقي للبنان في وجه "كورونا".

مع انتشار الجائحة صار الوضع الصحي أولوية مطلقة على الشاشات وباتت الحلقات الحوارية التي تتناول موضوع "الكورونا" وتستضيف طبيباً معروفاً، تشهد "رايتنغ" أعلى بكثير من الذي تشهده الحلقات السياسية أو الاجتماعية العادية، وفق ما يؤكده لنا طوني خليفة. إستنفر الإعلاميون لنشر التوعية وبدأت المحطات تتنافس في استضافة الأطباء في برامجها الحوارية والإخبارية وحتى الكوميدية: أسماء محلية من داخل الحدود أو ممن اغتربوا في أصقاع الأرض وبنوا نجاحاتهم في مستشفيات العالم، بحيث صارت اسماء جون هوبكينز وجورج تاون ومايو كلينيك أقرب الى أسماعنا من مستشفى الروم والزهراء والمعونات... وعبر الشاشات ولد نجوم جدد.

د. علي المقداد أطل مراراً من الولايات المتحدة كونه مسؤولاً في إدارة الرئيس ترامب الصحية ليحذر اللبنانيين مما ينتظرهم، إن استمرت المعالجات الحكومية لمشكلة "كورونا" على ما هي عليه. حضوره المتكررعلى الشاشة والمنتقد للسياسات الصحية أثار جدلاً كبيراً بين الأطباء والمسؤولين على حد سواء، وبات بعضهم يرفض الظهور معه، وفق ما يخبرنا طوني خليفة، ليتبين في ما بعد أن كل ما حذر منه وصلنا اليه ولا سيما بالنسبة لتزايد الحالات وأعداد الوفيات.د.مارون الخوري المدير الطبي لمؤسسة DiagnosTechs احتل مكانة رفيعة على شاشاتنا، وصارت كل إطلالة له من لبنان أو من خلف البحار تثير خضة في اوساط الجمهور اللبناني المتلهف لسماع خبر موثوق من خبير. بصوته الجهوري المشوب بلكنة أميركية بسيطة أطل ليطمئن شعب لبنان ويؤكد على مقولة "لا داعي للهلع"، وليدعو الى تجنب المبالغة والتضخيم وبث حالة الذعر بين الناس. "حبيب قلبه لبنان"، كما يقول، لذا لم يغب عن شاشاته المختلفة وبرامجه الكثيرة وإن كان للـ otv حصة الأسد بينها.

بدوره البروفسور فيليب سالم أثلج قلوب اللبنانيين حين أطل من وراء البحار بنصيحة سرعان ما انتشرت كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، تفيد أن الأسبيرين يشكّل العلاج المثالي لفيروس كورونا في بدايته ويمنع الجلطات الدماغية والرئوية، فيما الكورتيزون يحدّ من الالتهابات غير الجرثومية في الرئتين. وتناقل الشعب الغارق في الموجة الثانية من الجائحة هذه النصيحة الآتية من بروفسور يملك كل الصدقية والثقة، وتهافت على شراء الأسبيرين وتخزين ما توافر في الصيدليات من أدوية الكورتيزون.

من الولايات المتحدة، وبريطانيا وفرنسا حل الأطباء والباحثون ضيوفاً مكرمين على شاشات لبنان، البروفسور ديديه راوولت شكل ظاهرة طبية لافتة لاقت نجاحاً في لبنان أكثر منه في مارسيليا-فرنسا، ورافق الإعلام أبحاثه عن دواء هيدروكسي كلوروكين وبات هو الحدث في لبنان، المتعطشة شاشاته الى إنجاز طبي قبل أن ينطفئ بريقه ويغيب عن الاضواء.

أما الحدث الإعلامي الأكبر الآتي من وراء البحار فكان استضافة مارسيل غانم لرئيس شركة موديرنا صانعة اللقاح المنتظر نوبار آفيان، الأميركي المولود في بيروت لأبوين أرمينيين من أصول بلغارية، بعدما قلده رئيس الجمهورية وسام الاستحقاق اللبناني. إطلالته رفعت منسوب الفخر عند اللبنانيين وان تمنوا أن يسمعوا المزيد منه. حاول مارسيل غانم الاستفادة من وجوده ليسأله عن علاجات وأدوية لكن ثقافته الأميركية منعته من الحديث بما يجهل، فهو ليس طبيباً وليس مخولاً الحديث عن علاجات، وحده اللقاح الذي عملت عليه شركته هو الحل وأكثر من ذلك لا يسمح وقته بالكلام...

بين الأصلي والمزيّف

على وقع تطور جائحة كورونا وأمواجها اختلف الضيوف الذين استقبلتهم الشاشات. ففي بداية انتشار الوباء كان أطباء الأمراض الجرثومية والمعدية أبطال الساعة، يشرحون، يحللون ويحذرون في كافة البرامج ويضعون الشعب على بيّنة من وباء غامض حيّر الكرة الأرضية بأكملها. د. روي نسناس كان نجم الحجر الأول وبوصلته، وقد افتقده اللبنانيون مؤخراً على شاشاتهم كما اشتاقوا الى د. جاك مخباط الذي شكل مع د. نسناس ثنائياً أحبه الجمهور، فالرجلان طليقان في الكلام لا يخلوان من حس الفكاهة رغم فداحة الأزمة ويستطيعان التنقل على كل الشاشات برشاقة لم يعرفها سياسي لبناني من قبل.

الدكاترة عيد عازار، ناجي عون وجورج جوفيليكيان اسماء ارتفعت اسهمها في بورصة الإطلالات الإعلامية وبات لها جمهورها الذي يأمن لآرائها وتوجيهاتها الطبية، وحتى لانتقاداتها حول المتحدثين من خارج الاختصاص وما أكثرهم.

ومع استمرار الجائحة استساغ بعض الأطباء اللعبة الإعلامية وصاروا يستغلون "الوسايط" للظهور في البرامج التلفزيونية، كما يخبرنا طوني خليفة، وبعضهم، على ندرتهم، حولوا الأمر الى بزنس او ربما الى Show off واتقنوا لعبة الصراخ والجدل على الشاشة، وراحوا ينددون باللقاحات المنتظرة ويسهبون في نظرية المؤامرة. فكان بينهم كما في كل المهن الأصلي والمزيف، الصادق والوصولي والنجم كما الكومبارس... ومعهم استساغ بعض الإعلاميين اللعبة ذاتها وصار البحث عن "الرايتنغ" و"السكوب" اقوى من الدافع الإنساني ورسالة التوعية.

  • شارك الخبر