hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - متفرقات متفرقات

الزواج بين الواقع والدين

الأحد ٢٩ كانون الثاني ٢٠٢٣ - 07:52

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

«نفرح منك»، « نتعب بعرسك»، «ان شاء الله منشوفك عريس»، «تفرح من ولادك»، « تشوفن عرسان»، « الزواج نصف الدين»، « تزوج وجيب ولي العهد» اوعا تعنس» او «حرام راحت عليها عنست»...او «ما متت ما شفت مين مات!» ، «حدا بيتجوز بهالإيام؟»، « اوعا تتجوز، حدا بيبلي حالو» انتبه الزواج قسمة ونصيب» ، « الزواج صندوق مسكر

…»الزواج اوله عسل ووسطه كسل وآخره بصل

عبارات وامثال واقوال وتمنيات تطال المرء في عدة فترات من حياته. ففي شبابه تلاحقه دعوات الأهل والاصدقاء ويكون المجتمع مهتما بشكل كبير بزواجه وعندما يتزوج وينجب تبدأ الدعوات لتلاحق الابناء ومن ثم الأحفاد من هذه الدعوات ما هي بدافع المحبة ومنها ما هي بدافع السخرية ومنها ما هي بدافع التحذير ومنها ما هي بدافع المعرفة والخبرة ومنها ما هي بدافع عائلي واجتماعي او حتى ديني.

إذا تعددت العبارات والنصائح والنيات وبقي الهدف واحدا وهو إما ترغيب العازب ودفعه الى الزواج وإما ترهيبه من هذا المشروع ونهيه عنه. منهم من يشجع ومنهم من يحذر، منهم من ينصح ومنهم من يخدع منهم من يمدح ومنهم من يسخر.

كل هذا المواقف الايجابية والسلبية هي إلى حد بعيد تحد يواجهه كل انسان في بداية مشوار الزواج.

في مجتمعاتنا العربية وفي الاخص في لبنان يشكل مشروع الزواج هاجسا كبيرا لدى العائلة فنظرية الارتباط تأخد منحى دينيا ومذهبيا وعائليا وحتى عشائريا في بعض الأحيان، فيخضع الأبناء الى هذه الشروط فيكون الارتباط ارتباطا عائليا أكثر مما هو فردي وحرية شخصية.

ومن هنا تبدأ الاشكالية ويبدأ الصراع بين الدين والعائلة من جهة والمجتمع والواقع من جهة أخرى.

كلنا يدرك مدى الاهتمام التي توليه العائلة لموضوع الزواج إن كان من ناحية الدين والجنسية «والحسب والنسب» أو من ناحية الشكل والعلم والفهم «والحسان واللسان» وكما يقولون في المجتمعات الصغيرة « يا متلنا تعو لعنا».

للدين تأثير كبير في خيارات الزواج إن كان كنسيا او شرعيا. ففي المسيحية الأمور نسبيا صعبة انطلاقا من العقيدة المسيحية واسرار الكنيسة إذ يعتبر الزواج هو سرا من أسرارها السبعة المقدسة وذلك لكونه يشكل أساس العائلة، بحيث يصبح به الزوجان جسدًا واحدًا ويعلن المتقدمان لسر الزواج نيتهما تأسيس عائلة، ثم يعلن كل منهما قبوله العلني، ويطلبا بركة الرب «كما بارك إبراهيم وسارة واسحق ورفقة»؛ ومن ثم يتم تثبيت الزواج وتبدأ معه المسؤولية.

اذا الزواج الديني المسيحي مسؤولية دينية بحد ذاتها إذ ليس كل المتقدمين اليه يدركون قدسية هذا السر ومتطلباته إن كان قبل الزواج أو بعده. وهذه المتطلبات تشكل دائما ضغطا نفسيا على الأزواج الذين يكونون بمعظمهم صغار السن وغير ناضجين وإن كانوا عكس ذلك فالأغلبية تجهل المعنى الحقيقي للأرتباط الأبدي (الزواج الماروني كما يقولون). من هنا نفهم نسبة الطلاق في الكنيسة عموما أو بطلان الزواج او فسخه أو بما يسمى الهجر عند الموارنة.

هنا ادعو كل من ينوي الزواج الديني المسيحي أن يتمتع بنسبة عالية من الثقافة الدينية التي تخوله أن يفهم ويتفهم قدسية هذا السر ومتطلباته ومفاعيله قبل إقدامه على هذه الخطوة إذ ان الزواج هنا هو ابدي بالمفهوم الروحي فديمومته هي من مسؤولية الزوجين معا.

من ناحية أخرى يحث الإسلام على الزواج وينهي عن التبتل فالعزوبية غير مرغوبة أطلاقا اذ يعتبر الزواج آية من آيات الله في الكون فهو من سنن الانبياء والمرسلين. وللزواج في الإسلام كما في المسيحية اسس وشروط ومحرمات.

من اهم أسس الزواج في الاسلام هو انتقاء المرأة الملتزمة بتعاليم الدين والممارسة للعبادة. اما الشروط فهي كثيرة مثل وجوب المهر والنفقة والإنجاب والميراث… كل هذا يشكل أيضا عبئا على كل طالب زواج وخصوصا في موضوع المقدم والمؤخر والنفقة في حال الطلاق.

إذا إن تطلعنا إلى كل هذه الامور التي تفرضها الاديان وكل حسب معتقداته نرى أن الزواج المختلط بين ديانتين مختلفتين هو لأمر صعب وغير مرغوب به بل هو مرفوض وأن أركان الزواج في كلتا الديانتين تشكل حاجزا كبيرا أمام هكذا زواج. من هنا نرى الاختلاف في قوانين الأحوال الشخصية بين الأديان وحتى بين المذاهب والملل.

كل هذه الشروط والمتطلبات والمحرمات تساهم بطريقة مباشرة في عدم استقرار المجتمع و تعيق الإقدام على الزواج الديني لأنه بمفهوم الشباب في عصرنا هذا أن للإنسان الحرية الكاملة في انتقاء شريك الحياة وبالتالي اختيار طريقة الزواج المناسبة للشريكين بعيدا عن التقاليد والقيود العائلية والدينية.

ما هو الحل اذا؟

كيف لنا ان نوحد قوانين الأحوال الشخصية المتعلقة على الاقل بموضوع الزواج؟

هل أن الزواج المدني هو باب للحل؟

هل للكنيسة مانع في تطبيق الزواج المدني؟ ما هو دورها في هذا المجال؟

هل يقبل الإسلام تشريع الزواج المدني؟ ما هو دور المرجعيات الدينية في هذا المجال؟

كيف هي صورة الزواج الناجح والدائم؟

هل يتجرأ القيمون في البرلمان اللبناني على الإقدام على تشريع الزواج المدني الاختياري؟

برأيي المتواضع هناك حلول عديدة تبدأ في البيت والمدرسة والكنيسة والجامع. ولأن الإنسان ابن بيئته يجب عليه أن يبحث عن الشريك ضمن هذه البيئة تلافيا للمفاجآت الاجتماعية والصدمات العاطفية.

في البدء تقع المسؤولية على عاتق الراغبين في الزواج فالاختيار الصحيح للشريك هو أولى خطوات النجاح، يليها الاتفاق على عقد الزواج إن كان دينيا او مدنيا بعد الاطلاع على الحقوق والواجبات في كلا العقدين والأهم من ذلك معرفة الذات في القدرة على الالتزام بمضامينها إذ إن هذا الإحساس بالمسؤولية والالتزام تجاه علاقة الزواج يسهم بشكل كبير في إنجاحها.

في المقابل على كلا الشريكين سلوك طريق الصدق منذ الخطوة الأولى ، فإذا كان المدماك الأول مبنيا على الصدق وحسن النيات كانت الخطوات اللاحقة ناجحة ومباركة. ومن بعدها يأتيك تحصين هذا الزواج من التدخلات الخارجية إن كانت من الأهل أو من المقربين. بالمختصر إن كان الزواج مبنيا على الحب والاحترام وكان للزوجين أهداف مشتركة وكانا يمتلكان مهارات حل المشكلات والتعبير اللفظي الآمن وكان الالتزام بينهما جديا لإنجاح هذا الزواج نجح واستمر واثمر. هنا أقول إن الثقة التي يضعها الشريك بشريكه هي جوهرة الزواج التي يجب عدم التفريط بها مهما حصل فالتعاون في هذه المهمة ضروري بل أولوي.

ولأننا نشهد في أيامنا هذه على الكثير من الزيجات الفاشلة ولأن الطلاق أصبح في عقول المتزوجين «كشربة ماي» ولأن تبعات الطلاق هذا تكون سيئة في معظم الأوقات على الصحة النفسية للأولاد وعلى المرأة المطلقة (خصوصا في مجتمعنا) وعلى الرجل في ظل الأزمات الإجتماعية والإقتصادية، لا بد إذا من مشروع قانون موحد جديد للأحوال الشخصية يراعي حقوق كل فرد مهما كان مذهبه، فهذا الفرد هو مواطن قبل أي شيء آخر، عليه مسؤولية تحصين عائلته ومن ثم مجتمعه ووطنه. يلحظ هذا المشروع قانونا عصريا للزواج المدني الإلزامي يؤمن عدالة اجتماعية لكافة شرائح المجتمع ويضمن حقوق الأولاد ويحقق المساواة بين الجنسين.

برأيي المتواضع إن تشريع الزواج المدني أصبح ضرورة اجتماعية وإنسانية واخلاقية على حد سواء لا خوفا من الدين ولا هربا من الالتزام العائلي ولا طمعا بالحرية بل بالعكس ضمانة لحرية الفرد وحقوق العائلة. ولأن الزواج المدني يلغي الفروقات الدينية، والمذهبية والعرقية بين طرفي الزواج، وبالتالي، فإن اختلاف الأديان أو الطوائف بين طرفي الزواج، لا يشكّل أي إشكالية في سيرورة وعقد الزواج المدني. وعند الزواج، يحصل طرفيه على كامل حقوقهم المدنية، والإجتماعية والسياسية، وفقًا لقوانين الدولة، نقدر عندئذ أن نتحدث عن إلغاء الطائفية السياسية القائمة حاليا.

في النهاية أرى أن الإنسان ولد حرا ليعيش حرا كما أراد أبوه السماوي ويجب أن يبقى حرا بناء على ما تعلمنا إياه الأديان السماوية بعيدا عن التزمت والتعصب والجهل والطاعة العمياء. ومن أهم علامات هذه الحرية هو حرية اختيار الشريك وأسلوب الارتباط به.

اختم لأقول إن التربية الصحيحة في البيت وفي العائلة عامة ومن ثم المدرسة والجامعة هي أساس نفسي وسيكولوجي صلب تؤهل الفرد لمواجهة اي تحدي او اي مشروع مهم في الحياة ومن أهم هذه التحديات هو الزواج إن لم يكن أهمها.

ايلي يوسف العاقوري - الديار

  • شارك الخبر